جريدة الجرائد

ضربة حاسمة لحركة التمرد الأفغاني

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك


غريف ويت وجاويد هامدارد - واشنطن بوست

كان الملا داد الله وجه حركة طالبان في افغانستان، بينما لجأت الى التفجيرات الانتحارية وقامت بقطع الرؤوس وتصويرها بالفيديو، وشنت عمليات الاغتيالات المستهدفة في سياق تصعيد حملة التمرد خلال السنتين الماضيتين.

وكان داد الله يظهر بين فينة وأخرى على شاشة التلفاز ليوجه التهديدات إلى الحكومة الافغانية والقوات الدولية التي تقودها الولايات المتحدة بشن هجمات تصبح أكثر شدة وطموحاً.

ويوم الاحد، الثالث عشر من الشهر الجاري، ظهر وجهه على الشاشة مرة اخرى، لكنه كان يجثم هذه المرة بلا حراك، ملفوفا في غطاء قرنفلي، مدمى وميتا. وأمكنت مشاهدة ثقب احدثته طلقة رصاص في مؤخرة رأسه مع تهتكين آخرين في معدته.

وإذن، فقد قتل داد الله، أرفع قائد عمليات في طالبان يوم السبت، الحادي عشر من أيار بعد ان تعقبته القوات التي تقودها الولايات المتحدة والقوات الافغانية، وحاصرته في جنوبي افغانستان طبقا لما ذكره مسؤولو أمن افغانيون ودوليون. وقد رحب اولئك المسؤولون بمقتله واعتبروه نصراً هاماً في القتال ضد طالبان، في الوقت الذي زعزعت فيه الحركة الاسلامية المتطرفة استقرار مناطق واسعة من البلاد من خلال طريقة داد الله غير المتساهل في ادارة شؤون الحرب.

على الأعقاب، قال الميجر جون توماس، الناطق بلسان القوة التي يقودها حلف الناتو التي تسير دوريات في افغانستان والتي ساندت العمليات التي تقودها الولايات المتحدة ضد داد الله، "إننا نتوقع تماماً أن يوجد بديل للملا داد الله مع الوقت، أما الآن، فإن التمرد تلقى ضربة عنيفة. ووصف توماس داد الله بأنه "الشخصية الأعلى في افغانستان حسب منظورنا والذي كنا مهتمين بالقضاء عليه".

وفي الغضون، لم يكن من الواضح بمن سيستبدل داد الله؛ اذ ان قائدا كبيرا آخر في طالبان، وهو اختر محمد عثماني قد قتل في كانون اول - ديسمبر الماضي، كما ألقي القبض على ثالث هو عبيد الله اخوند في شباط - فبراير الماضي. وبالرغم من ان زعيم الحركة الأعلى الملا محمد عمر ما يزال طليقاً، فإن الاعتقاد السائد هو أنه يضطلع بدور أصغر في العمليات العسكرية التي ينفذها التنظيم.

من جهته، نفى ناطق بلسان طالبان ان يكون داد الله قد قتل، لكن شهود عيان فحصوا الجثة التي كانت مسجاة في قصر الحكومة في مدينة قندهار الجنوبية يوم الاحد المذكور، وقالوا إنها تعود لداد الله استنادا الى ملامح مميزة في وجهه وساقه اليسرى المفقودة.

كانت السنة الماضية هي الاكثر دموية في افغانستان منذ طرد طالبان إثر الغزو الذي قادته الولايات المتحدة في اواخر عام 2001، وقد ارتفع فيه عدد الوفيات في صفوف المدنيين بشكل درامي. وكان داد الله قد تفاخر خلال مقابلة اجريت معه في هذه السنة بأنه نشر حوالي 6.000 مقاتل توطئة لشن هجوم في الربيع، وبأن المفجرين الانتحاريين استطاعوا ان يتسللوا إلى كل مدينة أفغانية رئيسية. ومع ذلك، فإن تلك الادعاءات فهمت على نطاق واسع بأنها مبالغ فيها فيما لم يتجسد الهجوم المزعوم بشكل لافت.

أما الأفعان، فقد أبدوا ردود فعل حذرة على الأنباء الخاصة بداد الله، ولم تجر اي احتفالات شعبية بالمناسبة. لكن عدة اشخاص قالوا انهم سعيدون لأن داد الله ولّى، وظلوا مع ذلك متحفظين إزاء احتمال ان يفضي موته إلى إحداث فارق ايجابي. وفي الغضون، قال البعض انهم يخشون من أن تزداد حدة العنف. وقال رضا نديزاد - 24 عاما - وهو صاحب حانوت في العاصمة الافغانية كابول: "لقد قتل داد الله الكثير من الناس، لكنني اشعر الآن بالقلق من احتمال ازدياد العمليات الانتحارية، لان طالبان غاضبون ويتطلعون إلى الانتقام".

كان داد الله، وهو من مخضرمي الحرب ضد السوفيات في الثمانينيات من القرن الماضي، قد هندس مذبحة ارتكبتها طالبان ضد طائفة الحزارى العرقية خلال اواخر التسعينيات من القرن الماضي، كما تمتع بالكثير من النفوذ اليومي على التنظيم في السنوات الاخيرة. وقال توماس ان داد الله كان يقبع في "ملاذ" في بلد مجاور قبل ان ينتقل الى محافظة هلمند الافغانية حيث قتل. ومع أن توماس أحجم عن ذكر اسم البلد، إلا أن العديد من المراقبين يشكون منذ فترة طويلة بأن الكثيرين من قادة طالبان يعيشون في الباكستان. لكن الناطق العسكري الباكستاني الميجر جنرال وحيد ارشاد نفى ذلك يوم الاحد قائلا "لو كان هنا لكان قد القي القبض عليه ها هنا".

وفي الغضون، لم يشأ مسؤولو الامن الاميركيون والدوليون ان يقدموا تفصيلات تميط اللثام عن كيفية تعقب داد الله، مشيرين الى حساسية المعلومات الاستخبارية التي وظفت لانجاز العملية. لكن عضوا في البرلمان الافغاني عن محافظة هلمند ويدعى والي خان، قال ان عائلة زوجة داد الله تعيش في القرية التي لقي فيها الرجل مصرعه. وقال خان ان داد الله كان يزور منزل انسبائه عندما تم تطويق المنزل وطلب منه الاستسلام. وبدلا من الاستسلام، صدر إطلاق نار من المبنى، مما دفع بالقوات الاميركية والافغانية الى الرد على مصادر النار، وأكد على ذلك مسؤولون آخرون في الحكومة الافغانية الذين سارعوا إلى تصوير انباء مقتل داد الله على أنها نصر رئيسي في القتال ضد طالبان.

يقول خان: "إنني لا أرى أن هناك أحداً في طالبان اقوى من الملا داد الله، فقد كان هو الذي ينظم كافة العمليات المعادية للحكومة، بما في ذلك خطف وقتل الناس الابرياء.. لقد كان شخصا مهما جدا لطالبان". ومن جهته، قال حاكم محافظة قندهار الجنوبية أسد الله خالد في مقابلة معه مساء الاحد الذي تلا مقتل داد الله إن قائد طالبان داد الله كان "آكل لحوم بشرية"، يقتل رجاله أنفسهم اذا ما فشلوا في اظهار التزام كاف بالقضية. وكان خالد قد عرض جثة داد الله صباح ذلك اليوم امام المراسلين الصحفيين.

أما خان، فأضاف "لم يكن (داد الله) خطيرا على الحكومة وعلى الناس الابرياء فحسب، وإنما كان خطيرا ايضا على طالبان. والآن، ربما سينضم بعض هؤلاء الطالبان الى عملية السلام".

كان قد عرف عن داد الله استخدامه للحرب الاعلامية، حيث اصدر العديد من تسجيلات اشرطة الفيديو المرئية والمسموعة التي هاجم فيها التواجد الدولي في افغانستان وحكومة الرئيس حامد كرزاي الموالية للغرب. وفي نيسان - ابريل الماضي، اكد من على شاشة التلفاز بأن اسامة بن لادن حي يرزق، وان زعيم تنظيم القاعدة وقف وراء هجوم انتحاري شن في شباط - فبراير الماضي خارج قاعدة عسكرية اميركية خلال زيارة نائب الرئيس الاميركي ديك تشيني لها.

تقول بارنيت ار. روبين، وهي بروفيسورة في جامعة نيويورك كانت قد درست افغانستان لعقود "لقد مثل داد الله ما نستطيع وصفه بأنه طالبان الجديدة التي تعتبر اقرب بكثير إلى القاعدة، والتي باتت أذكى إعلاميا بشكل اكثر.. لذلك، فإن مقتله قد يفضي الى بعض النتائج على صعيد تعطيل ذلك الملمح من ملامح طالبان".

وكانت طالبان قد اختطفت في وقت سابق من هذا الربيع صحفيا ايطاليا مع مترجمه وسائقه الافغانيين، وتم الافراج عن الصحفي الايطالي في نهاية المطاف، لكن رأسي الافغانيين احتزتا بناء على أوامر داد الله. واتهم داد الله في وقت لاحق وعلانية الحكومة الافغانية بإظهار عدم المبالاة حيال الافغانيين، وبالاهتمام بإنقاذ حياة الايطالي. وفي الغضون، قال منير النقشبندي شقيق المترجم القتيل، إنه قد غمرته السعادة عندما سمع بمقتل داد الله. وأضاف: "عندما سمعت الاخبار لم استطع تمالك نفسي، واردت ان اخرج الى الشوارع لاعبر عن فرحتي لكل شخص. ان هذا اكبر انجاز للحكومة في السنوات الخمس الماضية".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف