جريدة الجرائد

فتفت: ملاحظات «حزب الله» على المحكمة ابتزاز ..

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

... والتهديد بالحرب الأهلية تهويل لعرقلة قيامها

بيروت - سعد كيوان

أعلن وزير الشباب والرياضة أحمد فتفت "ان المعارضة، وتحديداً "حزب الله"، تتعاطى بالأسلوب نفسه من الاستهتار واللامبالاة مع الداخل اللبناني والمجتمع الدولي والعربي، لأنها رهنت طرح ملاحظاتها على المحكمة الدولية بمكسب سياسي داخلي هو الحصول على "الثلث المعطّل" في الحكومة، وهذا أقصى الابتزاز السياسي وغير مقبول لبنانياً ولا عربياً ولا دولياً"، لافتاً الى انه "اذا أُقرّت المحكمة تحت البند السابع فسيكون ذلك نتيجة هذه الممارسة غير المسؤولة من المعارضة"، ومشيراً الى ان الأكثرية "ستبقى تعتقد حتى لحظة إقرار المحكمة في مجلس الأمن ان المكان الأفضل لإقرارها هو في لبنان، وفي مجلس النواب، وتالياً ليُفتح البرلمان وليستعِد دوره كمنتدى للحوار وسلطة تشريعية ولتُقر المحكمة فيه، وعندها نستغني عن الفصل السابع".
وقال في حديث الى "الراي" ان "الكثير من القرارات مثل التحقيق الدولي والمحكمة تم اتخاذها تحت البند السابع، وتحديداً القرارين 1636 و1644، ولا أرى في ذلك اي تعد على السيادة ولا أي مخاطر"، لافتاً الى "ان تهديد أفرقاء لبنانيين بالحرب الأهلية اذا أقرت المحكمة بالفصل السابع هو نوع من التهويل لمحاولة عرقلة المحكمة ويرتبط بتوجهات سياسية لدى أطراف لبنانيين واقليميين"، ومعرباً عن اعتقاده ان الفصل السابع "لن يؤدي الى اي مشكلة في الداخل اللبناني".
واذ استبعد وقوع حرب أهلية "لأن مثل هذه الحرب خسارة للجميع، كما انها تحتاج الى مناخ اقليمي ودولي يسمح بذلك وهذا غير متوافر الآن"، قال: "لكن السياسة الايرانية وكذلك السورية اللتين تسعيان لاستعمال لبنان كدرع على الصعيد الاقليمي، سواء في مواجهة اميركا او لتغطية المفاوضات مع اسرائيل، قد تعرض لبنان لحرب وتحوّله مجدداً ساحة كما حصل في الصيف الماضي". ولفت الى ان سورية "قد تحاول اشعال حرب في المنطقة يكون لبنان ساحتها لتبرر عقد اتفاق سلام في ما بعد نتيجة المفاوضات التي تجريها الآن مع اسرائيل عبر مفاوضها ابرهيم سليمان الذي يعلم الجميع انه على علاقة باسرائيل وصداقته قديمة مع آل الأسد".
ورداً على سؤال اعلن ان ممانعة المعارضة تسهيل اقرار المحكمة في مجلس النواب يشكل "ملاقاة للموقف السوري" وقال: "لكن هذا يحمّل المعارضة مسؤولية اضافية لان هذا يعني انه بالنسبة للمعارضة فان مصالح النظام السوري تتقدم على المصالح اللبنانية وعلى الوفاق الوطني اللبناني، وهذه مسألة خطيرة جداً".
وفي ملف رئاسة الجمهورية، شدد فتفت على "ان الاستحقاق الرئاسي سيأتي لا محال، وفي 24 نوفمبر سيكون لدينا رئيس جديد، والفراغ الدستوري مرفوض فلا اللبنانيين ولا غير اللبنانيين يمكن ان يقبلوا بفراغ في الرئاسة الأولى".
وقال رداً على سؤال "ان التوافق المسبق على رئيس الجمهورية يعني انه لا تعود هناك انتخابات، ونصبح امام تعيين لرئيس الجمهورية، وهو نوع من حل وسط، ودائماً في السياسية الحلول الوسط هي التي لا لون ولا طعم لها ولن تؤدي الى اي خير للبلد. أما اذا كان الأمر يعني تفاهماً على برامج فيصبح الموضوع مختلفاً ونحن مستعدون للتفاهم على برامج".
اضاف: "أما في موضوع النصاب، فانا أفضل شخصياً ان يجتمع البرلمان بكامل اعضائه لينتخب رئيساً جديداً، ولكن الضرورات تبيح المحظورات، لانه اذا ارتأى فريق انه بتعطيل الانتخابات يعطل الحياة السياسية في لبنان فهذا امر مرفوض، وعندها يمكن ان يحصل توافق سياسي، وهنا سيكون للمرجعيات السياسية والدينية المسيحية دور أساسي في تغطية انتخابات هي دستورية بمفهومنا ولكن تتمع بأقل من الثلثين في مجلس النواب".
وعن وصف "كتلة المستقبل" سلاح "حزب الله" بانه غير شرعي قال: "ان هذا الكلام دستوري، ونحن ننطلق مما جاء في "اتفاق الطائف" والدستور الذي يعتبر ان مسألة السلاح هي حق حصري بيد السلطة الشرعية اللبنانية، واي سلاح خارج الدولة هو غير شرعي بالمنطق القانوني والدستوري. فالموقف ليس انفعالياً على الاطلاق ولذلك قلنا بضرورة بحث مسألة السلاح على طاولة الحوار مثل اي بند آخر. أما الانفعالي والغريب فهو ما سمعناه من ردود وتعليقات، فبدل ان نسمع حججاً سياسية سمعنا مجدداً اتهامات بالتخوين والعمالة وما شابه، وذهب البعض الآخر الى القول، في احدى الصحف العربية قبل أيام، ان هناك فريقاً واحداً في لبنان يمثل كل اللبنانيين وان على الفريق الآخر ان يركب السفن ويغادر لبنان. وهذا تفكير غريب نسمعه من أحد أبرز قياديي "حزب الله" (المعاون السياسي للأمين العام للحزب الحاج حسين خليل). انه اشبه بما طرحته الحركة الصهيونية والحركة النازية. ان هذا التفكير الشمولي والالغائي للآخر يبدأ مع الأسف بالتجذر لدى بعض الأطراف في "حزب الله" وأتمنى ان لا يكون معمماً". اضاف: "لم يعد هناك منطق سياسي بل تخويني، وأعتبر ان هذا يشبه المنطق الديني التكفيري".
ورداً على سؤال قال: "انا لم أتناول السيد نصر الله شخصياً وكلامي عن "تسبيحه" بالرئيس السوري بشار الأسد يعود لقوله "لبيك بشار الأسد" في 8 مارس 2005 في ساحة رياض الصلح اي بعد ثلاثة أسابيع على اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري".
وفي ما يأتي نص الحديث كاملاً:
bull; لم ينجح نيكولا ميشال في الحصول على ملاحظات المعارضة ولا في ضمان إقرار المحكمة الدولية عبر المؤسسات الدستورية اللبنانية، ما يعزز الاعتقاد انها ستقر في مجلس الأمن مباشرة وتحت الفصل السابع... هل انعدمت نهائياً الوسائل للتوافق حولها في بيروت؟
من الواضح ان المعارضة، وتحديداً "حزب الله"، تتعاطى بالأسلوب نفسه من الاستهتار واللامبالاة مع الداخل اللبناني والمجتمع الدولي والعربي، لانها رهنت ملاحظاتها على المحكمة بالحصول على مكسب سياسي داخلي. وتالياً هم الذين سيّسوا موضوع المحكمة ووضعوه في دائرة الابتزاز، على قاعدة اذا اعطيتمونا مكسباً سياسياً وهو "الثلث المعطل" سنبدأ بمناقشة الملاحظات. كما أرادوا استعمال هذه الحجة مع المجتمع العربي ثم الدولي الذي لن يخضع لهذا الابتزاز. واذا أُقرت المحكمة تحت البند السابع فسيكون ذلك نتيجة هذه الممارسة غير المسؤولة من المعارضة. ولكننا سنبقى نعتقد حتى لحظة إقرار المحكمة في مجلس الأمن ان المكان الأفضل لإقرارها هو في لبنان، وفي مجلس النواب. فليُفتح البرلمان وليستعد دوره كمنتدى للحوار وسلطة تشريعية ولتُقر المحكمة فيه، وعندها نستغني عن الفصل السابع.
bull; هل ان ممانعة المعارضة في تسهيل اقرار المحكمة في بيروت واستمرار اقفال البرلمان هو للضغط في اتجاه التوصل الى صفقة سياسية كاملة ام لملاقاة سورية "غير المعنية" أم نتيجة هواجس فعلية من تسييس المحكمة وجعلها اداة وصاية على لبنان؟
هناك ثلاثة أجزاء في السؤال. هناك بطبيعة الحال ملاقاة للموقف السوري ولكن هذا يحمّل المعارضة مسؤولية اضافية لان هذا يعني انه بالنسبة للمعارضة تتقدّم مصالح النظام السوري، وليس مصالح سورية، على المصالح اللبنانية وعلى الوفاق الوطني اللبناني، وهذه مسألة خطيرة جداً، وعليهم ان يقدموا الاجابة. ثانياً، صحيح ان لديهم هواجس وهذا طبيعي ونحن نتفهمها، ولكن ليطرحوها علينا ولنناقشها في البرلمان ولنبتّها لبنانياً ونزيل هذه الهواجس. ولكنهم لا يطرحون أي شيء، ويقولون ان لديهم ملاحظات ولا يعطونها لأحد. هذا هو الابتزاز بعينه، ولذلك انا أحكم على ما أسمعه. نسمع منهم كلاماً يقول نطرح هذه الملاحظات في مجلس وزراء وفي حكومة يكون لهم فيها "الثلث المعطل"، وهذا أقصى الابتزاز السياسي وغير مقبول لبنانياً ولا عربياً ولا دولياً.
bull; ألم يكن من الممكن، ومن موقع الشراكة التسليم بمطلب المعارضة تشكيل حكومة وحدة على أساس صيغة 19 - 11 في مقابل الاتفاق على المحكمة و"لبْننة" آليات اقرارها؟
الموضوع أبعد من ذلك بكثير، هم لم يطرحوا ابداً "حكومة وحدة وطنية" ولا في اي لحظة. لقد سمّوها كذلك ولكنها لم تكن صيغة حكومة "وحدة وطنية"، اذ طرحوا "حكومة التعطيل الوطني" أي الحصول على الثلث المعطل، اي حق الفيتو على قرارات الحكومة واجتماعاتها وحتى جدول اعمالها. وهذا خرق فاضح للدستور، وكل هذا ليس في مقابل المحكمة بل في مقابل البدء بمناقشة موضوع المحكمة اي القبول بطرح ملاحظاتهم. ونحن نرفض هذه المقايضة او "المقاصة" السياسية.
اما مفهوم حكومة الوحدة الوطنية، فهو يرتكز على برنامج. وفي كل بلدان العالم، عندما تكون هناك أزمة سياسية حادة على ما هو حاصل في لبنان، فان حكومة الوحدة الوطنية ترتكز على برنامج وليس على العدد. وهم طرحوا فقط الاعداد وأغفلوا برنامج الوحدة الوطنية، واذا كانوا يريدون مناقشة مثل هذا البرنامج، فنحن على اتم الاستعداد، وهذا ما طرحه رئيس الحكومة فؤاد السنيورة وما طرحته شخصيا أكثر من مرة. وحين يتمّ التوافق على برنامج وحدة وطنية لا تعود هناك أهمية للعدد، ويمكن ان تقوم الحكومة على تركيبة 17 13- وليس 19 11-. وفي برنامج الوحدة الوطنية تُطرح جميع الاشكالات والهواجس، بدءاً بتحديد الحدود مع سورية واحترامها، واعتراف سورية بلبنان واقامة علاقات ديبلوماسية معها، وصولاً الى العلاقات مع الفلسطينيين وسحب السلاح خارج المخيمات وتنظيمه داخلها والحقوق الاجتماعية للشعب الفلسطيني ورفض التوطين الذي يجمع عليه كل اللبنانيين.
وعلى الصعيد الداخلي، موضوع رئاسة الجمهورية، وقضية سلاح المقاومة والخطة الاستراتيجية الدفاعية وموضوع قانون الانتخاب والانتخابات، وايضا المشروع الاقتصادي للحكومة بعد "مؤتمر باريس - 3". اي نطرح كل شيء في سلة واحدة على طاولة البحث ويتخذ كل طرف موقفا منها، وننتج مشروعا نتفق عليه اسمه مشروع حكومة وحدة الوطنية الذي تتشكل على أساسه حكومة الوحدة الوطنية. اما حكومة من دون برنامج وفقط للحصول على "الثلث المعطل" لتعطيل عمل الحكومة فهذا مرفوض رفضاً باتاً، ليس فقط بالمنطق السياسي بل ايضاً بالمنطق الدستوري لانه يغيّب أساس التعاطي السياسي في لبنان، وسيخلق سابقة خطيرة جداً ولن نسمح لأي طرف ان يكون له حق تعطيل عمل الحكومة.
bull; ولكن "حزب الله" يعتبر ربما ان البيان الوزاري للحكومة الحالية يبقى هو الاساس، ولذلك هم يطرحون توسيع او تعديل الحكومة الحالية لانهم متخوفون من انكم ستطرحون مسألة سلاحه على بساط البحث...
بالتأكيد من حقنا ان نطرح كل المسائل في برنامج حكومة وحدة وطنية للبحث، أما بيان الحكومة الحالي فقد نشأ في ظل توافق سياسي معين وفي ظروف سياسية معينة، ونشأ قبل حرب يوليو الاخيرة، وقبل احتلال بيروت ومحاولة اسقاط الحكومة بالقوة ومحاولة تطويق السرايا الحكومية، وقبل احتلال الاملاك العامة والخاصة وقبل تعطيل الاقتصاد. هناك تغييرات كثيرة في الساحة السياسية ستطرح بالتأكيد. هم يقولون ان هناك تطورات سياسية تحتم منطقاً سياسياً جديداً وتعاطياً جديداً مع الشعب اللبناني، وهذا صحيح بمعنى انه يحتم بياناً وزارياً جديداً واتفاقاً سياسياً جديداً ووحدة وطنية جديدة.
bull; رغم ان التحفظ الروسي لن يصل على ما يبدو الى حد استخدام الفيتو في مجلس الأمن فان الكسندر سلطانوف كان واضحاً في تحذيره من تداعيات اقرار المحكمة في مجلس الأمن على الاستقرار... ألم تقنعكم المخاوف الروسية؟
هناك شيء مستغرب في هذا الجانب، كثير من اللبنانيين لا يدرك ان لبنان هو حالياً تحت البند السابع، فكثير من القرارات مثل مسألة التحقيق الدولي والمحكمة تم اتخاذها تحت البند السابع، وتحديداً القرارين 1636 و1644، ولا أرى في ذلك اي تعد على السيادة ولا أي مخاطر. وما يحصل ان هناك أفرقاء لبنانيين يهددون بحرب أهلية اذا أُقر الأمر تحت الفصل السابع، وهذا مرتبط بتوجهات سياسية لدى أطراف لبنانيين واقليميين وليس منطلقاً من مبدأ اقرار المحكمة تحت البند السابع، ولكن هذا البند لن يؤدي الى اي مشكلة في الداخل.
bull; هناك رئيس الجمهورية اميل لحود وكذلك "حزب الله" يحذران من ان اقرار المحكمة تحت البند السابع سيؤدي الى حرب أهلية، هل انتم متخوفون من ان يذهب البلد الى حرب أهلية؟
لا اعتقد ان البلد سيغوص مجدداً في حرب داخلية لأسباب عدة، أولا لأنها خسارة للجميع. والحرب الأهلية تحتاج الى مناخ اقليمي ودولي يسمح بذلك وهذا غير وارد الآن، لكن هذا لا يعني انه لن يُسمح بحرب قد تقع ولكن ليست حرباً أهلية، كما ان الشارع اللبناني بمجمله لا أعتقد انه مستعد الى اعادة التجربة بعد الخسائر التي أصابت الجميع. ولكن السياسية الايرانية وكذلك السورية اللتين تسعيان لاستعمال لبنان كدرع على الصعيد الاقليمي، سواء في مواجهة اميركا او لتغطية المفاوضات مع اسرائيل، قد تعرض لبنان لحرب وتجعله ساحة كما حصل في الصيف الماضي.
bull; ولكن أجواء التخويف ربما تمهّد الطريق للمعركة على الاستحقاق الرئاسي...
بالتأكيد أهمية الاستحقاق الرئاسي في لبنان قد تؤدي الى تصعيد، ولكنني أرى ان هذا التصعيد هو نوع من التهويل لمحاولة عرقلة المحكمة وغير مرتبط بالاستحقاق الرئاسي الذي سيأتي لا محال، ففي 24 نوفمبر سيكون لدينا رئيس جديد والفراغ الدستوري مرفوض فلا اللبنانيين ولا غير اللبنانيين يمكن ان يقبلوا بفراغ في الرئاسة الأولى...
bull; ولكنهم يقولون انهم يريدون توافقاً مسبقاً ونصاب الثلثين والا هذا حقهم الديموقراطي في تعطيل...
التوافق المسبق يعني انه لا يعد هناك انتخابات بكل صراحة، ويصبح هذا تعيين لرئيس الجمهورية، وهو نوع من حل وسط. ودائماً في السياسية الحلول الوسط هي التي لا لون ولا طعم لها ولن تؤدي الى اي خير للبلد. أما اذا كان تفاهماً على برامج فيصبح الموضوع مختلفاً ونحن مستعدون للتفاهم على برامج. أما موضوع الثلثين فانا أفضل ان يجتمع المجلس بكامل اعضائه لينتخب رئيساً جديداً، وهذا رأيي الشخصي. ولكن الضرورات تبيح المحظورات، لانه اذا ارتأى فريق انه بالثلث زائد واحد يعطل الحياة السياسية في لبنان فهذا امر مرفوض، وعندها يمكن ان يحصل توافق سياسي وهنا سيكون للمرجعيات السياسية والدينية المسيحية دور أساسي في تغطية انتخابات بمفهومنا دستورية ولكن تتمع بأقل من الثلثين في مجلس النواب.
bull; يعني هذا ان بكركي من باب حرصها على الا يحصل فراغ دستوري وان يتم انتخاب رئيس جديد مستعدة لتغطية انتخابات بأكثرية النصف زائد واحد؟
لم اقل ذلك، قلت في حال قام فريق بتعطيل موضوع الثلثين، على بكركي وسائر المرجعيات السياسية والدينية المسيحية ان تبادر الى ايجاد الحل الأمثل لاستمرار الحياة السياسية الطبيعية في المؤسسات اللبنانية. ورغم أهمية موقع رئيس الجمهورية كحامٍ للدستور وكقائد أعلى وغير ذلك الا انه يبقى الممثل الأول للطوائف المسيحية في اللعبة السياسية اللبنانية. من هنا يجب مراعاة هذه الخصوصية، والبدائل خطيرة جداً، فموضوع الحكومتين غير دستوري ولا يمكن ان يحصل الا بانقلاب. ومن جهة أخرى، تسلم الحكومة وهذه الحكومة بالذات لسلطة الرئاسة لا اعتقد انها شيء ايجابي للحياة السياسية، وبالتالي الحل هو بانتخاب رئيس جديد، ويمكن ان يكون ضمن سلة تفاهم على برنامج الوحدة الوطنية.
bull; واذا لم يحصل توافق هل تمشون بمرشح من "فريق 14 مارس"؟
اعتقد ان هذه سابق لأوانه...
bull; او بكل الحالات ستحصل الانتخابات وبالنصف زائد واحد اذا تعذر التوافق؟
اذا تعذرت الديموقراطية في الشكل فان الضرورات كما قلت تبيح المحظورات، ولكن هذه الضرورات تحتاج الى غطاء سياسي كبير جداً خصوصا من الناحية المسيحية.
bull; الم يكن انفعالاً وصف "كتلة المستقبل" سلاح "حزب الله" في هذه اللحظة انه "غير شرعي"، ولماذا ذهبتم الى هذا الحد؟
ان هذا الكلام دستوري، نحن ننطلق مما جاء في "اتفاق الطائف" والدستور الذي يعتبر ان مسألة السلاح هي حق حصري بيد السلطة الشرعية اللبنانية، واي سلاح خارج الدولة هو غير شرعي بالمنطق القانوني والدستوري. فالموقف ليس انفعالياً على الاطلاق ولذلك قلنا بضرورة بحث مسألة السلاح على طاولة الحوار مثل اي بند آخر. أما الانفعالي والغريب فهو ما سمعناه من ردود وتعليقات، فبدل ان نسمع حججاً سياسية سمعنا مجدداً اتهامات بالتخوين والعمالة وما شابه. انه كلام يشبه ما تعوّدنا على سماعه في الخمسينات والستينات من بعض الأنظمة العربية، وذهب البعض الآخر الى القول، في احدى الصحف العربية قبل أيام، ان هناك فريقاً واحداً في لبنان يمثل كل اللبنانيين وان على الفريق الآخر ان يركب السفن ويغادر لبنان. هذا تفكير غريب نسمعه من أحد أبرز قياديي "حزب الله"، أنه اشبه بما طرحته الحركة الصهيونية والحركة النازية. ان هذا التفكير الشمولي والالغائي للآخر يبدأ مع الأسف يتجذر لدى بعض الأطراف في "حزب الله" وأتمنى ان لا يكون معمماً.
bull; رد "حزب الله" على موقفكم وصل الى حد اتهامكم بالتماهي مع اسرائيل... هل انكسرت الجرة نهائياً مع "حزب الله"؟
كما قلتُ، لم يعد هناك من منطق سياسي بل تخويني، وأعتبر ان هذه يشبه المنطق الديني، التكفيري. ففي الدين الاسلامي لا يحق للمسلم تكفير المسلم والا يصبح هو كافراً، واعتقد ان كل من يخوّن اي لبناني بتهمة التعامل مع اسرائيل من دون ان يكون لديه اثباتات تسمح بمحاكمته هو يعمل لمصلحة اسرائيل ولا أقول انه عميل لاسرائيل.
bull; البيان الرئاسي الأخير لمجلس الأمن أوصى بإرسال لجنة تحقق مستقلة لتقويم مراقبة الحدود اللبنانية الاسرائيلية في ضوء معلومات عن تهريب السلاح، ما حقيقة الوضع على تلك الحدود انطلاقاً من تجربتك كوزير داخلية بالوكالة سابقاً؟
رافقتُ بداية الملف، ولكنه في عهدة الجيش اللبناني لان وزارة الداخلية تهتم فقط بالحدود الشرعية التي تمتد على طول الحدود، وكان هناك أكثر من مئتين وثمانين معبراً. الجيش اللبناني قام بجهد جبار على الحدود ووضع نحو ثمانية آلاف جندي ولكن هذا لا يكفي، لأن المطلوب توافر امكانات تقنية وتعاون من الجهة السورية ومراقبة أكثر دقة. حتى الآن ليس هناك اي دليل لدى الجيش اللبناني كما أكدت قيادته، ولكن هذا لا يعني ان ليس هناك سلاح يمرّ. والمشكلة بدأت عندما صرحت بعض القيادات الحزبية ومنها الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصرالله ان الحزب قد استعاد تسليحه بالكامل واستعاد وطوّر مخزونه من الصواريخ. فاذا كان المطار مقفلاً في حينه والحصار البحري قائماً فمن اين تم ادخال هذا السلاح اذا اذا لم يكن عبر الحدود البرية اللبنانية؟ ان السيد نصرالله هو الذي اعترف عملياً بان هناك خرقاً للقرار 1701، وهذا ما أثار حفيظة كثيرين من المسؤولين الدوليين ومنهم الأمين العام للامم المتحدة بان كي مون عندما حضر الى بيروت. ومن هنا بدأ مجلس الأمن يناقش المسألة. والمهم في القرار انه بيان رئاسي، والبيان الرئاسي يتم التصويت عليه بالاجماع اي بمن فيهم دولة قطر المعروفة بعلاقاتها المميزة مع "حزب الله"، وهذا يعني ان الاضطراب بدأ يدخل في اذهان الجميع.
bull; انت من أكثر الذين تجرأوا على تناول السيد نصرالله شخصياً عبر وصفك له قبل فترة بـ "نيرون"، وقولك بالأمس انه "يسبّح" بالرئيس السوري بشار الأسد... ألا تعتقد ان في ذلك كثيراً من الحدة في السجال السياسي؟
لم أتناول أحداً، وأرفض كلمة تناوُل. كلامي سياسي، وأرجو ان تعود الى خطاب السيد حسن في 8 مارس 2005، اي بعد اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري بثلاثة أسابيع، يوم وقف في ساحة رياض الصلح صارخا "لبيك يا بشار الأسد". أنا اذاً لم اتناول السيد حسن بل قمت بالرد السياسي بنفس المستوى الذي تناولني به هو شخصياً وفريقه السياسي، وهو الذي قال في احدى خطاباته "لا تقولوا للدرك اتنين شاي بل قولوا للمسؤول (أي أنا عندما كنت وزيراً للداخلية بالوكالة)". فاذا انحدروا هم الى هذا المستوى فليسمح لي ان أردّ على نفس المستوى. وهذا امر مؤسف، فانا كنت أكنّ الكثير من الود والاحترام للسيد حسن وكنت أربأ به ان ينحدر الى هذا المستوى من الخطاب السياسي.
bull; لننتقل الى ملف آخر، ما حقيقة ما يتوالى من أخبار عن اكتشاف أشخاص ومجموعات في الشمال يقال انها على صلة بتنظيم "القاعدة" وهل صحيح ان موقوفي جريمة عين علق كانوا يخططون لتنفيذ عمليات إرهابية داخل سورية؟
هذا الموضوع في يد القضاء ولا معلومات لدي عنه ولا عن مجريات التحقيق لانه سري. ولكن الجميع يعرفون ان موقوفي عين علق هم سوريو الجنسية، وتدربوا في سورية وانطلقوا من سورية للتوجه الى نهر البارد. وأي محاولة للتشويه او ايراد معلومات يعني ان الصحافة على اطلاع فمن يطلع هؤلاء الصحافيين على مجريات التحقيق؟ هذا يعني ان هناك اطرافاً في التحقيق تمرر الى الخارج وهذا يحملها مسؤولية كبيرة. اما اطلاق التهم جزافاً... نعم هناك ناس ربما كانوا يحضرون عمليات ترتبط بـ "القاعدة" او شبيهة بـ "القاعدة"، أما موضوع "فتح الاسلام" فهو موضوع مختلف كلياً ولا علاقه له لا بـ "القاعدة" ولا بالصراع العربي الاسرائيلي. "فتح الاسلام" تنظيم استعمل كغطاء من جهاز مخابرات سوري من أجل فرض أمور أمنية على الداخل اللبناني، وهذا أمر واضح جداً. وهل هناك أمور أخرى مع مجموعات أخرى؟ هذا رهن للتحقيق وانا احترم سرية التحقيق وأحترم جداً القضاء ولا أتدخل فيه ولا أعلّق على الموضوع وأنتظر نتائج التحقيق.
bull; قبل أيام كان لزميلك في الكتلة النائب سمير الجسر ملاحظات على الاعتقالات في الشمال في صفوف هذه المجموعات وما حصل من سوق الى وزارة الدفاع، فهل من جهاز يعمل بشكل مواز؟
نحن ننسى ان الجسر كان وزيراً للعدل وهو أيضاً محام، وهو يناقش الأمور من زاوية بحت دستورية وقضائية. في الدستور دور مخابرات الجيش هو في الأمن العسكري وليس في الأمن السياسي، وهذه نقطة مهمة جداً ومرتبطة بـ "اتفاق الطائف" والدستور، ومخابرات الجيش ليست ضابطة عدلية.
bull; قبل أيام اعتبر المسؤول في "التيار الوطني الحر" جبران باسيل انك ما زلت وزيراً للداخلية وحمّلك مسؤولية اي اغتيال يمكن ان يحصل لانك أعلنت قبل فترة ان هناك اغتيالات جديدة ستحصل. هل انت "وزير داخلية ظل"؟
على باسيل ان يعيد تعلّم القراءة، فقلت في شكل واضح انني تلقيت من الأجهزة الأمنية تحذيرات بضرورة اتخاذ اجراءات أمنية اضافية لأن هناك اغتيالات قد تحدث ضد وزراء، وخصوصاً اننا كنا في فترة مؤتمر القمة العربية الأخير. هذا كلام دقيق، أنا ومجموعة وزراء تلقينا هذه التحذيرات وسبق وان شرحت هذا الأمر في وسائل الاعلام.
bull; اذا حدث ما بات شبه مؤكد وتم اقرار المحكمة في مجلس الأمن تحت الفصل السابع، هل هناك مخاطر فعلية من "حرب يوليو جديدة" على جبهة البقاع؟ هناك معلومات عن تحصينات وخنادق وتجهيزات في البقاع الغربي شبيهة بما كانت عليه استعدادات "حزب الله" في الجنوب؟
ليست لدي معلومات في هذا المجال، هناك معلومات في الصحف ان الحزب يحضّر، ربما لديه معلومات، والشيخ نعيم قاسم هو الذي حذر من حرب. وبالمناسبة اذا رجعنا الى منطق جبران باسيل فان قاسم سيكون مسؤولاً عن اي حرب تقع. ولكن هذا خطر محتمل لان لبنان قد يكون فعلاً مسرحاً لحرب. لماذا؟ لسببين: الاول ايراني والثاني سوري، والاثنان مرتبطان باسرائيل. السبب الايراني سمعنا السيّد علي خامئني يقول انه يريد ان يهزم اميركا في لبنان، وسمعنا الشيخ قاسم يقول ان حصلت حرب على ايران لن يبقى حجر على حجر في المنطقة، ولبنان سيكون بطبيعة الحال مسرحاً لذلك. وسمعنا كلاماً قريباً منه جاء على لسان السيد نصرالله نفسه في خطابه الأخير. أما بالنسبة لسورية، فمن تجربة 1973 قد تحاول سورية اشعال حرب في المنطقة نتيجة المفاوضات التي تجريها الآن مع اسرائيل عبر مفاوضها ابراهيم سليمان ويكون بالتأكيد لبنان مسرحا لها...
bull; ولكن سورية نفت ان يكون سليمان مكلفاً منها...
لقد تأخروا في نفي ذلك، تأخروا اياماً عدة وكنت اتمنى لو نفوا ذلك وهو في الكنيست يلتقي ويفاوض. والكل يعرف ان سليمان على علاقة باسرائيل وصداقته قديمة مع آل الأسد. سورية يمكن ان تسعى اذاً الى حرب يكون لبنان ساحتها لتبرر عقد اتفاق سلام في ما بعد...
bull; في لبنان ام في الجولان؟
لقد اعتدنا على الصمت الرهيب في الجولان، لم تطلق طلقة هناك منذ 1973 وحتى اليوم والوضع هادىء جداً وهناك أكثر من اتفاق هدنة بين سورية واسرائيل فالساحة الأمثل هي لبنان وقد تقوم سورية باستعمال بعض اسلحتها وربما تضرب اسرائيل في الداخل سورية. ونحن نعرف ان هذا اسلوب تستعمله بعض الانظمة لتقوية شعبيتها وتؤمن لها الاستمرارية وتمكنها من عقد سلام مع اسرائيل في مرحلة لاحقة.
bull; في ظل هذه الصورة التي تتشكل يبدو واضحاً ان معركة "حزب الله" وحلفائه تتخذ أكثر فأكثر طابع الصراع على السلطة وليس اي شيء آخر، فهل نتجه الى اعادة خلط اوراق التركيبة اللبنانية ومحاولة فرض "طائف جديد" يقوم على أساس "المثالثة في السلطة" (اي بين السنة والشيعة والمسيحيين). ما رأيك؟
موضوع "المثالثة" سبق ان طُرح في اوساط "حزب الله" وفي تصريح أخير للمعاون السياسي للسيد نصرالله الحاج حسين خليل تكلم عن ثلاث حكومات وثلاثة رؤساء... ويبدو ان هذا الطرح جدي لدى البعض في "حزب الله" وهو مفهوم خطير جداً على التركيبة اللبنانية. وأي كلام عن "المثالثة" يعني القبول بإلغاء الدور الأساسي لمسيحيي لبنان، وهذه رسالة لبنان الحقيقية من الوجود الثقافي الى صلة لبنان بالعالم الغربي التي مثلها المسيحيون على مدى عقود. وأي محاولة لطرح "المثالثة" تعني ليس فقط الغاء "الطائف" وانما الدستور من أساسه واعادة تركيب لبنان على أسس مختلفة، وكلام السيد نصرالله عن الاستفتاء سمعناه سابقاً حول العددية وهذا كلام خطير في لبنان. لا أحد يملك العدد في لبنان وهذا وهم، ومن هذا المنطلق هو مرفوض، طبعاً هناك ثغر وشوائب في "الطائف"، وفي تطبيقه شوائب أكبر وانما يبقى "الطائف" هو المنطلق الأساسي لأي توافق في لبنان. واي حلول مختلفة ليست فقط تفجيرية بل إلغائية.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف