«قمة الرياض»: الهوية العربية والأمن القومي ومبادرة السلام والتضامن ومحاصرة الحرائق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
"واحدة من أنجح القمم" والمقبلة في دمشق
قمة مصرية - سورية * لحود طارد كلمة "الحكومة" بلا هوادة ...
الرياض
اتفق المشاركون في القمة العربية التاسعة عشرة التي اختتمت أعمالها في الرياض أمس، في وصفها بأنها "واحدة من أنجح القمم العربية، في أخطر ظرف تجتازه الأمة". وحرص بعضهم على التذكير بـ "أن العبرة تبقى في التنفيذ".
واختصر أحد المشاركين لـ "الحياة" جوهر "إعلان الرياض" والقرارات الصادرة عن القمة والمداولات بالقول: "بعث العرب برسائل إلى الدول الكبرى ودول الجوار، مفادها أن العرب لا يزالون أحياء، ولهم هوية يتمسكون بها، وأمن يحرصون عليه، ومصالح يدافعون عنها، وأنهم لا يقبلون بمس مصالحهم وتحويل الأرض العربية مسرحاً للفتن والتدخلات". وأضاف: "وضع خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ثقل بلاده ورصيده الشخصي في عملية أدت إلى إنجاح القمة، التي يفترض أن تطلق عملية تحصين الهوية والأمن، وتفعيل مبادرة السلام، ومحاصرة الحرائق في العراق والصومال ودارفور ولبنان".
وكانت قرارات القمة شددت على "الالتزام العربي بالسلام العادل والشامل خياراً استراتيجياً"، وجددت تأييد مبادرة السلام العربية، ودعت إلى رفع الحصار المفروض على الفلسطينيين.
فيما أوضح وزير الخارجية السعودي في مؤتمر صحافي عقده مع الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى عقب ختام القمة، أن المبادرة "عبارة عن رؤية عربية للسلام مع إسرائيل غير محددة المدة، وأن العرب سيوفون بالتزامهم بما جاء فيها إذا ما التزمت إسرائيل ببنود المبادرة، سواء غداً أو بعد سنة". وأعلن الفيصل أن القمة "أقرت بوجود لقوات غير أفريقية في دارفور تحت غطاء تقديم دعم لوجستي للقوات الأفريقية هناك". ما يعد تطوراً نوعياً مهماً في الموقف السوداني من تلك القضية.
وقال وزير عربي شارك في القمة، إن غياب معضلات من الوزن الثقيل أسهم في توصّل القادة إلى قرارات فاعلة، منها تجديد القرار الخاص بتقديم الدعم المالي الشهري للسلطة الفلسطينية لمدة سنة، اعتباراً من نيسان (أبريل) المقبل، إضافة إلى إقرار الاقتراح المصري - الكويتي بعقد قمم تشاورية، علاوة على موافقة السودان على وجود قوات غير أفريقية ولو رمزية لتجاوز مواجهة مع المجتمع الدولي.
ورداً على سؤال حول الغضب الأميركي من وصف العاهل السعودي القوات الأميركية في العراق بأنها محتلة، قال الفيصل في المؤتمر الصحافي: "العراق دولة محتلة، وأي عمل عسكري لا يكون بدعوة من الدولة نفسها يكون احتلالاً، والملك تحدث عن أمر واقع". وحول الملف النووي الإيراني والتصعيد في المنطقة، أكد الفيصل أن القادة لن يتجاهلوا مصالح بلادهم، وأضاف: "الخطر سيكون على الجميع في حال التصعيد الأميركي - الإيراني، ودول المنطقة جميعاً ستحتاط لأي خطر".
من جانبه، قال موسى إن هناك مساعي لتحريك علمية السلام ستترك لها الفرصة، طالما هناك مساع من دول عظمى ذات تأثير، ولكن لن تترك الأمور مفتوحة، ولا بد من إعادة تقويم الموقف".
مشيراً إلى أن الجامعة في وقت فرض الحصار على الفلسطينيين حولت 120 مليون دولار للسلطة الفلسطينية، والدول العربية حولت إجمالي 450 مليون دولار، بما فيها الأموال التي حولتها الجامعة، وأن استمرار الحصار خدمة لإسرائيل. وأضاف: "من الآن لن نلتزم بحصار ضد شعب عربي، وهناك حكومة وحدة وطنية"، وقدّر للسويد والنروج وإسبانيا اعترافها بهذه الحكومة، وطالب الاتحاد الأوروبي بأن يعترف بحكومة الوحدة.
وفي الملف العراقي، أكدت القمة "ضرورة احترام إرادة الشعب العراقي بكل مكوناته في تقرير مستقبله السياسي". وعقد مؤتمر الوفاق العراقي الشامل في أقرب وقت ممكن، ودعت إلى مراجعة المواد الخلافية في الدستور وقانون اجتثاث "البعث". وشددت القمة على احترام وحدة العراق وسيادته واستقراره.
وجددت القمة تأكيدها على سيادة لبنان واحترام خياراته، وأيدت قيام المحكمة ذات الطابع الدولي بشأن اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري "بعيداً عن الانتقام والتسييس".
ودعت القمة إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. كما أقرت مبدأ عقد قمم تشاورية. وشهد أمس سلسلة من اللقاءات على هامش القمة، كان أبرزها لقاء بين الرئيسين حسني مبارك وبشار الأسد، هو الأول منذ حزيران (يونيو) الماضي.
وقال وزير الخارجية السوري وليد المعلم لـ "الحياة" إن هذا اللقاء "عزز الأمل باستعادة التنسيق السعودي - المصري - السوري، إذ ان التاريخ برهن أنه عندما تتوحد هذه الدول الثلاث تجنّب المنطقة الكثير من المطبات".
وكان الأسد عقد ليل الأربعاء - الخميس لقاء قصيراً مع الملك عبدالله، هو الثاني بينهما. وقالت مصادر سورية انه تم الاتفاق على "استئناف كل أقنية الحوار بين الجانبين على كل المستويات"، مشيرة إلى "وجود رؤية مشتركة تتضمن أن يكون حل الأزمة اللبنانية من الداخل على قاعدة لا غالب ولا مغلوب".
وفي كلمته في الجلسة الختامية، أعلن الأسد ترحيبه باستضافة القمة المقبلة في دمشق، وهي ستكون الأولى في سورية.
وأعربت مصادر عربية مشاركة في القمة لـ "الحياة" عن أسفها "لأن الجانب اللبناني أضاع فرصة المجيء موحداً إلى القمة، وهي الفرصة التي التقطها الفلسطينيون". ولاحظت أن الرئيس اللبناني إميل لحود "انهمك في مطاردة كلمة حكومة في المقررات المتعلقة بلبنان، في حين كان يفترض أن يودع القمة العربية بدور لبناني جامع".
وتوقفت المصادر عند إعلان لحود في الجلسة الختامية تأييد إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي في اغتيال الحريري، على أن تكون "غير قابلة للتسييس والتهويل والابتزاز".
ولم يمر حضور لبنان بوفدين من دون مشكلة، على رغم كل الجهود التي بذلت من أجل تجنب انعكاس الخلاف بين رئيس الجمهورية إميل لحود ورئيس الحكومة فؤاد السنيورة على البند اللبناني من قرارات القمة. فبعد انتهاء الجلسة المغلقة مساء أول من أمس، التي أقرت قرارات القمة بما فيها البند اللبناني، وبعد انفضاض الجلسة، طرح فريق لحود اقتراح تعديل جديد على هذا البند، إضافة إلى التعديلات الثلاثة التي كانت أدخلت عليه، ووافق عليها السنيورة بناء على صياغة الأمين العام للجامعة العربية. إلا أن الأمانة العامة للجامعة العربية استغربت طلب التعديل الرابع، خصوصاً أن الملوك والرؤساء والأمراء أقروا القرارات في الجلسة المغلقة. لكن لحود أصر على تعديل الفقرة الثانية المتعلقة بـ "التضامن مع لبنان، وتوفير الدعم السياسي والاقتصادي للحكومة..."، بشطب كلمة "الحكومة" مرة أخرى.
ورفض موسى الأخذ بالتعديل لأنه يتم بعد إقرار البند اللبناني في القمة، وإزاء إصرار فريق لحود أحال معاونو رئيس الجمهورية إلى رئاسة القمة - أي الجانب السعودي - وقال موسى إنه لا يأخذ على عاتقه تعديل أمر أقرته القمة. وعندما ألحّ فريق لحود على الجانب السعودي لإجراء التعديل لم يعترض، معتقداً أنه جاء نتيجة للتوافق اللبناني عليه. وبدأ طبع القرارات وفق التعديل الرابع من دون علم السنيورة بحصوله، وعندما أبلغ بذلك ليل الأربعاء استغرب، وأبلغ وزير الخارجية بالوكالة طارق متري الأمانة العامة للجامعة باعتراضه، فيما قال معاونو السنيورة لوسائل الإعلام التي نقلت نص البند اللبناني وفيه التعديل الرابع، أن لا علم لرئيس الحكومة به.
ووزع فريق السنيورة البند من دون هذا التعديل. وابتدع عمرو موسى صياغة جديدة مثلما فعل في التعديلات التي وافق عليها السنيورة بعد أن ألحّ عليها لحود، فاعتمد صيغة "دعم لبنان وحكومته". وأبلغ الوفدين اللبنانيين بهذا الحل الوسط صباح أمس، لكن فريق لحود أصر على شطب كلمة الحكومة، وتدخل لدى الجانب السعودي لهذا الغرض، لكن الجهات المعنية التي "سئمت" من معركة الكلمات لم تأخذ بطلب شطب كلمة الحكومة. واستمرت هذه المسألة إلى ختام القمة.