برودي: حان الوقت لدراسة ترتيبات التعاون مع الحكومة الفلسطينية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
رئيس وزراء إيطاليا يكشف عن استحقاقات عربية وإسلامية مقبلة تلعب روما دوراً بارزاً فيها
سعيد بالمبادرات الدبلوماسية السعودية وراضٍ عن النتائج المحققة حتى الآن
رعيت المحاولة الأولى للوصول إلى طريقة مختلفة في العلاقات مع سورية في الاتحاد الأوروبي
محمد الحميدي
يحمل رئيس الوزراء الإيطالي، رومانو برودي، خمسة ملفات معه الى السعودية لبحثها مع القيادة السعودية في زيارة الى الرياض تبدأ اليوم. وأكد برودي أنه بجانب الأوضاع في فلسطين ولبنان والعراق وإيران ودرافور والصومال، ستكون إشكالية الصراعات الطائفية أهم النقاط التي سيتم بحثها مع خادم الحرمين الشريفين.
وأفصح رئيس وزراء إيطاليا في حوار خص به "الشرق الأوسط" عبر أسئلة وإجابات مكتوبة أن الشهور المقبلة ستشهد استحقاقات دولية متعددة ستلعب فيها إيطاليا دورا بارزا، من أهمها زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى روما يومي 23 و 25 أبريل (نيسان) الجاري، برفقة وزير الخارجية الجديد زياد أبو عمرو لدراسة الترتيبات للتعاون مع الحكومة الفلسطينية الجديدة، مبديا في الوقت ذاته ضرورة دور الدول الأوروبية لمحاولة إقناع "حماس" باتخاذ خطوة إضافية للاعتراف بحق دولة إسرائيل في الوجود. وفي الشأن العراقي، ألقى برودي مسؤولية الخروج بعراق جديد من دون صراع، على اللاعبين في المنطقة، إذ لفت إلى أن الدول المجاورة يمكنها أن تحقق الاستقرار للعراق لما تشكله من جزء مهم في هندسة أمن المنطقة، متوقعاً أن يخرج الاجتماع الذي سيعقد في شرم الشيخ بمصر يومي 3و4 مايو (آذار) المقبل بنتيجة عملية واقية ومثمر بقدر المستطاع. وفي ما يلي نص الحوار:
* ما هي الخطوط العريضة لأهداف زيارتكم الحالية إلى السعودية؟
ـ أتيت للرياض بدعوة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز لمناقشة القضايا الرئيسية في الأجندة الدولية إضافة على تقوية العلاقات الممتازة القائمة بين السعودية وإيطاليا.
* ما هي القضايا الرئيسية التي ستتناولها عند لقائكم خادم الحرمين الشريفين خلال هذه الزيارة؟
ـ خلال لقائي بخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز، أنوي مناقشة القضايا السياسة الدولية الجارية، وعلى وجه التحديد الوضع في الأراضي الفلسطينية والتطورات السياسية في لبنان والموقف الدراماتيكي في العراق والعلاقات المعقدة مع إيران والإطار الأمني في منطقة الخليج، مع عدم تجاهل المستجدات التي تثير القلق في منطقتين أفريقيتين ذاتي أهمية خاصة: دارفور والصومال.
أعتزم مناقشة جلالته بشأن يقلقني كثيراً، وهو تنامي الصراعات الطائفية في المنطقة، وعلى وجه الخصوص بين السنة والشيعة المسلمين، التي أطلقها الوضع في العراق والتي تنبئ بخلق المزيد من عدم الاستقرار في منطقة عاشت توتر شديد منذ وقت طويل.
كما لا بد بالطبع أن نتحدث عن العلاقات الثنائية بين بلدينا وهي علاقات ممتازة على كافة الأصعدة، والنظر في كيفية تطويرها إلى الأمام.
* زيارتكم إلى الرياض تأتي عقب انعقاد قمة عربية ناجحة وتحقُق نجاحات دبلوماسية سعودية على صعيد القضية الفلسطينية وهي النتيجة الأهم التي آلت إليها مباحثات أجندة القمة العربية، كيف تقيمون إمكانية نجاح المبادرة العربية للسلام؟
ـ نتائج القمة العربية التي انعقدت في الرياض مهمة جدا، وتشكل إطاراً مثالياً لتعزيز مبادرة الملك عبد الله والتي، مع اتفاقية مكة الموقعة بين الأطراف الفلسطينية، تقدم مساهمة ثمينة لتحقيق الاستقرار والوضوح في الميدان الفلسطيني. إنني سعيد بالمبادرات الدبلوماسية السعودية، وراضٍ عن النتائج المحققة حتى الآن. وسأبلغ الملك عبد الله تقديري لجهوده، وأشجعه لمواصلة الطريق في هذا المجال.
اتفاقية مكة عالجت الانشقاق في إطار السياسة الفلسطينية والذي يعد شرطاً جوهرياً لنجاح عملية السلام مع إسرائيل، وأوقفت التهديد الكارثي بنشوب حرب أهلية. التأكيد على مبادرة بيروت (في القمة العربية عام 2002) أتاح فرصة مهمة جداً، وأنا على يقين أن ذلك يجب أن يكون نقطة بداية لحل الصراع العربي ـ الإسرائيلي بشكل نهائي. وأثق أن هذه الفرصة ستستغل وأن الأطراف ستكون قادرة، أخيرا، على الجلوس إلى طاولة للمفاوضات بدون شروط مسبقة. وأقدر استعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي (إيهود) أولمرت للدخول في حوار مع جامعة الدول العربية.
* هل كان لحكومتكم أي اتصال مباشر مع حكومة الوحدة الفلسطينيــــة الجديدة؟ ألا تتصورون أن الوقت حان للعمل مع الحكومة المنتخبة للدفع باتجاه إحلال السلام في المنطقة؟
ـ سيقوم الرئيس الفلسطيني محمود عباس بزيارة إلى روما بين يومي 23 و 25 ابريل (نيسان) الجاري، برفقة وزير الخارجية الجديد زياد أبو عمرو. وأعتقد أن الوقت قد حان لدراسة الترتيبات للتعاون مع الحكومة الفلسطينية الجديدة، والنقطة الأهم بدء جعل الفلسطينيين قادرين على رؤية أفق سياسي واضح أمامهم، والذي من دونه ستبقى احتمالات إرساء السلام في المنطقة ضئيلةً دوماً. ولا يوجد لدى ايطاليا أي اعتراض على الاتصال بأعضاء الحكومة الفلسطينية الذين يعترفون بالمبادئ الثلاثة للّجنة الرباعية الدولية التي باتت معروفة. ولدى ايطاليا والاتحاد الأوروبي ـ بالأخذ في الاعتبار الأهمية الخاصة لهما لاستقرار المنطقة ـ كل مصلحة في تشجيع تطورات سياسية تدريجية تجعل من الممكن بناء المزيد من الدعم لهذه المبادئ الثلاثة. وأؤمن بأن الدور المثالي لأوروبا يجب أن يكون محاولة إقناع "حماس" باتخاذ الخطوة الإضافية لتقبل آخر تلك المبادئ، المتمثل في الاعتراف بحق دولة إسرائيل في الوجود. وفي رأي الشخصي، أعتبر هذا هدفاً يُسعى لتحقيقه أكثر من كونه شرطاً مسبقاً لبدء المحادثات. وأما المبدآن الآخران - نبذ العنف والاعترافات بالاتفاقيات السابقة - فقد تم قبولهما إلى حد ما، بينما المبدأ الثاني يعترف ضمنياً بالدولة اليهودية. وهو بالطبع ليس اعترافاً مثالياً، ومازالت هناك نقاط يجب توضيحها، ولكن على الرغم من ذلك فإنها نقطة بداية ايجابية يمكن لنا، بل يجب علينا، أن نبني شيئاً أكثر صلابة حولها. الكثير من الصبر والمثابرة مطلوب وحالات الغموض وحوادث العنف ستستمر. ولكن إذا كنا حقاً ننوي منع منح المتطرفين أي فرصة لتعطيل عملية السلام، فيجب ان نتحلى بعزم ثابت للمضي قدماً في الطرق المرسومة، من دون التأثر بحوادث فردية. وأعلم أن هذا خيار صعب، فيه مخاطر سياسية، ولكن تحقيق السلام يعتمد على اتخاذ مخاطر ليست فقط سياسية مع الأسف، مثلما تعلمنا من رجال دولة عظماء في السابق مثل الرئيس المصري الأسبق أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق إسحق رابين. إن متطلبات حل نهائي مرض للنزاع الإسرائيلي ـ الفلسطيني معروفة، ولا يوجد شيء يجب اختراعه من جديد، والأفق السياسي الذي يتحدث عنه الكثيرون موجود: معايير الرئيس الأميركي السابق بيل كلينتون في ديسمبر عام 2000، والتفاهمات التي تم التوصل إليها بين الإسرائيليين والفلسطينيين في طابا في يناير ـ فبراير عام 2001، والمبادرة العربية عام 2002، وخريطة الطريق للرباعية الدولية عام 2003. كل ما نحتاجه الآن هو أن نظهر بشكل ملموس الاستعداد لتطبيقها وبدء تطبيق قاعدة محددة حرفياً: تعليق أهمية أكثر على ما ينجز أو لا ينجز، بدلاً من التركيز على ما قيل. كما أن ما يتم فعله أو ما يهمل فعله يجب إعطاؤه أهمية أكبر من الكلمات التي تقال.
* لعبت إيطاليا دورا مهما في إرساء السلام بلبنان، على الرغم من وجود اهتمام بالصراع الداخلي هناك، كيف تصف اهتمام إيطاليا بالانهيار السياسي في الحكومة اللبنانية، وما هي الخطوات التي يمكن لإيطاليا القيام بها لإيقاف ذلك؟ وهل سبق أن أوصلتم الاهتمام للرئيس السوري؟
ـ أنا فخور لأخذ زمام المبادرة لنشر بعثة "اليونفيل" الثانية في جنوب لبنان. وأعتقد أنه كان قراراً صعباً، استلزم ولا يزال يستلزم خطورة، ولكن لمجابهة الصراعات التي انبعثت في الشرق الأوسط، فأنا مؤمن أن المجتمع الدولي لم يكن بإمكانه البقاء بعيداً مرة أخرى، أو يكتفي بالمتابعة فقط. فبعد كل تلك الاحتدامات الدموية خلال سنوات الحرب الأهلية، اكتشفت لبنان الأمل للسلام والبناء، ولكن قبل ذلك كله للتعايش بين طوائف الدينية المختلفة، والذي يمكن اعتباره نموذجاً يحتذى في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط التي تعاني من نزاعات طائفية متزايدة.
ولكن اندلاع الصراع خلال الصيف الماضي قاد البلاد مرة أخرى إلى حافة الخطر وتعطيل العملية التي بنيت في سنوات ماضية. ولم يكن للمجتمع الدولي البقاء جانباً وعدم فعل شيء، مجابها مثل هذه المأساة والمستجدات السلبية. ويسعدني أن أقول أن دولا كأسبانيا، وفرنسا والصين ودول أخرى قررت أن تتحمل جزءاً من المسؤولية معنا، كما أنا مسرور بما أنجزه الأمين العام للأمم المتحدة، وجامعة الدول العربية من دعم في تحمل التحديات. وعلى لبنان الآن البدء مجدداً لتجاوز أزماته السياسية والمؤسساتية، والتي شلت وعقّدت عملية البناء الرئيسية. وقد سبق ان أوصلت الأمر مرات عدة لفؤاد السنيورة رئيس الوزراء اللبناني والذي أتواصل معه ومع رئيس البرلمان نبيه بري، وقادة الدول الأخرى في المنطقة، على وجه الخصوص سورية، بل حتى إيران. وسأبحث الأمر مرة أخرى بالتفصيل مع جلالة الملك عبد الله خلال زيارتي للرياض، مدركاً أن السعودية تلعب دوراً قوياً وفي الخط الأمامي سعياً لتمكين لبنان من تخطي هذه العقبة السياسية. كما أنها فكرة جيدة للبنانيين أن يرتبوا خطة طريق كوسيلة لتقدم إيجابي آمن في الموقف الحالي، ودون صراع. خطة الطريق التي لا بد أن تصمم بواسطة اللبنانيين أنفسهم بدعم من المجتمع الدولي والجامعة العربية. ويجب أن تتضمن خطة الطريق هذه تطبيق القرار 1701 والتئام البرلمان، وإعادة تركيب الحكومة بكامل هيئتها، وإنشاء المحكمة الدولية الخاصة باغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري، والوصول إلى تسوية نهائية لمسألة النازعات على الأراضي، وما يستتبع ذلك من خطوات وتدابير لاحقة مؤسساتية في السياسة اللبنانية، ليكون جميع ذلك جزءا من أساس خطة الطريق، للوصول إلى حلول قادرة على ترسيخ الاستقرار، وداعمة لاحترام قانون الحوار الذي يجب أن يكون الهدف الأسمى. ولابد أن يكون من بين عناصر خارطة الطريق هذه الإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين.
* من خلال اتصالاتكم مع الرئيس السوري بشار الأسد، هل تعتقد أن العزلة السورية قد انتهت؟
ـ لا يمكنني أن افترض نهاية من قبل نفسي لما أطلقت عليه "عزلة سورية الدولية"، فكانت دائماً لدي اتصالات مثمرة مع الرئيس السوري لمعرفتي انه من اجل العمل على حل بعض اصعب القضايا في المنطقة، فإن تعاون سورية مهم جد. وفي داخل الاتحاد الأوروبي، رعيت المحاولة الأولى للوصول إلى طريقة مختلفة في العلاقات مع سورية، والتي كانت الزيارة الأخيرة للمنسق الأعلى للسياسات الأمنية والخارجية في الاتحاد الأوروبي، خافيير سولانا، أول نتيجة ملموسة في هذا الصعيد.
وكنت قد أكدت على الرئيس الأسد مراراً بأننا نتوقع ان تغتنم سورية الفرص الجديدة لإثبات ان ثمن العظمة هي المسؤولية. أتمنى أن تكون سورية راغبة في مساعدتنا للخروج بحلول نهائية ومرضية لعدد من القضايا الحساسة وتحديدا في لبنان والعراق والحوار الفلسطيني ـ الإسرائيلي. ولا أخفي أنني لا أتوقع نتائج سريعة. هذه مواقف معقدة ومتضمنة أطرافا مختلفة، والتطور أحيانا يتحرك ببطء وفي كل الأحداث، علينا مراقبة الموقف بعناية والبحث عن حلول تساعد على الإستقرار ودائمة.
* أشرت إلى أن الحرب في العراق تمثل "خطأ خطيرا" ونستمع دائماً إلى أخطاء اقترفت في العراق. ولكن هناك قلائل لمحوا إلى حلول محتملة. كيف ترسم لنا حلا لواقع الأزمة العراق؟ ـ لم أكتم قط شكوكي الجدية حول الصراع في العراق، وكنت دائما اقول رأيي، وأيضا للرئيس بوش حول فهم أن الأصدقاء والحلفاء ـ إذا كانت صداقتهم وتحالفهم فعلا حقيقة ومتماسكة ـ يجب ان يقولوا الحقيقة حتى لو كانت مرّة. ولا أشعر براحة من حقيقة أنني كنت على صواب، وأننا نشهد دوامة عنف وصراع طائفي في العراق والتي تقسم الدولة إلى أجزاء. الحل للمشكلة العراقية يستلزم اتفاقية إقليمية بين دول ما زالت متورطة داخل العراق: دول الجوار وأعضاء مجلس الأمن والدول الثماني الصناعية والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة. وكما قلت لوزير الخارجية الأميركي الأسبق جيمس بيكر عندما كان يتأهب لتجهيز مسودة تقرير "بيكر ـ هاميلتون"، أن استقرار العراق يتطلب أشياء عديدة، منها تدخل ملائم من اللاعبين الأساسيين في المنطقة (بما فيهم إيران وسورية)، كجزء مهم من هندسة أمن المنطقة، والتي تأخذ في الحسبان جميع المواقف الجيوسياسية التي ظهرت في المنطقة. وشكل الاجتماع الأول في بغداد في 10 مارس (آذار) تطوراً إيجابياً جداً، وآمل ان يكون الاجتماع الذي يعقد في شرم الشيخ يومي 3و4 من مايو (آذار) المقبل تكملة اولية ملموسة وعملية ومثمرة بقدر المستطاع.
* وماذا يمكن لأوروبا عمله لدعم العراق أكثر مما أنجز؟
ـ مع الموقف الأمني الحالي، يصعب تصور تدخل طويل المدى وحاسم. وما كان يمكن فعله لمساعدة العراق في المنتديات الدولية تحقق جزئياً ـ وموضوع ديون العراق مثال على ذلك. ولكن هناك قضية مهمة لم تعط الأهمية الكافية حتى الآن، وهو ملايين المشردين العراقيين داخل العراق واللاجئون العراقيون في سورية والأردن.
* هناك تقارير ذكرت بأن هناك مقابلة شخصية مع الرئيس الأميركي بوش خلال هذا الصيف، أولا، هل لك أن تؤكد صحة ذلك، وماذا ستتباحث مع بوش في ما يخص منطقة الشرق الأوسط وتحديدا العراق، والقضية الفلسطينية ولبنان؟
ـ يتوقع أن يزور الرئيس الأميركي بوش إيطاليا في يونيو (حزيران) المقبل، ويسعدني أن أقابله مرة أخرى ونرى الموضوعات السياسية الرئيسية في العالم، وتقييم العلاقات الثنائية بين ايطاليا والولايات المتحدة. وفي ما يخص الأمور التي ذكرتها، هناك استشارات ومراجعات دائمة بين ايطاليا والولايات المتحدة وتبادل معلوماتي غزير، ونحن متعاونون في ذلك، أملا بالخروج بطرق وحلول نهائية مشتركة متفق عليها للسلام. وإعادة النشاط الدبلوماسي الأميركي في الشرق الأوسط تزيد من الآمال، وفي مقدمتها إنعاش عملية السلام الإسرائيلية ـ الفلسطينية. ونقدر الجهود المبذولة من وزيرة الخارجية كوندوليزا رايس، التي نجحت في تجهيز الطريق لتشاورات دورية بين الإسرائيليين والفلسطينيين. كما ستواصل إيطاليا القيام بدورها في إطار الاتحاد الأوروبي، مثل البعثة الى حدود رفح بقيادة ايطاليا ضمن اطار الامم المتحدة والتي ظهرت من خلال تعهدنا لـ"يونيفيل".
وما زلت أتطلع الى ان تكون الدبلوماسية الأميركية جاهزة للتفاعل مع اية اشارات للتواصل من قبل سورية وإيران، في حال ظهرت. وأنا آمل مخلصا أن تستغل القيادتان الإيرانية والسورية العروض التي قدمتها الولايات المتحدة تجاه العراق أو إرسال مبعوثين للمنطقة. وبحسب الاتصال الأول الذي تم بيني وبين الرئيس بوش الصيف الماضي، اقترحت أنه يجب التواصل مع سورية وإيران، ولذا أنا سعيد حاليا نظرا إلى بعض المقترحات التي بدأت تتأكد من خلال الأحداث والمبادرات الدبلوماسية.
* العلاقات بين إيطاليا والولايات المتحدة، شابها نوع من التوتر، خاصة مع محاكمة جندي أمريكي المتسبب في قتل العميل الإيطالي نيكولا كاليباري، ومحاكمة 26 عميلا مخابراتيا والمرتبطة بسجون الـ"سي آي إي". هل حاولت واشنطن تصحيح العلاقة؟
ـ دولتان صديقتان ومتحالفتان لمدة طويلة كالولايات المتحدة وإيطاليا لديهما العديد من القيم المشتركة ويمكنهما تحمل مشاكل مشتركة قليلة بينهما. وبسبب عمق صداقتنا يمكننا النظر إليها من دون اتخاذها حلقة وحيدة معوقة، لنتخطى المشكلات المعقدة أحيانا من دون اضطرابات كبيرة. كما أن إيطاليا وأميركا تمثلان ديمقراطيات متقدمة وناضجة، والتي تجد النظام القانوني واضحا جدا ومعروفا تماما، وعلى أساس فصل مراكز القوة. ولهذا فان المشاكل التي ذكرتها تأخذ مجراها الطبيعي وفق آليات وقوانين بين البلدين.
* حكومتك خاضت تجربة احتجاز رعاياها في العراق وأفغانستان. ما هي الخطوات التي اتخذتموها للتعامل مع هذه الأحداث؟
ـ ترفع الحكومة الإيطالية من درجة تحذير الصحافيين وموظفي الإغاثة الإيطاليين لأخذ الحيطة والحذر في كافة تحركاتهم عند عملهم في مناطق الأزمات. وفي بعض الحالات، نحث بقوة رعايانا، وعلى وجه الخصوص الصحافيينا على عدم زيارة بعض الأماكن في العالم، لحمايتهم، ولمنع الإرهابيين والمتمردين من تحقيق اهدافهم ومنعهم من الاستفادة من الشهرة من خلال اختطاف الصحافيين. ولا نستبعد امكانية وضع قوانين محلية ودولية نستطيع من خلالها تحديد المواقف لهذه الأنواع من الأحداث بطريقة أفضل.
* تعرضتم لانتقادات جراء المباحثات المتعلقة بالإفراج عن الصحفي ماستروجياسومو في أفغانستان، كيف يمكن أن توازنوا بين الحاجة للإفراج عن محتجز وتجنب التعامل مع المختطفين؟
ـ دعني أجيب على التساؤل بعبارة معروفة "من انقذ حياة بشرية واحدة، فكأنه انقذ العالم كله". فلا أحد يمكن أن يرغمني على الندم على انقاذ حياة دانيال ماستروغياموسو، وللأسف لا أحد كذلك يمكن ان يعزيني لعدم نجاحي في حماية مترجمه وسائقه.
* لماذا أبقيتم قوات إيطالية في أفغانستان، بينما انسحبتم من العراق؟
ـ العمليات في أفغانستان والعراق مختلفة في جذورها القانونية والسياسية. الاولى وافق عليها المجتمع الدولي وتحت مظلة قرارات صادرة من مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لاجتثاث مأوى للإرهاب حيث تم تنظيم الأحداث 11 سبتمبر (ايلول) 2001 الشنيعة وغيرها من الاعمال، بالاضافة الى اعادة الامل الى دولة دمرت عقب حوالي ربع قرن من النزاعات. ولكن العمليات في العراق قسمت المجتمع الدولي، ولم تكن مهيأة لوضع اطار قانوني مقنع لاعطائهم الشرعية بالنسبة الى الامم المتحدة. وكانت التبريرات السياسية مبنية على نقاشات ظهرت لاحقاً بأنها غير شرعية. حكومتي كسبت الانتخابات العامة عام 2006 بعد تعهدها بسحب قواتنا من العراق. ولتلك الأسباب، وكل ما يمكن أن نعمله هو أن نستجيب للتعهدات السياسية التي تعهدنا بها أمام الناخبين الإيطاليين.
* إلى أي مدى تتوقع بقاء القوات الإيطالية في أفغانستان؟
ـ تسألني ان اتوقع امراً في غاية الصعوبة ويعتمد كثيراً على التطورات السياسية والأمنية في أفغانستان. بدأت تعقيدات تظهر الآن، وطالبان بدأت تلملم ذاتها من جديد وتطلق هجماتها، ولكن ذلك لا يجعلنا نفكر بالاسترخاء وتعطيل جهودنا. وعلينا في المقابل أن نواظب أساسا للعمل سويا مع الدول والمؤسسات الدولية، ومع الآلية العسكرية للتعامل مع الامر بأنه اساساً مواجهة الارهاب ولكن من خلال اعطاء الاولوية للقسم المدني واعادة الاعمار. وتقوم إيطاليا حاليا بالتنظيم لمؤتمر "سيادة القانون" في روما يومي 3 و4 يوليو (حزيران) المقبل التي تترأسها الأمم المتحدة والحكومتان الإيطالية والأفغانية. وسيكون الهدف هو التأكيد الصحيح على القضايا المدنية والقانونية ومواجهة تجارة المخدرات من اجل اعطاء المزيد من الدعم للجهود المبذولة لاعادة السلام الى افغانستان وتأمين فرص افضل لتحقيق السلام. كما نتطلع لأن يشهد الجزء الأخير من هذا العام الظروف التي تسمح بعقد مؤتمر سلام اقليمي لاعادة اطلاق الجهود لاستقرار البلاد من خلال منظار اوسع.