جريدة الجرائد

«قرون» أفريقيا وأغصان «القاعدة»!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


جميل الذيابي

هل يبدأ تنظيم "القاعدة" في تغيير خططه الاستراتيجية وخياراته الجغرافية، ويوجّه البوصلة باتجاه أفريقيا بعد الحصار الخانق الذي شلَّ حركة أعضائه وقياداته العسكرية في أفغانستان وباكستان والعراق والسعودية؟! هل تبدأ الجماعات الإرهابية رحلة التنقيب في الأراضي الأفريقية الخصبة لتجد لها ملاذاً آمناً تستعيد فيه أنفاسها وتعاود عملياتها الإجرامية مرة أخرى؟!

من المعلوم أن اهتمام "القاعدة" وتواجدها في أفريقيا ليس بالأمر الجديد، خصوصاً أنها سبق وشهدت تواجداً للجماعات الإرهابية التي تستخدم الصراعات والاضطرابات لزيادة التطرف في صفوف العناصر الإسلامية الأفريقية، ولديها تجارب سابقة، كتفجير السفارتين الأميركيتين في كل من كينيا وتنزانيا، ومعركة المجاهدين في الصومال ضد الوجود الأميركي، واستيطان قيادة "القاعدة" في السودان لفترة من الزمن، وعملية جربا في تونس، وعمليات الدار البيضاء في المغرب، وعمليات شرم الشيخ وسيناء في مصر.

على هذه التساؤلات يجيب شخص يدعى "أبو عزام الأنصاري" في دراسة مطوّلة كتبها بعنوان "القاعدة تتجه نحو أفريقيا"، نشرت على موقع الكتروني تابع لأنصار الجهاد العالمي، مؤكداً ان كثيراً من قادة القاعدة العسكريين وأعضائها أتوا من شمال أفريقيا (مصر، ليبيا، الجزائر، موريتانيا)، وهو أمر له دلالات ومؤشرات على ان "القاعدة" ربما تفكر في تغيير خططها وتواجدها باتجاه أفريقيا.

وأعتقد - من وجهة نظري - ان التوجه الجديد لـ"لقاعدة" أو الجماعات الأصولية التي ترفع لواء الجهاد، سيكون باتجاه الشمال والجنوب الأفريقي، خصوصاً في حال توافر المناخ المناسب، أو من خلال بحثها عن مبررات تستغلها لإعادة الانطلاقة من القارة السمراء مرة أخرى.

ومن بين الأسباب التي ذكرها الأنصاري في دراسته، خروج عدد كبير من قيادات تنظيم "القاعدة" من دول أفريقيا الشمالية، وانتشار المد الجهادي في بعض الدول مثل: مصر، الجزائر، السودان، موريتانيا، المغرب، ليبيا، الصومال، اريتريا، تشاد. إضافة إلى الحال السياسيّة والعسكريّة التي تعاني منها معظم بلدان هذه القارة، وحالات الاقتتال القبلي في مختلف هذه البلدان.

وحال الاقتتال والحروب الدائرة في هذه القارة التي وفّرت فرصاً لا تحصى للمجاهدين في التنقّل بسهولة بين بلدان هذه القارة، وسهّلت أمور التخفّي والتحرك، فأصبحت في كثير من الأحيان لا تحتاج إلاّ إلى الأموال لتنفيذها، كما سهّلت الحروب الحصول على الأسلحة، إضافة إلى موقع القارة التي تشكّل أحد المعابر إلى أرض الإسراء، فقرب العمليات والمعارك من أرض فلسطين سيشكل دعماً مباشراً وغير مباشر لهذه القضيّة. فمثلاً: قيام معارك في السودان (دارفور) مع تواجد أي قوات أجنبية أو أميركية، سينتج عنه بلا شكّ نموّ للتيارات المتطرفة، وهذا النموّ سيؤثّر على الجوّ العام في مصر القريبة من فلسطين، التي ترتبط مع الدولة العبرية باتفاقية سلام، ما سيسهّل نقل المعركة إلى المناطق القريبة من فلسطين، واستمرار المعارك مثلاً في سيناء وتصاعدها بصورة تدريجية، يشكّل حافزاً لمزيدٍ من الناس للانخراط في سلك الجهاد.

واقع التنظيمات الإرهابية وعلى رأسها "القاعدة"، أنها تعاني في مراكز ثقلها في أفغانستان - باكستان - العراق - السعودية، من الحصار والملاحقة المستمرة من كل الجهات، لذلك يُتوقع منها نقل مراكزها وقياداتها "الحركية" إلى الدول الأفريقية، خصوصاً أن معظم دول القارة السمراء تعاني من الصراعات والاضطرابات والحروب الداخلية والميليشيات المتمردة، وهو ما يصعّب مهام السلطات الحكومية في فرض سيطرة الدولة على تلك الجماعات الإرهابية.

لا شك في أن "القاعدة" وغيرها من التنظيمات الإرهابية لن تتردد في زرع التربة الأفريقية بالألغام والقنابل لإعادة إنتاج نفسها بشكل مغاير، لتوفِّر بيئة صالحة للنمو والتطور والتجديد الإرهابي والقتل الدموي على أرض فقيرة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف