جريدة الجرائد

هل انتهت الحرب على الإرهاب؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك


فيكتور ديفيز هانسون



هل ما زلنا نحتاج إلى خوض حرب ضد الإرهاب؟

عدد متزايد من الغربيين الذين سئموا من حربي العراق وأفغانستان أو الذين هم لديهم حالة من الرضا بسبب عدم وجود هجمة بضخامة ما حدث في الحادي عشر من سبتمبر يجيبون بالنفي على هذا السؤال.لقد وصفت وزارة الخارجية البريطانية عبارة "الحرب على الإرهاب" بأنها غير دقيقة وملهبة للمشاعر وتأتي بنتائج عكسية. وبدورها لم تعد القيادة المركزية الأميركية تستخدم مصطلح "الحرب الطويلة" في وصف حربها ضد المتشددين.

هناك كتاب بعنوان "التضخيم: كيف ضخم الساسة وصنُاع الإرهاب من تحديات الأمن القومي ولماذا نصدقهم؟" يرى أن التهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة مبالغ فيه بشكل كبير، وفي هذا الكتاب يطمئنُنا زبجنيو بريجنسكي، مستشار الأمن القومي في إدارة جيمي كارتر، بالقول إن ما يُرهبنا بالفعل هو تلك الفكرة الخاطئة المتعلقة بالحرب على الإرهاب وليس المتشددين أنفسهم، وحتى فرانسيس فوكوياما، ذلك المفكر الذي كان ينتمي يوما للمحافظين الجدد، والذي دعا في عام 1998 إلى الإطاحة بصدام حسين، يعتقد أن الحرب هي "وصف مجازي خاطئ" لكفاحنا ضد الإرهابيين.

هناك آخرون يرون أن المتشددين يفتقرون إلى الموارد التي كان يمتلكها أعداء لنا مثل النازيين أو الاتحاد السوفييتي، مثل هذا النمط من التفكير قد يبدو مقبولا في ضوء عدم مقدرة تنظيم القاعدة على قتل عدد كبير من الأميركيين بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر. أو أنه قد يعكس آمالا تفيد بأنه في حال انسحابنا من العراق فإن المتشددين سيتراجعون. غير أن هذه الفكرة خاطئة كل الخطأ وذلك لاعتبارات عديدة.

أولا يجري بشكل دوري اعتقال إرهابيين سواء في أوروبا أو في الولايات المتحدة. وقد حدث مؤخرا أن تم تسريب تقرير بريطاني يصف بالتفصيل خطط تنظيم القاعدة لشن هجمات وصفها التقرير بأنها "واسعة النطاق". لا يجب أن يلومنا أحد على حذرنا إذا كان حذرنا هذا قد أسفر عن حمايتنا داخل وطننا طوال الأعوام الخمسة الماضية.

ثانيا هل نسينا أن ألمانيا النازية لم تستطع أبدا قتل ثلاثة آلاف أميركي داخل أراضينا؟ هل استطاعت اليابان قط أن تدمر مساحة 16 فدانا من مانهاتن أو نجحت في ضرب مركز حيوي في الجيش الأميركي؟ بل أن الاتحاد السوفييتي نفسه لم يستطع أن يلحق بنا خسائر اقتصادية بمليارات الدولارات في يوم واحد.

ثالثا الإرهابيون الذين لا دولة لهم يمكن أن يكونوا أشد خطرا من التهديدات التقليدية التي كانت تشيع في الماضي.

رابعا نجح المتشددون في تسجيل نجاحات لهم في شتى الميادين لدرجة أن الملايين في المجتمعات الغربية أضحوا مذعورين لأنهم لأول مرة منذ قرون لا يستطيعون الكتابة أو الحديث بصدق عما يشعرون به تجاه هؤلاء المتشددين.

خامسا جميع خطط حياتنا الآن تعتمد على الكمبيوتر والأمر لا يحتاج إلى صاروخ لضرب تلك الأنظمة الحاسوبية. المحيطان اللذان يحيطان بالولايات المتحدة الأميركية لم يعودا يحميانها. الانترنت لا تعرف أي حدود وحدودنا مفتوحة أمام الجميع وهناك العشرات من السفن التي ترسو داخلها ومئات الرحلات التي تأتي أراضينا يوميا.

جمرة خبيثة واحدة أو وقود نووي أو كمية صغيرة من غاز الأعصاب- مثل هذه الأشياء يمكن أن تتسبب في دمار لا تستطيع فرقة مدرعة من فرق هتلر تحقيقه. السوفييت كانوا يُعتبرون أعداءً عقلاء يقبلون بالقوانين الكئيبة للردع النووي. ولكنّ المتشددين يتفاخرون بأنهم يؤثرون الموت إذا كان هذا الموت يسفر عن قتل آلاف الأميركيين. إنها حرب غريبة. إن نجاحنا في تجنب هجمات كبرى قد أقنع البعض بأن الخطر الحقيقي قد زال. لكن على الرغم من هذا الإنكار لوجود تلك الحرب فإن الحرب على الإرهاب تظل حقيقية وقاتلة.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف