أمين الجميل يحذر من «فرقعة» الكيان اللبناني وقيام «دولتين ومجتمعين وثقافتين»...
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
قال إنه كان مضطربا أثناء استماعه إلى نصر الله
بيروت ـ ثائر عباسحذر الرئيس اللبناني السابق امين الجميل من ان الكيان اللبناني يتجه الى "الفرقعة" اذا لم يتم التوافق حول الانتخابات الرئاسية، معتبرا ان التوصل الى هذا التوافق "امر غير مضمون". وتحدث في حوار مع "الشرق الاوسط"، عن "مجتمع بدأ ينشأ في لبنان لا علاقة له بالمجتمع اللبناني" منبها الى امكانية قيام مجتمعين ودولتين وثقافتين. وابدى خشيته من ملء الوقت الضائع بين الان والانتخابات الرئاسية بتفجيرات او احداث امنية.
وقال الجميل انه كان "مضطربا" اثناء استماعه الى كلام الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصر الله الاحد الماضي، معتبرا ان الاخير يراهن على الوقت وانه مرتاح الى وضعه في مجتمعه ومساحته وجغرافيته.
ونفى الجميل وجود "تشرذم وانقسام مسيحي" معتبرا ان العماد ميشال عون نال اصوات 70 في المائة من المسيحيين بناء لبرنامج وشعارات يتم تنفيذ نقيضها الان، متمنيا اجراء الانتخابات الان ليقوم الشعب بالمحاسبة.
وفي ما يأتي نص الحوار:
* يبدو ان الازمة اللبنانية دخلت مرحلة جديدة، فكيف تنظر اليها؟
ـ منذ فترة طويلة ولبنان فاقد نقطة الارتكاز الوطني والسياسي. المؤسف اننا كنا قد حلمنا بأن لبنان سيخرج من ازماته ويقلب صفحة الماضي الاليم وينظر الى المستقبل ويعيد بناء مؤسساته ويعزز وفاقه الداخلي. هذا الامل بدأ في العام 2000 مع تحرير الجنوب والانسحاب الاسرائيلي. وتأكد هذا المنحى اكثر مع انسحاب الجيش السوري، عام 2005. المؤسف ان الحلم لم يكن في محله، ونحن نخشى ان ينقلب كابوساً. سورية انسحبت، لكنها تركت خلفها ما يكفي من المخلفات التي اعاقت مسيرة البلد ووضعت عراقيل كبيرة امام الخلاص المنشود. صحيح ان ما نعيشه اليوم امر خطير، انما ما هو الا استمرار لواقع اذا تعمقنا فيه نلاحظ ان كل الامور المطروحة، بدءاً بالمحكمة الدولية والحكومة ليست السبب والاساس. في مؤتمر الحوار كان هناك اقرار بالاجماع على ان لبنان يعيش ازمة حكم، وهذا معناه ان هناك خللاً في موقع اساسي في الدولة هو رئاسة الجمهورية المركز الذي يفترض ان تكون له رمزية خاصة وان يكون محوراً للوفاق والاصلاح والتطور. وقد اعترف المشاركون في هذا الحوار بوجود الازمة. وفيما بعد اهتممنا بكل المشكلات ما عدا الازمة الام، أي الازمة التي يعتبر رئيس الجمهورية اميل لحود والتمديد القسري له سبباً لها. وبعدما اقررنا بالاجماع ان هناك ازمة حكم، كان المؤسف ان بعض الاطراف رفضت حل الازمة وانتخاب رئيس جديد للجمهورية. وانا مقتنع بانه لو انتخبنا رئيساً جديداً لكانت الامور تغيرت كثيراً ولكان هذا المركز تمكن من ان يلعب دوره وان تتحقق المشاركة الحقيقية بين كل فئات المجتمع اللبناني، فهذا المركز المحوري غائب تماماً عن دوره على الصعيدين الداخلي والخارجي، وغيابه هو غياب لطائفة من الطوائف المؤسسة للكيان اللبناني عن المشاركة الحقيقية في انقاذ لبنان واعادة بناء مؤسساته. والآن من الواضح ان الغائب الاكبر عنها كل التحركات والحوارات الداخلية والعلاقات الخارجية هو رئيس الجمهورية. وهذا ما لم يشهده لبنان في تاريخه على الاطلاق.
* يبدو اننا نتجه الى ازمة اكبر على صعيد رئاسة الجمهورية مع اقتراب موعد الانتخابات؟
ـ هذا الموضوع لا يقتضي النظر اليه فقط من زاوية انتخاب رئيس او عدم انتخابه، وما اذا كان نصاب الانتخاب الثلثين ام اكثرية النواب. يقتضي النظر الى هذه الازمة من زاوية رمزية هذا المركز وفاعليته على الصعيد الوطني ودوره في العمل على تحقيق الوفاق الوطني وتمثيل لبنان لدى كل المحافل الدولية والتحدث باسم لبنان لدى هذه المحافل، فالرئاسة لا تلعب دورها التوفيقي المحوري في الداخل ولا على صعيد الاطلالة الخارجية. وهي مقاطعة من قبل كل الدول والهيئات الدولية. لبنان مرّ سابقاً بأزمات مماثلة، لكن من خلال دور رئاسة الجمهورية تمكنت الدولة من تسيير شؤونها العامة وكانت الرئاسة تساهم في جمع الناس وإيجاد الحلول للمشكلات القائمة.
* هل اخطأت قوى "14 آذار" بقبولها التعايش مع الرئيس لحود وتخليها عن طلب تنحيته؟
ـ كان من المتعذر اطاحة اميل لحود ودفعه الى الاستقالة لأسباب مختلفة، وكانت الخشية في ذلك الوقت قائمة من تأجيج صراع داخلي ودفع الساحة اللبنانية الى مزيد من الارباك.
* وأين المخرج؟
ـ لست ادري اذا كان من الممكن بعد الوصول الى وفاق حول الانتخابات الرئاسية. هذا هو المدخل المفضل لحل الازمة اللبنانية، اما اذا لم نتوصل الى وفاق ـ وانا متيقن انه امر غير مضمون ـ اخشى ان يكون لبنان قد دخل في نفق الشرذمة وتتفاقم الازمة بشكل يؤدي الى فرقعة الكيان. وانا لا اريد ان اتخيل مدى الانعكاسات. وفي اي حال من اللافت ان هناك مجتمعاً جديداً يتكون الى جانب المجتمع اللبناني التقليدي وعلى نقيضه، وكأن هناك في بعض المناطق يخلق انسان جديد لا علاقة له بتقاليدنا اللبنانية وثقافتنا الوطنية.
* "حزب الله" تحدث عن امكانية قيام حكومتين ورئيسين اذا لم يتم التوصل الى حل...
ـ .... ومجتمعين ودولتين وثقافتين.
* هل ما نشهده في لبنان "صراع حضارات"؟
ـ هذا ليس مستبعداً.
* يظهر ان هناك نهجين لا يمكن ان يلتقيا، فهل من مخرج؟
ـ لقد قلت لك ان هناك مجتمعاً ينشأ لا علاقة له بالمجتمع الذي نعرفه.
*...المقصود؟
ـ لن افصح.
* هل تتوقع مراوحة حتى موعد الانتخابات الرئاسية؟
ـ لبنان لا يحتمل المراوحة. يراد له ان يراوح مكانه، لكنها صعبة. فالوقت الضائع يملأ اجمالا بتفجيرات وأحداث امنية، فهل توقظ هذه الشعب اللبناني؟
* يبدو وكأنك تقرع ناقوس الخطر في ما يتعلق بمصير الكيان اللبناني؟
ـ صحيح. منذ استقالة الوزراء الشيعة، قلت بوضوح انها ليست ازمة وزارية، انما هناك رغبة من البعض بإجراء قراءة جديدة لاتفاق الطائف والآن كثيرون يتكلمون بهذا المنطق.
* والحل؟
ـ ان يتفهم البعض انه اما ان نعيش في لبنان سوية بوفاق وتفاهم او انه لا يمكن لاحد ان ينجو بمفرده. او نعيش معا او نزول معا. لا يفكرن احد ان بإمكانه ان يعيش في لبنان على هواه وينشئ كياناً له على حساب الدستور اللبناني وتقاليد المجتمع اللبناني...
* هل تخشى الحرب الاهلية؟
ـ انا اشعر ان البعض يريد ان يذهب الى اقصى حد في تجربته. وسيدفع البلد ثمناً غالياً جداً لهذه التجربة. وبعد ان يدفع الجميع هذا الثمن ويقتنع على حساب الوطن والناس ان هذا الطريق مسدود، ربما عاد الكل الى وعيه وتفهم ان للبنان ميزة خاصة ودوراً خاصاً.
* هل لدى قوى "14 آذار" تصور ما لمواجهة المرحلة المقبلة؟
ـ اذا اردنا ان نحقق السلام الداخلي وان نعيد للبنان دوره واستقراره، فاعتقد ان الحل سيكون بان نتفاهم داخلياً اولا، ثم نعمل عربياً وخارجياً من اجل اعتبار لبنان مساحة دولية للحوار بين الاديان والحضارات والاتنيات. الكثير من القيادات الشيعية والسنية والدرزية والمسيحية تحدثت سابقاً عن دور لبنان كمختبر لهكذا حوار. وهذا التوجه اذا ما وضع في اطار مؤسساتي واعتراف دولي به يمكن ان يحقق نقلة نوعية في طريقة التعاطي السياسي على الساحة اللبنانية.
* ماذا رأيت في كلام السيد حسن نصر الله الاخير؟
ـ الحقيقة اني كنت مضطربا عندما سمعته وهو يقفل كل النوافذ على الحلول ويدخل لبنان في مرحلة مراوحة وفراغ ونوع من العدمية. وهذا ما يقلقني. اما هو فبدا انه مرتاح الى وضعه في موقعه ومجتمعه ومساحته وجغرافيته ويراهن على الوقت لتحقيق اهدافه.
* كيف تقوّم الوضع المسيحي في ظل الانشقاق في مواقف القيادات المسيحية؟
ـ ظاهر الامر هو تشرذم مسيحي وان هناك انقساماً مسيحياً وتراجعاً في الدور المسيحي. انما الحقيقة ان جوهر المشكلة هي ان لبنان بأسره اسير. ولا اعتقد انه توجد اي طائفة مرتاحة لان البلد دخل في حالة صراع يتجاوز الواقع اللبناني وكأن هناك ضغطاً من مكان ما من شأنه ان يخنق الوضع اللبناني برمته. والوضع المسيحي المأزوم ما هو الا صورة مصغرة لواقع لبنان الشامل.
* العماد ميشال عون يقول انه يمثل 70 في المائة من المسيحيين عبر نتائج الانتخابات؟
ـ العماد ميشال عون يقول ذلك، ربما هذا صحيح اذا ما قيس بنتائج الانتخابات الاخيرة. انما يجب ان لا ننسى انه خاض الانتخابات وحقق الانتصار على اساس شعارات وبرنامج وكلام يتناقض بالكامل مع ما يمارسه الآن على الساحة اللبنانية. نحن نتمنى ان تحصل الانتخابات الآن لان هذه الانتخابات ستكشف الاحجام والشعب سيحاسب الناس على مدى تمسكها بالشعارات والمبادئ والبرامج التي انتخبهم على اساسها والتي لم ينفذ العماد عون اياً منها، بل على العكس نفذ نقيضها.
* اذا انت توافق على دعوة نصرالله لـ "الاحتكام الى الشعب"؟
ـ الاستفتاء لا يطبق في بلد متعدد مثل لبنان. أما الانتخابات فالجميع يعرف ان السيد حسن (نصر الله) يطالب بالشيء وعكسه، فهو من جهة يطالب بانتخابات نيابية ويمنع مجلس النواب من ان يجتمع ويقر قانوناً جديداً للانتخابات ويمنع قيام حكومة لتنظيم انتخابات جديدة.