جريدة الجرائد

الإسلاميون العرب يرون في أزمة تركيا اختبارا للديمقراطية

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

رولا خلف ـ الفايننشال تايمز


كان العالم العربي في أغلب الأحيان ينظر إلى تركيا دون اكتراث، معتبرا إياها دولة علمانية موغلة في علمانيتها، أدارت ظهرها للإسلام منذ فترة طويلة ولا يجمعها بكثير من جيرانها سوى القليل. لكن المحللين يقولون إن الأزمة السياسية التي أخذت تتبلور في أنقره حول الرئاسة - بعد أن هدد الجيش التركي بالتدخل لإحباط الآمال الرئاسية لمرشح من حزب ذي جذور في الحركة الإسلامية - اجتذبت انتباهاً غير مألوف في المنطقة.
المجموعات الإسلامية المعتدلة، على وجه الخصوص، تراقب الأحداث في تركيا بوصفها اختبارا لمزايا الانخراط في السياسة الديمقراطية.
يقول عصام العريان، وهو مسؤول رفيع المستوى من الإخوان المسلمين في مصر، إن الحسم في تركيا يمكن أن يكون له دلالات بعيدة المدى بالنسبة لتطور الحركات الإسلامية في المنطقة.
ويرى العريان أن التدخل العسكري سيقوي حجج الزعماء الجهاديين الذين يحذرون من المشاركة في الانتخابات.
وبالنسبة لبعض العرب، فإن معارضة الجيش التركي لمرشح من حزب العدالة والتنمية الحاكم، الذي انبثق عن حركة إسلامية، تحيي ذكريات تدخل الجيش الجزائري عام 1991 لوقف انتصار إسلامي في انتخابات تشريعية.
لكن العريان يقول إن تجربة حزب العدالة والتنمية في الديمقراطية الأكثر نضجاً في تركيا، ستكون مختلفة عن تجربة جبهة الإنقاذ الإسلامية في الجزائر. فقد كانت الجبهة حزباً مؤسساً حديثاً وراديكالياً يفتقر إلى رسالة متماسكة عندما حرم من انتصار انتخابي، ما أشعل سنوات من النزاع المدني، كما أن تحرك الجيش لقي إلى درجة كبيرة، دعماً من قبل الحكومات الغربية.
وفي تركيا تواجه الحكومة تحدي الجيش، بالسعي إلى انتخاب رئيس عن طريق التصويت الشعبي المباشر، وليس التصويت البرلماني، ما يجعل من الصعب على الجيش أن يتدخل، وهو الذي يعتبر نفسه حامي العلمانية.
وكانت للمجموعات الإسلامية العربية علاقة غير بارعة مع حزب العدالة والتنمية، إذ يتهمه الكثير من هذه المجموعات بالتخلي عن مبادئه الإسلامية في سعيه إلى السلطة ضمن دولة علمانية.
ويشير الإسلاميون إلى أن هناك فروقاً مهمة بين تركيا والدول العربية، حيث تواجه الحكومات الأحزاب الإسلامية، لكنها تسعى إلى استمداد الشرعية من الإسلام وإقامة دستورها، بطريقة أو بأخرى، على المبادئ الإسلامية.
لكن في السنوات الأخيرة بات الإسلاميون الأكثر اعتدالاً في المنطقة، ينظرون إلى حزب العدالة والتنمية كأنموذج ناجح. ومثال ذلك أن برنامج الإخوان المسلمين في سورية، وهم مجموعة محظورة، يتضمن دعوة إلى حكومة "مدنية" وتعددية شاملة وليس إلى دولة "دينية".
وفي المغرب، فإن المسؤولين في الحزب الذي يحمل الاسم نفسه، العدالة والتنمية، وهو مجموعة شرعية من المحتمل أن تحقق نتائج جيدة في انتخابات برلمانية هذه السنة، يستلهمون مواقفهم من التجربة التركية.
ويقول مصطفى رامد، وهو عضو برلماني عن حزب العدالة والتنمية: "يعيش حزب العدالة والتنمية تحت مظلة علمانية - إننا نقول إننا حزب ديمقراطي، لكن في دولة إسلامية".
ويضيف: "لكن النجاح في تركيا يمكن أن يعطي دعماً أدبياً للأحزاب الإسلامية التي تلعب اللعبة الديمقراطية، بينما سيكون للفشل تأثير أيضا".
ويأتي الاختبار التركي في الوقت الذي تواجه فيها المجموعات الإسلامية سلسلة من النكسات. وبرغم النجاح الأخير في الانتخابات وفي استغلال الضغط الأمريكي من أجل تطبيق الديمقراطية، فإن المجموعات الإسلامية صعدت من مشاركتها السياسية في أعقاب 11 أيلول (سبتمبر)، وبعضها قام أيضا بتلطيف رسالته للنأي بنفسها عن الجماعات الجهادية.
لكن الحماس في واشنطن تضاءل عندما أدركت الإدارة الأمريكية أن الإسلاميين الأفضل تنظيماً والأكثر شعبية يمكن أن يحققوا نتائج أفضل من الأحزاب العلمانية الضعيفة والمتشرذمة. لذلك بدا، خلال العام الماضي، أن إدارة بوش عادت إلى سياستها التقليدية.
وأدى انتخاب حماس، الحركة الإسلامية الفلسطينية، في كانون الثاني (يناير) 2006 إلى عزلة دولية، حين ربطت الحكومات الغربية المساعدات بسلسلة من الشروط، بما فيها اعتراف حماس بإسرائيل.
وفي مصر قوبل أداء الإخوان المسلمين القوي في الانتخابات التشريعية التي أجريت عام 2005 بإجراءات حكومية صارمة لمنع الحركة من تحقيق مكاسب أكثر.
وحسب أوليفير روي، وهو خبير فرنسي متخصص في الحركات الإسلامية، إذا لم يتم حل الأزمة التركية من خلال صناديق الاقتراع، فإن ذلك سيكون تأكيداً آخر للإسلاميين لـ "تعصب" الديمقراطية الغربية وتفضيلها "العلمانية المستبدة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف