جريدة الجرائد

السعودية: جمعية حقوق الإنسان تكشف عن تجاوزات للأنظمة وتطالب بالتوعية الحقوقية

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

الرياض ـ علي آل جبريل

كشفت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان عن تلقيها 8570 شكوى خلال الثلاث السنوات، حيث استحوذت قضايا السجناء على 18 في المائة، والأحوال الشخصية على 7 في المائة، والعنف الأسرى على 8 في المائة والقضايا الإدارية على 22 في المائة، والقضايا العماليـة على 13 في المائة. في حين بلغت الشكـاوى ذات الصلة بالقضـاء ما نسبته 6 في المائة، وما نسبته 19 في المائة لقضايا أخرى متفرقة.
وأوضحت الجمعية خلال إصدارها التقرير الأول عن أحوال حقوق الإنسان في المملكة لعام 1427، أنها تعتمد على مختلف الوسائل للوصول إلى حالات انتهاكات حقوق الإنسان، سواء تلك التي تصل إلى علم الجمعية من خلال ما ينشر في وسائل الإعلام وتقارير الهيئات الأجنبية والدولية، أو تلك التي تصل إلى الجمعية عن طريق شكاوى المواطنين والمقيمين، من خلال قنوات الجمعية المختلفة.
وأكدت الجمعية أنها تركز خلال المرحلة المقبلة على هدفين أساسيين هما: نشر الوعي بحقوق الإنسان لدى المواطنين والمقيمين والأجهزة الحكومية، وإدخال مفاهيم حقوق الإنسان في المقررات الدراسية في مختلف مراحل التعليم.
وذكرت الجمعية عدة ملاحظات في حقوق الإنسان في أهم وثيقة قانونية تصدر في المملكة، واعتبار هذه الحقوق محمية بموجب مبادئ دستورية لا يستطيع أي نظام أو قرار تقويضها، مشيرة إلى أن النظام الأساسي للحكم يمكن أن يوصف من الناحية القانونية الفنية البحتة بأنه نظام دستوري بالنظر للموضوعات التي يتناولها، حيث ينظم السلطات وآليات تأسيسها ووظائفها، وكذلك يحدد حقوق المواطنين وواجباتهم.
ولفتت الجمعية أيضا إلى أن المادة 39 من النظام الأساسي، والتي تناولت مسألة حق التعبير، قد صيغت بعبارات عامة تسمح بتعدد التفاسير بما فيها تلك التي تقيد هذا الحق، إذ نصت هذه المادة على أن "تلتزم وسائل الإعلام والنشر وجميع وسائل التعبير بالكلمة الطيبة وبأنظمة الدولة وتسهم في تثقيف الأمة ودعم وحدتها ويحظر ما يؤدي إلى الفتنة أو الانقسام أو يمس أمن الدولة وعلاقاتها العامة أو يسيء إلى كرامة الإنسان وحقوقه وتبين الأنظمة كيفية ذلك".
وأبانت الجمعية في تقريرها الحقوقي الأول، أن النظام الأساسي للحكم ترك للأنظمة الأخرى الأقل درجة تحديد سبل حماية الحقوق الأساسية، التي أقرها، وهو ما يتطلب التأكد من أن هذه الأنظمة تعطي الأهمية المطلوبة لهذه الحقوق، ولا تقيدها لتضمن مسألة انسجامها مع الحقوق الإنسانية الدستورية الواردة في النظام الأساسي للحكم.
وأكدت الجمعية أن مبادئ الشريعة الإسلامية المقررة لحقوق الإنسان تكتسب هي الأخرى قيمة دستورية في المملكة، بل وتعلو على تلك الواردة في النظام الأساسي وفقاً للمادة الأولى منه، مشيرة إلى أنها ملاحظة شكلية إذ يفترض أن لا يوجد تعارض بين أحكام الشريعة بشأن حقوق الإنسان وبين حقوق الإنسان التي أقرها النظام الأساسي.
وقالت: "إن توفير أكبر قدر من الحماية الممكنة لهذه الحقوق الدستورية، يتطلب وجود محكمة عليا تُمنح سلطة إلغاء كل فقرة أو نص في أي نظام أو قرار يتعارض مع الحقوق الدستورية، ولا يمكن أن تقوم المحاكم العادية بهذه المهمة بفاعلية لأنها غير مختصة من ناحية وليس لها مراقبة الأنظمة بل عليها تطبيقها من ناحية أخرى".
وأوضحت الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، أن مواد النظام بينت جميع الإجراءات المتعلقة بالقبض والتوقيف والتحقيق وحرية الدفاع لكل متهم وحماية الحرية الشخصية لأي إنسان، بحيث لا يجوز القبض عليه أو تفتيشه أو توقيفه أو سجنه إلا في الأحوال المنصوص عليها نظاما. كما أكد النظام على حق كل إنسان في حرمة شخصه ومسكنه ومكتبه ووسائل اتصاله، وبين هذا النظام إجراءات المحاكمات الجزائية، وبطلان كل إجراء مخالف لأحكام الشريعة الإسلامية، أو الأنظمة المستمدة منها وطرق الاعتراض على الأحكام، وعلى حق المتهم في التعويض المادي والمعنوي لما يصيبه من ضرر إذا حكم بعدم الإدانة.
وطالبت الجمعية من الجهات المعنية أن تأخذ في الاعتبار أنه لا يزال نظام الإجراءات الجزائية غير مستوعب أو غير مطبق بشكل كاف عند بعض القضاة وأجهزة التحقيق والشرطة، والمباحث والأجهزة الإدارية ذات العلاقة ما يسبب مشاكل كبيرة ويؤثر في حماية الحقوق التي نص النظام عليها ويشعر بعدم احترامها.
وأكدت الجمعية أن يقدم هذا النظام حماية مهمة للمواطن والمقيم في حال اتهامه، ويجب أن لا توجد أي صعوبة في التزام الجهات المعنية به خاصة القضاء والمباحث والشرط وهيئات الضبط والتحقيق والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وذلك في الممارسات المتعلقة بإجراءات الاعتقال وحقوق المعتقل ومدة الاعتقال قبل الإحالة للقضاء وغير ذلك من النصوص المهمة التي تحظر إيذاء المقبوض عليه جسدياً، أو معنوياً، كما تحظر تعريضه للتعذيب، أو المعاملة المهينة للكرامة. وأشارت الجمعية أنها تلقت شكاوى عديدة بهذا الشأن، الأمر الذي يتطلب تلافي هذه الشكاوى والسلبيات والتأكد من تطبيق النصوص النظامية الخاصة بمحاسبة المقصرين والمفرطين في هذه الجهات، وترتيب البطلان على أي إجراء مترتب أو ناتج عن عدم احترام أي من هذه الحقوق الأساسية الواردة في هذا النظام لوضع حد للتجاوزات إن حصلت.
وبينت الجمعية الحقوقية أن تطبيق النظام بكفاءة يتطلب إصدار لائحته التنفيذية التي لم تصدر حتى الآن، ما يفسح المجال للاجتهادات الشخصية التي ينتج منها بعض التجاوزات والانتهاكات.
وذكر التقرير الحقوقي أنه لابد من تمكين المتهم من الاستعانة بمحام ومنع انعقاد المحاكمة من دون حضوره، حتى وإن لم يستطع المتهم دفع أتعابه أو لم يرغب في ذلك، فيجب على الجهة المعنية العمل على توفيره، معللة ذلك بأن المحاكمات في الوقت الحالي تحتاج إلى معارف فنية وإلى مهارات معينة يفتقر إليها المتهم، ووجود المحامي غالبا ما يضمن تحقيق العدالة وحسن تطبيق القواعد الشرعية والأنظمة المرعية في البلاد.
وبين التقرير أنه لابد أيضا من مراقبة المحققين لمنع تعسفهم في استخدام حقهم الذي نصت عليه المادة 69 من النظام، والتي تمنح المحقق حق إجراء التحقيق دون حضور المحامي متى رأى المحقق أن في ذلك ضرورة لإظهار الحقيقة، لأن ترك هذا التقدير للمحقق يتعارض مع فاعلية حق المتهم في الاستعانة بمحام.
وأكد التقرير ضرورة توجيه كافة جهات الضبط لتقديم المعلومات وبشكل فوري عن الموقوفين لأسرهم وأقاربهم ومحاميهم وللمسؤولين القنصليين في حال كون الموقوفين من الرعايا الأجانب، مؤكدا أيضا الالتزام بما جاء في المادة 35 بشأن حق الموقوف بالاتصال بمن يرى إبلاغه لضمان الاتصال الفوري بمن يريد لإبلاغه بتوقيفه ومكان التوقيف وسببه.
وأشار التقرير إلى أنه لا يكفل نظام الإجراءات الجزائية حق المتهم الامتناع عن الإجابة عن الأسئلة الموجهة إليه أثناء استجوابه أو التحقيق معه، وكان ينبغي أن يكفل النظام هذا الحق للمتهم ويستلزم حضور المحامي.
وطالبت الجمعية عبر تقريرها تفعيل نص المادة 19 من نظام المحاماة التي توجب على المحاكم وديوان المظالم واللجان شبه القضائية والدوائر الرسمية وسلطات التحقيق أن تقدم للمحامي التسهيلات التي تمكنه من القيام بواجبه، وأن تمكنه من الاطلاع على الأوراق وحضور التحقيق.
وعن حقوق الإنسان الأساسية في المملكة وتحديدا في حق الحياة، حيث لفت التقرير إلى أنه ينبغي ملاحظة أن تنفيذ عقوبة القتل قصاصا هو حق لولي الدم وليس للدولة، ولذلك إذا عفا هذا الأخير عن القاتل فلا توقع عليه عقوبة القتل. وتشجع الدولة وتسعى مع بعض أهل الخير لإسقاط عقوبة القصاص، سواء بدية أو عوض، أو بالعفو لوجه لله تعالى، بل قد يتدخل بعض كبار المسؤولين ورجال الدولة لتقديم المساعدات لأهل المجني عليه بغية حثهم على العفو عن الجاني. وكثيراً ما نجحت الدولة وأهل الخير في التقريب بين الطرفين بعقد الصلح وإيقاف عقوبة القصاص. ورصدت الجمعية العديد من الحالات التي تم فيها العفو عن القاتل ولم ينفذ حكم الإعدام فيها. ولم يرد إلى الجمعية أي شكوى أو بلاغ ولم ينم إلى علمها اختفاء أحد لأسباب سياسية أو لتصفيته. كما لم يرد إليها معلومات عن جرائم إبادة جماعية.
ورصدت الجمعية قيام بعض العاملين بالسجون بمعاقبة بعض السجناء داخل السجن بعقوبات لم ينص عليها النظام وإنما عرفت في دهاليز السجون من غسل لدورات المياه، أو الحبس الانفرادي بما يتجاوز المدد المسموح بها نظاماَ، أو عدم السماح للسجين بالخروج من العنبر الذي يسجن فيه إلى الساحات الخارجية داخل السجن، والحرمان من النوم، أو ربط يديه بشبك النوافذ أو الممرات وما إلى ذلك من تجاوزات يحظرها نظام السجون، كذلك رصدت بعض التعديات على الموقوفين في دور التوقيف والسجون إما لإجبارهم على الاعتراف أو للحصول على معلومات قد تفيد في التحقيقات. كذلك تلقت الجمعية بعض الشكاوى من بعض الموقوفين يدعون تعرضهم للضرب والإهانة من قبل رجال المباحث العامة. كما رصدت الجمعية قيام بعض الأجهزة باقتحام البيوت، أو تفتيشها دون إذن أصحابها أو إذن كتابي من الجهة المختصة كما يستلزم النظام. ولم تعلم الجمعية أنه جرى تنفيذ عقوبات محددة ومعلنة للأشخاص الذين يتجاوزون هذه النصوص سواء بعزلهم أو بإيقافهم عن العمل أو توقيع أي عقوبة إدارية أخرى عليهم.
ولم تغفل الجمعية تجاوزات تحدث من بعض المواطنين الذين يتعدون على هذا الحق الأساسي للعمالة الأجنبية، ويتعسفون في استخدام نظام الكفالة بالضغط على العامل الأجنبي، وهو ما يشكل ظاهرة سلبية، ترى الجمعية أن حلها يكمن في إعادة النظر في نظام الكفالة.
وقد رصدت الجمعية أشكالاً من المعاملة السيئة تصدر من بعض موظفي الدولة في تعاملاتهم مع الجمهور، وتفشي ظاهرة "الواسطة" ما يتطلب مراقبة سلوك الموظفين من قبل رؤسائهم ومحاسبة كل من يثبت تقصيره أو تجاوزه.
كما رصدت الجمعية في إطار الحق في المساواة ممارسات بعض فئات المجتمع التي تتضمن التفرقة بين مواطني الدولة على أساس المنطقة أو القبيلة أو المذهب أو الأصل ما يهدد وحدة الشعب ويؤثر سلباً في مفهوم الانتماء إلى الوطن، كما يعزز العصبية والانتماء إلى جماعات عرقية أو إقليمية، وذلك رغم ما تبذله الدولة من جهود كبيرة في سبيل محو هذه العادات التي تتنافى مع قيم الدين الإسلامي.
وأكد التقرير عدم المساواة في الحصول على عمل، حيث تفرض المادة 28 من النظام الأساسي للحكم، على الدولة تيسير مجالات العمل، ونظام الخدمة المدنية ينص على أن الجدارة هي الأساس في اختيار الموظفين لشغل الوظيفة العامة، وأن الدولة تفرض على الجهات ألا تقبل توظيف أشخاص إلا بعد دخولهم "مسابقة وظيفية" لدى وزارة الخدمة المدنية، إلا أنه تم رصد بعض الجهات الحكومية التي لا تقوم بهذا الإجراء مع الأشخاص الذين يتقدمون إليها للتوظيف. كما أن معيار التوظيف يختلف بين التخصصات المتقدمة، فتارة يقبل من هو أقدم في التقديم وتارة يقبل من هو أكثر في الخبرة أو الأعلى في المعدل، وتارة أخرى تدخل وساطات لتعيين من يملك معرفة مع أشخاص لهم نفوذ بحكم وظائفهم أو وضعهم الاجتماعي. كما رصدت الجمعية أن الإعلان عن بعض الوظائف العامة لا يتم بالشكل النظامي في جميع الحالات، وأن نظام وظائف بند الأجور بعقد سنوي، يتجدد تلقائياً وبرواتب بسيطة رغم أن الموظفين الخاضعين له يقومون بنفس الأعمال التي يقوم بها نظراؤهم المعينون على سلم نظام الخدمة المدنية، وينتظر أن يتحسن هذا الأمر بعد صدور المرسوم الملكي القاضي بتعديل أوضاع الموظفين والموظفات المعينين على بند الأجور وذلك بإعادة تعيينهم على حسب مؤهلاتهم في سلم الوظائف العامة. كما رصدت الجمعية بعض التمييز بين السليم والمعوق جسدياً من ناحية قبوله في العمل والدراسة، حيث لا يجد المعوق قبولا في أكثر الوظائف العامة وحتى تلك التي لا تحتاج إلى مجهود جسدي، ما يؤثر في نفسيته ويجعله بمعزل عن المجتمع رغم دعم الدولة للمعوقين وفرضها على المنشآت تحقيق نسب معينة من الموظفين المعوقين.
ورصدت الجمعية فروقا كبيرة بين المواطن والمقيم من حيث الحقوق والحريات، فحرية المقيم أكثر تقييداً من المواطن خاصة بالنسبة لحق التنقل بين المدن أو في حالة سفره وعودته إلى البلاد. كما أنه ليس للمقيم الحق في الرعاية الصحية في المستشفيات العامة بالمجان أسوة بالمواطن إلا بعد المرور بالكثير من الإجراءات الروتينية، ولعل نظام الضمان الصحي الإلزامي يحقق توفير الرعاية الصحية للمقيمين. كما رصدت الجمعية في بعض الحالات المعروضة على أقسام الشرطة، تعدي بعض المواطنين على كرامة بعض المقيمين وخاصة الخدم ومن في حكمهم بشكل غير مقبول مثل السب أو الضرب، بسبب المطالبة بالحق المالي الناتج عن العمل، وفي الوقت نفسه رصدت الجمعية، قيام بعض منسوبي الشرطة بالتعدي على المقيم بالضرب أو الحبس لمدة يوم أو يومين دون مسوغ نظامي "تأديباً" له على مخالفات بسيطة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف