الميليشيات العراقية واجتثاث «البعث»
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
السبت 7 أبريل 2007
علي محمد الفيروز
يعتبر وجود عناصر عراقية داخل الأجهزة الأمنية العراقية الحساسة لها ولاءات لبعض الميليشيات والتنظيمات الإرهابية داخل العراق وخارجها، أحد الأسباب الرئيسية التي تزعزع الأمن وتخلخل الاستقرار للعراق، باعتبارها العامل الرئيسي في عرقلة تنفيذ الخطة الأمنية العراقية، وقد يكون نشاط التنظيمات الإرهابية كـ "القاعدة" و"البعثيين" والعناصر المتطرفة الأخرى هي أحد أسباب الفشل الأمني والفشل الاقتصادي داخل العراق فهي لا تزال تخطط ضد المصالح الأميركية في كيفية إسقاطها وتخطط لضرب الحكومة العراقية الحالية بخفية، لتستمر على استراتيجية إرهابية واحدة تستغل الظروف السياسية والمناسبات الاجتماعية العامة والأسواق العامة لتنفيذ خططها، وذلك لإظهار الخوف والرعب والفزع بين طوائف الشعب العراقي، فتستمر دوامة العنف والإرهاب، بكل مكان في العراق ما يؤثر سلباً على استقراره، ومن ثم تضيع أجندة المصالحة الوطنية في العراق. إذاً هناك سلطة ثانية خلف الستار تتخفى تحت مسمى "ميليشيات مسلحة" تحاول ان تفرض نفسها على الساحة السياسية في الخفاء وفي العلن تعمل على إثارة الرعب والفزع والقتل بين أهالي العراق لا تستطيع الحكومة العراقية الحالية السيطرة عليها، لذلك نرى الكثير من الخسائر في الأرواح والممتلكات سواء من بين الجنود الأميركيين أو بين أهالي العراق، وان السبب الرئيسي لاستمرار النشاطات الطائفية وعملية التهجير العرقي والقتل المتعمد هو تصفية الحسابات والانتقام المذهبي والطائفي، ولعل اختلاف المذاهب العراقية والتعصب الديني، قد يكون أحد الأسباب في عدم السيطرة على أمن واستقرار العراق. لذا يستمر استنزاف المزيد من حمام الدم العراقي في الشوارع والمدن والطرقات من دون ان تسيطر الحكومة على الأوضاع الأمنية.
إذاً، هناك فلتان أمني وفوضى وحرب أهلية وصراع بين القوى الأهلية والسياسية ولا نجد من يحاول إيجاد الحلول نحو وجهات النظر بين القوى الدينية والسياسية سواء من الطائفة السنية أم الشيعية، وهو الأمر الذي أثر سلباً أيضاً على عمل الحكومة والبرلمان العراقي في إنجازاته، ناهيك عن الانتقام المذهبي بين بعضهم البعض عبر وسائل الإعلام المختلفة والتشكيك في النوايا، فكيف بذلك يتم تطبيق شعار "التعاون" بين المواطنين العراقيين وفق استراتيجية الخطة الأمنية المستقبلية وسط هذه العراقيل والمشكلات، وكيف تستطيع حكومة المالكي النهوض نحو عراق أفضل؟ نعم هناك ضغوط غير طبيعية تمارس لدى البعض من الأحزاب السياسية والشخصيات الحكومية والبرلمانية على حكومة المالكي والأجهزة الأمنية بجميع الطرق لعدم نجاح خطة الحكومة الجديدة، وخير دليل على ذلك مطالبة البعض من المتنفذين العراقيين بإطلاق سراح بعض المتهمين في أعمال القتل والإرهاب؟
... هناك معوقات إقليمية ودولية تعارض أجندة حكومة المالكي الجديدة وترفض نجاح الخطة الأمنية واستراتيجيتها، نظراً إلى ما قامت به السياسة الأميركية داخل العراق، فأصبحت هذه الدول الغربية والأوروبية تشكك في قدرات نجاح الإدارة الأميركية وقدرات حكومة المالكي في ظل التدخلات الخارجية وسيطرتها على العراق أمنياً واقتصادياً، فكيف تستطيع تلك الدول مساعدة العراق مادياً وعسكرياً ومعنوياً وسط خطة عراقية أميركية ناقصة؟ إذاً بعد هذا كله، كيف سيستقر العراق؟ ويعيش الشعب العراقي فيه بأمن وأمان؟
هناك جهود حكومية في العراق لانتشال العراق من حال الفلتان الأمني والوحل الطائفي لحقن حمام الدم العراقي في الساحة العراقية بعد ضغوط الإدارة الأميركية على سياسة الرئيس العراقي جلال طالباني ورئيس الوزراء نوري المالكي تجاه ما تعانيه العراق على ان يبدأ عراق المستقبل نحو خطة عمل وفق أجندة جديدة ويتم ذلك على مراحل تغييرية من ضمنها تغيير سياستها الأمنية داخل كل محافظة والاعتماد على مسودة جديدة تطالب بتعديل الدستور وتفعيل العملية السياسية داخل العراق عن طريق إجراء انتخابات محلية بروح ديموقراطية على جميع طوائفه وإيجاد خطة جديدة لوقف الاقتتال الطائفي بأي شكل من الأشكال عن طريق الضغط على القيادات الدينية والأحزاب السياسية، وإلزام علماء الدين بإصدار فتاوى تحرم استنزاف الدم العراقي، والعمل على دعم عملية المصالحة العراقية الوطنية حتى يعم الأمن والأمان في العراق. ثم هناك قانون ستتم إعادة النظر به وهو تعديل قانون "اجتثاث البعث" لإعطاء فرصة أكبر للطوائف العراقية الأخرى في عملية المشاركة بالانتخابات السياسية، وهي خطوة نحو تفعيل مطالب القمة العربية الأخيرة، ويعتبر تقديم السلطات العراقية مسودة قانون "المساءلة والعدالة" بشأن اجتثاث البعث هي رغبة عربية بهدف دفع العرب السنة نحو مشاركة أكبر في العملية السياسية رغم معارضة الدستور ومنعهم عن ذلك، إلا ان الأوضاع العراقية تتطلب مشاركة الجميع في ذلك وبحاجة الى تعديل الدستور العراقي ليتماشى مع المتغيرات السياسية لإحياء عملية المصالحة الوطنية العراقية، وليتم تطبيق العدالة والإنصاف لجميع حقوق الشعب العراقي كافة، بعيداً عن الطائفية والعنصرية والاستبداد، في حين عارض بشدة المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني مشروع القانون الجديد سالف الذكر، والذي من شأنه ان يسمح للآلاف من الأعضاء العراقيين السابقين في حزب "البعث" بالعودة الى العمل العام رغم موافقة الحكومة على عرضه أمام البرلمان للتصديق عليه.
واعتبر الزعيم الروحي للشيعة في العراق السيستاني ان قانون المساءلة والعدالة بشأن اجتثاث البعث ليس مطلباً عراقياً، وإنما هو مطلب سياسي لإرضاء بعض الأطراف المستفيدة منه. فهل سيكون حقاً عودة لأعضاء سابقين من حزب "البعث" الى مناصب رفيعة في الدولة بعد موافقة البرلمان العراقي عليه من جديد أم ان هناك خطة جديدة لدى الائتلاف العراقي الموحد الذي ينتمي اليه زعماء شيعة لإسقاط هذا القانون؟