جريدة الجرائد

الاختطاف... سلاح طالبان الجديد في أفغانستان

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الخميس 12 أبريل 2007

ديفيد مونتيرو - كريستيان ساينس مونيتور

على غرار القوات القتالية الحديثة يبدو أن "طالبان" قد تعلمت فوائد "الحرب العاطفية". ففي الوقت الذي تكثف فيه هجماتها خلال فصل الربيع الجاري، أصبحت عمليات الاختطاف التي تنفذها سلاحها المفضل، مستهدفة ثغرة حساسة ما فتئت تتسع في جسم حلف شمال الأطلسي والمتمثلة في تراجع التأييد الشعبي داخل البلدان المشاركة في أفغانستان من أوروبا إلى الولايات المتحدة وكندا. والواقع أن خيبة الأمل التي بدأت تنتشر لدى فئات واسعة من الرأي العام أثبت بأنها أبلغ ضرراً من أي قنبلة حقيقية. فقد أوشكت الحكومة الإيطالية على الانهيار في الشهر الماضي بعدما قامت "طالبان" باختطاف الصحفي الإيطالي "دانيال ماستروجياكومو"، حيث أثارت أحزاب المعارضة عاصفة من الاحتجاج. وخوفاً من أن يقرر البرلمان الإيطالي سحب قواته من أفغانستان، وهي ضربة قاصمة لمهمة حلف شمال الأطلسي في البلاد، وافق الرئيس حامد قرضاي على مبادلة خمسة معتقلين لـ"طالبان" مع الصحفي الإيطالي، وهي الخطوة التي اعتبرت انتصاراً للمتشددين.
والأدهى من ذلك أنه عندما رفض الرئيس حامد قرضاي التفاوض مع "طالبان" للإفراج عن "أدجمال نقشبندي"، مترجم الصحفي الإيطالي، سجلت "طالبان" انتصاراً آخر لصالحها. وهكذا أُعدم "نقشبندي" يوم الأحد الماضي، ما تسبب في إطلاق مشاعر الغضب والإحساس بالخيانة على، مما اعتبر ازدواجية في المعايير، مؤدياً إلى تعميق الفجوة بين قرضاي والرأي العام الأفغاني. وقد شجعت الصفقة التي فازت بها "طالبان" جراء اختطافها للصحفي الإيطالي إلى اختطاف اثنين من عمال الإغاثة الفرنسيين و13 أفغانياً. كما هددت "طالبان" بقتل أربعة من الموظفين الأفغان هذا الأسبوع إذا لم يتم التوصل إلى صفقة مماثلة تفرج بموجبها الحكومة الأفغانية على المزيد من معتقلي "طالبان". ومن المرجح خلال الأسابيع المقبلة أن تتحول الهجمات ذات الشحنة العاطفية التي تستهدف إضعاف العزيمة الدولية إلى أمضى أنواع السلاح في جعبة "طالبان". ويعكس هذا التخوف "سلطان أحمد باهين"، المتحدث باسم وزيرة الخارجية الأفغانية الذي قال "آمل من المجتمع الدولي الذي يتوفر على قوات في أفغانستان ويقوم بمساعدتنا ألا يتعامل مجدداً مع الإرهابيين".
ولمواجهة هجمات "طالبان" أطلق حلف شمال الأطلسي إلى جانب قوات الأمن الدولي المساعدة عملية في شهر مارس الماضي تضم 4500 من قوات "الناتو"، فضلاً عن ألف جندي أفغاني تم نشرهم في منطقة "هلمند" الجنوبية التي تعتبر المعقل الرئيسي لحركة "طالبان"، والمكان الذي اختطف فيه الصحفي الإيطالي. وقد شهدت تلك العملية أشرس المعارك بما عرفته من اشتباكات عنيفة بين الطرفين وهجمات مكثفة أسفرت خلال الشهر الجاري عن استعادة حلف شمال الأطلسي لبلدة "سانجين" المهمة في محافظة "هلمند". وليست هذه المرة الأولى التي تلجأ فيها "طالبان" إلى عمليات الاختطاف، حيث أبدت في الماضي استعدادها للإفراج عن مختطفين لديها شرط التأكد من أنهم ليسوا عملاء. لكن منذ 2005 قام مقاتلو "طالبان" باختطاف وقتل سبعة من الرهائن الأجانب على الأقل، وفي الشهر الماضي قتلوا أيضاً سائق الصحفي الإيطالي "سعيد ناجا". وفي الوقت الذي تصاعدت فيه هجمات حلف شمال الأطلسي، وأصبحت أكثر شراسة تحولت "طالبان" أيضاً إلى تكتيكات أكثر خطورة ، ذلك أنها المرة الأولى التي تؤدي فيها عملية اختطاف إلى إطلاق سراح معتقلين تابعين لها.
وفي هذا السياق، يقول الصحفي الباكستاني "أحمد رشيد":"هناك فرضية، اعتبرها خاطئة، تقول بأن "طالبان" تستطيع تسريع انهيار عزيمة "الناتو" إذا ما روعت الأجانب". والواضح أن التكتيك الجديد لـ"طالبان" جاء في وقت مناسب يدل على قراءة ذكية للمناخ السياسي السائد في دول حلف شمال الأطلسي، حيث جاء رد الفعل الإيطالي الحاد والمنفعل معبراً عن الإحراج الذي باتت تسببه أفغانستان للحكومة الإيطالية. والأكثر من ذلك تسببت الصفقة التي قامت بها الحكومة الأفغانية مع "طالبان" بضغط من إيطاليا إلى بروز توتر بين الدول المشاركة في حلف الشمال الأطلسي، لا سيما بعدما انتقدت الولايات المتحدة وبريطانيا إجراء الصفقة لأنها تشجع على المزيد من الاختطافات. ولا يعني ذلك أن بوادر الانشقاق بين دول حلف شمال الأطلسي بدأت تظهر في أفغانستان، ذلك أن معظم الدول المشاركة جددت التزامها بالبقاء في البلد، بل وأعلنت أستراليا يوم الثلاثاء الماضي أنها سترفع من عدد قواتها إلى ألف رجل، كما قررت الولايات المتحدة إرسال 3200 جندي، فضلاً عن إعلان بريطانيا إرسال 1400 جندي إلى أفغانستان.
لكن ومع ارتفاع عدد القتلى من القوات الأجنبية إلى 500 جندي في العام الماضي حيث شهد أعلى حصيلة للقتلى منذ بدء الحرب عام 2001، تتطلع "طالبان"، من خلال عمليات الاختطاف الجديدة التي تقوم بها، إلى الاستفادة من الاستياء الشعبي في العديد من الدول المشاركة بقواتها في أفغانستان، والتي يصل عددها الإجمالي إلى 36 ألف جندي. ففي كندا التي أرسلت 2500 ألف جندي إلى أفغانستان عبر 46% من الكنديين، حسب استطلاع للرأي أجري مؤخراً، عن رغبتهم في إعادة الجنود إلى أرض الوطن قبل 2009. وفي ألمانيا التي نشرت ثلاثة آلاف جندي يعتقد 57% من المستطلعة آراؤهم أنه يتعين سحب قواتهم من أفغانستان، وذلك حسب استطلاع للرأي قامت به مجلة "دير شبيجل". ولم يختلف الأمر في هولندا التي أظهر فيها استطلاع للرأي أنه فقط 33% من السكان يؤيدون إرسال قوات أخرى إلى أفغانستان إضافة إلى 2200 جندي التي نشرتها في وقت سابق.
وإذا ما شكلت إيطاليا أي نموذج، فإن الهجمات الشرسة التي تشنها قوات "طالبان"، فضلاً عن الاختطافات التي تطال الأجانب قد تثقل كاهل الحكومات الأجنبية بمزيد من الضغوط لجهة سحب قواتها من أفغانستان. لكن الرئيس حامد قرضاي أعلن أنه رغم الصفة الأخيرة مع "طالبان"، لن يقبل بالتفاوض مع الإرهابيين مجدداً.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف