جريدة الجرائد

الدور الذي لا يتقن ميشال عون غيره

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
خيرالله خيرالله



من اطرف ما صدر عن النائب ميشال عون في خطابه يوم عيد العمال رفضه قبول ان يكون اسم الرئيس اللبناني المقبل موحى به من سفارة اجنبية قائلا: "لن نقبل بأن تأتي كلمة السر من سفارة". لا يمكن فهم مثل هذا الكلام الا من منطلق ان ميشال عون يعتقد ان جميع الطامحين إلى الرئاسة على شاكلته، اي من طينة اولئك الذين يلجأون إلى السفارات الاجنبية أو منازل السفراء الاجانب للتذكير فقط. فر "الجنرال"، عفوا المهرج برتبة جنرال، إلى منزل السفير الفرنسي في بعبدا عندما هاجمت القوات السورية القصر الجمهوري في الثالث عشر من اكتوبر 1990 تمهيدا لوضع اليد على لبنان فعلا. فر "الجنرال" الذي كان تعهد في خطاب علني بأنه "اخر من يغادر السفينة" إلى منزل السفير الفرنسي رينيه الا، تاركا زوجته وبناته في عهدة الضابط السوري الذي دخل القصر ومعه الوزير الراحل ايلي حبيقة العميل الاسرائيلي في السبعينات والعميل السوري في الثمانينات والتسعينات.

صار ميشال عون يحاضر الان. منذ متى يحق لامثال "الجنرال" اعطاء دروس في ما يعتدي انصاره على الممتلكات الخاصة والعامة في وسط بيروت؟ لابد من تكرار المثل الفرنسي القائل ان من حسن الحظ ان السخف لم يعد يقتل... ولكن ما العمل مع اشخاص نذروا انفسهم للعب دور الاداة والتعويض عن هزائمهم بالصياح والكلام الذي لا معنى له مثل الدعوة إلى اجراء انتخابات لرئاسة الجمهورية عن طريق التصويت الشعبي المباشر ولمرة واحدة فقط!

لا يصلح الصياح والكلام الفارغ لتغطية الهزيمة الجديدة التي مُني بها "الجنرال"، الذي حاول ان يكون من كبار قطاع الطرق، في الثالث والعشرين من يناير الماضي عندما دعا إلى اضراب عام وإلى شل الحياة في المناطق المسيحية. وكانت النتيجة ان المواطنين تصدوا له واعادوا فتح الطرق والمرافق العامة في اسرع مما كان يتصور. وكانت النتيجة ان لجأ "الجنرال" هذه المرة إلى حيث "حزب الله" الذي يستخدم سلاحه غير الشرعي الموجه إلى صدور اللبنانيين وأرزاقهم لتنفيذ عملية تعطيل الحياة الاقتصادية في البلد خدمة للنظام السوري.

هذا النظام الذي يعتقد ان تهديد الاستقرار في لبنان سيمكنه من منع قيام المحكمة ذات الطابع الدولي التي ستنظر في قضية اغتيال الرئيس رفيق الحريري والجرائم الأخرى التي بدأت بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة انتهاء باغتيال النائب والوزير بيار أمين الجميل الذي كان يمثل الشباب اللبناني المتشبث بأرضه الرافض للهجرة التي يدفعه اليها "الجنرال" بممارساته الحمقاء. يمارس ميشال عون هواية تهجير اللبنانيين منذ أن تمرد على الشرعية في العام 1989 وأصر على احتلال قصر بعبدا متسببا بطريقة غير مباشرة باغتيال الرئيس المنتخب الشهيد رينيه معوض في الثاني والعشرين من نوفمبر من العام ذاته.

لا حاجة إلى عرض تاريخ "الجنرال" ومسيرته التي لم تتسبب للبنانيين سوى بالخراب. يكفي ان هذا الشخص لا يستطيع الا ان يكون اداة في خدمة كل من يسعى إلى تدمير لبنان واستخدامه "ساحة" للنزاعات الاقليمية. استخدمه النظام السوري للانقلاب على الطائف ودخول قصر بعبدا ووزارة الدفاع في العام 1990. ويستخدمه "حزب الله" منذ اشهر عدة في عملية مبرمجة ذات طابع تخريبي لا هدف لها سوى خلق فراغ سياسي في البلد عن طريق التخلص من الحكومة الشرعية وذلك خدمة للنظام السوري.

لو لم يكن الامر كذلك لانتفض ميشال عون في وجه الظلم الذي يتعرض اليه لبنان واللبنانيون وفي وجه رئيس للجمهورية بنى كل رصيده لدى النظام السوري على رفضه ارسال الجيش الوطني لحماية الجنوب وذلك حتى عندما كان قائدا للجيش. هل يوجد في العالم قائد للجيش أو رئيس للجمهورية يرضى بأن يكون جزءا من ارض بلده "ساحة" يلعب فيها اخرون خدمة لمصالح لاعلاقة لها بأهل البلد لا من قريب أو بعيد؟

لو لم يكن ميشال عون اداة مستأجرة، لكان تساءل كيف يمكن ان يسمح لنفسه بالسكوت عن سلاح "حزب الله" وممارساته وان يصب كل شتائمه وغضبه على حكومة شرعية حمت لبنان ابان العدوان الاسرائيلي وسعت إلى تعويض الخسائر التي لحقت بالبلد؟ ولكان تساءل ايضا كيف يمكن ان يسمح لنفسه بالسكوت عن فضيحة اسمها انتصار "حزب الله" بعدما تبين ان هذا الانتصار اعاد البلد، بلغة الارقام، ثلاثة عقود إلى خلف؟ وكيف يمكن ان يسكت عن حزب مسلح في لبنان يفرح بالديموقراطية الاسرائيلية ويعتبر ان تحقيق "لجنة فينوغراد" التي دانت تصرفات ايهود اولمرت ووزير الدفاع عمير بيريتس ورئيس الاركان الجنرال دان حالوتس بسبب تصرفاتهم في أثناء حرب الصيف الماضي على لبنان انتصارا له؟

كيف يمكن الا يرى ما حل بلبنان واللبنانيين رافضا اخذ العلم بعدد الشبان الذين هاجروا بسبب الحرب التي تسبب بها "حزب الله" عندما اقدم على مغامرة خطف جنديين اسرائيليين؟ فعل ذلك في وقت كان واضحا ان الرد الاسرائيلي سيكون من النوع الهمجي في ضوء ما حصل في غزة، قبل ذلك بأسبوع فقط، نتيجة خطف جندي اسرائيلي واحد. واخيرا، كيف يمكن لشخص يعتبر نفسه على علاقة بالسياسة ان يساهم في استكمال العدوان الاسرائيلي على لبنان عن طريق تغطية الجريمة التي يرتكبها "حزب الله" في حق بيروت واهلها وكل ما هو حضاري فيها؟

الجواب الوحيد عن كل هذه التساؤلات ان ميشال عون لا يستطيع الا ان يكون اداة يعتبر هذا الدور علة وجوده لا اكثر ولا اقل. انه بكل بساطة لا يتقن غيره حتى لو كان ذلك على حساب لبنان واللبنانيين الشرفاء وتغطية كل انواع الجرائم التي ترتكب على ارض لبنان.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف