جريدة الجرائد

الانتخابات العربية..الشعـارات من أفواه الناس

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


المجلة

* طرحت الشعارات الانتخابية المتداولة قضية بالغة الأهمية وهي الجدية والمصداقية في العلاقة بين الناخب والمرشح، وهي تعكس على جانب آخر واقعا اجتماعيا سياسيا فهناك افتراق واختلاف كبير حول ما يقال ويعلن وبين التنفيذ والتطبيق كأمر واقعا، حتى إتضح إن العديد من تلك الشعارات حالمة وأيديولوجية وغير واقعية وتخالف أبسط قواعد العملية الديمقراطية، التي يجب أن تنص في قوانين الانتخابات على احترام الناخب وعدم التغرير به.أم أن القضية مجرد عملية نفسية يعمل المرشح كل جهده للوصول إلى هدفه في تعبئة الجمهور حول برنامجه الانتخابي من خلال تأكيده على شعارات يبدو فيها جانب كبير من التضخيم والتفخيم.الحركات الإسلامية طرحت شعار إلاسلام هو الحل غير انها تصطدم اليوم بجملة من القواعد الدستورية التي جعلت من شعارها أمرا مخالفا للقانون، فإستبدلته بشعار واقعي جديد" الإصلاح هو الحل" فيما مازالت الأحزاب الأيديولوجية أسيرة لخطابات سياسية تقليدية أميركا والعدو الخارجي والامن القومي هوشعارها لكنها لم تمنحنا الفرصة الكافية لبيان وإيضاح أسباب فشل الحزب القائد في إدارة الدولة والتعاطي مع المستجدات العالمية والواقعية، فيما هرب مرشحو اللاسياسة إلى الجانب الخدمي على قاعدة " انتخبوني..أنا الأقرب لكم" وبقي الشعار الاقتصادي أكثرها واقعية مع اختلاف المدرسة والتوجه السياسي، فالمدارس الليبراليةرفعت شعار" خصخصة الاقتصاد وتحريرة.. طريقنا للتنمية والازدهار"هذه الشعارات تعبير عن واقع مشتت ومختلف لمجتمعات لم تحدد أهدافها التنموية السليمة بعد، فهل سقوط الشعار الانتخابي كفيل، بإنهاء ظاهرة الشعارات في عالمنا العربي،ولماذا لا نحاسب دائما على الفعل والإنجاز على اختلافه، ألا يعد ذلك سببا للنجاح وابتعادا عن الفشل؟


* سئل أحد المرشحين كيف تصوغ شعارك الانتخابي،فقال شعاري جزء من برنامجي أولا، ولكنني أشتقه من بين أفواه الناس،وهوحاضر في أذهانهم، ويشكل جزءا من ثقافتهم،وأحيانا من ذكرياتهم، فإذا تمكنت من ترجمة ذلك في شعارسهل يمكن حفظه وترديده فمن الممكن ان يحقق نتائج ايجابية، وعندما سئل كيف يؤدي الشعار الى تحقيق النتيجة قال: الناخب في الفترة الانتخابية يكون معبأ وخاضعا لجو انتخابي مشحون نظرا لكثرة المرشحين، وبالتالي فإنك قادر على استقطابه من خلال شعار مختلف عن الآخرين خاصة وأن لكل ناخب بيئة ينطلق منها وثقافة تحكمة وظروف ومعطيات تؤثر في قراره وبالتالي عليك أن تكون قريبا منه دائما .والشعار وليد الواقع الاجتماعي السياسي وانعكاس لدرجات تطوره ورقيه المعرفي والتعليمي، والمؤسساتي، لذا تختلف العواصم والمدن الكبرى في شعاراتها عن شعارات المناطق الخارجية، نظرا لاختلاف البيئة فما هو مقبول في العاصمة قد لا يكون مقبولا في مدينة أخرى، وبالتالي فإن فن صناعة الشعار تحتاج معرفة متعددة الجوانب والإحداثيات .

يقول الباحث في الشؤون الانتخابية فرج أبوشمالة- مركز دراسات المجتمع المدني:إن لديه اعجابا كبيرا بقراءة اللافتات الانتخابية، فهي تختلف من مكان لأخر حسب الوضع الطبقي الثقافي والسياسي والاقتصادي والتعليمي والمدني، ففي العاصمة يتم الحديث كثيرا عن الدستور والمؤسسة وحقوق المرأة، والإنسان والطفولة، فرجال الاعمال شعاراتهم في العادة اقتصادية "معا لبناء اقتصاد السوق ، والخصخصة واطلاق المبادرات الفردية"والسياسيون الحزبيون شعاراتهم أيديولوجية"لا.. للتطبيع مع الكيان الصهيوني.. نعم للتضامن والتكامل العربي" وأما شعارات الاسلاميين" الاسلام هو الحل لقضايانا العادلة..لا للديمقراطية المستوردة من أميركا" فيما هناك صنف من المرشحين ممن يسمون انفسهم مرشحي خدمات يتوارد على لسانهم" الماء والكهرباء والهاتف والطرق المعبدة..حق لكل مواطن""لا لارتفاع أسعار المواد التموينية والمشتقات البترولية .. نعم للتأمين الصحي الشامل والتعليم المجاني" فهذه الشعارات تخاطب فئات محددة بذاتها لذلك يعمد المرشح لاختيار شعاره الانتخابي وفقا لدراسة الواقع الاجتماعي السياسي لمنطقته الانتخابية.

ويشير أبوشمالة إلى أن الانتخابات قائمة على عدة معطيات اساسية وهي الناخب والمنطقة وطبيعة المجتمع "تقليدي أو متحضر مسيس أو متدين، صاحب قضية معينة"وهل المرشح مؤهل ومقتدرماليا فكثير من المرشحين السياسيين لا يملك مالا كافيا للعملية الانتخابية لكنه يملك رصيدا شعبيا، كمواقفه الاجتماعية والسياسية وعلاقاته الدائمة، ومصداقيته، ومنطق تفكيره وحديثه،وعناصر حملته الانتخابية، وآليات عمله خلال فترة الانتخابات وماقبلها، فكثير من السياسيين ترشحوا للانتخابات بناء على جذرهم النضالي والسياسي، وآخرون فازوا بحكم قدرتهم على توظيف علاقاتهم في تقديم الخدمات للأخرين وقت الضرورة والحاجة وهذه مواقف لا تنسى خاصة في مجتمعاتنا، اضافة الى المقدرة التعبوية واستخدامه فن إدارة الحملات الانتخابية بنجاح وانضباط.الشعار الانتخابي جزء من ثقافة الاتصال والتواصل الرمزي والمعنوي مع الآخرين، فقد لا يكون للشعار دور في تغيير المواقف وأستمالتها، ولكنه في أوساط شعبية يصبح له مفعول ساحر ومؤثر لذا ابتدع المرشحون جملا براقة تلخص "رسالتهم" من وراء السعي وراء منصب ما، وهي عبارات دائما ما تكون مختصرة موجزة تغري وسائل الإعلام باقتباسها دون غيرها .


د.أحمد مجدي حجازي أستاذ علم الاجتماع السياسي:الشعارات مرآة للثقافة السائدة
المجلة: رشا حسني
* الشعار الانتخابي ..تلك الكلمات المقتضبة التي تختزل بين حروفها برنامجا سياسيا يعول عليه المرشح في اجتذاب الآف الأصوات لا يتوقف دوره على ذلك بل يمكن اعتباره مراّة لثقافة الشعب ومدى تقدمه كما يرى الأستاذ الدكتور أحمد مجدي حجازي أستاذ علم الاجتماع السياسي وعميد كلية الاّداب السابق والمستشار الثقافي للسفارة المصرية بالمغرب سابقا عميد وخبير علم الاجتماع بالمركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية .

* هل الشعارات الانتخابية ظاهرة حديثة أم أنها تضرب بجذورها في التاريخ العربي ؟

ــ عرفت الشعارات الانتخابية في حقبة تاريخية سابقة فالشعار يتكون من رموز لغوية تنتج عن وضع اجتماعي معين يبحث من خلاله صاحب الشعار عن تبوء مكانة معينة إذ أن كل فئة اجتماعية تبحث عن السلطة لابد أن تبحث عن الشرعية من خلال الجماهير وقد مثلت الشعارات على مر التاريخ الوسيلة الأضمن للتقرب من الجماهير واكتساب تأييدهم ودعمهم
* إلى أي حد تنعكس ثقافة المجتمع في ابتكار الشعارات الانتخابية ؟

ــ يلعب التراث الثقافي والإرث الحضاري الدور الأكبر في سلوكيات الأفراد التي ينخرط تحتها سعي الانسان نحو ابتكار شعار كما تؤثر طبيعة المجتمع ومدى تقدمه في اختيار الشعار الانتخابي.إذا نظرنا للدول المتقدمة سواء كانت أوروبية أو أمريكية لوجدنا الشعارات الانتخابية التي يتبناها المرشحون تتسم بالعقلانية وتستند لثقافة المصلحة واذا ظهرت شعارات غير مدروسة بشكل علمي دقيق ولا تعكس مصالح الفئات الاجتماعية المستهدفة يتم رفضها من المجتمع ولا تلقى رواجا . فالثقافة العقلانية قادرة على افراز شعارات انتخابية ناجحة ومؤثرة وهناك مثال واضح في الانتخابات الفرنسية التي جرت مؤخرا اذ سعى المرشحان الرئيسان لاختيار شعارات تمس مصالح أكبر فئة من الناخبين وقد تبنى ساركوزي الفائز في انتخابات الرئاسة الفرنسية شعارا يؤكد أنه انسان يمثل كل الفرنسيين وأنه مساند لمصالح الطبقة الدنيا .مثل هذه الشعارات التي تمس الاقتصاد المعيشي عادة ما تلقى رواجا لدى الفئات الاجتماعية المختلفة .

* إلى أي حد يعكس الشعار الانتخابي أيديولوجية أو اتجاها سياسيا بعينه ؟

ــ كل فئة اجتماعية لها مصالح معينة لا تتفق تماما مع مصالح الفئات الاجتماعية الأخرى فلا يمكن القول بأن مصالح رجال الأعمال تتفق مع مصالح العمال كما لايمكن تصور التقاء مصالح الطبقات الاجتماعية المختلفة فالأيديولوجيا التي يعبر عنها الشعار الانتخابي تمثل مجموعة من المصالح لفئات اجتماعية معينة لها مذهب فكري معين تعبر عنه شعارات موجههة لتلك الفئات المستهدفة .الغريب أنه كلماغابت الايديولوجيا كلما كانت الشعارات الانتخابية أكثر واقعية وكلما جاءت معبرة عن قطاعات أكبر من المجتمع ومثلت مصالحهم المشتركة

* هل ترى على المستوى العربي اتساقا بين الشعارات الانتخابية وبين السياسات التي تنتهج واقعيا؟

ـــ كل مجتمع عربي له أسلوبه الخاص في الانتخابات وفي تقديم البرامج الانتخابية وما يتصل بها من شعارات .ومع انفتاح المجتمعات العربية على غيرها من المجتمعات الغربية المنفتحة سياسيا ظهرت الحاجة لتلبية ماتفرضه الأجندة العالمية من اهتمام بحقوق الانسان وتوفير مبادىء الحكم الرشيد والديمقراطية .وقد اتخذ بعض الدول العربية اتجاها جادا نحو دراسة النظم الانتخابية المستحدثة ويندرج تحت ذلك دراسة الشعار الانتخابي بأسلوب علمي وربطه بسياسات واقعية قابلة للتطبيق والخروج من دائرة الشعارات الرنانة الجوفاء .

* ما أهم شروط الشعار الانتخابي الناجح ؟

ــ الشعار الناجح يجب أن يتسم بعدة صفات أهمها الابتعاد عن المبالغة والتعبير عن رؤية واقعية لتحقيق مصالح المجتمع بشكل عام كما يجب أن يستخدم الشعار لغة واقعية غير انشائية تتسم بالبساطة ليفهمها كل أفراد المجتمع .وقد أصبح الأمر محكوما بمباديء علم الدعاية الذي تطور بتطور الواقع السياسي الاجتماعي وأصبحت له قواعده العلمية الراسخة

أمة الشعار وخوض العار..

بثينة خليفة قاسم

* يعرف أهل الاختصاص الحملة الانتخابية بأنها: (مجموعة الأنشطة التي يقوم بها الحزب أو المرشح السياسي بهدف إمداد الجمهور والناخبين بالمعلومات عن برنامجه وسياسته وأهدافه، ومحاولة التأثير فيهم بكل الوسائل والأساليب والإمكانات المتوافرة من خلال جميع قنوات الاتصال والإقناع، وذلك بهدف الحصول على أصوات الناخبين وتحقيق الفوز في الانتخابات).ويرى البعض أن الحملات الانتخابية تعد مصطلحاً أو مفهوماً مراوغاً، وهناك من يعرف الدعاية الانتخابية بأنها: (الأنشطة الاتصالية المباشرة وغير المباشرة التي يمارسها مرشح أو حزب بصدد حالة انتخابية معينة بهدف تحقيق الفوز بالانتخابات عن طريق الحصول على أكبر عدد ممكن من أصوات الهيئة الانتخابية).

وقد يكون للحملات الانتخابية آثار رئيسية وهي التنشيط Activation، التدعيم Reinforcement والتحويل Conversion. أما بالنسبة للتنشيط، فمن المعلوم أن الحملة الانتخابية قد تؤدي بالجمهور الذي يملك اهتمامات بالانتخابات أو المرشحين إلى توافر درجة من الاهتمام البسيط بها مما قد يؤثر في الناخب في الانتخابات التالية، أما بالنسبة للناخبين الذين لديهم اهتمام متوسط بالعملية الانتخابية فيزداد وعيهم وإدراكهم بأهمية الانتخابات وتأثيرها، كما يمكن أن تسهم الحملة الانتخابية في إثارة بعض المواطنين بالمشاركة السياسية بزيادة الاهتمام العام بالمسائل والقضايا المطروحة والمشاركة في المناقشات السياسية بغض النظر عن نوعية أو اتجاه الحزب أو المرشح الذي سيقوم الناخب بالتصويت له.

وأما بالنسبة للتدعيم، فالحملة الانتخابية تعمل أساساً على تدعيم الاتجاهات المحابية وتأكيد المعالم الإيجابية في صورة المرشح السياسي لدى جمهور الناخبين أكثر مما تعمل على التغيير.وفي شأن التحويل، يرى بعض الدارسين أن الحملات الانتخابية قلما تغير أو تعمل على تحويل النوايا الفعلية للناخبين بقدر ما تذكرهم باهتماماتهم وانتماءاتهم العقائدية. هنا تلعب الشعارات الانتخابية للمرشحين دوراً بارزاً في استحداث تغييرات في توجهات الناخب ذاته، حيث تعد الشعارات ( Slogans ) من أهم الأدوات المؤثرة في إدارة الدعاية السياسية لجماهير الناخبين باختلاف ثقافاتهم ومستوى تعليمهم، وتبرز أهمية الشعارات في أنها صيغة مباشرة وبسيطة يسهل إدراكها وحفظها بالنسبة للفرد العادي من الناخبين، ويمكن بتحليلها ودراستها تحديد الأهداف الرئيسة للقائم بالدعاية، إذ هو يقدم - أي الشعار- للجمهور صورة مختصرة لأهداف المرشح أو الحزب، وتبرز الدلالة اللغوية لكلمات الشعار في الإيحاء للجمهور بإمكان حل جميع المشكلات باتباع الطريق الذي يستهدفه القائم بالدعاية..

وتبرز مقومات الشعار الناجح في جذب الانتباه وإثارة الاهتمام بسمة معينة بارزة يرى القائم بالدعاية أنها أكثر تأثيراً في الجمهور، وتحقق أقصى تأثير انطباعي ممكن بمجرد سماع الشعار أو قراءته، إذ إن نجاح الشعار يرتبط بتجسيده للاتجاهات الرئيسية والآمال وبعض الطموحات المستقرة في ذوات الناخبين.ولكن هذا لا يعني أن ثمة شعارات هي الأخرى تصب في زعزعة القيم والروابط الوطنية في المجتمع ذاته، فشعار (الإسلام هو الحل) الذي رفعه مرشحو جماعة الإخوان المسلمين في الانتخابات التشريعية لنوفمبر 2005 في جمهورية مصر العربية، قد أثار زوبعة وحملة رفض من قبل مسؤولين حكوميين ومثقفين يساريين وأقباط، إذ رأى فيه البعض أنه بمثابة ورقة ضغط على الناخبين باستخدام عنصر الدين أو التشكيك في الانتماء الديني لمن لا يعطي صوته لشعار الإسلام هو الحل، إضافة إلى أنه يعد تجاهلا وإجحافا في حق الديانات الأخرى الموجودة في بلد يعترف بالتعددية الدينية والفكرية كمصر.ويقول محمد فرج ممثل حزب التجمع اليساري وأمين التثقيف بالحزب:(شعار (الإسلام هو الحل) شعار حدث عليه جدل داخل التجمع منذ ظهر على الساحة عام 1987، وتم رفضه ومواجهته، لأن جماعة الإخوان لم تحدد للمجتمع هل هو شعار سياسي أم شعار ديني، وبالتالي نحن نتساءل أيضاً، هل الجماعة حركة سياسية أم حركة دينية، لأننا في التجمع نقوم بالفصل التام بين ما هو سياسي وما هو ديني).

من جانبه لخص الدكتور عصام العريان القيادي في جماعة الإخوان المسلمين رؤية الجماعة للشعار بالقول: (إنه يعبر عن الهوية الحضارية للأمة، ويحدد الخصوصية التي تتمتع بها الأمة العربية والإسلامية وتميزها عن غيرها من الأمم والشعوب الأخرى).وعلينا في المقابل أن لا ننسى الشق الآخر من العملية الإنتخابية المتمثلة في العمل البلدي، حيث التفنن هو الآخر في استخدام الشعارات الانتخابية، رغبة ً في كسب أكبر عدد ممكن من الأصوات، فذاك يعد بتوفير المساكن الميسرة، وآخر يعد بتحويل الأحياء السكنية إلى منتجعات سياحية، والبعض لا يتوارى عن توظيف الآيات القرآنية في الشعار الانتخابي، كالقول مثلا: (إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله)، وتوظيف أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم- بالقول: (خير الناس أنفعهم للناس).

ويعيب كثير من المحللين والمتتبعين لحركة الشعارات الانتخابية عدم تطابقها بين القول والفعل، حتى شبه البعض المترشحين بالشعراء، إذ هم يقولون في شعاراتهم ما لا يفعلون، ولست أجد في القول غضاضة إنهم متفائلون نوعاً ما إزاء تصوراتهم تلك، ذلك أن عدم التطابق غير مقصور على الشعار الانتخابي فحسب، بل يتعداه إلى البرامج والوعود الانتخابية، والنماذج التي حفلت بها التجارب الانتخابية في العلاقة التصادمية بين الناخب والمرشح بعد بلوغه المرام، لا يعوزني ذكرها! نستخلص من السابق ذكره أن عملية انتقاء الشعار الانتخابي، بات يعتريها كثير من الفوضى وعدم الدراسة المتأنية والدقيقة في الاختيار، ولعل أحد الأسباب التي تجعل القائم بالدعاية يتخبط في انتقاء شعاره الانتخابي هو قراءاته الأولية لنتائج الانتخابات ولمن ستكون الغلبة!

ولأن الشعار الانتخابي يعد بمثابة تعبير مباشر وموجز يلخص أهداف الدعاية ويمكن تكراره بيسر وسهولة في جميع الوسائل وبكل الطرق المستخدمة حتى يصبح أداة تمييز للجماعة السياسية، ويمكن اعتباره بعد فترة نداءات للنضال أو هتافات لتأييد المرشح أو الحزب، فإننا نطالب بإنشاء لجنة تراقب وتنفذ اختيار المرشح لشعاره الانتخابي، على غرار لجنة مراقبة الانتخابات، كي لا نتحول بالتقادم الزمني إلى أمة شعارات، إن لم نتحول في الأساس.. فجميع ما نعيشه يعد من تبعات مرحلة جني الثمار، وما محاولات استصلاحنا إلا مجرد شعار، وعلى الشعار لا ذنب فيما نحيا ولا عار!
B7747@HOTMAIL.COM


الكويت ليست للبيع..ومعا نكمل مسيرة الإصلاح

الكويت: عيدالرميزان

* كان أبرز ملامح الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي جرت في الكويت العام الفائت التغير الكبير في أمزجة الناس التي ظهرت بصورة جلية من الشعارات التي مهدت الطريق للوصول إلى مجلس الأمة إضافة الى الاستخدام المكثف لوسائل الاتصال والتقنيات الحديثة مثل الرسائل الهاتفية القصيرة ورسائل البريد الالكتروني والتي كانت من أبرز التغيرات في مجال الدعاية الانتخابية، فضلا عن تطوير استخدام وسائل الدعاية التقليدية الاخرى كاللوحات الاعلانية والصور والشعارات الانتخابية إضافة إلى الألوان التي باتت أحد أدوات التعبير عن المرشح ومواقفه السياسية.

الدعاية الانتخابية تغيرت في الكويت خلال الانتخابات الماضية، صحيح أن أدوات الدعاية المستخدمة ظلت كما هي ممثلة باللوحات والصور والاعلانات والمواقع الالكترونية مع الأخذ بالجديد في الصناعة الاعلامية بيد أن التغيير كان في الشعارات الانتخابية التي عبرت عن الواقع السياسي الجديد القائم على مطالب تحقيق الاصلاح ومحاربة الفساد وكذلك الالوان الانتخابية التي باتت تعبر عن المواقف السياسية للمرشحين فاللون البرتقالي كان يرمز للمعارضة واللون الأزرق لأصحاب المواقف القريبة من الحكومة فيما حاول البعض الآخر الابتعاد عن هذين اللونين لعدم ربط نفسه في موقف سياسي مسبق وليعبر عن نفسه كمرشح مستقل.شعارات الحملات الانتخابية كثيرة وبعضها متناقض ومنها ما يعبر عن ايديولوجية معينة، وبعضها تقليدي استهلاكي لكن اكثر الشعارات على ما يظهر من البحث فيها أنها اختيرت دون دراسة ووضعت على عجل من دون أن تحمل أية مضامين أو تعبر عن شخصية المرشح ومواقفه أو حتى ماذا يعني الشعار الذي يزين فيه لوحاته الانتخابية. وعلى امتداد الشوارع الرئيسة والتقاطعات والساحات العامة في الكويت تغرس اللوحات الانتخابية للمرشحين في مساحات ضيقة وبأشكال وأحجام مختلفة بهدف التأثير على الناخبين وحملهم على التصويت لهذا المرشح دون الاخر.

ومن أمثلة الشعارات التي استخدمها المرشحون في الانتخابات البرلمانية الأخيرة شعار "معا نكمل مسيرة الإصلاح"و"الكويت ليست للبيع"و "معا من أجل التغيير" و"لابد لنا من مستقبل"و"سجل موقف"و"لنعيد بناء الكويت"و"معاً للأمام"و" الكويت أمانتكم "و"عائدون بإذن الله" و "حتى يستمر العطاء" و"وحدتنا بناء" و"لاتجامل .. الكويت تستاهل" و "تبقى الكويت أولا" و"مواقفنا جميعا لصنع الوضع المستقيم"، وغيرها من الشعارات التي تعبر عن ما يحمله المرشحون من أيديولوجية معينة أو التندر والفكاهة، في فوضى شعارات تفتقد للدراسة في وضعها. غير ان إنتهاء هاجس الأمن الذي كان يشغل تفكير المواطن الكويتي بتغير الظروف السياسية والاقليمية في المنطقة والشعور بالاستقرار الأمني والسياسي دفعته الى التفكير في الداخل الكويتي والاهتمام في القضايا المحلية مع التركيز على موضوع الإصلاح ومحاربة الفساد وتحقيق التنمية، وهو امر ادركته الكتل والتيارات السياسية وتعاطت مع المزاج الجديد للناخب الكويتي لضمان حصولها على تأييده في الانتخابات فكانت شعارات غالبية القوى السياسية خصوصا ذات الايديولوجيات سواء كانت ليبرالية أو اسلامية في انتخابات العام 2006 تركز على جزئية الاصلاح والشفافية والانفتاح ومحاربة الفساد.

وقد نجحت هذه القوى في استغلال المزاج العام للشارع السياسي واختيار شعارات ذات مدلولات تعبر عن التوجهات الجديدة لاسيما في ظل الفرز الذي شهدته الانتخابات الماضية في شأن توجهات المرشحين بين مؤيدين للاصلاح ومدافعين عن الوضع القائم. وكانت آخر انتخابات نيابية جرت في يونيو 2006 وشاركت فيها المرأة الكويتية لأول مرة منذ حصولها على حقوقها السياسية كاملة سنة 2005، شهدت تنافسا في ظل الفرز السياسي الذي حصل بعد المطالبات في تعديل الدوائر الانتخابية بين تكتلين رئيسين أولهما تكتل المعارضة الذي أطلق عليه اسم "تجمع الكويت" وضم القوى السياسية المعارضة مثل الإخوان المسلمين والسلفيين والمنبر الديمقراطي والليبراليين المستقلين وخاض الانتخابات تحت شعار "رجال المرحلة المقبلة" و"مكافحة الفساد".فيما كان التكتل الثاني مؤلفا من مرشحين موالين للحكومة ورافضين لتعديل الدوائر الانتخابية الى خمس بدلا من 25 دائرة.

وتميزت الحملات الانتخابية بالمنافسة الشديدة وحدة الطرح، وكان من اللافت المشاركة الكثيفة للشباب والنساء في الانتخابات والحملات الانتخابية. ونجحت المعارضة في تحقيق نصر ساحق إذ استطاعت ايصال غالبية مرشحيها الى المجلس فقد عاد 28 نائبا من أصل 29 نائبا معارضا كما اوصلت سبعة مرشحين آخرين في مناطق مختلفة من الكويت.وحصل الاسلاميون الذين خاضوا الانتخابات ضمن صفوف المعارضة على 21 مقعدا كانت الحركة الدستورية الممثلة لتيار "الإخوان المسلمين" أكبر المستفيدين بسبب إدارتها الجيدة لحملتها الانتخابية الاخيرة وتبني شعارات تعبر عن التوجه الجديد في اهتمامات الناس اضافة الى قوة تنظيمها النسائي الذي مكنها من ايصال ستة مرشحين الى البرلمان في انجاز غير مسبوق بالنسبة لها. بينما في الانتخابات النيابية العام 2003 كانت الشعارات تحمل اختلافا في طريقة طرحها وإن كانت تحمل المضامين ذاتها، فقد اتخذ الليبراليون شعار الإصلاح السياسي في البلاد في حملتهم الانتخابية في حين كان مطلب الإسلاميين التغيير السياسي والاقتصادي عن طريق تطبيق الشريعة الإسلامية ومحاربة التغريب والفساد الاخلاقي.

ومن الشعارات التي استخدمت في انتخابات 2003 فصل ولاية العهد عن رئاسة مجلس الوزراء، وضرورة الاعتراف بالأحزاب السياسية. كما لم يكن للألوان التي استخدمت في ذلك الوقت المدلولات السياسية ذاتها التي عبرت عنها في الانتخابات الماضية.وتتفاوت حجم تأثير الدعاية الانتخابية من شخص الى آخر ، فبعض الناس لا تشكل الشعارات الانتخابية أهمية كبيرة بالنسبة لهم كون قراراتهم محسومة بإتجاه المرشح الذي يريدون التصويت له من دون ان يتأثروا في اية حملات انتخابية، بل ان الكثيرين لايهتمون حتى بقراءة تلك الشعارات، كما ان بعض الشعارات لاتعكس منهج المرشح نفسه.وفي المقابل ثمة من يهتم في البرنامج الانتخابي والشعارات التي يرفعها المرشح كونها الاتفاق غير المكتوب مع الناخبين لمساءلته عما حققه من شعاراته خلال فترة عضويته في البرلمان والبالغة 4 سنوات. ورغم أن الصورة في الدعاية الانتخابية أوقع تأثيرا على الناخبين من الكلمة أو الشعار، مثلما يقول المختصون في الدعاية إذ أن شكل المرشح أو المرشحة يلعب دورا كبيرا في التأثير على الناخبين، فكلما كان الشخص جميلا كانت قدرته أكبر في استقطاب أعداد متزايدة من المؤيدين له. غير أن ربط الشعارات بالصورة تهدف في الغالب الى تحقيق التأثير القوي في اختيارات الناخبين من خلال شعار وصورة معبرة.وستبقى الشعارات الانتخابية في الكويت على ما يبدو تدور حول موضوع "الاصلاح" و"محاربة الفساد" لسنوات طويلة طالما ان هذا الشعار يجد قبولا في اوساط الشارع السياسي لذلك سيظل السياسيون يستخدمون هذه الشعارات في حملاتهم الانتخابية الى ان تتغير التوجهات العامة ليبحث عندها عن شعار جديد يعبر عن مدلولات المرحلة .

البحرين.. صوتك أمانة.. امنحه للعلم والخبرة والكفاءة

المنامة: المجلة

* لم يكن النائب الإخواني محمد خالد عضو المجلس النيابي البحريني يعلم أنه سيكون أحد الأسباب الرئيسية لخسارة زميله في جمعية الإصلاح والمنبر الوطني الاسلامي (الواجهة السياسية لجمعية الاصلاح-الاخوان المسلمين بالبحرين) المرشح سعدي محمد مقعده البرلماني، وذلك إذ يتخذ المنافس الرئيس لزميله النائب الحالي عادل العسومي من خطاب خالد في المقر الانتخابي لسعدي ذات امسية في نوفمبر الفائت فقرة اصبحت شعارا انتخابيا شفويا متداولا للعسومي، إذ قال النائب خالد -وهو امام مسجد له احترامه و أحد رموز الاخوان بالبحرين- مخاطبا الجمهور الناخب الذي احتشد في المقر الانتخابي لسعدي: (( إذا سقط سعدي .. فلا تلوموا إلا انفسكم))!!

خالد الذي يتسم بالانفعال والانفلات العفوي، هدد الجمع بكلمات لم يقصد فيها حتما إلا التحشيد لزميله ، غير أن تلك الجملة التي تداولها الشارع الانتخابي بالبحرين وتنوقلت عبر الهواتف النقالة والبلوتوثات بل ووزعت على شبكة الانترنت كانت تستهدف اثارة النفرة لصالح سعدي، لكنها بوقع كلماتها وبأسلوب إلقائها التهديدي والتلويح ب ((الحرمان من الجنة /الاصطلاء في جهنم)) كانت كفيلة بأن تثير النعرة وتشعل نار التحدي في الجمهور لينقلبوا للتصويت لصالح منافسه النائب العسومي الذي تلقف سقطة خالد ليترجمها فوراً الى شعار انتخابي مكتوب ((... الآن جاء دوركم)) ومضمر ((للرد على من هددكم بجهنم)) !

غير أن هذه الحادثة لفتت الانظار الى مدى الاهمية المناطة بالكلمة الانتخابية وبالشعار الانتخابي في اقتناص الاصوات الناخبة التي بلغت في تجربة الانتخابات للدور التشريعي الثاني بالبحرين في نوفمبر 2006 نحو 200 الف ناخب وبنسبة مشاركة بلغت 73.6% اختاروا 40 مرشحا لعضوية مجلس النواب من اصل 221 مترشحاً.
ولم تتوقف محاولات التسقيط والدس الانتخابي المجهولة الهوية في الانتخابات النيابية البحرينية عند حد إذ فوجئ ابراهيم شريف أحد رموز اليسار بالبحرين والرئيس الحالي لجمعية وعد (جمعية العمل الوطني الديمقراطي) في الايام الاخيرة من الحراك الانتخابي بمنشور مجهول المصدر مذيل بتوقيع وهمي (التوقيع المؤمنون الأتقياء من الشيعة والسنة)
يتم توزيعه في دائرته الانتخابية يحمل المنشور صورة شريف الشخصية وعلامة times; كبيرة. ويقول:

لا للشيوعية، لا تنتخبوا من كان للاسلام عدواً، لا تنتخبوا رواد وخريجي البارات والملاهي الليلية، نريد من يطهر البلد من الانحلال الاخلاقي ومظاهر الدعارة، لا نريد من يسعى للوصول إلى المجلس من أجل الشهرة والأضواء، من أجل الحفاظ على عقيدتنا وديننا لنطرد الشيوعيين من مجالسنا، مسلمون نعم. سنة نعم. شيعة نعم. و لكن لا للشيوعية في البحرين ولا مكان لها بيننا.
وكان ذلك المنشور كافيا لخسارة شريف معركته الانتخابية لربما للأبد!

وفي الحالين المثالين كانت ثنائية النفرة /النعرة هي التي تشتغل لتوجيه السلوك الانتخابي للناخبين، إذ تستهدف عبارة (لا للشيوعية)) استفزاز المخيال اللاشعوري للناخب البحريني المسلم بطبيعته وتحرضه للدفاع عن دينه وعقيدته بتحريض وعيه ضد من يصنفهم مخياله الجمعي بأنهم أعداء للدين وللإسلام باسلوب الفزعة.
فيما كان الوضع في الحالة الأولى (تهديد خالد للجماهير) ترجمة فعلية وشاهدا على طرح الفيلسوف الفرنسي ريجيس دوبريه الذي يقول (( إن الظاهرة السياسية لا يؤسسها وعي الناس، آراؤهم وطموحاتهم، بل يحدد دوافعهم ما يطلق عليه "اللاشعور السياسي" الذي هو عبارة عن بنية قوامها علاقات مادية جمعية تمارس على الأفراد والجماعات ضغطاً لا يقاوم. علاقات من نوع القبلية العشائرية والطائفية والمذهبية والحزبية، تؤطر ما يقوم بينهم من نعرة أونفرة.

غير أن النفرة البريجسية لم يتمكن المترشح ناصر القلاف ان يثيرها برغم انه جعلها محور رئيس ووحيد لحملته الانتخابية للمجلس النيابي والتي تمثلت في شعاره الانتخابي ((فزعتكم يالربع))! غير أن تلك الفزعة المنتظرة للشاعر الشعبي والكاتب الصحفي القلاف الذي يحظي بشعبية طيبة لم تأت مطلقاً!

ولم تتوقف حرب الشعارات الانتخابية عند شعارات المترشحين للمجلسين النيابي او البلدي، بل تلقفت المعارضة الشعار الرئيس للانتخابات البحرينية (البحرين أمانة ... يلا نصوت) إذ لم ترحم لفظة ( يلا ) التي لا جذر شعبيا وطنيا لها في المخيال الشعبي من التندر والنقد حتى اضطرت ادارة الانتخابات والاستفتاء/ الجهاز المركزي للمعلومات الذي اشرف على سير الانتخابات الى الاكتفاء بشعار (البحرين أمانة) وحذف (يللا نصوت) في المطبوعات اللاحقة!

وكذا لم تستوعب ادارة الانتخابات والاستفتاء أن المخيال الاجتماعي ليس عقلاً محضاً ولا خيالاً محضاً، إذ تعتمد ضمن الشعارت الرسمية التي تحض الناخبين على المشاركة بالانتخابات، شعارات مغرقة في التنظير والتجرد المثالي الذي يتجاهل موروث وثقافة المجتمع، مثل (من صان ارضك اعطه صوتك ) ، (صوتك لمن؟ للعلم، للخبرة، للكفاءة) بل هو في منزلة بين المنزلتين إذ للمخيال معقوليته و قناعته وعاطفته بل و أسطوريته التي تهديه الى رأيه غير المتفق مع الشعارات الرسمية التي تغدو أقرب لتكون نوعا من التنظير الفوقي المنقطع عن الممارسة المجتمعية للناخبين.وسعى مترشح آخر في منطقة انتخابية فقيرة يمثل الهم الاسكاني أولويتها الأولى الى استثمار اولوية منطقته في شعار لم يسعفه في النجاح وهو ((هل تريد بيتا ؟ انتخبني))!

فيما سعت مترشحة نيابية مدعومة من الفعاليات النسوية الى "مسك العصا من النص" نافية ثنائية الطائفية/القبلية بشعار من كلمتين (( الوطن وبس!)) وهو يحمل دلالات جدا جميلة وثرية لكنه غير فاعل بتاتا في التحشيد الانتخابي إذ يبقى مثاليا وتنظيريا وسط واقع الحراك السياسي بالبحرين.

و اخذ الحماس مترشحا آخر ليصدر شعاره الانتخابي بثقافة الاحتراب السياسي ((سنحارب الطائفية... سنحارب الفقر ... سنحارب الفساد ... )).
ولم يتردد أحد المترشحين الى أن يعتمد يافطة ضخمة في حملته الانتخابية موقعة بامضاء وهمي لناخبي دائرته تحمل شعار ((نبصم لك بالعشرة)) الامر الذي استفز اهالي دائرته لينفوا انهم ((بصمجية)) ولينفوا علنا علمهم بهذه اليافطة المنسوبة اليهم!

والأن وبعد خمسة أشهر من انتهاء الانتخابات يكتشف الناخب حقيقة تلك الشعارات الانتخابية البراقة والمطاطية التي وظفت في موسم التسويق الانتخابي، ليتيقين أن غالبيتها كانت مجرد مكياج انتخابي/ خاصة بعد انكشاف مدى التأثير الذي حققه (المال السياسي) في ايصال مترشحين بعينهم الى المقعد النيابي، أولئك المترشحون لم يترددوا في ان يستنسخوا الشعار الذي أطلقته منيرة فخرو مرشحة اليسار الليبرالي التي اخفقت في حيازة مقعد نيابي ((من يبيع صوته اليوم، سيبيع الوطن غدا))، ليستنسخوه في صيغ اخرى مثل ((من اشترى صوتا لن يتردد في بيع الوطن بأي ثمن))... ((من يشتري اليوم صوت الناخب بماله فسوف يبيعه غدا بمال الحكومة)).

اليمن.. صوتك سلاحك فلا تهدره

صنعاء: المجلة

*في اليمن الشعارات الانتخابية فن جديد يتطور مضموناً مع كل تجربة انتخابية لكنه يتكرر أسلوباً ويخفق فنياً،ربما لأنها تعكس في المحصلة ثقافات وأيديولوجيات متنوعة بتنوع ألوان الطيف السياسي هنا،إنما الأكيد أنها تظل ساحة تأمل،وغالباً مسرحاً مفتوحاً لكوميديا من نوع خاص،لا تخلو عروضه الكثيفة من الارتجال وليد قلق احتدام المنافسة،وأماني زعزعة الأحكام المسبقة ونسف تراكمات التعبئة،وشغف لفت الانتباه،ولهاث استجداء الثقة.ومع فارق بسيط وجوهري عن الانتخابات اليمنية السابقة،تميزت معارك الدعايات الانتخابية الأخيرة في اليمن بقوة أطرافها المعارضة،وتركز جبهاتها الرئيسة (الإصلاح،الاشتراكي،الناصري،القوى الشعبية،البعث،الحق) في جبهة واحدة،عُرفت باسم "اللقاء المشترك لأحزاب المعارضة اليمنية"،ضد المؤتمر الشعبي العام الحاكم وحلفائه من أحزاب المعارضة الموالية التي تجتمع في تحالف يعرف باسم "المجلس الوطني للمعارضة".

كثفت هذه التحالفات جبهات العراك وتبادل الاتهامات الضمنية ضمن الدعاية الانتخابية،فبرزت شعارات موحدة حلت محل شعارات المكايدة والكيل بمكيالين التي ظلت متبادلة فيما بين أحزاب المعارضة المختلفة أساساً في توجهاتها الفكرية ما بين يمينية أصولية إسلامية (التجمع اليمني للإصلاح واتحاد القوى الشعبية وحزب الحق) ويسارية قومية (التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري) واشتراكية راديكالية (الحزب الاشتراكي اليمني والبعث العربي الاشتراكي-قطر اليمن).

"لا للفساد..لا للفقر..لا للظلم والاستبداد والابتزاز..لا للمحسوبية واستغلال الوظيفة العامة..لا لتهميش الأخر..لا للمعاناة..لا لإهدار المال العام وتبديد الثروة الوطنية، لا للتوريث،.." وغيرها الكثير من اللاءات التي باتت تطغى على شعارات أحزاب المعارضة،في مقابل "لاءات" من نوع خاص يتمسك بها المؤتمر (الحاكم) في شعاراته للإيحاء بتجرده المطلق مما ترفضه والإشارة الضمنية لمن تلاحقه تهمة ممارسته.يتعمد "المؤتمر" في كل انتخابات تكرار رفع شعارات رافضة،تقول:"لا للغلو والتعصب والتكفير..نعم للتسامح والوسطية"، والأخيرين (التسامح والوسطية) هما ما يصف المؤتمر نفسه بهما دائماً،أما الغلو والتعصب والتكفير فتهمة تلاحق في الذهنية العامة وبحسب اتجاه التعبئة الإعلامية الدائمة،منافسه التجمع اليمني للإصلاح الحزب المتمثل للتيار الإسلامي في اليمن،والذي لا تتوانى صحف الحزب الحاكم عن وصف أعضائه بأنهم "طالبانيو اليمن".

مناورات ذكية

لكن الحزب الحاكم عمد في الانتخابات الأخيرة لمناورة وصفت بأنها "ذكية"،منعاً لتأثير الشعارات الهجومية المضادة من جانب أحزاب المعارضة الناقدة -عادةً- لمساوئ الوضع الراهن بوصفه نتاج إدارة المؤتمر الحاكم،وتقديم نفسها خياراً أفضل؛فخرج بشعارات دفاعية تقر باختلالات وسلبيات بصيغة التعاهد بـ:"تحسين الأحوال المعيشية للمواطنين ومكافحة الفقر ومحاربة الفساد ومكافحة الإرهاب ومواصلة جهود التنمية،.."،وتسير باتجاه الشعار الرئيس:"من أجل يمن جديد..مستقبل أفضل".

الأمر الذي دعا شعارات أحزاب المعارضة اليمنية لتكثيف التشكيك الصاخب في صدق أي توجه لدى الحزب الحاكم نحو إصلاح الوضع والانتقال باليمن والمواطنين لوضع أفضل،عبر شعارات اتسمت بطابع الحث على التفكير والتمهل قبل اتخاذ القرار،مثل:"قبل أن تختار،فكر من المسئول عن تدهور الأوضاع،ارتفاع الأسعار،غياب العدل"، و:"كيف نشكو الفساد وننتخب المفسدين؟!"،و:"صوتك سلاحك في مواجهة الظلم والفساد والفقر، فلا تهدره".ثم شعارات تُحمل الناخب مسئولية وضعه المعيشي،مثل:"التغيير يبدأ من الصندوق،وصوتك أداة التغيير فأحسن الاختيار"، و:"تعرف حالك،وبيدك قرارك"،و:"لا تعط الفساد فرصة أخرى"،و:"من يشتري صوتك اليوم يبيع مستقبل أولادك غداً"، و:"الانتخابات فرصتك للمساهمة في تغيير الواقع الفاسد"،و:"الآن بيدك يمكن اجتثاث الفساد من جذوره". وصولاً لحث مباشر على التغيير:"جربنا المؤتمر..فلماذا لا نجرب غيره؟".كما عمدت المعارضة منذ انتخابات 2001م،لقرن تأثير الشعار بصور تعبيرية،مثل صورة عجوز مشردة في الرصيف وتعليق: "عجوز وحيدة سرقوا طعامها ومنحوها رصيفاً"،وصورة عجوز مشرد يفترش الرصيف:"لم يجد اسمه في كشف الضمان الاجتماعي فنام يحلم بالكشف"،وصورة معاق مشرد:"الحكومة الكسيحة منحته بطاقة انتخابية وعكازين"،وصورة متسولين: "الفقر في الوطن غربة"،وصورة مجموعة شباب عاطلين:"عندما يشب الفساد يتحول الشباب إلى عاهة"،..الخ.

على أن منظومة هذه الشعارات ظلت تسير باتجاه ربط اعتلال الوضع العام في البلاد باعتلال النظام السياسي،وأن صلاح الأول مرهون بتغير الثاني والانتقال مما سمته "الحكم المركب على الفرد" إلى "الحكم المركب على فصل السلطات واستقلالية المؤسسات"،وتأكيد القناعة بالشعار الرئيس الذي رفعته الحملة الدعائية لمرشح تحالف المعارضة للانتخابات الرئاسية:"رئيس من أجل اليمن لا يمن من أجل الرئيس".وتضمنت الحملات الدعائية للأحزاب اليمنية بعضاً من هذه الشعارات،مثل:"تطبيق الشريعة الإسلامية الغراء قلباً وقالباً"، و:"تحريم الجمع بين التجارة والمسؤولية الرسمية ووقف استغلال المناصب العامة في التجارة"،و:"إعادة النظر في التعليم منهجاً وإدارة ومخرجات،وفي السياسات الثقافية القائمة والحد من تدمير التراث الفكري"،و:"معاً من أجل أمن الناس وعيش الناس والعدل بين الناس"،و:"معاً من أجل عدل النظام وشمولية التنمية".
ومن "الشعارات الاستهلاكية" التي يتبارى الجميع في رفعها بصيغ مختلفة وأحياناً متطابقة لتخدير أذهان الناخبين بالأحلام: "معاً لإيجاد وطن يتسع لجميع أبنائه"،و:"الاختيار السليم للقيادات الإدارية وتطبيق مبدأ الثواب والعقاب"،و:"صون السيادة اليمنية من أي اختراق أو انتهاك يستهدف الأرض أو الإنسان"،و:"إلغاء ازدواجية الضرائب وإعادة النظر في هيكل أجور موظفي الدولة"، و:"الالتزام بإنهاء الثارات القبلية وتعزيز الأمن والسلام الاجتماعي".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف