حميد رضا آصفي: هزيمة الأميركيين في الخليج واقع ينتظر الإفصاح
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
السفير الإيراني لدى الإمارات أكد استعداد بلاده لمقابلة أي خطوة أميركية "انفتاحية" تجاه بلاده
حوار - ثابت أمين عواد
"يواجه المسؤولون في الولايات المتحدة مأزقا حقيقيا في منطقة الخليج, فبعد أن سعوا إلى تغيير النظام في إيران, وبعد إعلانهم النصر في العراق مع بداية الغزو, نراهم اليوم يضطرون الى المشاركة في اجتماعات دول الجوار سعيا للخروج من المستنقع العراقي.." تلك هي رؤية أحد أهم المسؤولين في الخارجية الإيرانية السفير الدكتور حميد رضا آصفي سفير إيران لدى دولة الإمارات العربية , والذي شغل العديد من المناصب المهمة من بينها المتحدث الرسمي باسم الخارجية الإيرانية لثماني سنوات حتى بداية ولاية الرئيس أحمدي نجاد..
ولسخونة التطورات الراهنة في الخليج والمنطقة , فقد أُجري الحوار التالي الذي تنشره " السياسة " بالتزامن مع صحيفة " الاهرام " مع آصفي الذي حدد فيه طرقا للخروج من النفق الذي يتجه إليه الوضع في الخليج, وكشف فيه عن تطورات البرنامج النووي الايراني , مؤكدا ان طهران تعتزم بناء 20 مفاعلا نوويا جديدا , وأبدى استعداد بلاده للتعاون النووي مع دول الخليج.
وشدد السفير الإيراني لدى ابوظبي على أن العلاقات المصرية- الإيرانية ستعود قريبا , مشيرا إلى ان بلاده ستشارك في اجتماعات دول الجوار بشأن العراق في شرم الشيخ مطلع مايو المقبل ....وفي ما يلي نص الحوار:
تبدو منطقة الخليج في طريقها إلى الدخول نحو نفق مظلم.. كيف ترون الخروج والنجاة من هذا النفق?
الجمهورية الإسلامية الإيرانية لم تكن تهدف يوما إلى إثارة النزاعات أو افتعال خلافات , ولم ترغب يوماً ما في إثارة التوتر, وما يحدث بيننا وبين الولايات المتحدة سببه الإدارة الأميركية نفسها , لأنها في البداية بادرت بقطع العلاقات معنا , وظنت أن القطيعة من جانبها ستؤثر سلبا علينا, وبالتالي سنقوم بالاعتذار, إلا أن ذلك لم ولن يحدث.. اننا نرى أن المسؤولين في الولايات المتحدة وصلوا إلى طريق مسدود , ويواجهون مأزقا حقيقيا , فهم في فترة ما كانوا يسعون إلى تغيير النظام في إيران, ولكننا مع مرور الوقت نكتشف- وهم أيضا يكتشفون- أن هذه فكرة مهزومة لم ولن تفضي إلا إلى المزيد من الخسران.
بالنسبة للجانب الإيراني فإن طريقنا واضح , فإذا غيرت الولايات المتحدة من ستراتيجيتها , فإنه ستحدث بالتالي تغيرات كثيرة من جانبنا , ولكن يبدو أن المسألة مازالت غير واضحة بالنسبة لهم , وبالرغم من حالة الغموض السائدة لديهم في الوقت الراهن , إلا أن الكثير منهم يؤيدون ويقفون إلى جانب المفاوضات, ولكن هناك مجموعة أو منظومة منهم لا تعنى بالمفاوضات وتسلك مسارات أخرى , وهي نفس المجموعة التي أدخلت الولايات المتحدة ودفعتها إلى التورط في مستنقع العراق , وستزداد مشكلاتهم يوما بعد يوم , والخروج من الأزمة الراهنة ليس مسألة مستعصية , ولكن الأمر يحتاج إلى شجاعة القبول بالأمر الواقع , والتعامل معه بواقعية.
حرب أم لا حرب
هل ترون أن البيت الأبيض يتجه إلى خيار المواجهة العسكرية معكم?
لا نتفق مع الرأي الذي يقول إن البيت الأبيض يتجه إلى الحرب مع إيران , لأنهم ببساطة لا يمتلكون القدرات, كما أن الظروف ليست مناسبة لذلك, كما أن قدرات إيران ليست مثل دول المنطقة, ولكن إذا جنحت الولايات المتحدة إلى طريق غير المفاوضات, فليس أمامنا إلا التعامل مع هذا الخيار, ولكنني اعتقد أن خيار الحرب يتعارض مع معطيات الواقع, ولا أتصور قيام الحرب.
ما هي توقعاتكم لاحتمالات نشوبها , مقارنة بالحقائق على الأرض?
أتوقع عدم حدوث حرب أو مواجهة عسكرية في الخليج , والرئيس الأميركي لم يؤكد الصدام العسكري مع إيران , ونأمل ألا يحدث ذلك , فنحن مازلنا نعاني من حالة الحروب في منطقة الخليج , فالحرب الأولى كانت برغبة أميركية, والثانية بغض الطرف من السفيرة الأميركية في العراق , لا الشعب الأميركي ولا الشعب الأوروبي مستعد لدفع كلفة مغامرة جديدة , حتى الكونغرس الأميركي لا يوافق على الحرب واستمرارها, نأمل أن تسود لغة العقل والمنطق.
قدر الخبراء أن للولايات المتحدة وبريطانيا ما يزيد على 30 قطعة حربية بحرية, إضافة إلى أربع حاملات طائرات في مياه الخليج.. كم تمتلك إيران في المقابل , وكيف ينتهي هذا العرض للقوة?
نعتبر وجود كل هذه القطع البحرية نوعا من استعراض القوة والدعاية, ومعظم تلك القطع البحرية كانت موجودة في السابق , وأقول لو كانت رغبتهم عدم الحرب فلتخرج هذه القطع من مياه الخليج.
ما مدى صحة حدوث بعض العمليات الحربية واللوجستية التي قام بها الأميركيون في شمال إيران ?
لا صحة لما يقال عن حدوث أية عمليات هناك, ولا يمتلك أحد الجرأة لفعل شيء على الأراضي الإيرانية فالقوات الإيرانية منتبهة جيدا.
اتحاد نووي
لاشك أن التفوق في المجال النووي يعتمد في الأساس على بنية أساسية من كوادر العلماء والفنيين الوطنيين, هل تمتلكون هذه الكفاءات, وإلى أي مستوى?
برنامجنا النووي السلمي يعتمد في الأساس على خبراء إيرانيين في مجال الطاقة النووية , وهي كفاءات وطنية مدربة بنسبة 100 في المئة , ومهما يحدث , ومع كل الاحتمالات السلبية , فإن القدرات النووية تعتمد في الأساس
- كما قلت- على الكوادر والخبراء
لحل أزمة هذا الملف تردد أنكم اقترحتم قيام اتحاد دولي, يضم الولايات المتحدة , يشرف على المنشآت النووية الإيرانية.. هل مازال هذا الاقتراح قائما, وأين وصلت أزمة هذا الملف?
اقترح الرئيس أحمدي نجاد مشروعا نعتبره الأكثر دقة وملائمة , ويقضي بأن يتم تشكيل تحالف دولي "كونسرتيوم" من الدول الغربية والولايات المتحدة, يتولى تخصيب اليورانيوم في إيران, ونحن مستعدون لقبول هذا الواقع لتخصيب اليورانيوم بالطرق السلمية , وعدم قبول هذا الاقتراح يؤكد عدم موافقتهم في الأساس على مشروع إيران السلمي, ويلجأون إلى تحويل القضية إلى الجانب السياسي.
لقد أكدنا دائما أن الطاقة النووية في إيران هي طاقة سلمية, وقد وجه قائد الثورة الإيرانية وأفتى بعدم تسخيرها للحرب, و الولايات المتحدة أول من يعلم أن برنامجنا مخصص للأغراض السلمية, ولكنهم -الأميركيون- غاضبون لأننا توصلنا إلى هذا المستوى من التطور للبرنامج السلمي في ظل حصار دولي قادته الولايات المتحدة , وفي وقت لم يستطع فيه الكثير من الدول أن يحقق شيئا بعيدا عن العين الأميركية.ومن بين الدلائل على سلمية برنامجنا هو أن زيارات خبراء منظمة الطاقة النووية يأتون يوميا إلى محطات الطاقة الإيرانية, وإلى مواقع العمل بها وبشكل يومي للتفتيش, وقد قاموا بmacr; 2200 زيارة إلى المحطات على مدى السنوات الثلاث الماضية , ولا تزال تعمل تلك الفرق في إيران في محطة "ناتنز" النووية , فكيف يمكن لنا أن نسعى الى تسخير الطاقة النووية لأغراض الحرب في ظل هذه المراقبات والأبعاد الأخرى التي ذكرتها في السابق , كل العالم يعلم أن طاقتنا النووية سلمية , ولكن ما يحدث ان الولايات المتحدة تأخذ القضية من بعدها العلمي أو الفني والتقني إلى البعد السياسي, أي أن القضية هي سياسية وليست فنية, وهو ما يفسر حالة التوتر والاحتقان المفتعلة من قبل الولايات المتحدة.
20 مفاعلا جديدا
إلى أين يسير برنامجكم للطاقة النووية?
نسعى حاليا إلى بناء مفاعلين جديدين وسنطرح عملية بنائهما في مناقصة عالمية , أمام جميع الدول والشركات العالمية, ولن نعترض إذا تقدمت شركات أميركية للمشاركة في المناقصة, وخطتنا أن نبني 20 مفاعلا نوويا, وقد وافق البرلمان الإيراني على إنتاج 20 ألف ميغابايت من الطاقة النووية , فنحن لن نقدم البترول للغرب ثم نسعى إلى التخلي عن الطاقة النووية.
تعتزم دول مجلس التعاون الخليجي الدخول إلى النادي النووي السلمي, هل تساعدونها حيث الجار أولى بالتعاون النووي?
أرى أن تسعى الدول العربية للعمل مع إيران للحصول على الطاقة النووية السلمية, ومن حق إيران وحق الدول العربية العمل في هذا الاتجاه , لأن البند الثالث لمعاهدة وكالة الطاقة الدولية , يمنح الحق للدول الأعضاء في امتلاك الطاقة النووية للأغراض السلمية , وأيضا البند الرابع أكمل الثالث , حيث أكد أن الدول التي تمتلك الطاقة النووية يجب أن تساعد الدول التي لا تمتلكها , وليس لدينا مانع من مساعدة من يطلب المساعدة من خلال وكالة الطاقة الدولية, ونحن نهتم بالتعاون من خلال معاهدة عدم انتشار السلاح النووي , وفي إطار المواثيق والقوانين الدولية.
ماذا تم في تطورات قضية مفاعل "بوشهر" العالقة مع موسكو , والمسائل التجارية المتعلقة بعقد بناء المحطة , وإلى أين وصل التعاون المشترك بينكما, وما هو جدوله الزمني?
تعاوننا مع روسيا جيد , وكان العمل في المشروع يسير بشكل جيد, إلا أنه اليوم يتباطأ بشكل ملحوظ , ومن جانبنا قمنا بدفع الأموال اللازمة للمحطة , ونأمل أن تقوم روسيا بالعمل بما تعهدت به, ولا يوجد أية مشكلات معهم, ولكن لابد من تسريع العمل, وننتظر ذلك من الروس.
كيف ترون مستقبل العراق, ولماذا لا تضعون كل ثقلكم لإيجاد مخرج للشعب العراقي في مؤتمر شرم الشيخ المقبل, وما مستوى التمثيل الإيراني في المؤتمر?
الولايات المتحدة حاليا تبحث عن مخرج من العراق بشكل يحفظ ماء وجهها, وقبل نحو ثلاث سنوات أعلن الرئيس الأميركي جورج بوش , على ظهر فرقاطة , النصر الكامل في الحرب , ولم يعلن عن فترة زمنية لانتهائها, وكان الأميركيون مصرين على عدم الاستماع إلى آراء الآخرين, واكتفوا بالبريطانيين حلفاء, واليوم وصلوا إلى ما نعلمه جميعا.. حتى بلغ بهم الأمر إلى الاشتراك في مؤتمرات الحوار حول العراق.. واليوم لابد لهم من الاستماع إلى آراء الآخرين, وتقاسم المسؤوليات في نهاية المطاف , وهذا إن دل على شىء فإنما يدل على هزيمتهم ونحن نتفهم ذلك, الآن نستطيع أن نؤكد أن الأميركيين بدأوا يفهمون ما يجري على الأرض ويسعون إلى الاستماع للرأي الآخر, وان شعب العراق وشعوب المنطقة كيانات لابد من احترام إرادتها.. و سنشارك في مؤتمر جوار العراق المقبل في شرم الشيخ بوفد يمثل وزارة الخارجية.
باعتبار إيران أحد أهم المؤثرين في الشأن العراقي..كيف ترون مستقبله?
أقول إن الشعب العراقي شعب عريق , وما يحدث سببه أن الأمور ليست بيده , ولو أن زمام الأمور أصبحت بيد هذا الشعب فإن مستقبله سيصبح واعدا , وفي رأيي أنه يمكن إسقاط حكومة بالقوة , ولكن من المستحيل إيجاد ديمقراطية بالقوة , فقط اتركوا الأمور لأصحابها في العراق.
ولو استمرت الولايات المتحدة في سياساتها المطبقة حاليا في العراق , فإنني أتوقع مستقبلا قاتما في العراق , وللخروج من هذا النفق المظلم في الوقت الحالي, أرى أن تضع الولايات المتحدة برنامجا زمنيا للانسحاب والخروج من العراق, ويمكن لدول الجوار أن تقوم بالعمل المباشر لتساعد العراق في بناء الاستقرار وبسط السلام على أراضيه, وإذا تدخلت دول الجوار لمساعدة العراق بعد انسحاب الولايات المتحدة, فإن العراق سيتمتع بمستقبل أفضل.
العلاقات العربية -الإيرانية
ذهب الرئيس أحمدي نجاد إلى آخر العالم, ولم يزر دول الجوار الأقرب - باستثناء السعودية والكويت .., أين جهودكم لبناء التقارب مع دول الخليج?
سياسة الحكومة , تعتمد على تطوير العلاقات مع دول الجوار, وهذا ما يؤكد عليه قائد الثورة في إيران , لأنها مستعدة لإبرام اتفاقيات ثنائية بعدم الاعتداء بينها وبين دول الجوار, وهذا يدل على حسن النوايا , ونحن جادون لبناء علاقات تعاون مع الإخوة العرب, وقد زار الرئيس الإيراني, إلى جانب السعودية, كلا من الكويت, وقطر, وسيزور بلدانا أخرى قريبا.
هناك استياء بلغ مرحلة الرفض من الشارع العربي للسياسة الأميركية في المنطقة, وتعكسه وسائل الإعلام العربية والأجنبية, لماذا لم تستثمر إيران هذا الاستياء للتقرب من الرأي العام العربي بشكل عملي?
لا تتوقف علاقاتنا مع العالم العربي بمدى قرب هذه العلاقة أو بعدها من الولايات المتحدة, لأن سياستنا أكثر عمقا من مجرد حالات رفض هنا أو استياء هناك , وفي حالة تحسن العلاقات بينهما, فإننا لن ننظر للمسألة إلا بمنظور حسن الجوار, وليس من منطلق براغماتي.. إننا نسعى إلى التحدث إلى الشارع العربي, ونعتبر أنفسنا مع الشارع والرأي العام العربي, وإنني أتحدث إليكم.
مازالت هناك طموحات بتحالف مصري- إيراني...متى وكيف تعود العلاقات التي بادرت إيران بقطعها ?
نعتبر مصر إحدى كبريات الدول الإسلامية , وهي تنتمي إلى الحضارة الإسلامية, كما نعتبر الشعب المصري شعبا مثقفا, وعلاقاتنا مع مصر جيدة, وهناك تبادل فكري وسياسي وطيد ومكثف مع القيادة المصرية, ولاشك أن مواقف القيادة المصرية, وخصوصا وزير الخارجية أحمد أبو الغيط جيدة وبناءة , ونحن نسعى إلى اتخاذ مواقف جيدة وإيجابية أيضا, لمسيرة العلاقات الثنائية مع مصر, وننتظر مثلكم عودة العلاقات , ووصلنا معا إلى مستوى جيد وإيجابي, وهناك خطوات مقبله في هذا الاتجاه سيعلن عنها في القريب.
كيف ترون العلاقات الإيرانية- الإماراتية , وكم يبلغ حجم التبادل التجاري ?
لاشك أن علاقاتنا مع الإمارات تسير بشكل مقبول ونستمر في العمل سويا نحو التطوير لهذه العلاقات المشتركة, وقد زار الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان وزير خارجية الإمارات طهران أخيرا وكانت زيارته ناجحة, وعلاقاتنا مع الإمارات هي علاقات عميقة الجذور والدليل أن هناك 300 رحلة جوية أسبوعيا , إضافة إلى 1300 رحلة شهريا عبر الموانئ الجوية والبحرية بين البلدين, وأعتقد أنه لا توجد قنوات اتصال قوية بين بلدين كما يحدث بيننا وبين الإمارات, ولا ننسى أن الشعبين في إيران وفي الإمارات يتنفسان هواء واحدا ويجمعهما طقس واحد, فعندما يسود الطقس القاسي البرودة في إيران, يشعر به الناس في الإمارات, والعلاقات السياسية الثقافية والتجارية والاقتصادية جيدة على المستوى الرسمي والشعبي, وقد بلغ حجم الميزان التجاري بين إيران والإمارات 12 بليون دولار , وهو الأكبر مقارنة بتجارتنا مع دول الخليج العربي. وبشكل عام لا توجد هناك معضلة بيننا وبين الإمارات لحل كل الأمور الثنائية , وسنبدأ التفاوض حول الموضوعات العالقة قريبا.