لماذا لا يعتبر اللبنانيون من تاريخهم ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
وجيه كوثراني
في التفريق بين الذاكرة والتاريخ
ثمة رأي كان المؤرخ المرحوم نقولا زيادة يردده ويشدد عليه في أحاديثه ومحاضراته ومجالسه في سنوات عمره الأخيرة. في إحدى صياغاته "أنّ فكرةً (...) قال بها الناس ولا يزالون أن التاريخ يعلمنا الأمثولة. وبذلك نتجنب أخطاء الماضي عندما نعرفها في سيرنا المستقبلي، وأنا مع احترامي لجميع الذين يقولون بذلك، أراني مضطراً الى القول بعكس ذلك تماماً. فلو أن البشرية مجتمعة أو متفرقة أمماً وشعوباً تعلّمت فعلاً من دروس التاريخ لما تكرّرت أخطاؤها في شؤون الحرب والمشكلات الاقتصادية والاجتماعية التي نعانيها اليوم. ولبنان خير مثل أو شر مثل على ذلك. ولكن مع هذا يجب ألا ننسى أن التاريخ يوضح لنا الماضي الذي قد يساعدنا على فهم الحاضر". (نقولا زيادة- أيامي- 1992. جـ 2- ص 274).
هذا موقف مؤرخ شهد وعايش قرناً من التاريخ ودرس دولاً ومجتمعات وحضارات، ومع ذلك، يصل بعد تجربة وتأمل الى هذا الرأي، ويعطي مثالاً لتأكيد رأيه: لبنان.
لا أستشهد بنقولا زيادة لأؤكد رأيه أو أنفيه. ولكن لأبرز فكرة منهجيةً أخرى وهي أن مسألة الاعتبار من التاريخ، مسألة -ا شكالية أي أنها تطرح اشكالات حول حدود وصعوبة فهمنا للتاريخ بما هو زمن تاريخي متحرِّك، أي بما هو حركة تاريخية مفتوحة وليس فصلاً مغلقاً من السنوات أو العقود يمكن درسه كشيء ثابت في مختبر. ذلك ان الزمن التاريخي هو حركة جدل بين ماضٍ ومستقبل، وبينهـــــما لحظة حــــــاضر مخطوفة.
أقول "مخطوفة" لأن الحاضر هو لحظة نسبية في الزمن، ويتقاسمها زمنان: مـــــــــــاض يسارع في اقتطاع جزء منها، ومستقبل يولد منها. والاشكالية الكبرى في المعرفة التاريخية وتالياً في الوعي التاريخي هي في وعي الحركة التاريخية المستدامة والمدوِّخة في زمن تاريخي لا يسير وفقاً لسرعة واحدة. بل هو مجموعة مركبة من سرعات عديدة تراوح بين الثابت أو شبه الثابت وبين البطيء والسريع (من مصطلحات المؤرخ بروديل في توصيف وتائر السرعة في الزمن التاريخي). الثابت أو شبه الثابت هو الزمن الجغرافي - التاريخي، والبطيء هو الزمن الاجتماعي والثقافي، والسريع هو الزمن السياسي.
لكن هذا التوزيع للزمن التاريخي يوصلنا أيضاً الى مقاربة أخرى في المعرفة التاريخية: ما هو حتمي وما هو ارادي؟ هل ثمة حتميات في التاريخ لا مردّ لها؟ وهل ثمة ارادات في التاريخ قادرة على التغيير بناء على الاعتبار من الماضي؟
في محاولة جواب على تلك الأسئلة، قد يكون مفيداً اللجوء الى المقولة التي تنبه لها ابستمولوجيا علوم الانسان والمجتمع، ولاسيما في مجالي علم التاريخ والاتنولوجيا، والتي تقول بالتمييز والتفريق بين الذاكرة التاريخية والتاريخ.
الذاكرة التاريخية، وهي في حال المجتمعات المتعددة والمركبة من اتنيات وطوائف هي الذاكرة الجماعية للقوم أو للطائفة. وهي في حال لبنان ليست ذاكرة واحدة بل ذاكرات. فلكل طائفة ذاكرتها وأساطيرها ومخيالها (imaginaire). ومن سمات هذه الذاكرة أنها أسطورية، وخالطة للأزمنة، ومؤبدة لتجاربها وأيامها، ومستحضرة ماضيها الخاص لتفسير حاضرها. وماضيها هو سلاح وليس عبرة أو نقداً، بل غالباً ما يدخل في المخيال، في باب المقدّس، وباب الحتميات والثوابت.
أما التاريخ، كمعرفة قائمة على البحث والتحقيق والتفسير العقلاني، فهو جهد معرفي للتدقيق في مستويات الزمن التاريخي وحركته. ودراسة ثوابته ومتغيراته، ودراسة ما يدخل في نطاق الحتميات وما يدخل في نطاق الارادات والممكنات والفرص الضائعة، إنها دراسة ما يدخل في التاريخ، وما يدخل في الذاكرة، بل هو اخضاع الذاكرة للدرس والتحقيق والتصويب والتصحيح.
بعد هذه المقدمة المنهجية ماذا بقي لنقول عن الاعتبار من التاريخ، وبمَ نجيب على سؤال: لماذا لا يعتبر اللبنانيون من حروبهم وأزماتهم؟ أي من تاريخهم؟
اللبنانيون - أو جلهم (وأقصد بجلهم الأكثريات الطائفية التي يُحسن أولي أمرها أساليب تحشيدها وتعبئتها واستخدام سحر الذاكرة الجماعية)، لا يميزون بين الذاكرة والتاريخ. بل أنهم يلجأون الى الذاكرة من أجل التعبئة السياسية في الحاضر. وهم بالتالي لا يميّزون بين الحتميات والممكنات، بل يجعلون من الذاكرة قدراً، وجزءاً من حتمياته حيث يخيل فيها أن التاريخ يعيد نفسه. وهو لا يعيد نفسه الا في أسطورة الذاكرة، الا في تراجيديا يونانية أو في صلب دائم للذات أو في مأساة كربلائية.
لو استعدنا مشهد الحتميات في حروب لبنان، ثم مشهد الممكنات أو ارادات التغيير االضائعة، فماذا يمكن أن نقول:
في قراءة مشهد الحتميات
اذا ما أُجيز للكاتب أن يلخص التراجيديا في تاريخ الحرب اللبنانية بلغة الحتميات لقلنا:
- انها حتمية الجغرافيا التاريخية والجيوبولتيك، حيث يصبح للمكان منطقه وفلسفته (جمال حمدان).
- انها حتمية ديموغرافية تندفع نحو مآلها، وتداعياتها الجغرافية والسكنية والسياسية حتى نهايتها بصورة لاواعية. ولنتذكر أن هذا الاندفاع كان وجهاً من وجوه مسارات التاريخ اللبناني في العديد من مراحله: نمو ديموغرافي لطائفة صاعدة تدفع طائفة أخرى أو طوائف أخرى للانحسار أو الانسحاب.
- حتمية اقتصادية تتجلى بتطور أحادي للانتاج وتراكم فئوي أو طبقي للثروة. مع كل ما يترتب على ذلك من سوء توزيع للثروة وتفاقم للتناقضات والصراعات الاجتماعية، ولطالما كان هذا العامل مفجراً للصراع.
- حتمية سياسية تسلطية نقرأها في سياسات تأبيد السلطة في طائفةٍ أو طبقة دفاعاً عن امتيازات ومكاسب أو تمكين موقع سلطوي بالتغلب. كما نقرأها في السياسات المقابلة من أجل انتزاع السلطة أو المشاركة بها بالاستيلاء والتغلّب.
- حتمية ايديولوجيات راديكالية تذهب الى غاياتها بالاصرار على اقتناعاتها المطلقة وحقائقها الكلية، سواء كانت اقتناعات وضعية أو دينية.
- وأخيراً وليس آخراً، حتمية صراع بين عصبيات تتخذ في التاريخ، ومن خلال استنفار ذاكرتها التاريخية، شكل الصراعات الدورية كلما تغيّر عامل من العوامل التي ذكرنا منفرداً أو مجتمعاً.
حروب لبنان الأهلية وأزماته الدورية، ومنذ حروب 1841-1860 وحتى اليوم، مروراً بحرب 1975-1989، تشير الى حد كبير الى شيء من ذاك الثبات أو الاستمرارية في التسليم أو الاستسلام لتلك الحتميات القاهرة التي تستدخلها ذاكرات الجماعات في منطق "ثوابتها".
لا يصعب على الباحث الذي يشدّد على عوامل الداخل أن يجد تفسيراً للحرب الأهلية في العوامل الجيوسياسية والعوامل الديموغرافية والاقتصادية والسياسية والايديولوجيّة، والتي تتقاطع فتولد الصراع بين الجماعات. وبالفعل، إن خللاً في الديموغرافيا والتوزيع السكاني، وفروقات في توزيع الثروة والتنمية وتناقضات بين مواقع السلطات أو احتكاراً لها من قبل فئة ومنعاً لتداولها قد يشكل كل هذا حقلاً ملغماً ومعداً للانفجار. ويكفي بعد ذلك عود من كبريت.
كما أنه لا يصعب على باحث آخر، أن يجد في العوامل الخارجية تفسيراً محتماً لها. وفي الحالة اللبنانية يمكن التشــديد على عاملين محتمين للصراع: أولاً الصراع الأميركي - السوفياتي حيث عبّر هذا الصراع عن نفسه بحروب باردة على مستوى المركز العالمي، ولكن اتخذ شكل حروب ساخنة ودموية في مجتمعات الأطراف. وثانياً، الصراع العربي - الاسرائيلي، وأهم أطرافه الطرف الفلسطيني الذي كان يبحث بعد هزيمة 1967 عن أرض عربية لمنطلق التحرير. ولما سكتت الجبهات العربية، بأنظمة متصالحة مع اسرائيل أو أسكِتت بأنظمة سلطوية وضابطة للصراع ولمجتمعاتها، كان المجتمع اللبناني ونظامه السياسي المنفتح يستقبل وحده الوجود الفلسطيني المسلح. ولكن ليكون هذا الاستقبال عامل اخلال بالتوازن الديموغرافي وعامل اخلال بالحياة السياسية اللبنانية، وعامل عسكرة للمجتمع السياسي اللبناني، وبالتالي عامل تفجير "حتمي" لتناقضاته. واليوم يلعب الصراع الأميركي - الايراني وتداعياته في اصطفاف المحاور الدور نفسه في التأزيم والتفجير.
تلك وجهة نظر جادة وسّعها بالوثائق والمراجع والتحليل فريد الخازن في كتابه القيم "تفكك أوصال الدولة في لبنان" مؤرخاً لمقدّمات الحرب الأهلية التي انفجرت في العام 1975.
سؤالي: هل تتشابه مقدّمات الأمس "المحتمة" للحرب، مع مقدّمات اليوم التي يعطي السيد حسن نصرالله لتداعياتها نصف قرن، بالطبع مع الأخذ في الاعتبار تغير أسماء أبطال التراجيديا ووجوه اللاعبين أو الفاعلين فيها؟
في قراءة مشهد الممكنات والارادات أو الفرص الضائعة
على أنّ حتميات الصراع في التاريخ ليست بالضرورة حتميات دموية، فتراث الانسانية وفي جميع الحضارات، يحمل الى جانب احتمالات الصراع الدموي، احتمالات وممكنات الحلول السلمية للتناقضات. هذا ناهيك عن امكانات التعلم من التجارب الديموقراطية الغربية التي استفادت بدورها من تجارب حروبها وصراعاتها الدموية المدمّرة لتُرسي نموذجاً ديموقراطياً سلمياً داخلياً رآه بعض المؤرخين الهيغليين "نهاية للتاريخ" أو دخولاً في مرحلة ما بعد التاريخ حسب تعبير فوكوياما. واذا كان للتاريخ منطقه الصراعي فلا بد للمؤرخ ان يدرس أيضاً ممكنات التجاوز لهذا الصراع عبر احتمالات ارادية أخرى وعبر نقد صريح وجريء لما حصل من خيارات ولما فات من فرص ممكنة أمام ارادات البشر في رسم السياسات ولاسيما قبل الحرب وبعدها. ففي السياسات العامة يمكن أن نقول: إننا فصلنا بين ما يجب أن يربط وربطنا بين ما يجب أن يفصل. وفي هذا المجال تتساوى الطبقة السياسية وجمهورها في المسؤولية وتقاسم وزر الثقافة السياسية السائدة.
- فصلنا مثلاً ما بين الاقتصاد والسياسة الاقتصادية العامة. في حين كان يجب أن يربط الاقتصاد بالسياسة العامة أي بسياسة تنموية شاملة تؤدي الى نهوض اقتصادي متعدد الجوانب الانتاجية والمناطقية. وفي اطار هذا الفصل وعلى قاعدته تحوّلت السياسة في علاقتها بالاستثمار والمال والموازنة الى سياسة توزيع ومحاصّة، أي الى نظام زبائني بامتياز جعل من الطائفية السياسية والديموقراطية التوافقية مبرراً وحجةً وذريعةً.
- فصلنا أيضاُ ما بين الأمن والسياسة، فبدل أن يكون للدولة سياستها الأمنية (والأمن ليس أمن الأبدان فحسب، بل هو أمن اجتماعي وصحي وبيئي وغذائي)، أصبح الجهاز الأمني بذاته دولة (الدولة الأمنية)، وأصبحت السياسة والسياسيون ملحقاً به وأصبح هو وصياً عليها.
- وبدل أن نفصل ما بين السلطات وفقاً للفقرة "هـ"، فهم "التوازن والتعاون" في ما بينها محاصّةً وتسويات بين الرئاسات الثلاث، وغالباً تحت اشراف ولي أمر أو وصي خارجي.
- أبعدنا الجيش عن الحدود، وبدل أن يصبح الجيش جيش دفاع وطني، احتكرت المقاومة الاسلامية الشيعية هذا الدور، فأضحت جيشاً وانفصلت عن الدولة سلاحاً وقيادةً وجمهوراً، وكان لها سياساتها وتحالفاتها الداخلية والخارجية الخاصة بها. ولها أيضاً دورتها الاقتصادية والتعليمية والثقافية الخاصة بها أيضاً. ومذهبها و"ولاية أمرها" وطقوسها ومهرجاناتها ومآتمها التي تحولت الى منابر سياسية ومناسبات للتعبئة. كما أصبح لخريجيها الجامعيين حفلات تخرج خاصة تشعرهم بالتميّز والتفوق والتفرد.
- على صعيد العمل السياسي اللبناني وعلاقته بالفكر الدستوري، فهمنا الدستور قبل الطائف وبعده، فهماً ناقصاً ومجزوءاً. في حين أن الفكر الدستوري، والثقافة الدستورية وروحية الدستور تتطلّب جميعها التعامل مع الدستور ككل لا يتجزأ.
تمّ الفصل بين المادة 95 والمواد الأخرى التي تنص على حقوق المواطن والانسان الفرد في الحرية والتعبير والاعتقاد والمساواة، فأصبحت الصفة الموقتة للتوازن الطائفي التي وضعت في العام 1926 حالة أبدية. ولما جاء تعديل المادة 95 وفقاً لما جاء في وثيقة الطائف التي ترى أن مرحلة انتقالية يُراعى فيها التعادل في التمثيل البرلماني بين المسيحيين والمسلمين، يجب أن تؤدي الى اعتماد تمثيل برلماني وطني خارج القيد الطائفي، والى استحداث مجلس شيوخ يلحظ تمثيل العائلات الروحية، تناسى أقطاب العمل السياسي وأحزابه موجبات هذا التعديل ومتطلباته المستقبلية، وجعلوا من المرحلة الانتقالية زمناً بلا حدود وبلا تاريخ وبلا ذاكرة. بل أمعنوا في تفكيك مواد الدستور وفصلها وتفصيلها على قياس الصراعات السياسية والفئوية والشخصية والاقليمية أيضاً.
ابتذلوا المبررات الدستورية للتمديد وسواء كان ذلك اقتناعاً أم خوفاً، فلا اقتناع البعض كان من أجل مصلحة الوطن، ولا خوف البعض الآخر من التهديد، كان يشرّف صاحبه، بل كان- أي الخوف - ينزع عنه صفة التمثيل وأحقيته.
وهكذا صار أمر قراءة الدستور مسألة اختيار للنصوص والمواد والفقرات وامعان في فصل بعضها عن بعض وتذاكٍ في رفع الصوت والتشديد على فقرة دون أخرى، حتى وصل بنا الأمر الى اختزال كل الدستور بالفقرة "ي" من مقدّمة الدستور، والتي تقول: "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك".
فهل العيش المشترك يقتصر على العيش بين طوائف مغلقة؟ للأكثرية منها حق الفيتو؟ هذا في حين يسكت سكوتاً مطبقاً على الفقرة "ج" والفقرة "ح".
تقول الفقرة "ج": "لبنان جمهورية ديموقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحريات العامة، وفي طليعتها حرية الرأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل".
وتقول الفقرة "ح": "الغاء الطائفية السياسية هدف وطني أساسي يقتضي العمل على تحقيقه وفق خطة مرحلية".
الخطة المرحلية حدّدها الدستور ووثيقة الوفاق. لكن يبدو أن اللبنانيين يفضلون الانسياق وراء الحتميات الخارجة عن اراداتهم. يتصرّفون كطوائف لها أقدارها ولها حساباتها.
قال هنري فرعون، قبل وفاته بفترة قصيرة، وكان شاهداً على قرن كامل من تاريخ تكوّن لبنان: "قدر لبنان أن يظل على حال انجاز دائم ومستمر لاستقلاله. فهو اذ يصنع هذا الاستقلال وينجزه في حقبة من تاريخه، لا يلبث أن يجد نفسه في حقبة أخرى مضطراً لتحديد مفهوم استقلاله ومعناه. هذا هو قدره الناجم عن أهمية موقعه الجغرافي وعن أطماع الآخرين فيه- وعن تعدد طوائفه التي عليها دائماً أن تختبر وحدتها وانتماءها اليه. وتضعهما من جديد وفي كل مرحلة".
لكن هذا المشروع المفتوح على "حال الانجاز الدائم" والمضطر دائماً لتجديد مفهوم استقلاله، يطرح السؤال حول الكيفية والطريقة والأسلوب وطبيعة المسار الموصل الى "الانجاز والتجديد"...
هل هذا القدر الذي عبّرنا عنه في الصياغة التاريخية بالحتميات يقتضي في كلّ مرّة يحدث فيها انعطاف أو تغيير ديموغرافي أو اقتصادي أو اقليمي أو دولي حرباً أهلية أو عنفاً أو أزمة مصيرية لتختبر كل طائفة معنى علاقتها بلبنان. هل يتطلّب الأمر في كل اختبار ضريبة دم وتهجير ودمار؟
للحرب الأهلية معنى في التاريخ ونتيجة: بناء دولة وطنية. هكذا كان الأمر في الولايات المتحدة واسبانيا وغيرهما... أما الحرب الأهلية في لبنان فتكرار بلا معنى ودماء مهدورة نعزي أنفسنا بتسمية أصحابها شهداء...