جريدة الجرائد

سيناريو يكرّس القاعدة في لبنان

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

د. أحمد جميل عزم

تؤكد شدة الصدامات الجارية في لبنان بين تنظيم "فتح الإسلام" و"الجيش اللبناني" مدى القوة التي استطاعت "فتح الإسلام" مراكمتها في فترة قصيرة نسبياً. وإذا ما تم ربط ذلك بحقيقة وجود مجموعات متعددة في لبنان قريبة من فكر تنظيم "القاعدة"، وقد تكون على صلة فعلية بهذا التنظيم، فإن ذلك ينذر بأن ظاهرة "فتح الإسلام" قد لا تنتهي سريعاً، وأنّه حتى إن تم القضاء على التنظيم، فإن مجموعات تابعة له، أو تشاطره التوجهات الفكرية ولها ارتباطات فكرية أو تنظيمية مع مجموعات "القاعدة"، قد تنشط سريعاً، وسيكون أحد أسوأ السيناريوهات هو اتحاد هذه المجموعات مع بعضها بعضاً، لتشكل تنظيم "القاعدة" في لبنان، واستهداف الجيش اللبناني، والشيعة، والمسيحيين.
وهناك أسماء عدة متداولة مرشحة لتكون جزءاً من هذا السيناريو، فمنذ التسعينيات، كما هو معروف، تنشط مجموعات ما يعرف باسم "عصبة الأنصار"، والمجموعة المنشقة عنها "عصبة النور" وكلاهما نشط في مخيم عين الحلوة بشكل خاص، واستطاعا تحقيق وجود قوي، يجعل المراقبين يقولون إنّ في المخيم نوعاً من التوازن بين حركة "فتح" وبينهما، والعلاقة بين العصبتين تتميز بقدر من القرب والتنسيق، وقد اصطدمتا، في عدة مناسبات، مع كل من حركة "فتح" والجيش اللبناني، وذاك لأسباب منها احتضانهما مجموعات أو أشخاصاً مطلوبين للقضاء اللبناني. ومن المعروف أنّ قائد "عصبة الأنصار"، المطلوب للأمن اللبناني، أحمد عبدالكريم السعدي "أبو محجن"، انتقل إلى العراق قبل نحو عامين. ويشيع في المخيم، أنّ هناك عشرات من أبناء المخيم موجودون في العراق للقتال، وأن منهم من نفذ عمليات انتحارية. وهناك تقارير صحافية أنّ تنظيماً اسمه "جند الشام" تشكل من العائدين من أفغانستان، بعد عام 2001، حيث كانوا يعملون مع أبو مصعب الزرقاوي، الذي توجه للعراق، مع إشارات إلى أنّ العلاقة مع "عصبة النور"، ربما تكون وصلت مرحلة الاندماج.
كذلك فإن احتمالات الاتصال مع "القاعدة" في "أوروبا"، ممكنة، وينقل الصحافي البريطاني، روبرت فيسك، أن اثنين من قتلى "جيش الإسلام"، في صدامات طرابلس، في وقت سابق، هم لبنانيان من منطقة سهل عكّار، اعتقل شقيقهما في ألمانيا العام الماضي، بتهمة الإعداد لتفجير السكك الحديدية للقطارات.
وهناك مؤشرات على نشاطات الجماعات الأصولية المسلحة الأخرى في مخيم "نهر البارد"، فمثلاً أعلن في يناير 2006 اعتقال الأمن اللبناني خمسة أشخاص ينتمون إلى جماعة "عصبة الأنصار"، وهم ثلاثة فلسطينيين ولبناني وسوري، لدى إبحارهم في زورق من شاطئ مخيم "نهر البارد"، حيث جرت مطاردتهم واعتقالهم.
وبغض النظر عن الملابسات المختلطة، فإن الأكيد أن مجموعات متعددة قريبة فكرياً على الأقل من تنظيم "القاعدة"، تنشط في لبنان، وتحديداً في مخيمات اللاجئين وحولها، دون أن يكونوا بالضرورة فلسطينيين. وإذا ما أخذنا في الاعتبار التداعيات المتوقعة للصدامات الحالية في لبنان، وتم الأخذ بالاعتبار في الآونة الأخيرة نشاط تنظيم "القاعدة" عالمياً لضم مجموعات وتنظيمات متناثرة له، رسمياً، والمثل الأبرز هو ضم التنظيمات السلفية المقاتلة في دول المغرب العربي، لتشكيل ما سمي مطلع هذا العام باسم "تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، وقبل ذلك إعلان أيمن الظواهري في شهر أغسطس 2006، أن بعض زعماء الجماعة الإسلامية في مصر انضموا إلى "القاعدة". وإذا ما أخذنا بالاعتبار وجود بوادر ظاهرة "العائدين من العراق"، أي خروج أشخاص من العراق لبلدان أخرى للقتال، كل هذا يعطي الانطباع بأن سيناريو تشكل جبهة موحدة لـ"القاعدة" في لبنان، أمر غير مستبعد، حتى وإن كانت هذه الجبهة ذات طابع مختلف نسبياً عن تنظيمات أخرى لـ"القاعدة"، ولكن لبنان بقربه من فلسطين، وبالوجود الشيعي والمسيحي، فيه يشكل مكاناً يمكن لـ"القاعدة" أن تجد فيه الكثير من الأهداف السهلة لممارسة العنف، وفق تبريراتها الخاصة. ومما يعزز هذا السيناريو حالة التردي المتزايد في الوضع الفلسطيني الناجم الآن، بالدرجة الأولى عن الفشل المطلق في جميع المستويات السياسية والشعبية الداخلية، فضلاً عن إدارة الصراع مع إسرائيل، لكل من الفصيلين الرئيسيين المتقاتلين "فتح" و"حماس".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف