المعلم: المحكمة ستهدد استقرار لبنان وأمنه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
رجح وزير الخارجية السوري وليد المعلم إمكان عودة الحرب الأهلية في لبنان إذا تم إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي لمحاكمة مرتكبي جريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري وفقاً للفصل السابع، معتبراً أن التسرع في إقرارها تحت الفصل السابع "سيهدد أمن واستقرار لبنان"، وأكد في الوقت نفسه أن الحكمة تقضي بأن تسعى سوريا للسلم مع إسرائيل، فيما أعلنت الولايات المتحدة أنها لا تمنع "إسرائيل من التحدث مع سوريا"، لكن تقارير أفادت أن أي تفاوض سيكون بعيداً عن ملف لبنان.
كلام المعلم جاء في محاضرة مطولة ألقاها في جامعة دمشق أمس، حيث قال "وجدت المعارضة اللبنانية في بنود المحكمة عودة إلى الوراء إلى العام 1982، حيت تصدت المقاومة اللبنانية لقوات متعددة الجنسيات.. مع الأسف هذا ما تريده فرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة من خلال مشروع قرارهم الأخير (للمحكمة) المفترض إنجازه خلال أسبوع، لأن الولايات المتحدة تترأس مجلس الأمن".
ورأى أن "إقرار المحكمة تحت الفصل السابع يعني أن لبنان يتنازل عن جزء من سيادته للقضاء الدولي، فيما قررت سوريا عدم التنازل عن سيادتها، ولذلك فإنها غير معنية بهذه المحكمة وفقاً لما وجهته من رسالة إلى مجلس الأمن"، معتبراً أن المحكمة تخص لبنان والأمم المتحدة وهي "غير مسبوقة إطلاقاً في العلاقات الدولية.. ويتم التخطيط لها ليس لاستهداف سوريا فحسب، وإنما لإرضاخ كل من يقف في وجه الهيمنة الأميركية".
واعتبر وزير الخارجية السوري أن "التسرع في إقامتها من قبل مجلس الأمن يجعل هذا المجلس طرفاً في الانقسام الداخلي اللبناني"، وتساءل "هل التسرع في إقامة المحكمة على الرغم من الانقسام في لبنان سوف يحمي الأمن والسلام الدوليين؟"، وأجاب "هذا التسرع سيهدد أمن واستقرار لبنان". أضاف: "تحمل الولايات المتحدة راية هذه المحكمة وتأخذها على عاتقها، ليس حباً بالرئيس الراحل رفيق الحريري"، مؤكداً أن ذلك يكشف فشل الأميركيين في العراق في الترتيب لاستخدام لبنان قاعدة للانطلاق، ومشدداً على "ضرورة أن تكون المحكمة لمحاسبة المجرمين، لا على أساس سياسي هدفه الانتقام".
واتهم واشنطن بأنها تريد جعل المحكمة أداة للتآمر على سوريا "وهي إحدى الأدوات السياسية الأميركية للنيل ليس فقط من سوريا وإنما من كل المنطقة، وذلك بعدما فشلت في غزو سوريا أو تغيير النظام وعزله لاحقاً لتعود أخيراً للحوار".
وحول الأحداث في شمال لبنان، قال المعلم "أصدرت وزارة الداخلية السورية بياناً ووثائق عن قادة (منظمة) فتح الإسلام، عقب تفجير حصل في لبنان قبل بضعة أسابيع.. تلاحق القوات السورية هؤلاء حتى من خلال الأنتربول الدولي"، مؤكداً أن البعض منهم في السجون السورية. أضاف "انه تنظيم مرفوض لا يخدم قضية فلسطين ولا الشعب الفلسطيني"، وإن "ما يجري في لبنان شأن لبناني وما يهمنا هو الوفاق الوطني اللبناني وأمن واستقرار لبنان وأن يزدهر هذا البلد لأنه الأقرب الى سوريا".
وبالنسبة للعلاقات اللبنانية ـ السورية، ذكر بأنه "منذ أكثر من عامين، اتخذ الرئيس الأسد قراراً شجاعاً بسحب كامل القوات من لبنان، وبالفعل تم إنجاز المهمة، لكن هذا لا يعني ألا يكون لسوريا أصدقاء في لبنان أو من يؤمن بموقفها المدافع عن الحقوق العربية.. لدينا أصدقاء نعتز بصداقتهم في المعارضة أو الأحزاب السياسية أو في عموم الأهل، وكنا نقول إن استقرار لبنان وأمنه مهم لسوريا ولا سبيل لذلك إلا عبر الحوار الوطني الذي يوصل إلى قواسم مشتركة"، لتحقيق حكومة وحدة وطنية وبقانون انتخابي جديد.
ورداً على سؤال حول إمكانية قيام سوريا بدعوة الفرقاء اللبنانيين للتوصل الى اتفاق، كشف أنه "كانت هناك مساعٍ مع الأشقاء في السعودية من أجل ايجاد حل لبناني"، مشيراً إلى أنه وجه الدعوة إلى وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل للتفاهم حول هذا الملف "إلا أن التطورات حالت دون وصول الأمير سعود إلى دمشق".
وانتقد المسؤول السوري الموقف الفرنسي، ممثلاً في الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، والتحامه بموقف الرئيس الأميركي جورج بوش لتهميش سوريا وعزلها وإخراج القوات السورية من لبنان.
وعن مؤتمر شرم الشيخ الذي خصص لبحث الملف العراقي منذ 3 أسابيع، قال المعلم "من دون تحقيق الرؤية السورية، نعتقد أن الوضع في العراق سيزداد تدهوراً مع الأسف"، مؤكداً أن وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس التي التقى معها على هامش المؤتمر، كان "لديها هم حول كيف نتعاون معها في موضوع الحدود مع العراق، وكان الجواب بسيطاً وهو أن الحوار مع الولايات المتحدة يجب أن يكون شاملاً هدفه كيف نحقق الأمن والاستقرار في المنطقة".
وفي الشأن الفلسطيني، أعلن المسؤول خلال المحاضرة أن بلاده وجهت دعوة رسمية للرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء اسماعيل هنية لزيارة دمشق للتوصل إلى "اتفاق أمني صلب يحرم الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني"، معرباً عن قلق سوريا من هذا الاقتتال.
وحول عملية السلام مع إسرائيل، رأى إن "تجربة السنوات الماضية في المفاوضات مع إسرائيل تثبت أن لا أفق للسلام معها، ولكن الحكمة تقضي أن نسعى للسلم وأن نبني القدرة الدفاعية عن الوطن وهذا رأي وفلسفة الرئيس (بشار) الأسد".
في سياق متصل، أكد السفير الأميركي في تل أبيب ريتشارد جونز أمس، أن الولايات المتحدة لا تمنع "إسرائيل من التحدث مع سوريا".
ونقل موقع "يديعوت أحرونوت" الالكتروني عن جونز قوله خلال يوم دراسي أكاديمي نظمه مركز بيغن ـ السادات في جامعة بار ايلان قوله إن الولايات المتحدة معنية بمفاوضات بين إسرائيل وسوريا أكثر مما تريد إسرائيل ذلك، وإن "إسرائيل لا تجري مفاوضات مع سوريا لكنها تريد ذلك حتى بقدر أقل من الولايات المتحدة"، وتأكيده أن بلاده تراقب النشاط السوري وتعمل على تطبيق حظر تمرير أسلحة لـ"حزب الله"، وأنها "لا ترى وجوداً لتهديد عسكري سوري آني على إسرائيل"، لكنه أوضح "نعتبر أي تعاظم في قوة سورية العسكرية مصدراً للقلق".
وكانت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية ذكرت في وقت سابق أمس، أن الإدارة الأميركية سمحت لإسرائيل بإجراء مفاوضات مع سوريا حول "مستقبل هضبة الجولان" المحتل والسلام والترتيبات الأمنية، وأنه تم نقل رسالة حول هذا التحول في موقف الولايات المتحدة أخيراً إلى إسرائيل، جاء فيها أيضاً أن واشنطن لا تسمح لإسرائيل بالتفاوض مع دمشق، حتى بشكل غير مباشر، حول لبنان، والمواقف الأميركية حيال مختلف قضايا الشرق الأوسط لأن هذا الموضوع يقع ضمن صلاحيات الإدارة الأميركية فقط.
وأوضحت الصحيفة أن الممثلين الأميركيين الذين نقلوا الرسالة للجانب الإسرائيلي، لم يتحدثوا عن أي موقف بالنسبة لوجود مقار تنظيمات المقاومة الفلسطينية في دمشق، ودور سوريا في تهريب الأسلحة إلى "حزب الله"، كما تم تجاهل موضوع إيران وعلاقاتها العسكرية بسوريا.
وأكدت الصحيفة أن "التحول" في موقف الولايات المتحدة جاء عقب مؤتمر القمة العربية في الرياض قبل شهرين، والذي ناقش مبادرة السلام العربية، بالإضافة إلى مؤتمر شرم الشيخ الأخير الذي ناقش مستقبل العراق وشارك فيه المعلم ورايس، موضحة أن الأخيرة أجابت بالنفي في شأن تجديد المفاوضات مع سوريا قبل أشهر عدة في إسرائيل، وأن المسألة طرحت في عدد من الجلسات المغلقة بين مسؤولين أميركيين وبين رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت الذي واصل الادعاء بأن بوش يعارض التفاوض.
وفي نيويورك، رأى السفير السوري لدى الامم المتحدة بشار جعفري في تصريحات صحافية ان الاحداث الاخيرة في لبنان هدفها الضغط لاقامة المحكمة الدولية، وقال "في كل مرة يكون هناك إجتماع لمجلس الامن للحديث عن الازمة في لبنان، نشهد خضات، إما اغتيالات وإما تفجيرات وإما محاولات اغتيال.. هذه ليست صدفة.. هناك من يحاول التأثير على مجلس الامن، بالضغط عليه ليتبنى مشروع قرار حول المحكمة".