5 منظمات مسلحة في المغرب العربي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أبو حفص الموريتاني وأبو أنس وأبو الفرج الليبيان ورسام الجزائري والمغاربة موساوي والمتصدق ومزودي أبرز وجوه "القاعدة"
لندن -محمد الشافعي
لم يمض سوى وقت قصير على خطاب أيمن الظواهري نائب بن لادن بمناسبة الذكرى الخامسة لهجمات سبتمبر، والذي أعلن فيه انضمام الجماعة السلفية للدعوة والقتال في الجزائر للقاعدة، حتى غيّرت الجماعة اسمها لـ"قاعدة الجهاد في بلاد المغرب العربي"، وقامت بعملية نوعية خطيرة ضد الجيش الجزائري في منطقة أمنية محصّنة، مما بعث برسالة واضحة عن نقطة تحول استراتيجي في نشاط القاعدة الأفريقي.
لا يقتصر الأمر على الجزائر، إذ تشير المعلومات والتقارير الأمنية إلى أنّ الجماعة السلفية للدعوة والقتال ـ سابقا (القاعدة حالياً) هي حلقة الوصل بين التنظيمات "الجهادية" في دول المغرب العربي، التي كانت تعتمد سابقاً عملاً حركياً مستقلاً، مع الانتماء لايديولوجياً للقاعدة، أمّا اليوم فيبدو أنّ هنالك تنسيقاً مشتركاً، وإرهاصات لنشاط على مستوى القارة بأسرها.
وكشف اسلامي لـ"الشرق الاوسط" ان عدد الجزائريين الذين تدربوا في معسكر الفاروق القريب من جلال اباد تحت راية بن لادن يتراوح ما بين 250 و300 ، وكان معظمهم من حركة حمس التي اسسها محفوظ نحناح، وكانوا نواة "الجماعة الاسلامية المسلحة"، التي تحولت الى السلفية المقاتلة، قبل ان تنضوي تحت راية القاعدة يناير الماضي.
يبدو واضحاً أنّ هنالك نمواً ملحوظاً للقاعدة في المغرب العربي، وأنّها تتجذر لتشكِّل تياراً، له أنصار ومؤيدون وأتباع، يحافظ على وجوده على الرغم من الضربات السابقة واللاحقة المتوقعة. كما أصبح "الجهاديون" المغاربة يقومون بنشاط أوسع ودور أكبر في التنظيم العالمي للقاعدة سواء في العراق أم أوروبا أم أفغانستان، وبرزت العديد من الأسماء المغربية (على المستوى الفكري والحركي) محسوبة على القاعدة، كأبي يحيى وأبي فرج الليبيين ومحمد الفزازي المغربي وأبي مصعب عبد الودود الجزائري، وابو انس الليبي (الهارب) الموجود على لائحة المطلوبين بالارهاب التي يتصدرها بن لان، وعثرت الشرطة البريطانية عند مداهمتها منزل ابو انس على ما يعرف باسم "موسوعة الجهاد الكبرى" وجاءت تحت عنوان "دراسات عسكرية في الجهاد ضد الطواغيت"، ومكونة من 180 صفحة، وباتت دستورا للاصوليين تحثهم "على الصمود في التحقيقات". وهناك أيضا ابو حفص الموريتاني الفقيه الشرعي لـ"القاعدة" الذي يعتقد انه معتقل في ايران، وكريم المجاطي ولحسين الحسكي ويونس الحياري، والثلاثة مغاربة قتلوا في السعودية ضمن مداهمات قوات الامن للمطلوبين بالارهاب". ومن ابرز الاسماء المغربية التي انشقت عن "القاعدة" بحسب اسلامي ليبي لـ"الشرق الاوسط" الحسين خرشتو الذي يعرف باسم ابو طلال المغربي، والاخير شهد ضد القاعدة في إحدى المحاكم الأميركية، وقال إنه انفصل عن بن لادن لأن ابو طلال ادعى أنه لا يستطيع إعطاءه نقودا عندما احتاجت زوجته إلى عملية قيصرية، وقدم ابو طلال ايضا صورة تفصيلية لتفجيرات السفارتين الاميركيتين في نيروبي ودار السلام عام 1988، وهو موجود حاليا تحت برنامج الحماية التابع للمباحث الاميركية".
وتتمثّل المفارقة الحقيقية أنّ القاعدة الأم قد ضعفت وتلاشت قوتها ودورها في التفكير والسيطرة، بحيث أصبحت عاجزة عن التخطيط أو القيام بأي عملية كبرى، بينما تقوى الشبكات والمجموعات المرتبطة بها وتزداد المساحة الجغرافية التي تنشط فيها تلك الجماعات وتقتحم مواقع لم تكن تحلم بها في السابق كالعراق ولبنان وفلسطين والخليج العربي وأخيراً أفريقيا.
ومن جهته قال الاسلامي المصري الدكتور هاني السباعي مدير مركز "المقريزي" بلندن، إن اغلب المنتمين للتيار السلفي الجهادي في دول المغرب العربي اليوم لم يذهب الى افغانستان، بل تأثر بالبث الاعلامي لأشرطة بن لادن والظواهري، مضيفا باتت المرجعية الفكرية لهؤلاء الشباب هي المواقع الاصولية القريبة من القاعدة، وبات هناك وحدة فكرية تربط هؤلاء الشباب، وهو ما يطمح اليه "القاعدة" بتجنيد عناصر فكريا وليس تنظيميا، تحت شعارات "محاربة الطواغيت، والعدو المستكبر الظالم" بهدف تشتيت الجهد الاميركي في الحرب على الارهاب.
وقال السباعي ان تفجير القاعدة لسفارتي اميركا في شرق افريقيا عام 1998، كان الهدف اساسا منه القضاء على المشروع الاميركي في القارة السمراء.
وقال: "لا مجال للمقارنة بين حالة القاعدة اليوم وحالتها، وكذلك الجماعات الجهادية، سابقاً. فقبل عقد من الزمن في منتصف التسعينات، كان الحصول على الأدبيات المرتبطة بالقاعدة، على قلتها أمراً في غاية الصعوبة، ولا تجد سوى أسماء قليلة معروفة كأبي محمد المقدسي وأبي قتادة الفلسطيني، وبعض تراث سيد قطب وعبد الله عزام والجماعة الإسلامية المصرية وجماعة الجهاد ، أما اليوم فأنت أمام تنظير فكري وسياسي وتأصيل معرفي هائل وبدلاً من جماعة واحدة ناشطة في مكان محدود، ومجموعات منتشرة في بعض الدول تتعرض للاعتقال بعد عمليات بدائية ارتجالية نجد أننا أمام تنظيمات عالية التدريب محترفة تمتلك قدراً كبيراً من القدرة الأمنية والعسكرية والإعلامية، وأمام نشاط مدهش عابر للحدود والجنسيات".
ومن جهته قال الاسلامي الليبي نعمان بن عثمان خبير الحركات الاصولية لـ"الشرق الاوسط" ان خريطة الجماعات الاسلامية المسلحة في المغرب العربي متشابكة ومترابطة وفق مفهوم سلفي عقدي، ففي الجزائر كان هناك الجماعة الاسلامية المسلحة التي تشكلت عام 1992 عقب الغاء الانتخابات، ثم "الجماعة السلفية للدعوة والقتال" التي غيّرت اسمها إلى "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وزعيمها هو أبومصعب عبد الودود، واسمه الأصلي، هو عبد الملك دروغدال.
اما بالنسبة لليبيا فهناك بحسب بن عثمان: "الجماعة الاسلامية الليبية المقاتلة، وكان لها وجود في افغانستان وزعيمها عبد الله الصادق معتقل حاليا في طرابلس". ويقول بالنسبة لتونس هناك خلايا جهادية سلفية لم تستطع ان تشكل او تنضوي تحت راية موحدة.
وعبد الله الصادق، من مواليد طرابلس، والتحق "بالجهاد" في أفغانستان، بعد استكمال دراسته في كلية الهندسة، وجرح أثناء علميات بأفغانستان. وتقول تقارير إنّ الصادق استقر سنة 1993 في شرق ليبيا، حيث مقر الحركة السنوسية (ويتحدر منها ملك ليبيا السابق ادريس الأول).
ومن الشخصيات المعروفة بقربها من الأوساط المتشددة المسلحة في المغرب، الميلودي زكريا، زعيم جماعة "الصراط المستقيم" مات في السجن، والتي ظهرت للمرة الأولى في ديسمبر (كانون الأول) 2002، وكذلك يوسف فكري، الذي يعتقد انه في أواسط عقد العشرينات من العمر، ويتزعم جماعة تطلق على نفسها اسم "الهجرة والتكفير" معتقل حاليا في السجون المغربية. وتفيد معلومات أنّ هناك شخصيتين من جماعة "السلفية الجهادية" هما حسن الكتاني، ومحمد عبد الوهاب رفيقي، المدعو "أبو حفص"، وهو ابن أحمد رفيقي، المدعو أبو حذيفة، أحد الأفغان المغاربة. الشيخ محمد الفزازي ونجله عبد الاله وكلاهما معتقل في طنجة.
وإذا "لمعت" الأسماء التونسية في العراق وأفغانستان ومدريد، وحتى نيويورك، فيما يتعلق بأعمال "إرهابية" تمّ تنفيذها أو فشل تنفيذها، مثل الجزائري احمد رسام الذي سبق ان وجهت له تهمة الاعداد لتفجير مطار لوس انجلوس في أواخر عام 1999 وهي القضية التي تعرف في اميركا باسم "قضية الالفية"، وقررت السلطات الاميركية اعادة الملف من جديد الى محكمة سياتل (ولاية واشنطن) مع استمرار الادانة ومطالبة المحكمة باصدار حكم جديد على ،39 سنة، وهو عضو في تنظيم "القاعدة". فإنّه لا وجود "رسميا" لأي اسم يتخذ من الأراضي التونسية موقعا له.
ومع إعلان البيت الأبيض خطة إنشاء قيادة عسكرية موحدة لأفريقيا قبل نهاية 2008 ستكون مكافحة الإرهاب، من دون شكّ، إحدى أبرز مهماتها، ومع تقارير غير مؤكدة وغير دقيقة عن تهديد لفرنسا أثناء فترة الانتخابات، تكون الجماعات المسلحة في المغرب العربي، وما لها من علاقات جنوب الصحراء الأفريقية، قد طفت إلى صدارة الاهتمامات، لاسيما بعد خمس سنوات، كانت فيها ـ على الأقل جغرافيا بمنأى عن أشدّ العمليات العسكرية التي تستهدف تنظيم القاعدة في آسيا.
وفيما تكشف الهجمات الاخيرة في المغرب عن وجود جماعتين هما "السلفية الجهادية"، التي قالت السلطات إنها تقف وراء الأعمال الانتحارية، وكذلك "الجماعة المقاتلة الإسلامية المغربية" ذات الارتباط الدولي بتنظيم "القاعدة". وإذا كان الغرب يتخوف من الجماعات الاصولية الجزائرية "لخبرتها" القتالية وقربها من أوروبا، فإنه يتخوف من العناصر الإسلامية المتشددة المغربية، بحكم ما عُرف عن المغربيين من "تعلق مفرط بهويتهم"، ورفضهم سياسات الاندماج التي تشجع الحكومات الغربية المهاجرين عليها.
وأحصت أجهزة الاستخبارات الغربية عدد العناصر المغربية، ممن هم من أصل مغربي، وابرزهم "الانتحاري رقم 20" في هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 زكريا موساوي، وكذلك في ألمانيا بخلية فراكفورت الشهيرة، مثل منير المتصدق وعبد الغني المزودي. كما كشفت التحقيقات في إسبانيا أنّ عناصر مغربية تنتمي للجماعة المقاتلة شاركت في الهجمات التي هزّت مدريد في 11 مارس (آذار) 2004. وفي فبراير (شباط) 2006 اكدت السلطات العراقية، أن تونسي، من عناصر تنظيم القاعدة، ويدعى "أبوقتادة التونسي"، فجر قبّة الإمامين الهادي والعسكري، وجرى اعتقاله، مما شكّل ـ حسب الكثير من المحللين ـ منعرجا صوب حرب أهلية في العراق.
وكما يقول المحققون الإسبان، فإنّ العقل المخطط لهجوم مدريد في 2004 ، تونسي. وتزامنت نهاية 2006 وبداية 2007 مع "اشتباكات مسلحة" في تونس بين قوات الأمن، مدعومة بالجيش، وعناصر وصفتها السلطات التونسية بـ"مجرمة"، والتي قالت لاحقا إنّها على علاقة بعناصر "سلفية" في الجزائر.
غير أنّ الحديث عن تنظيم بالمعنى الحرفي للكلمة يبدو مبالغا فيه، وبخاصة في ظل شح المعلومات المتوفرة، بما فيها تلك التي أعلنتها الحكومة التونسية.
وعلى الأقل، فإنّه لم يثبت حتى الآن أنّه جرى التخطيط لعمليات في أوروبا انطلاقا من منطقة المغرب العربي، بل على العكس.
فإذا كانت عملية الدار البيضاء في المغرب، التي جرت عام 2004 أثبتت أنها "محلية تماما"، كانت عملية جربة التونسية، التي جرت عام 2002 "أجنبية تماما"، حتى وإن كان منفذها تونسي الأصل، ولكنه فرنسي الجنسية. وأثبتت التحقيقات أنّ العملية الوحيدة التي جرى فيها اتصال بين الشمال والجنوب، هي تلك التي هزت منتجع جربة بعد أن تلقى منفذها نوّار في مقر إقامته بفرنسا من خالد شيخ محمد، منسق هجمات سبتمبر 2001 على الولايات المتحدة.