لا للوصايـة الدوليـة حرصاً على كرامة رفيق الحريري
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
طلال سلمان
لم يحدث عبر التاريخ أن تباهت "حكومة" ولو بتراء، بأنها قد ساقت بلادها صاغرة إلى طلب الوصاية الدولية.
ولم يحدث عبر التاريخ أن تباهت "أكثرية" نيابية، ولو عرجاء، بأنها واكبت هذا الطلب وهي تقرع الطبول وتهزج بأناشيد السيادة والحرية والاستقلال.
مبروك لهذه "الحكومة" أنها قد صانت كرامة دولتها، بدستورها وقوانينها والمؤسسات.
ومبروك لهذه "الأكثرية" أنها قد حمت كرامة شعبها والتزمت إرادته فقاتلت معه حتى لا يكون إلا قراره الوطني الحر المؤكّد لهويته ولحقوقه الطبيعية في وطنه السيد.
كذلك لم يحدث عبر التاريخ أن مارست "حكومة"، ولو بتراء، سياسة الابتزاز العاطفي لمشاعر شعبها من أجل إخضاع إرادته للأجنبي.
فليس بالوصاية الدولية تحمى ذكرى رجل الدولة الاستثنائي القدرات الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
وليس بإظهار الشعب منقسماً إلى حد افتراق أطيافه، ومقاطعة الأهل الأهل، يكون الحرص على الوصول إلى الحقيقة وكشف المحرّضين والمخططين والمنفذين لجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
لا تحمى كرامة الشهيد بإهانة الشعب اللبناني عبر تصويره وكأنه منقسم حول طلب الحقيقة، وبالتالي حول طلب العدالة وضرورة إنزال العقاب بكل من له علاقة بهذه الجريمة ضد لبنان، شعباً ودولة، وضد الأمة العربية جمعاء.
ولا تحمى باتهام الشعب، جله أو كله، بأنه متواطئ على طمس هذه الجريمة و"التبرئة" المسبقة لمرتكبيها!
ولا تحمى كرامة الشهيد عبر المطالبة بالوصاية الدولية على لبنان... فليس بين دول العالم، أجنبية وعربية، من هو أحرص من شعب رفيق الحريري على قضية رفيق الحريري.
مكابر أو غبي أو متواطئ من يدعي أن الإدارة الأميركية التي تشن حرب إبادة على شعب العراق وكيانه السياسي لتأمين احتلالها، هي أحرص من شعب لبنان بقواه السياسية جميعاً، والمعارضة منها قبل الموالية أو الحاكمة بقوة غياب الآخرين، على قضية رفيق الحريري وضرورة كشف الحقيقة كاملة ليستطيع هذا الشعب أن يطمئن على حقه في الحياة فوق أرضه، حراً كريماً وآمناً.
ومكابر أو غبي أو متواطئ من يفترض أن حكومة بلير البريطاني أو شيراك الفرنسي أو ميركل الألمانية إلخ أكثر حرصاً على استقلال لبنان ووحدة أراضيه حرة مطهرة من أي احتلال، من هذا الشعب الذي دفع بدل المرة مرات، من إنسانه ومن عمرانه، ضريبة تحرير أرضه وإجلاء الاحتلال الإسرائيلي عنها.
بل إن هذا الشعب قد انتفض حتى ضد الوجود العسكري السوري وطالب فحقق جلاء القوات السورية، عندما أخفقت في حماية أمنه، أو تجاوزت دورها الأمني إلى مصادرة قراره السياسي.
مثل هذا الشعب لا يكافأ بطلب الوصاية الدولية وبذريعة كشف الحقيقة حول جريمة اغتيال الرئيس رفيق الحريري.
إن هذه العملية ابتزاز سياسي مكشوف باللجوء إلى قضية تكاد تكتسب شيئاً من القداسة، على المستوى الشعبي.
ولن ينجح أحد في إقناع اللبنانيين بأن القرار بطلب الوصاية الدولية هو من بنات أفكار الحكومة البتراء أو الأكثرية العرجاء.
لكأنه أمر دبّر بليل،
لكأنه قرار فرضته دول الوصاية ونفذته الحكومة البتراء والأكثرية العرجاء.
إن هذا القرار يذكّر اللبنانيين بما كان في أواخر عهد الرئيس الراحل كميل شمعون، إذ ظل يطلب فيرفض الأميركيون طلبه بالتدخل العسكري "لحماية الكيان من خطر دولة الوحدة بقيادة جمال عبد الناصر"، فلما وقعت ثورة 14 تموز 1958 في العراق، نزل جنود المارينز الأميركيون على الشاطئ اللبناني من دون علم الرئيس شمعون وحكومته التي استدركت فجدّدت طلب النجدة...
لقد تجاوزت المسألة الخلاف السياسي إلى المحرّمات بطلب الوصاية الدولية. صارت ارتهاناً للأجنبي، وهذا ما لن يقبله اللبنانيون.
وبين أسباب رفضهم حرصهم على كرامة رفيق الحريري رئيساً وشهيداً.