بعد التفجيرات والإرهاب والتصفيات العرقية: الأفيون يزرع في العراق
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لندن - إلياس نصرالله
كشف أمس، عن أن المزارعين في العراق بدأوا يزرعون للمرة الاولى في التاريخ الحديث لبلاد ما بين النهرين، نبتة الأفيون، ما يثير مخاوف عالمية من تحويل العراق في ظل الفوضى المستشرية في البلد، إلى مركز آخر لإنتاج المخدرات إلى جانب أفغانستان التي تعاني من هذه الظاهرة المتأصلة ويواجه المجتمع الدولي مشكلة كبيرة في مكافحتها، رغم الجهود الجبارة التي وُظِفت للقضاء على هذه الظاهرة.
وكتبت صحيفة "اندبندنت"، امس، أن مزارعي الأرز (التمّن) على ضفتي الفرات إلى الغرب من مدينة الديوانية جنوب بغداد توقفوا عن زراعة التمّن الذي تشتهر به المنطقة وبدأوا يزرعون نبتة الأفيون. وأضافت أن الظاهرة رغم حداثة ظهورها تحمل في طياتها مخاطر كبيرة بسبب ضعف الحكومة العراقية وعدم قدرتها على منع انتشار هذه الظاهرة، نظراً لأن الميليشيات المسلحة ورجالها المتغلغلين داخل قوات الأمن العراقية هم الذين يسيطرون على مدينة الديوانية والمناطق المجاورة لها، التي شهدت في الشهرين الماضيين سلسلة صدامات مسلحة بين رجال الميليشيات وقوات الشرطة والجيش العراقي.
وخصت الصحيفة بالذكر ثلاث مناطق تجري فيها زراعة الأفيون هي الشامية والغماس والشنافية، حيث تتوافر مساحات واسعة من الأراضي المروية جيداً. وتابعت أن هذه المناطق تعتبر خطرة جداً بالنسبة الى الصحافيين الأجانب، كونها تشهد صدامات مسلحة مستمرة بين الميليشيتين الشيعيتين الرئيسيتين المتنافستين، "جيش المهدي" التابع لمقتدى الصدر و"قوات بدر" التابعة لعبد العزيز الحكيم. وأوضحت أن التنافس بين الميليشيتين في هذه المناطق يتركز حول السيطرة على مصادر الدخل الرئيسية فيها ومن ضمنها الآن تجارة الأفيون الجديدة.
واضافت أن تجار المخدرات في العراق يجنون أرباحاً طائلة من عمليات التهريب عبر الحدود الإيرانية ومن ضمنها تهريب المخدرات، ويبدو أن عدداً منهم يرى أن الظروف الحالية للعراق تسمح باتباع النمط الأفغاني في إنتاج المخدرات، معتمدين على حقيقة أن الأفيون سيكون مصدر ربح أكبر بالنسبة للمزارعين ويسمح بتحولهم من زراعة التمّن إلى الأفيون.
وأبرزت "اندبندنت" في شكل خاص ما ورد في "معاهدة الشرف" التي أعلنها الاثنين الماضي، خليل جليل، حاكم لواء الديوانية، لإنهاء الصدامات المسلحة بين "جيش المهدي" و"قوات بدر"، مشدداً فيها على أن نجاح الاتفاق بين الطرفين مرهون بعدم تدخل قوات أجنبية بينهما، وذلك كتلميح إلى أن هذه الفقرة تتضمن إشارة إلى رغبة الطرفين في عدم تدخل أي طرف خارجي في مسألة السيطرة على مصادر الدخل في المنطقة ومنها تجارة الأفيون.
ووفقاً لـ "اندبندنت" استقى مراسلها في بغداد معلوماته حول الموضوع من طالب جامعي من أبناء المنطقة يخشى على مستقبل الحياة فيها ومن خبير عراقي في مكافحة المخدرات وتجارتها من منطقة البصرة. مشيرة إلى أن العراق تاريخياً استعمل كمحطة لتجار المخدرات الذين يعملون على تهريبها من أفغانستان مروراً بالأراضي الإيرانية إلى السعودية ودول الخليج الأخرى، بمساعدة عناصر من قوى الأمن خصوصا في عهد الرئيس السابق صدام حسين.
وأشارت الصحيفة إلى أن الفوضى التي تعم العراق حالياً ليست السبب الوحيد في قرار المزارعين المفاجئ للبدء في زراعة الأفيون، منوّهة إلى أن القرار ليس عفوياً وعلى الأغلب توجد أيدٍ خفية وراء هذه الظاهرة تتمثل بعصابات "منظمة ومجهزة جيداً وتملك سيارات وآليات جيدة وأسلحة كثيرة"، وفقاً للصحيفة، تقوم بتمويل المزارعين وتقديم ضمانات لشراء محصولهم. وأشارت "الإندبندنت" إلى أن سكان العراق عرفوا الأفيون قبل أكثر من خمسة آلاف سنة وأطلق عليه السومريون اسم "نبتة الفرح"، كما عثر في خرائب نيبور شرق الديوانية على لوائح من الأجُر نقشت عليها نبتة الأفيون، مما يثبت أنه يمكن زراعة الأفيون في العراق، رغم الطقس الحار.