الخطة الأمريكية لتقسيم بغداد تتجاهل دروس التاريخ
قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
روبرت فيسك - الاندبندنت
في مواجهة مقاومة أكثر ضراوة في بغداد - بالرغم من قيام الرئيس بوش بزيادة عدد القوات - تخطط القوات الأمريكية في المدينة الآن لعملية واسعة ومثيرة للجدل إلى حد كبير لمواجهة المقاومة تستند إلى إغلاق مناطق واسعة من بغداد، وإحاطة أحياء كاملة بحواجز والسماح فقط للعراقيين الذين يحملون بطاقات هوية من الإصدار الجديد لدخول هذه المناطق.
حملة "المجتمعات ذات البوابات" - التي يعود أصلها إلى حرب فيتنام - ستشمل حوالي 30 منطقة من مناطق المدينة الرسمية التي يبلغ عددها 89 وستكون أكثر البرامج المعدة لمواجهة المقاومة طموحا حتى الآن في العراق من قبل الولايات المتحدة.
لقد استخدم هذا النظام - وفشل فشلا ذريعا - في الماضي، وتطبيقه في العراق مؤشر على الإحباط الأمريكي بسبب انحدار البلد المستمر نحو صراع أهلي بقدر ما هو مؤشر على إصرار الولايات المتحدة على "الانتصار" في الحرب ضد مقاومة عراقية كلفت حتى الآن أكثر من 3.200 قتيل بين أفراد الجيش الأمريكي.
إن نظام وضع بوابات للمناطق تحت الاحتلال الأجنبي فشل تماما خلال الحرب الفرنسية ضد جبهة التحرير الوطنية في الجزائر وكذلك خلال الحرب الأمريكية في فيتنام. استخدمت إسرائيل ممارسات مماثلة خلال احتلالها للمناطق الفلسطينية وأيضا بلا نجاح.
لكن الحملة لها طموحات عسكرية واسعة وأبعد من مجرد إعادة الهدوء إلى بغداد. يبدو الآن أن الجيش الأمريكي ينوي أن يضع حوالي خمسة ألوية مؤللة - تضم حوالي 40.000 جندي - جنوب وشرق بغداد، يكون ثلاثة منها على الأقل في مواقع بين العاصمة والحدود العراقية. هذا سيضع إيران في مواجهة قوة عسكرية أمريكية قوية قرب حدودها في حال توجيه ضربة عسكرية أمريكية أو إسرائيلية ضد منشآتها النووية في خلال هذا العام.
آخر المخططات الأمنية وضعها الجنرال دايفيد بترايوس، القائد العسكري الأمريكي الحالي في بغداد، خلال دورة عسكرية استمرت ستة أشهر في (فورت ليفنوورث) في كنساس التي شارك فيها ضباط أمريكيون يخدمون في العراق ومن قوات المارينز - بالإضافة إلى أربعة من كبار ضباط الجيش الإسرائيلي حسب بعض التقارير - في سلسلة من النقاشات لتقرير أفضل السبل لتغيير مجرى الحرب الأمريكية الكارثية في العراق.
التركيز المبدئي للخطة الأمريكية الجديدة سيكون على تأمين أسواق بغداد والمناطق ذات الأغلبية الشيعية.
وسيكون اعتقال الرجال القادرين على حمل السلاح أمرا أساسيا.
مشروع الهوية الشخصية يعتمد على نظام تم تبنيه في مدينة تلعفر من قبل رجال الجنرال بترايوس في أوائل عام 2005، عندما تم بناء حاجز بارتفاع ثمانية أقدام حول المدينة لمنع حركة المسلحين والأسلحة. اعتبر الجنرال بترايوس العملية هناك ناجحة مع أن تلعفر، وهي قريبة من الحدود السعودية، رجعت بعد ذلك إلى سيطرة المقاومة.
حتى الآن، شملت عملية بغداد فقط إقامة بعض المواقع الأمريكية داخل عدة مناطق مدنية في بغداد لكن المشروع الجديد سيشمل "قواعد دعم" مشتركة عراقية وأمريكية في تسع من المناطق الثلاثين التي سيتم إغلاقها وتطبيق نظام البوابات عليها.
من هذه القواعد التي هي في أبنية محصنة ستقوم القوات العراقية والأمريكية بطرد الميليشيات من الشوارع المدنية التي سيتم فيما بعد بناء جدران حولها وإصدار بطاقات هوية شخصية لسكانها. وسيسمح للسكان فقط بدخول هذه المناطق المعزولة وستكون هناك دوريات متواصلة من القوات العراقية والأمريكية. ومن المحتمل أن تكون هناك أنظمة عبور وتسجيل للزوار وقيود على الحركة إلى خارج المناطق المعزولة. وقد يجد المدنيون أنفسهم داخل سجن من السكان الخاضعين للسيطرة.
نظريا، تستطيع القوات الأمريكية بعد ذلك أن تركز على تقديم إعادة البناء في ما يسميه الجيش "بيئة آمنة"، لكن أعضاء المقاومة ليسوا أجانب، رغم وجود القاعدة في العراق. فهم ينتمون لنفس المراكز السكانية التي سيتم عزلها، وسيحملون، ما لم يتم اكتشافهم، بطاقات هوية شخصية هم أيضا، وسيتم عزلهم مع الآخرين.
ويشكك ضابط أمريكي سابق خدم في فيتنام لديه فكرة جيدة عن مخططات الجنرال بترايوس بالنتائج المحتملة. قال هذا الضابط "الولاء الأول لأي سني في الجيش العراقي هو للمقاومة، الولاء الأول لأي شيعي هو لرئيس حزبه السياسي والميليشيا التابع لها. أي كردي في الجيش العراقي، ولاؤه الأول إما للبرزاني أو للطالباني. ليس هناك جيش عراقي مستقل، هؤلاء الناس فعلا لا يملكون أي خيار. إنهم يحاولون أن ينقذوا عائلاتهم من الجوع والانتقام. ربما كانوا يؤمنون في وقت من الأوقات بعراق موحد، وربما كانوا علمانيين في وقت من الأوقات، لكن العنف والوحشية التي بدأت مع الغزو الأمريكي أحرقت هذه الأفكار اللبرالية في عقول الشعب.. كل أمريكي ملحق بداخل أي وحدة عراقية معرض لخطر الموت دائما.
كبار الضباط الذين وضعوا خطة "الأمن" الجديدة لبغداد كانوا مسؤولين بشكل كبير عن الدليل الميداني الرسمي لمواجهة المقاومة الذي أصدره الجيش في ديسمبر من العام الماضي، وأحد مبادئ هذا الدليل يستند إلى توحيد النشاطات العسكرية والمدنية، ويشير إلى "العمليات المدنية وفرق دعم التنمية الثورية "في جنوب فيتنام، ومساعدة اللاجئين الأكراد في شمال العراق عام 1991، و"فرق إعادة البناء الإقليمية" في أفغانستان وهو مشروع معروف بأنه يربط التعاون العسكري مع المساعدات الإنسانية. والدليل الميداني قاس في تحليله عما يجب أن تفعله القوى التي تحارب المقاومة للقضاء على العنف في العراق، يقول الدليل "بوجود استخبارات جيدة، أعضاء الجماعات المكافحة للمقاومة مثل الجراحين الذين يقطعون الخلايا السرطانية فيما يحافظون على سلامة باقي الأعضاء".
لكن ضابطا عسكريا أمريكيا كبيرا آخر قدم استنتاجاته المتشائمة حول مشروع الأحياء المعزولة. يقول هذا الضابط الكبير "ما إن تصل القوات الجديدة إلى أرض المعركة فإن المتمردين سيقطعون خطوط الاتصال بين الكويت إلى أبعد حد يستطيعونه. سيفعلون الشيء نفسه في بغداد، مما يستدعي استخدام الطائرات المروحية بشكل أكبر. المروحيات ستكون معرضة للخطر وهي في طريقها إلى قواعد الدوريات، وسيدمر العدو أكبر عدد ممكن منها. الجزء الثاني من خطتهم سيكون محاولة تدمير إحدى قواعد الدوريات. سيبدؤون تلك العملية باستخدام عملائهم داخل المجتمعات المعزولة لمساعدتهم على الدخول. سيختارون قواعد حيث إن القوات العراقية التي فيها إما لن تقاتل أو أنها في الواقع ستدعمهم. ردة الفعل الأمريكية ستكون استخدام مزيد من الكثافة النارية، الأمر الذي سيؤدي إلى تدمير الحي الذي تتم "حمايته".
مخاوف هذا الضابط الأمريكي الكبير على الطائرات المروحية الأمريكية تأكدت أكثر منذ أيام عندما تم إسقاط طائرة مروحية أمريكية من نوع "أباتشي" فوق وسط بغداد.
ابن هذا الضابط الأمريكي السابق هو حاليا ضابط يخدم في بغداد.
قال مضيفا "الفرصة الوحيدة التي يملكها الجيش الأمريكي في الانسحاب بأي نوع من السلطة التكتيكية في المستقبل، هي تحمل وقوع إصابات كبيرة كرمز لاحترامهم للوضع الذي أوجده الغزو، إن محاولة إيجاد نوع من النظام من قلب الفوضى والاستعداد لتحمل الضحايا لتحقيق ذلك ستترك بعض الاحترام الهامشي للأمريكيين وهم يغادرون".
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف