بارزاني: كركوك أخذت بالقوة ونريد استرجاعها سلميا ودستوريا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رئيس حكومة إقليم كردستان: ما سمعناه من خادم الحرمين مشجع ويصب في خير القضية العراقية
تساءلت، وأنا أقابل نيجيرفان بارزاني، الرئيس الشاب لحكومة إقليم كردستان، ماذا كان العراقيون سيفعلون من غبر الاكراد؟ ذلك ان بارزاني يعبر عن كل تصرف بصدق وعن كل كلمة يقولها بإخلاص عن عراقيته الحقيقية وعن انتمائه للعراق كانتمائه لشعبه الكردي ويتساوى عنده هذان الانتماءان. ففي كلمته التي ألقاها خلال حفل وضع حجر الأساس لأضخم مركز تدريبي لتكنولوجيا المعلومات في اربيل قبل يومين، قال "ان خدمات هذا المركز المهم ليست لشعب كردستان فقط وانما لعموم الشعب العراقي ولخدمة الحكومة الاتحادية في بغداد، لأننا نؤمن بأننا جزء من العراق ونريد ان نحقق التقدم التكنولوجي لشعبنا وبلدنا ونعيش بسلام مع شعبنا وجيراننا". نيجيرفان بارزاني الحائز جائزة القادة الشباب العالميين في مجال الاقتصاد لعام 2007، يتمتع بعقلية سياسية وعلمية وروح طموحة لبناء إقليم يفتخر به كل العراقيين وليكون نموذجا لتقدم كل العراق. كما أن بارزاني هو أحد أهم رموز معادلة التوازن العربي الكردي في العراق، وهذا ما يؤكده من خلال حديثه عن العراق أولا وعن كردستان ثانيا من غير أن يضحي بمصالح شعبه الذي تعرض عبر عقود طويلة لحروب الإبادة الجماعية والمعاناة. ورئيس حكومة إقليم كردستان العراق الشاب يعمل ما يقارب الـ 18 ساعة يوميا من أجل بناء الإقليم الذي لم يكن النظام السابق حتى يمنح إجازة بناء لمواطن كردي في أن يبني بيتا بسيطا أو غرفة ليعيش فيها فوق أرضه في كردستان، لكن أربيل، عاصمة الإقليم، وكذلك السليمانية ودهوك تنمو وتتطور اليوم معماريا وحضاريا واقتصاديا عبر مشاريع عملاقة لا تحد من طموحات بارزاني الكبيرة في أن يتحول العراق وإقليم كردستان إلى صرح حضاري عظيم في المنطقة والعالم. هذه الطموحات وقضايا الساحة العراقية الساخنة الأخرى كانت محاور حوار مطول لـ"الشرق الأوسط" في أربيل مع رئيس حكومة الإقليم فيما يلي نصه:
* ما هو سر نجاحكم في بناء إقليم كردستان وفق أسس عصرية متميزة؟
ـ العامل الاول هو الاستقرار الامني في كردستان العراق، وهذا عامل اساسي، ولم يكن هذا عملا سهلا، بل بذلنا جهدا مضنيا وبفضل جهود الاجهزة الامنية في كردستان وتعاون المواطنين مع هذه الاجهزة. في العام الماضي اصدرنا قانون الاستثمار الذي صادق عليه برلمان الاقليم وجاء هذا القانون كدعم اضافي لعوامل الاستقرار، حيث أصبح الناس اكثر اطمئنانا لمستقبلهم ومستقبل ابنائهم، ونحن في حكومة كردستان حاولنا مع العراقيين المقيمين في الخارج ليأتوا الى الاقليم ويوظفوا اموالهم ويستثمروا هنا كخطوة اولى للاستثمار في العراق ككل في المستقبل القريب.
* لماذا لم تتعلم الحكومة الاتحادية في بغداد من تجربتكم؟
ـ في الحقيقة ان المشاكل التي تواجه العراق هي مشاكل جوهرية وكبيرة وليست مشاكل صغيرة. العراق يعاني من مشاكل مع الارهاب والتدخلات الاقليمية في داخل البلد، ونحن اكدنا لرئيس الحكومة نوري المالكي أننا في اقليم كردستان على استعداد لدعم العملية السياسة في بغداد وتقديم اي نوع من المساعدة السياسية والعسكرية من اجل استقرار الاوضاع هناك، ولم نتردد عن تقديم هذا الدعم كي ينجحوا في مهمتهم.
* لكنكم كنتم قد تعرضتم لمثل هذه المشاكل في الاقليم، مثل الارهاب والاوضاع الاقتصادية الصعبة والتدخل الاقليمي في شؤونكم وقد نجحتم في تجاوزها.
ـ هذا صحيح، لكن هناك تدخلات كبيرة في الشأن العراقي اليوم، وما نراه من مشاكل هي ليست ناجمة عن اليوم او الامس، بل هي نتيجة السياسات الخاطئة التي تراكمت خلال السنوات الاربع الماضية وتظهر الآن نتائجها. لا اتصور ان العراقيين وحدهم هم المسؤولون عن هذه المشاكل، بل اعتقد ان الكثير من الاخطاء بدأت منذ عملية تحرير العراق واستمرت حتى يومنا هذا.في العراق هناك جبهتان؛ جبهة الارهاب وخلق المشاكل، وجبهة مسالمة تعمل على الاستقرار وخلق عملية النهوض والتقدم، ومع الأسف فان جبهة خلق المشاكل هي التي استمرت، خاصة فيما يتعلق بالصراع الطائفي الذي يعصف بالعراق، وحسب ما اعرفه فان هذا الصراع جديد، ولم يكن موجودا في السابق أي تفرقة بين سنة العراق وشيعته. في كردستان نحن انتهجنا وبارادة قوية مبدأ التعايش والتسامح والمصالحة الوطنية، وكان هذا من أهم العوامل التي ساعدتنا على الاستقرار؛ ذلك لأننا عانينا كثيرا من هذه المشاكل، ونحن ندرك كثيرا انه لا توجد هناك اية وسيلة للحل ما عدا الحوار والمصالحة الوطنية الحقيقية والتباحث عن المشاكل الحقيقية وحلها على الفور، في هذه الحرب ليس هناك منتصر او خاسر بل ان الجميع خاسرون، الكرد والسنة والشيعة وكلنا مسؤولون امام التاريخ لانه توفرت أمامنا فرص مؤاتية لنا للنجاح.
* ألا تخشون من ان تتسلل هذه الحالة الى إقليمكم؟
ـ نحن جزء من العراق والمعانات التي نراها اليوم في بغداد والمدن العراقية الاخرى هي محل أسفنا ويهمنا ان تنتهي ونعتبرها جزءا من معاناتنا نحن. بلا شك ان إقليم كردستان هو جزء من العراق وكل القضايا مترابطة مع بعضها ضمن هذا الوطن، لهذا يجب ان نكون حذرين.الشيء المهم لنا هو ان تنظيمات القاعدة والجماعات المسلحة التي تعصف بالعراق اليوم ليست لديها اية قاعدة جماهيرية بين صفوف مواطنينا في الاقليم لكي تساندهم، على عكس ذلك تماما فان مواطنينا هنا هم سند لنا ويساعدوننا على كشف هذه المجموعات التي تريد ان تخلق مشاكل أمنية، ويسعدنا ان نرى ان الشعب يساعدنا ويتعاون كثيرا مع الجهاز الامني في الاقليم، خاصة بعد الاعمال الارهابية التي حدثت في كردستان، حيث يرى الشعب نفسه مسؤولا عن الاستقرار الامني وهذا ما يدفعه للتعاون اكثر مع السلطات الامنية.
* مشكلة كركوك وتطبيق المادة 140 كيف تنظرون لحل هذه المشكلة؟
ـ نكرر هنا ان كركوك هي مدينة عراقية بهوية كردستانية لدينا خارطة طريق لحل هذه المشكلة، وشعارنا واضح وهو ان ما أخذ منا بالقوة وعنوة نريد استرجاعه بالطرق السلمية والقانونية ووفقا للدستور العراقي، وان هذا الاسلوب هو لصالح العرب والتركمان والكرد ولجميع المكونات التي تعيش في كركوك. نعم نحن ندرك ان هناك تلكؤا او بطأ في عملية تطبيق المادة 140، ولكن في نفس الوقت نرى ان هناك تطورا بطيئا في تنفيذ هذه المادة الدستورية. نحن نتعامل مع هذا الملف بالصبر والتحمل ونحن نقدر الخطوات التي اتخذت من قبل رئيس الحكومة نوري المالكي والالتزام الذي أبداه لتنفيذ المادة 140 موضع تقديرنا.
* هل تعتقدون انكم ستضطرون يوما لاستخدام القوة لاسترجاع كركوك اذا ما توقف العمل بالمادة 140؟
ـ نحن لا نحب ان نتحدث عن هذه المسألة بهذا المنطق. هناك نقطة مهمة لنا وهي ان هذه المشكلة موجودة وإذا كان هناك من يفكر بأن الزمن هو الذي سيحلها وان علينا ان نتركها للزمن مثلما كانت دائما، فهذا تصور خاطئ، بل على العكس ان الزمن سيعقد المشكلة اكثر وكلما تأخر الحل فانه سيسير باتجاه التعقيد. هذه المشكلة موجودة ويجب ان نعمل على حلها وان نجد الآلية المناسبة لتنفيذ المادة 140، ويجب ان نحل هذه العقدة في العراق كي نصل الى حالة التعايش السلمي والعيش سوية لمدى طويل. وأود ان أؤكد ان المسألة ليست مرتبطة فقط بمدينة كركوك، فالمادة 140 من الدستور تتحدث عن مناطق اخرى في العراق والمادة 140 وضعت لحل جميع الاشكالات المشابهة في العراق وليست لكركوك فقط. كركوك مهمة لبعض الناس بسبب النفط، ولكنها مهمة لنا لسبب آخر. فيما يتعلق بالنفط فنحن اتفقنا مع الحكومة العراقية على مسودة قانون النفط الذي نص بان النفط العراقي هو ملك لجميع ابناء الشعب العراقي، اذا هذا الموضوع قد حل، وما تبقى من القضية هي مسألة الملكية، البيوت والمنازل والعقارات التابعة للناس، ونحن نريد حل هذه المشكلة بطرق سلمية وبشفافية كي يأخذ اصحاب هذه العقارات استحقاقاتهم.
* سمعتهم في كركوك يقولون ان الاكراد يريدون ضم المدينة الى اقليمهم حتى يستولوا على النفط وتكتمل لديهم مكونات الدولة فيستقلون؟
ـ نحن كنا مستقلين لمدة 16 عاما، وعندما سنحت لنا الفرصة لنكون جزءا من عراق ديمقراطي فيدرالي تعددي لم نتردد للحظة واحدة في الانضمام اليه، بل ذهبنا الى بغداد وبكل اخلاص كي نشارك بصورة جوهرية في العملية السياسية، وقد وضعنا كل امكانياتنا في هذه العملية من أجل بناء العراق الجديد. كانت لدينا الفرصة في السابق لنعمل ما نريد ان نعمله، ولكننا أبقينا على الخيار الآخر وهو الانتماء الى عراق ديمقراطي تعددي فيدرالي، وعندما نتخذ قرارا معينا فيكون من اجل مصلحة شعبنا في كردستان ومصلحة شعبنا هي البقاء ضمن عراق قوي وهذا بالنسبة لنا تحصيل حاصل، حتى عندما تنضم كركوك لاقليم كردستان فلمن سنبيع النفط؟ ويجب ان نكون واقعيين؛ فجغرافية اقليم كردستان لا تسمح لها التحرك بحرية، ثم لماذا افوت هذه الفرصة على شعبي، نعم نحن شعب آخر ومن حقنا ان نفعل ما يتناسب مع مصلحة شعبنا اذا ما تحدثنا عن حق تقرير المصير، لكننا من الافضل ان نتعامل مع الواقع، وبدلا من ان أرضي شعبي بالشعارات علينا ان نطور حياتنا، ان نبني جامعاتنا ومؤسساتنا الصحية والثقافية والقانونية لنربي الاجيال بطريقة نفخر بها ويفخر بهم جميع العراقيين، هذا هو ما في مصلحة شعبي ومصلحتنا. نفط كركوك يمكن ان يشكل 20% من نفط العراق والجزء الاكبر من هذه الثروة هو في جنوب العراق.
* هل تنظرون بجدية الى التدخلات التركية في موضوع كركوك؟
ـ في الحقيقة ان تركيا تتدخل اكثر من اللازم في هذا الموضوع. نحن نعتقد ان على تركيا ان تحترم ارادة الشعب العراقي، هناك شعب ودستور و80 % من الشعب العراقي صوتوا لصالح هذا الدستور في ظروف صعبة للغاية، هذه هي ارادة هذا الشعب، وضمن الدستور العراقي هناك مادة دستورية (المادة 140) لحل مشكلة كركوك. وطالما بقي الموضوع في اطار الدولة العراقية فليس من حق تركيا ان تتدخل في الشأن الداخلي لأن في ذلك مسا بالسيادة العراقية.اعتقد ان موضوع الرد على تركيا واقناعها بعدم التدخل بالشأن الداخلي يقع على المسؤولين في الدولة العراقية ليتحدثوا بجدية مع الجانب التركي ليفهموا الواقع والعلاقات بين البلدين.
* هل تتوقعون تدخلا عسكريا تركيا ؟
ـ لا اعتقد ذلك. أبدا. تركيا تدرك مصلحتها وأنا أتكلم عن عمليات كبيرة واسعة المدى وتشمل عمق الاراضي العراقية في اقليم كردستان ولا اتحدث عن بعض المناوشات الحدودية البسيطة؛ فهذه تحدث في مناطق جبلية نائية لا توجد فيها اية قرى او سكان، اما ان تقوم تركيا بعملية عسكرية كبيرة وفي عمق أراضينا العراقية، فلا؛ ذلك ان تركيا تدرك ومثلما اوضحت مصلحتها وهذا ليس من مصلحتنا، ثم ما هو سبب هذا التدخل.
* لملاحقة مقاتلي الحزب العمالي الكردستاني..مثلا؟
ـ تركيا دولة جارة مهمة لنا ونريد ان تكون علاقاتنا جيدة معها على اساس المصلحة المتبادلة لخير شعبينا، وفي ذات الوقت نحن ضد استخدام الاراضي العراقية ضد اي جارة لنا، ونريد من العراق ان يعيش بسلام مع جيرانه. اما بخصوص الحزب العمالي الكردستاني التركي فان رؤيتنا نحن له تختلف عن رؤية الجانب التركي. لقد آذتنا هذه القوات، ومع ذلك فليس من الخطأ ان نقول ان هذه مشكلة سياسية ويجب ان نجد لها حلا سياسيا، نحن نقول ذلك استنادا الى تجاربنا، ولو قام الجيش التركي بعمليات واسعة ضد مقاتلي الحزب العمالي الكردستاني التركي فانهم لا يستطيعون حل هذه المشكلة عسكريا، ونحن نعتقد ان الحل العسكري يجب ان يكون آخر خيار، على هذا الاساس نحن مستعدون للتعاون مع الجانب التركي.
* ما هي أصداء زيارة الرئيس مسعود بارزاني للسعودية؟
ـ الرئيس زار المملكة بناء على دعوة من خادم الحرمين الشريفين، وبالنسبة لنا كانت هذه فرصة ذهبية لأن نشرح بوضوح ونبدي توجهاتنا ازاء ما يحدث في العراق وفي المنطقة مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز. المملكة العربية السعودية دولة مهمة وتلعب دورا اساسيا في المنطقة وجاءت هذه الزيارة لتكون فرصة لتبادل وجهات النظر عن قرب، وما سمعناه من خادم الحرمين الشريفين أمر مشجع وهم يساندون جميع مكونات الشعب العراقي ايجابيا من أجل خير القضية العراقية. في تصوري ان خادم الحرمين يستطيع ان يلعب دورا مهما في عملية المصالحة الوطنية التي نبحث عنها لتقارب وجهات النظر، هذا من جانب، ومن جانب آخر لدينا مع المملكة العربية السعودية علاقات قديمة وجيدة وجاءت زيارة رئيس الاقليم مناسبة لتجديد هذه العلاقات وتطويرها.
* كيف تصفون علاقاتكم مع الدول العربية الاخرى؟
ـ علاقاتنا جيدة مع معظم الدول العربية، لدينا علاقات متطورة بالاضافة الى السعودية مع الاردن والامارات العربية ومع الكويت.
* هل سيحل قانون النفط العراقي مشكلة توزيع هذه الثروة بين الحكومة الاتحادية وحكومة اقليم كردستان؟
ـ قانون النفط الذي تم تقديمه الى مجلس الوزراء في بغداد. كنا قد عملنا سوية نحن حكومة اقليم كردستان والحكومة الاتحادية وكلنا متفقون على هذه المسودة وهناك بعض الملاحق التي يجب ان نتفق عليها وفي رأينا انه يجب تقديم القانون مع ملاحقه الى مجلس النواب (البرلمان) العراقي بعد اتفاقنا النهائي كرزمة واحدة وليس منفصلا. نحن متفائلون في ان نصل الى حل في موضوع توزيع الثروات النفطية لأننا اتفقنا على الجزء الاصعب من هذا الموضوع. عندما نعيش سوية في بلد فيجب ان تكون هناك روح النقاش والأخذ والرد ليتم التوصل الى اتفاق مشترك في القضايا المهمة، لو كنا رفيقين نعيش سوية فمن المستحيل ان أطلب لنفسي كل شيء ولا اترك لك اي شيء وهذا مستحيل، ونحن نتعامل مع عقلية مفتوحة وقانون النفط هو لصالح جميع أبناء الشعب العراقي، وفي النتيجة سيكون لصالح شعبنا لأننا جزء من الشعب العراقي.
* هل انتم راضون عما تحصلون عليه من واردات من الحكومة الاتحادية في بغداد، وهل تتناسب هذه الواردات مع طموحاتكم في بناء اقليم كردستان؟
ـ طبعا لا. اقول ذلك على أساس وليس من اجل لا فقط. ان الدمار والخراب الذي حدث في كردستان خلال العقود الطويلة الماضية بسبب الحروب التي شنت ضدنا كان هائلا وحقيقيا. لقد منع نظام صدام قيام اي مشروع استراتيجي في كردستان، بل انه حرم حتى المواطن الاعتيادي من ان يبني بيتا له (منع النظام السابق منح اجازة بناء دار الى المواطنين الاكراد)، لذلك فانه من العدل توفير الموارد اللازمة لتعويض المنطقة والمواطنين على ما لحق بهم من ظلم طوال العقود الماضية. صحيح اننا قمنا ببعض المشاريع الصغيرة هنا وهناك في الاقليم، لكن مشاكلنا الاساسية والجدية ما تزال قائمة، نحن لا نستطيع ان نتحدث عن الاوضاع في اي دولة او اقليم، ونقول انها متقدمة اذا لم يكن هناك نظام صرف صحي جيد وشبكة توزيع مياه متطورة وحل مشكلة الطاقة الكهربائية ووجود العدد الكافي من المدارس، هذه المشاكل الجدية التي نواجهها هنا في الاقليم ولو نقارن بين الميزانية المخصصة للاقليم من بغداد وبين ما نطمح اليه لتعمير البنية التحتية في كردستان، فمن المستحيل ان نبني هذه البنية.
* هل تطالبون بتعويضات من الحكومة الاتحادية لما حدث من خراب ودمار بسبب الحروب التي شنت ضد الكرد لاعادة بناء اقليم كردستان؟
ـ نعم، نحن اخذنا هذا الموضوع بجدية ونحن بصدد اعداد ملف للخراب الذي لحق بكردستان للتباحث مع بغداد لتعويضنا، وهذا الموضوع لا يشمل كردستان فقط وانما لكل الخراب الذي لحق بالبصرة ومدن الجنوب وفي كل مكان. الحكومة العراقية غنية والعراق بلد غني ويجب على الحكومة الاتحادية ان تأخذ في الحسبان تعويض مناطق العراق المدمرة لينعم الشعب العراقي بخيرات البلد.
* يدور الحديث بين المواطنين والمثقفين هنا على ضرورة ان تقوم الحكومة الاتحادية ايضا بتعويض الضحايا والمتضررين من عمليات الانفال وحلبجة بدلا من ان تتحمل حكومة الاقليم دفع هذه التعويضات والرواتب لعوائل الضحايا والمتضررين؟
ـ هذه مسألة اخلاقية نحن نتحملها الآن، حكومتنا هي التي تصرف الرواتب لعوائل شهداء الانفال وحلبجة والمتضررين منهم (المؤنفلين)، وهناك طلبات لزيادة رواتبهم، ولكن على الحكومة في بغداد ومن الناحيتين الاخلاقية والقانونية ان تتعامل مع هذا الملف الانساني والحساس بجدية، وان تعوض هذه العوائل ونحن نتحدث عن ارقام هائلة تتضمن عدد الارامل والأيتام من ضحايا هذه العمليات، ونحن نعتقد ان اي خطوة ايجابية تتخذها الحكومة الاتحادية في هذا الاتجاه ستكون بمثابة تضميد الجروح بالرغم من عدم مسؤولية هذه الحكومة عن عمليات الانفال وحلبجة، لكن تحمل مسؤولية التعويضات سيترك ردود فعل ايجابية في نفوس عوائل الضحايا ولدى الرأي العام.
* كيف تصفون علاقتكم بالحكومة الاتحادية في بغداد، هل هي مقبولة ام جيدة ام جيدة جدا؟
ـ علاقتنا بالحكومة الاتحادية جيدة. نقول جيدة لأن هذا النوع من النظام في العراق جديد ويحتاج الى الوقت، وحتى الآن بغداد تحب ان تأخذ السلطة وتضع كل شيء بيدها وهذا بالنسبة لي شخصيا أمر طبيعي حتى تأخذ المسألة كامل وقتها، ومن المستحيل ان تتحول العقلية المركزية في الحكم الى عقلية اتحادية في غضون وقت قصير وأنا متفائل.
* هل هناك فساد في حكومتكم وما هي نسبته؟
ـ نعم من المؤكد يوجد فساد في حكومتنا مثلما يحصل في باقي الحكومات الاخرى، لكن مقابل ذلك هناك ارادة قوية من الحكومة لمحاربة هذا الفساد وعدم افساح المجال وتوسعه؛ وذلك عبر برنامج خاص ولا أريد لهذا البرنامج ان يبقى مجرد شعارات، بل يجب ان يكون جديا وعمليا لنحصل على نتائج ايجابية. موضوع محاربة الفساد يجب ان يساهم به الاعلام والمؤسسات الثقافية والمواطنون لتثقيف الناس عن مخاطر الفساد. واعتقد ان ما يتحدث فيه الاعلام المحلي عن الفساد في الحكومة مبالغ فيه، لأنه عمليا يجب ان تكون هناك أموال طائلة كي يحدث فساد كبير، لكننا في كردستان نعمل على توفير الخدمات والفرصة ضئيلة أمام استشراء حالات الفساد، ومع ذلك لا أنفي وجودها.