قمة الرياض... وروشتة العلاج!
قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جميل الذيابي
ما أكثر المصاعب والأزمات العربية التي لم يعد العالم من شرقه إلى غربه ومن شماله إلى جنوبه " قادراً" على احتمالها أو حملها في ظل استعصائها على الحلول.و"معاناة" العرب لا تتوقف عند حدود القضايا والأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية العالقة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بل تتجاوزها إلى البحث عن دواء كفيل بعلاج جنوح المراهقين والمجانين سياسياً والمنشطرين عن الحظيرة العربية لإعادتهم إلى الطابور العربي، خصوصاً في هذه الفترة العصيبة."المراهقة" السياسية والأزمات الداخلية والتحديات الخارجية، ثالوث يشكل كل منها داءً خطيراً مؤثراً في زعزعة العمق والعمل العربي المشترك، خصوصاً بعد تنامي سياسة العمل الانفرادي بشكل "فاضح" في سلوكيات بعض البلدان، ما أفقد البقية قدرة التركيز على التعاطي "النموذجي" مع الملفات العربية "المأزومة" برؤية موحدة وسياسة واحدة للجم الخصوم.من المعلوم، ان المراهق سواء أكان فرداً أم دولةً، تتملّكه رغبات متعددة لتحقيق مصالحه الخاصة من دون اعتبار للمصالح العامة، فقد يُكثر الصراخ، ويتصارع مع الكبار، ويجادل في أمور تافهة، ويتورّط في مشكلات، ولا يهتم بمشاعر الآخرين وآرائهم. وتعد مرحلة المراهقة السياسية من أخطر المراحل التي تمر بها الدول، خصوصاً إذا فقدت توازن العقل وعاشت أكبر من حجمها ودورها الإقليمي، وانساقت وراء غريزة الاختلاف والانتقام حتى تصطدم بحائط "تراكمي" من المشكلات والأزمات ضدها، ليبدأ العقل في العودة إلى طبيعته الفطرية أو يفقد الصواب ويصاب بجنون "العظمة".منذ عام 1964، تاريخ انعقاد أول مؤتمر قمة عربية وحتى الآن لا تزال بلدان عربية تعيش مرحلة مراهقة "لا خجولة"، بل تعيش أسوأ أنواع المراهقة في ما يسمى في علم النفس بالمراهقة "الانسحابية"، حيث ينسحب المراهق من قرار مجتمعه، ويفضّل الانعزال والانفراد بقراره، منكفئاً على تشوهاته وأفكاره الأحادية. ونوع آخر تطغى عليه المراهقة والغيرة "الصبيانية"، إذ يلجأ لتأجيج المشاعر واصطناع المشكلات وافتعال الأزمات، ولنا على المستوى العربي نماذج "حية" لا تملّ ولا تكلّ صناعة "تأزيم" العلاقات من دون مبررات.المنطقة العربية كما شبّهها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من قبل بـ"خزّان بارود قابل للانفجار في أي لحظة"، وإبطال مفعول "خزان البارود" الذي يشكّل المراهقون سياسياً جزءاً من أدواته، بات يشكّل خطراً على العلاقات العربية - العربية، ما يستدعي معالجة "إكلينيكية" نفسية للمراهقين والمغامرين والمجانين والساعين إلى زرع الفتن وبثّ الأحقاد والضغائن وروح الفرقة، للتوصل إلى مسار عربي "موحّد" مبني على التوازن والقراءات المنطقية للأحداث والتحديات والمستجدات التي تهدد العمل المشترك، والاصطفاف سوياً لمنع أي خروقات خارجية وأي محاولات لشق الصف عبر تأليب الشعوب على بعضها. "قمة الرياض" تواجه أزمات بالغة التعقيد والتركيب، ومشكلات حساسة، تستهدف النسيج الاجتماعي العربي، الذي ظل متماسكاً إلى حد كبير خلال النكسات والنكبات التي مرت بالعالم العربي. وتمر المنطقة بمرحلة استقطاب حاد واختلافات مذهبية وطائفية تكاد تشعل حروباً أهلية، إضافة إلى تنامي نفوذ إيران وظهورها كقوة إقليمية "متمردة" على الأسرة الدولية.الملفات العربية التي تواجهها قمة الرياض "ساخنة" و"محمومة"، بدءاً من كيفية تسويق مبادرة السلام العربية ديبلوماسياً والعمل على تفعيلها دولياً، والقدرة على مساندة حكومة الوحدة الفلسطينية ودعمها، والأزمات العراقية واللبنانية والسودانية والصومالية، وانتهاءً بالحرب على الإرهاب ومطالب الشعوب بالإصلاحات الداخلية وتوسيع نفق الحريات، وإيجاد الحلول الجذرية لمشكلات البطالة والفقر، ودرء الفتن الداخلية، ما يستلزم تغيير نمط التعامل العربي مع القضايا المطروحة وصبغها بصبغة الجدية والصدقية، وتوسيع المشاركة الشعبية ونبذ اللغة التسويفية، خصوصاً ان الشعوب لم تعد قادرة على الاحتمال وفاض بها الكيل. هل تنجح "قمة الرياض" في جمع المتناقضات للوصول إلى قرارات ومخرجات قادرة على الصمود لتقف كالزوايا القائمة لمواجهة الأزمات والتحديات، وتصف "روشتة" الدواء الشافي للمراهق والمجنون والعاطل والباطل ومن على شاكلتهم؟!jameel@alhayat.com
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف