إيران ومسرحية الحسابات المكلفة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الأثنين 9 أبريل 2007
د. عبدالله خليفة الشايجي
من الواضح أن هناك مواجهة تلوح في الأفق، والتعاطي الإيراني يساهم أكثر في وقوع تلك المواجهة بدلاً من تجنبها. فمنذ قيامها باحتجاز البحارة البريطانيين، وهناك تساؤل لم نجد إجابة عليه، حتى بعد إطلاق سراحهم فيما يشبه المسرحية: كيف ولماذا احتجزت إيران البريطانيين؟ وهل كانوا داخل المياه العراقية كما أصرت لندن؟ أم كانوا في المياه الإيرانية كما أصرت طهران؟
لقد تم رسم إطار المسرحية منذ البداية بين الطرفين. كلٌ يريد أن يحقق مكاسب ويخرج منتصراً، في منطقة تحفها المخاطر والتصعيد وسط تسريب سيناريوهات مواجهة وعمليات عسكرية تلوح في الأفق حول ملف إيران النووي ودور واشنطن الذي لا يمكن فصله عن عملية الاحتجاز المسرحي. يبدو أننا بتنا أقرب إلى المواجهة، خاصة مع إعلان إيران عن "اليوم النووي الوطني" وتحقيق تقدم في برنامجها لتخصيب اليورانيوم!
هدف إيران، على الدوام، هو تسجيل النقاط، وتحدي رموز الغرب، واللعب على عواطف الشارع العربي والمسلم والتصدي للصلف والغرور الأنجلوسكسوني.
كان هدف إيران واضحاً، وهو نقل المواجهة إلى مرحلة المبادرة وتوصيل رسالة للقوات الغربية في الخليج بأن في مقدورها التحدي والمواجهة، والقيام بعمليات استباقية ورفع مستوى التوتر والسعي لفتح قنوات للتفاوض واستعادة دبلوماسييها المحتجزين لدى القوات الأميركية. إذن المواجهة في تجلياتها الكبيرة هي رسالة لواشنطن أكثر منها لبريطانيا، والهدف هو أن تؤخذ طهران على محمل الجد. ولإيصال الرسالة عشية إطلاق سراح البحارة، قتل أربعة جنود بريطانيين في البصرة بانفجار عبوة على الطرق. وكانت واشنطن ولندن قد اتهمتا النظام الإيراني بتزويد المقاتلين العراقيين بتلك العبوات وبالمال والتدريب.
السؤال الكبير: هل كانت هناك صفقة ما؟ يبدو ذلك، خاصة مع تصريحات الخارجية الأميركية عن استعداد رايس للقاء وزير الخارجية الإيراني الشهر المقبل.
يبدو أن إيران كسبت، ولو معنوياً، خاصة على المستوى الداخلي وفي الشارعين العربي والإسلامي، لكن بثمن باهظ ستثبت الأيام حجمه. هذه السياسة المكلفة اعتادت عليها إيران في تعاملها مع الغرب، منذ قيامها باحتجاز الدبلوماسيين الأميركيين في طهران 444 يوماً. لدى إيران رغبة جامحة لتسيد الشارع العربي- الإسلامي. والهوس الإيراني يتكسّب من ظفره بمعركة العقول والقلوب العربية والمسلمة الكارهة والمتألمة من الصلف والعجرفة الأميركية. ومن غير إيران يتحدى ويقرع ويسجل نقاطاً؟ قد يكون هذا هو السبب وراء عرض صور واعترافات البحَّارة البريطانيين وإذلالهم أمام العالم عبر قناة "العالم" الإيرانية الناطقة باللغة العربية وليس الفارسية. علينا أن نسأل: لماذا؟ ولمن توجه تلك الرسالة؟ ومرة أخرى تكسب إيران معركة العقول والقلوب العربية والإسلامية التي تتطلع لمن يتصدى لأميركا وحلفائها. وتستمر في إحراج القادة العرب؛ سواء بالتصدي للغرب أو في ملف فلسطين والقضايا العربية الأخرى. ويسأل العرب ببراءة وأسى: لماذا لا يوجد عندنا قادة كالقادة الإيرانيين؟
هذا ما نبهني إليه في مقابلتي معه مراسل صحيفة "الفايننشال تايمز" في الشرق الأوسط عن ارتفاع أسهم إيران في الشارع العربي وأسهم رئيسها المثير للجدل محمود أحمدي نجاد خلال احتجاز البحَّارة البريطانيين. مواجهة ومنازلة ونهاية لم يكتب فصلها الأخير وأثمانها المكلفة لم تعرف بعد. والسؤال: هل من دروس خرجنا بها كعرب من هذه الأزمة؟ وماذا أعددنا للمواجهة التي تلوح في الأفق بسبب حسابات الآخرين الخاطئة؟