لبنان: الأكثرية تتهم المعارضة بأخذ المحكمة رهينة لتعطيلها
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
المعارضة تصر على ربط ملاحظاتها بحكومة جديدة
إقامة مديدة لموفد بان إلى بيروت لاستنفاد وسائل تمرير المشروع محلياً ...
بيروت - محمد شقير
بدأت قضية إنشاء المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية السابق رفيق الحريري تقترب من دائرة الحسم، مع وصول رئيس الدائرة القانونية في الأمم المتحدة نيكولا ميشال غداً الى بيروت في زيارة مديدة تستمر حتى مساء السبت المقبل يلتقي خلالها رئيسي المجلس النيابي نبيه بري والحكومة فؤاد السنيورة وقيادات في الأكثرية والمعارضة. وسيحاول ميشال استنفاد كل الوسائل لإقرار مشروع القانون الخاص بالمحكمة عبر القنوات الدستورية لتلافي اللجوء الى مجلس الأمن.
وعلمت "الحياة" ان ميشال سيلتقي الرئيس بري صباح الأربعاء خلافاً لما تردد عن ان الأخير غير متحمس للاجتماع معه ما لم يأت البحث في ملاحظات المعارضة على مشروع المحكمة مقترناً بالاتفاق على الإطار السياسي العام لحل الأزمة بدءاً بموافقة الأكثرية على تشكيل حكومة وحدة وطنية.
كما سيلتقي الرئيس السنيورة وقيادات في "حزب الله" و "التيار الوطني الحر" بزعامة العماد ميشال عون، إضافة إلى قيادات في قوى 14 آذار ووزير العدل شارل رزق، والقاضيين اللبنانيين شكري صادر ورالف رياشي اللذين كانت الحكومة اللبنانية انتدبتهما لمهمة التشاور مع الفريق القانوني في الأمم المتحدة لوضع مشروع القانون الخاص بإنشاء المحكمة الدولية.
وبحسب المعلومات فإن بري سيبلغ ميشال موقفه السابق لجهة تشكيل لجنة سداسية من الأخير نفسه ووزير العدل وأربعة قانونيين، واثنين من الأكثرية واثنين من المعارضة، توكل إليها مهمة النظر في ملاحظات المعارضة على المحكمة، خصوصاً انه سبق ان طرح اقتراحه هذا على الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون في زيارته بيروت أواخر الشهر الماضي.
لكن بري، كما ينقل عنه زواره، سيتجنب الخوض في تفاصيل ملاحظات المعارضة على المحكمة لأنه يشترط التوافق سلفاً على كيفية حل الأزمة السياسية من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية.
ويضيف بري امام زواره ان لا اختلاف بين المعارضة والأكثرية على إنشاء المحكمة، وأن المشكلة تكمن في التباين بينهما حول المدخل الدستوري، مؤكداً ان المدخل الصحيح هو من خلال حكومة الوحدة الوطنية البديلة للحكومة الحالية التي تعتبرها المعارضة فاقدة للشرعية والدستورية، وغير صالحة كإطار دستوري لتمرير مشروع المحكمة في المجلس النيابي.
ويوضح بري - بحسب زواره - ان تمسكه بموقفه لن يمنعه من إبداء ملاحظات عامة غير تفصيلية، على خلفية ان الدخول في التفاصيل يستدعي الإسراع في تشكيل حكومة وحدة وطنية بوصفها المرجعية الدستورية لإقرار المحكمة.
ويتابع: "ان المعارضة ليست في وارد ابداء ملاحظات تعجيزية على المحكمة، وأنا أقول منذ الآن ان نبيه بري لن يسمح لنفسه بشطب أي بند وارد في المشروع اذا كان هدفه جلاء الحقيقة في جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري. إن موقفنا هذا هو بمثابة خط احمر لا تراجع عنه". مشيراً الى ان "تبادل الآراء في الملاحظات من خلال اللجنة المشتركة سيتيح لنا الاقتناع بصوابية وجهة نظر ميشال، أو إقناعه بصحة ما نطرحه".
ويؤكد بري ان الهدف من الملاحظات توفير الضوابط والضمانات بعدم خروج المحكمة عن المهمة المطلوبة منها، لكن الأهم ان الملاحظات ستبقى ملكاً للمعارضة ما لم توافق الأكثرية على تشكيل حكومة وحدة وطنية، خصوصاً ان بعض البنود الواردة في المشروع الخاص بها تستدعي إدخال تعديلات على الدستور اللبناني وقانون العقوبات، وهذا يحتاج الى توافق بأكثرية الثلثين ولن يحصل إلا في حال التفاهم على الحكومة العتيدة.
وفيما يتوقع بري، كما ينقل عنه زواره، حصول تغييرات في المنطقة بدءاً بملف العلاقات الأميركية - الإيرانية، من شأنها ان تنعكس ايجاباً على الوضع الداخلي في لبنان، يؤكد في المقابل انه على تواصل مع رئيس كتلة "المستقبل" النائب سعد الحريري على رغم ان الحوار بينهما متوقف. وهو يرى ان الظروف ليست مواتية للتوصل الى تفاهم، وأن لا مصلحة في العودة إليه اذا لم يكن التوافق على صيغة للحل مضموناً. لأن من غير المنطقي "أن نستمر في الحوار وأن نراوح مكاننا لأن صدقيتنا امام الرأي العام تكون على المحك".
الى ذلك قالت مصادر دولية لـ "الحياة" ان محادثات ميشال في بيروت ستتزامن مع لقاءات مماثلة يجريها نائب وزير الخارجية الروسي ألكسندر سلطانوف مع الرؤساء الثلاثة قبل انتقاله مساء الأربعاء الى دمشق للقاء كبار المسؤولين فيها. واعتبرت ان قضية المحكمة الدولية تشكل القاسم المشترك بين مهمة ميشال في بيروت ومحادثات الموفد الروسي.
ولفتت المصادر نفسها الى ان مهمة ميشال في بيروت تبقى في حدودها التفسيرية والاستيضاحية ولن تتجاوزها الى التفاوض على استبدال اتفاقية جديدة بالاتفاقية القائمة بين الحكومة اللبنانية والأمم المتحدة في شأن المحكمة أو إجراء تعديلات يمكن ان تطيح مضمونها.
وأوضحت المصادر نفسها ان ايفاد بان كي مون ميشال الى بيروت قبل زيارته دمشق في 24 و25 الجاري يؤكد رغبته في ان يقطع الطريق على ما يمكن ان يسمعه من المسؤولين السوريين من انهم يفضلون الوقوف على رأي الأطراف اللبنانيين وملاحظاتهم على المحكمة.
وأضافت ان مجرد ايفاد ميشال الى بيروت سيضع القيادة السورية أمام قرار الأمر الواقع حتى لا تكون لها ذريعة لإحالة الاختلاف على المحكمة، الى عدم وجود توافق لبناني - لبناني في شأنها، خصوصاً ان ميشال سيكون في عداد وفد الأمين العام للأمم المتحدة الى دمشق.
إلى ذلك، قال مصدر وزاري بارز لـ "الحياة" في معرض رده على "خطة كسب الوقت" التي تراهن عليها المعارضة لاستثمار إقرار المحكمة، ان الأخيرة، وحتى إشعار آخر، تريد ان تأخذ المحكمة رهينة وأن إصرارها على الحكومة ما هو إلا محاولة مكشوفة لإطاحتها من خلال اشتراطها الحصول على أكثرية الثلث الضامن في الحكومة الذي لن تستخدمه إلا لتعطيل قيام هذه المحكمة. واستغرب المصدر تمسك المعارضة بالإحجام عن وضع ملاحظات على مشروع المحكمة في تصرف ميشال، وسأل عن إصرار قوى أساسية في المعارضة على إطلاق تحذيراتها من جر لبنان إلى فتنة داخلية وحرب أهلية في حال أقر مجلس الأمن المحكمة تحت الفصل السابع.