هل تكتسب مبادرة العاهل السعودي زخماً جديداً؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جون هافس - كريستيان ساينس مونيتور
لاعبان جديدان رفيعا المستوى ظهرا حديثاً في عملية السلام الشرق اوسطية المتشابكة، أحدهما هو العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، وثانيهما هو الامين العام للامم المتحدة بان كي مون. وفي القمة العربية الاخيرة في الرياض، سعى الملك عبد الله الى كسب دعم القادة العرب للمبادرة التي كان قد طرحها اول الامر في قمة بيروت العربية في عام 2002 لانهاء النزاع بين اسرائيل والفلسطينيين. ومحور الاقتراح هو اعتراف تام من جانب العرب باسرائيل في مقابل اعادة اسرائيل للاراضي العربية التي احتلتها في الحرب العربية-الإسرائيلية عام 1967.
إن من شأن تسوية المشكلة الاسرائيلية الفلسطينية أن تفعل الكثير على طريق خلق بيئة مواتية لاستقرار العالم العربي. ويعتقد الكثيرون بأنها ستزيل، والى حد كبير، السبب في استمرار الراديكاليين العرب بشن حملة الكراهية والارهاب ضد الولايات المتحدة التي ينظر اليها على انها راعي إسرائيل الأول.
دفع سعودي
لقد حظي التحرك في إطار المناورة الرامية إلى جمع الاسرائيليين والفلسطينيين معاً بدفع جديد مؤخراً في المملكة العربية السعودية السنية في سوادها الاعظم. وكانت السعودية قد لاحظت بقلق ان ايران الشيعية في جزئها الأكبر، باتت تبرز كمنافس قوي على النفوذ والسيطرة في المنطقة. ويشعر السعوديون بنذر الخطر بسبب التدخل الايراني في سورية والعراق، كما يبدون قلقاً إزاء دعم ايران لمجموعات اسلامية متطرفة إضافة إلى انزعاجهم الكبير من صعود إيران مسلحة نوويا.
وبالرغم من ان المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة تتمتعان بصلات قوية بينهما، الا ان الملك عبدالله انتهز الفرصة بطريقة غير مألوفة في الأسبوع قبل الماضي لتوجيه النقد إلى الولايات المتحدة بسبب "الاحتلال الاجنبي غير الشرعي" للعراق.
وكان رد فعل واشنطن لطيفا بشكل ملحوظ، مما حدا بمعظم المراقبين الى الاعتقاد بان الملك عبدالله كان يوجه كلامه الى الجمهور العربي لإضفاء المزيد من الصدقية والقوة على مبادرته؛ بينما يوجه "غمزة" إلى الولايات المتحدة للقول بأن ذلك كله ما هو الا جزء من السياسات الشرق اوسطية.
في هذه الآونة، يعتقد الزعماء السعوديون وزعماء عرب آخرون في قمة جامعة الدول العربية بان الكرة قد باتت الآن في الملعب الاسرائيلي. وبينما سعى الملك عبدالله عبر نقده المذكور إلى وضع مسافة صغيرة بينه وبين الولايات المتحدة، فانه يتوقع ان تعمل الولايات المتحدة على ممارسة ضغط على اسرائيل بغية جلبها الى طاولة المفاوضات.
وتقع المسؤولية على وزيرة الخارجية الاميركية كوندوليزا رايس التي دأبت، إلى جانب مداخلات السيد بان كي مون، على التجول في المنطقة فيما يمثل فورة جديدة من النشاط الأميركي الرامي إلى الدفع بعملية السلام الى الامام. ولم يكن رد الفعل الاولي من جانب رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود اولميرت ايجابيا؛ فهو يتحدث بشكل خاص على فقرة في اقتراح الملك عبدالله تسمح بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم الاصلية فيما يعتبر الآن دولة إسرائيل. ويخشى العديد من الاسرائيليين ان مثل هذا التدفق سيفضي الى اذابة الهوية اليهودية لاسرائيل.
من جهة أخرى، يبدو أن هناك العديد من الاسرائيليين الذين أصبحوا متعبين من خوض الحروب مع العرب، والذين سيرحبون بالتوصل الى اتفاق سلام يضمن السلام والامن لاسرائيل. وبينما كان آرييل شارون، سلف اولميرت، يتمتع بالجاذبية اللازمة لحمل الرأي الاسرائيلي على تأييده في المفاوضات الصعبة التي قد تتطلب تنازلات اسرائيلية، فإن اولميرت يقف الآن في موقف سياسي اضعف بكثير. ومع ذلك، قال اولميرت ان هناك بعض "العناصر الايجابية" في اقتراح الملك عبدالله. ثم دعا القادة العرب الى الانضمام اليه في مؤتمر سلام اقليمي في القدس اثناء مؤتمر صحفي عقده في الأسبوع الماضي مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركيل خلال زيارتها إلى المنطقة.
جهود بان كي مون
في غضون ذلك قام بان كي مون، والذي كان قد برز من شخصية مغمورة نسبيا كدبلوماسي كوري جنوبي ليصل إلى سدة رئاسة الامم المحتدة، بعملية أشبه بالدروشة الدبلوماسية الصادقة في الشرق الاوسط. ففي العراق، قدم وعداً إلى المسؤولين العراقيين والأميركيين بعودة الأمم المتحدة التي كانت قد انسحبت من العراق في عام 2003 بعد الهجوم على مقرها في بغداد من قبل المتمردين، وبقوة اكبر. وبالرغم من عدم تحدث أي طرف عن اضافة قوات حفظ سلام مسلحة تسليحاً خفيفاً إلى العراق في حال ظهور بعض مظاهر الاستقرار إليه، فان الأمم المتحدة ربما تضطلع بدور كبير في عملية إعادة إعمار العراق.
وفي قمة جامعة الدول العربية، دعم بان عرض الملك عبدالله للسلام وحث الاسرائيليين على "النظر اليه نظرة جديدة".
وتوسط على الهامش من أجل إبرام صفقة لاحلال قوات من الامم المتحدة والاتحاد الافريقي في دارفور، وسعى إلى محاولة خفض التوتر في الصومال. وفي لبنان، حث على القيام بحملة تتوجه ضد الاسلحة التي تهرب من سورية إلى حزب الله. وفي اسرائيل، قام بمقابلة عائلتي جنديين اسرائيليين اسرهما حزب الله. أما فيما يتعلق بايران، فقد اعرب عن أسفه لمضي النظام في طهران قدما في برنامجه النووي "دون الالتفات الى المخاوف الاقليمية والدولية".
ربما لا يكون السلام في الشرق الأوسط في متناول الأيدي، ولكن الدبلوماسية هناك في أوج اشتعالها.