جريدة الجرائد

... تركي الفيصل: الاصلاح في الوطن العربي انتكس لارتباطه بالحرب على الارهاب وازدواجية المعايير

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

دعا الى تسوية عادلة للنزاع العربي - الاسرائيلي لأنها المدخل الحقيقي للإصلاح في المنطقة

عمان - نبيل غيشان

عزا الامير تركي الفيصل رئيس مجلس ادارة مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الاسلامية امس انتكاسة الدعوات الاصلاحية في الوطن العربي الى ارتباط تلك الدعوات بالحرب على الارهاب، واعتبر ان توجيه حرب الارهاب ضد الدول العربية والاسلامية جعل الحكومات والشعوب تتساءل عن "سبل التوفيق بين التهديد والوعيد والقيام بالاصلاح في ظل التحديات التي فرضتها تلك الحرب".

واستبعد الأمير تركي في كلمة افتتح بها اعمال المؤتمر السنوي لـ "مبادرة الاصلاح العربي" الذي استضافه في عمان امس مركز الدراسات الاردنية في الجامعة الاردنية ان تكون التجربة العراقية السبب الوحيد في رفض الدعوات الاصلاحية الخارجية، مشيراً الى ان "ازدواجية المعايير التي يطبقها اصحاب دعوات الاصلاح في تعاملهم أفقدت هذه الدعوات صدقيتها وأثارت الشكوك في اهدافها". وقال ان تعامل المجتمع الدولي مع فوز حركة "حماس" في الانتخابات الفلسطينية وضع "اصحاب الاصلاح على المحك، فبدلا من تعاملهم مع النتيجة بوصفها ثمناً يجب دفعه في سبيل المبادىء التي ينادون بها، تمت مقاطعة الحكومة الفلسطينية والتسبب بأضرار بالغة للشعب الفلسطيني".

واثارت كلمة الأمير تركي اهتمام الباحثين العرب والاجانب المشاركين في المؤتمر الذي بدأ اعماله امس بعنوان "تراجع عمليات الاصلاح وكيفية احيائها"، الامر الذي وحد افكار النقاش في شأن تحميل الولايات المتحدة واسلوبها في التعامل مع دول المنطقة، مسؤولية انتكاس الدعوات الاصلاحية في المنطقة لعدم قناعة الشعوب والانظمة بجدية الدعوات الاصلاحية الخارجية.

واعتبر الأمير تركي ان تناسي الدعوات الاصلاحية للانتهاكات السياسية والعسكرية والاستعمارية في المنطقة ادى الى تردي الاوضاع في العالم العربي و "حفز التطرف والغلو وسلب لب شبابنا للبحث عن مخلص، ولو كان هذا المخلص مستبداً ومتسلطاً".

وانتقد الدعوات الاصلاحية الخارجية المرتبطة بالحرب على الارهاب التي فهم منها "تغيير ذواتنا وافكارنا ومعتقداتنا وانكار تاريخنا وتقافتنا"، مشيرا الى ان القضية لم تعد تتعلق "بإصلاح العيوب وتجاوز المشكلات بل تحولت الى دعوة لالغاء الهوية العربية وسلب مكوناتها، ما ادى الى مقاومتها ومناوأة الداعين اليها في الدول العربية وبالتالي اتخاذ مواقف سلبية من الاصلاح".

ودعا الامير تركي الفيصل الى الرد على تلك الدعوات باطلاق المشاريع الذاتية للتنمية بوصفها ضرورة ومطلبا يتحقق من خلاله الامن والاستقرار السياسي والاجتماعي والثقافي اللازم في المجتمعات العربية. وفي الوقت نفسه رحب بالدعوات الاصلاحية النقية الآتية من الخارج بدوافع صادقة، وقال: "لو انها كذلك لما رفضت بل سنشكر من أهدى الينا عيوبنا وسعى الى تحقيق الاستقرار والامن في منطقتنا الحيوية".

وربط الفيصل بين متطلبات الاستقرار الضروري للاصلاح في البلدان العربية وبين تحقيق السلام في المنطقة، داعيا اصحاب المشاريع الاصلاحية الى تحقيق تسوية للنزاع العربي - الاسرائيلي وحل القضية الفلسطينية حلا عادلا يحقق طموحات الشعب الفلسطيني لانها المدخل الحقيقي للاصلاح في المنطقة.

وتحدث الفيصل عن عملية الاصلاح في المملكة العربية السعودية، مؤكدا ان المملكة لم تكن بعيدة في يوم من الايام عن الاصلاح "بل هو لب تكوينها لان الدعوة الدينية تقوم على الدعوة الاصلاحية، ومفهوم الاصلاح ليس اختراعا جديدا في الفكر السياسي العربي الاسلامي بل هو مفهوم قديم ورد في القرآن الكريم. واضاف: "كان الاصلاح في المملكة العربية السعودية منذ تأسيسها يرتبط بعملية التحديث التي انتهجتها الدولة خياراً وحيداً للانتقال بالمجتمع من طور تاريخي كانت تعيشه الجزيرة العربية سماته التخلف والأمية والتشرذم المجتمعي والمناطقي وغياب السلطة المركزية، الى تحديث مؤسساتي جديد تقوده دولة مركزية".

واستعرض الامير تركي التحديات التي واجهت الدولة السعودية الحديثة، وأولها معارضة بعض القوى الاجتماعية لعملية التحديث، مشيرا الى ان ذلك اضطر الدولة الى الدخول في مواجهة مع هذه القوى، "منها مواجهات سياسية وعسكرية مع القوى التي كانت ترفض قبول حدود للدولة واقامة علاقات خارجية او حتى ادخال الوسائل الحديثة للاتصال وتعليم المرأة".

وتناولت النقاشات في جلستي امس تأثير العوامل الخارجية في النزاعات وكيفية تغلب الاجندة الامنية على الاجندة الاصلاحية في كل من لبنان وفلسطين والعراق، وشارك فيها الباحثان خليل الشقاقي وهنري سيغمان وتشارلز غرانت ومصطفى حمارنة. كما تناول النقاش الانقسام الشيعي - السني وأثره على الاستقرار في المنطقة وتماسك المجتمعات. وسيواصل المؤتمر مداولاته اليوم في الحديث عن سبل تحفيز الاصلاحات بمشاركة مولود حمروش واسامة الغزالي حرب وعزمي الشعيبي وجان كلود كوسران وبسمة قضماني.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف