جريدة الجرائد

التحقيق الدولي في اغتيالات لبنان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك



رندة تقي الدين

ان اقتراب موعد إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة المتهمين باغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه ومن سقط بعدهم من شهداء، في إطار مجلس الأمن لا يبرر تكسير لبنان وخرابه.

وإقرار المحكمة في المجلس في نهاية الاسبوع الحالي أو الاسبوع المقبل، يأتي بعد ان تعذر على البرلمان اللبناني القيام بذلك، وتعطل امكان اقراره لمحكمة وافق عليها جميع الأطراف في الحوار اللبناني المنقطع الآن. ويجب أن يكون إقرار المحكمة في مجلس الأمن مناسبة لتسوية على الأرض في لبنان بين المعارضة والأكثرية، لأن هذه الخطوة ستكون ضمانة للأكثرية بأن العدالة ستأخذ مداها، بالنسبة الى محاكمة المجرمين، وبأن هناك آلية رادعة تمنع ارتكاب جرائم في المستقبل. أما بالنسبة الى المعارضة فإن اقرار المحكمة الدولية، لا يعني انها ستنشأ غداً، لأنه قبل انشائها هناك أمر أهم هو التحقيق الدولي والنتائج التي سيتوصل اليها. ولا تزال أمام القاضي الدولي سيرج براميرتز فترة سنة قبل استكمال تحقيقه وجمع الاثباتات قبل توجيه الاتهام الى المسؤولين عن الاغتيالات، ولا شك ان الأهم من اقرار المحكمة هو ما سيتوصل اليه التحقيق الدولي.

فهل بإمكان المعارضة التي تعطل اقرار هذه المحكمة ان ترفض عمل براميرتز الذي اعترف الكل بمهنيته، حتى ان دمشق تعاونت معه؟ علماً أن نتائج التحقيق الذي يقوم به لا تحتاج الى موافقة أحد، فهو قاض معترف به دولياً ويحظى باحترام كبير، ووافق على تمديد مهمته لأنه يريد الوصول الى نتائج ترتكز الى براهين قضائية وتظهر من الذي يقف وراء اغتيال الحريري والاغتيالات الأخرى.

فهذا هو قلب الموضوع أكثر من اقرار المحكمة، فهل يمكن لأحد وللمعارضة تحديداً ان ترفض الوصول الى اثباتات ودلائل تسمح بتوجيه الاتهام الى المسؤولين عن الاغتيالات؟ وهل يمكن للمعارضة ان تقول لا لنتائج تحقيق دولي استغرق سنتين من العمل والدرس العميق؟ وكيف تبرر امام الشعب اللبناني رفضها ايجاد دلائل على المسؤولية عن اغتيال رئيس حكومته ومجموعة من شبابه من باسل فليحان وجبران تويني وسمير قصير وبيار الجميل إضافة الى جورج حاوي، ناهيك عما استهدف مروان حمادة ومي شدياق والياس المر، الشهداء الأحياء؟

ان التحقيق الدولي هو صلب الموضوع، وهو مسار لا يمكن أن يموت، وأهميته أكبر من إقرار المحكمة، لأن انشاءها سيأخذ بعض الوقت، خصوصاً أن التعطيل سيأتي لدى تعيين القضاة بسبب التدخل الخارجي.

وينبغي على اللبنانيين أن يقبلوا بإقرار مجلس الأمن للمحكمة بهدوء وعقلانية، لأنها من حق كل لبناني، وأن يتجنبوا أخذ البلد الى المزيد من المآسي. فإيران، البلد الكبير الحليف لـ "حزب الله"، لا تعارض المحكمة، وتتمنى أن تعقب إقرارها تسوية سياسية في لبنان مبنية على وحدة وطنية. فلا يمكن أن تكون هناك وحدة وطنية وحكومة تمثل الجميع من دون إقرار المحكمة، بل إن هذه الخطوة ينبغي أن تحمل الجميع على الادراك بأن لا أحد يستطيع أن يلغي الآخر، وأن هناك مصلحة مشتركة في الحفاظ على أمن البلاد وهدوئها واحترام المواعيد الدستورية، بحيث تتم انتخابات الرئاسة في موعدها.

لقد سئم الشعب اللبناني من طبقته السياسية عموماً، سواء من هم في الحكم أو في المعارضة، والجميع يريد العيش بأمن وسيادة وانتعاش اقتصادي. ولكن السيادة والانتعاش الاقتصادي لا يمكن أن يتحققا في ظل ظرف يعطل كل شيء في لبنان لصالح شقيقته سورية التي تردد أن المحكمة الدولية شأن لبناني وتناقض هذا القول عبر تأكيدها على ضرورة أن يكون هناك وفاق وطني حول المحكمة. فلتكن المحكمة الدولية فعلاً شأناً لبنانياً بعيداً عن التدخلات الاقليمية، ومحاولات التصدي لها بوسائل أصبحت خطيرة على الدول التي تستخدمها. فتخريب لبنان لا يخدم من يعارضون المحكمة، لأنها ستقر عاجلاً أم آجلاً، وربما عاجلاً. لأن الحديث عن موعد إقرارها يشير إلى الأسبوع المقبل.

ليكن إقرار المحكمة مناسبة لتسوية بين مختلف الاطراف في لبنان ومعاودة الحوار في ما بينهم وانتخاب رئيس جديد يمثل القيم الوطنية الفعلية ولا يخدم التعطيل والشلل والانقسام. فهذا هو الخلاص الوحيد للبنان، وينبغي ألا يبقى من قبيل الحلم، لأنه ما يصبو إليه معظم اللبنانيين!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف