لماذا برز الدور السعودي؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الثلاثاء 17 أبريل 2007
سعد محيو
ربما ليس من المبالغة في شيء القول إن صوت الملك السعودي عبدالله، هو الآن الأقوى والأبرز والاهم في المنطقة العربية، وهذا لأسباب مقنعة. فالمملكة السعودية هذه الايام هي الوحيدة بين الدول العربية التي يبدو أنها تمتلك سياسة خارجية. لا مصر عادت بعد إلى دورها الإقليمي التقليدي الذي كان يضعها دوماً في قمرة القيادة. ولا العراق بالطبع قادر على لعب أي دور. ولا سوريا في وسعها في هذه المرحلة ممارسة نفوذ إقليمي مستقل بسبب الحصار المفروض عليها، من جهة، ولأنها ربطت عجلة سياستها الخارجية بعربة السياسات الإيرانية، من جهة ثانية.
هذا الفراغ الاستراتيجي العربي، إن صح التعبير، حتم الدور السعودي. وهكذا شهدنا خلال فترة قصيرة فورة دبلوماسية سعودية لا سابق لها. فورة دفعت سفن الدبلوماسية السعودية في كل الاتجاهات تقريباً:
فهي نجحت، وإن مؤقتاً، في نزع فتيل الحرب الأهلية الفلسطينية عبر اتفاق مكة، وفي إحياء مبادرة السلام العربية مع ldquo;إسرائيلrdquo;. وهي لعبت، ولا تزال، دوراً مهماً في منع انحدار لبنان مجدداً نحو الهاوية. وهي تتحرك بكثافة، وإن بحذر، لمحاولة إعادة التوازن إلى الصيغة العراقية. ثم انها (وهنا الأهم) تقود الآن الحوار العربي مع إيران للتنسيق معها ضد محاولات تفجير ldquo;الفتنة الكبرى-2rdquo; بين السنة والشيعة، ولإقناعها بالنزول عن جبل التصعيد الخاسر سلفاً مع الغرب.
السمة المهمة في كل هذه التحركات هي الثقة والاتزان. وهذا ما دفع البعض إلى الحديث عن انبعاث ldquo;حقبة سعوديةrdquo; جديدة في الشرق الأوسط.. لكن مثل هذه الأحاديث قد تكون مبكرة.
فالمملكة نجحت في التقدم إلى أمام، لأن المشروع الأمريكي الكبير في الشرق الاوسط الكبير تراجع إلى الوراء. قبل ذلك، كانت الرياض في خطوط الدفاع بسبب أحداث 11 سبتمبر/ أيلول 2001 وما تلاها من ضغوط أمريكية خطيرة عليها في كل المجالات الثقافية والايديولوجية والاقتصادية - السياسية، ولحقها من اكتساحات عسكرية أمريكية لأفغانستان والعراق ومنطقة الخليج.
لولا هذا التراجع الأمريكي في العراق وحاجة واشنطن إلى الدور الإقليمي للرياض، لم يكن التقدم السعودي ليكون ممكناً أو سهلاً. وبالتالي، يجب انتظار جلاء غبار الصراعات الراهنة في الشرق الأوسط، قبل القفز إلى الحديث عن عودة الحقبة السعودية.
هذه نقطة. وثمة نقطة ثانية قد تدعم هذا الاستنتاج: الحيوية السعودية لها أيضاً أهداف داخلية، عبر عنها العاهل السعودي أمس الاول (السبت) في مجلس الشورى حين لفت إلى أن السعودية ldquo;باتت وطن الاستقرار في محيط مضطرب بالفتن والحروبrdquo;، وداعياً مجلس الشورى إلى أن تكون الوحدة الوطنية ldquo;في صدارة اهتماماتهrdquo;.
لكن، وبعد قول كل شيء عن حدود وقيود الدور السعودي الجديد، تبقى حقيقة لا يمكن القفز فوقها، وهي أن هذا الدور جاء في لحظة تاريخية مناسبة. وبرغم انه ظرفي، إلا انه قد يتحَول في لحظة أخرى إلى عمل تأسيسي، إذا ما نجحت الرياض في إعادة الاعتبار للعنصر العربي في صراعات الشرق الأوسط، التي تعج الآن باللاعبين الإيرانيين وrdquo;الإسرائيليينrdquo; والأتراك، إضافة إلى اللاعبين الغربيين.
كيف يمكنها أن تفعل ذلك؟ القيادة فكرة جيدة. الإرادة أكثر جودة. خاصة في مرحلة يبحث فيها الدور العربي عن مسؤول عربي يمتلك سمتي القيادة والإرادة معاً.