جريدة الجرائد

الجيش اللبناني يحقق اختراقاً كبيراً في «البارد» ويحاصر «فتح الاسلام» في موقع «صامد»

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

خوجة يلتقي شيباني اليوم وبري مع صيغة 13+17 والأكثرية تصر على ضمانات ...


نيويورك، بيروت - راغدة درغام

وأخيراً تمكنت وحدات الجيش اللبناني في المواجهة التي تخوضها ضد تنظيم "فتح الاسلام" في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان، من تحقيق اختراق عسكري واسع بإحكام سيطرتها بالكامل على استراحة النورس المطلة على البحر، والتي تشكل موقعاً استراتيجياً يتيح للجيش المضي في تضييق الخناق على آخر مواقع التنظيم الواقعة بين مؤسسة صامد والتعاونية، وهي الأخيرة لشاكر العبسي في الرقعة الجغرافية المعروفة بـ "المخيم الجديد" امتداداً لمخيم البارد بحدوده القديمة.

وجاء تقدم وحدات الجيش باتجاه الإطباق على استراحة النورس التي تعتبر ثاني أهم موقع لـ "فتح الاسلام" بعد سقوط تلة المحمرة في الأسبوعين الأولين من المواجهة في "البارد" التي مضى عليها 23 يوماً، بعد معارك عنيفة استمرت اكثر من 24 ساعة من دون انقطاع، نجح خلالها الجيش اللبناني في السيطرة على محاور عدة، ما اضطر مجموعات "فتح الاسلام" الى التراجع الى مواقعها المحصنة داخل التعاونية ومؤسسة صامد التي تشتد من حولها المعارك.

وسيطرة الجيش على استراحة النورس مكنته من استيعاب الهجمات المضادة التي شنتها مجموعات التنظيم في اليومين الأخيرين من الاسبوع الماضي، وفتحت الطريق أمام وحدات الجيش للسيطرة على مباني التعاونية ومؤسسة صامد وناجي العلي. وتشكل الاستراحة خط الدفاع الأساسي، وتعتبر بمثابة "الدفرسوار" الذي يربط المواقع المحصنة التابعة للعبسي بالواجهة البحرية للمخيم، وكانت مجموعات "فتح الاسلام" تتخذ منها نقطة الانطلاق لمهاجمة مراكز الجيش أو التسلل اليها ليلاً.

وقالت مصادر رسمية لبنانية لـ "الحياة" ان قيادة الجيش من خلال سيطرتها على استراحة النورس ستدفع بعض الأطراف المحلية الى مراجعة حساباتها، بعدما كانت تراهن على وجود صعوبة أمام وحدات الجيش للاستمرار في المواجهة، بالتالي لا بد من إعادة النظر في موقف القيادة لا سيما أنها ستكون قادرة على شل الحركة العسكرية لـ "فتح الاسلام" ومحاصرة مقاتلي التنظيم في ما تبقى لهم من مواقع لدفعهم الى الاستسلام، وسوق الذين ارتكبوا جرائم ضد عناصر الجيش الى العدالة ومحاكمتهم.

وأكدت المصادر ذاتها ان الجيش سيواصل ضغطه على "فتح الاسلام" للاستسلام، وإلا سيضطر الى مواصلة عملياته لإخراج مقاتلي التنظيم نهائياً من المنطقة التي تمددوا منها الى الأحياء الجديدة في البارد، والعودة الى "المخيم القديم"، وعندها سيواجه العبسي مشكلة مع الفصائل الفلسطينية، بما فيها تلك التي قدمت له المساعدة العسكرية والبشرية، نظراً الى أنها ستكون عاجزة عن حماية مجموعاته.

الى ذلك، علمت "الحياة" من مصادر عسكرية أن قوى الجيش تمكنت من اعتقال أربعة عناصر من "فتح الاسلام" أحدهم مصاب بجروح بالغة، وسارعت الى نقله لأحد المستشفيات لتلقي العلاج. وخلّف مقاتلو التنظيم وراءهم كميات من الأسلحة والذخائر بما فيها رشاشات وقذائف "بي 7".

وفيما تفقد رئيس الأركان العامة في الجيش اللواء الركن شوقي المصري وحدات الجيش المنتشرة في محيط البارد، ناقلاً الى ضباطها وعناصرها تحيات قائد الجيش العماد ميشال سليمان ومثنياً على جهودهم وبطولاتهم التي تجلت خلال المواجهات، أعلنت مديرية التوجيه في بيان ان وحدات الجيش واصلت توسيع سيطرتها على نهر البارد وعملت لإحكام الطوق وانتزاع مواقع جديدة من المسلحين وإجبارهم على الفرار منها.

وكررت قيادة الجيش - مديرية التوجيه دعوتها المسلحين "المتمادين في ضلالهم" الى إلقاء السلاح وتسليم أنفسهم "كي تأخذ العدالة مجراها". وطغى تقدم الجيش وتثبيت مواقعه في سياق الخطة الرامية الى إنهاء ظاهرة "فتح الاسلام" الارهابية، على المشهد السياسي المحلي، على رغم ان سفير المملكة العربية السعودية لدى لبنان عبدالعزيز خوجة ما زال يأمل من خلال تحركه باتجاه الأكثرية والمعارضة بالوصول الى مخرج للأزمة السياسية في لبنان، على قاعدة تشكيل حكومة وحدة وطنية، انطلاقاً من توسيع حكومة الرئيس فؤاد السنيورة.

وكان خوجة الذي تواصل امس مع السنيورة ورئيس كتلة "المستقبل" النيابية سعد الحريري والنائب في حركة "أمل" علي حسن خليل، التقى ليل أول من أمس رئيس "الهيئة التنفيذية" في "القوات اللبنانية" سمير جعجع في حضور النائبين ستريدا جعجع وايلي كيروز، على أن يجتمع اليوم بسفير إيران محمد رضا شيباني في إطار التشاور في طبيعة الجهود الآيلة الى التقريب في وجهات النظر بين الأطراف المعنيين بتوسيع الحكومة.

ويعتبر لقاء خوجة - شيباني اليوم، الأول منذ معاودة السفير السعودي تحركه باتجاه جميع الأطراف في محاولة جدية من المملكة لمساعدتهم في التوصل الى تسوية لإنهاء الأزمة. كما يأتي اللقاء بعد إعلان شيباني إثر لقائه الأخير رئيس المجلس النيابي نبيه بري ان هناك جهوداً سعودية - فرنسية - إيرانية مشتركة لحل الأزمة اللبنانية.

وأكد خوجة لـ "الحياة" انه ماضٍ في تحركه ويلقى الدعم من السفيرين الأميركي لدى لبنان جيفري فيلتمان والفرنسي برنار ايمييه، بخلاف ما يشيعه بعض الأوساط المقربة من المعارضة، من ان الادارة الاميركية لا تشجع انجاز تسوية في لبنان.

ورأى خوجة ان "لا خيار أمام اللبنانيين سوى الإسراع في التوافق على تشكيل حكومة وحدة وطنية، وان أي خيار آخر سيدفع ببلدهم الى الفراغ السياسي والاقتصادي والأمني، ولا أظن ان هناك من يريد الوصول الى مثل هذه المغامرة التي يمكن ان تجر البلد الى الفوضى". ونوه بالدور الذي يقوم به الجيش اللبناني لإعادة الهدوء والاستقرار الى الشمال، مؤكداً ان "لا عذر لأحد بعدم الوقوف الى جانب الجيش وتوفير كل الدعم له، خصوصاً انه يخوض معركة الدفاع عن لبنان، وانه لكل اللبنانيين وليس لفريق دون الآخر".

ولفت خوجة الى ضرورة مبادرة القوى الأساسية في البلد الى تجاوز اختلافاتها السياسية، تحديداً بالنسبة الى دعمها الجيش ضد ما يسمى "فتح الإسلام" في نهر البارد. لكن السفير تحدث عن استمرار أزمة الثقة بين الأطراف في لبنان، وقال ان "الحوار المباشر يساعد على تبديدها، ونحن على أتم الاستعداد للتدخل لخلق المناخ الذي يساعدهم على استعادة الثقة المتبادلة بينهم، وللوصول الى قواسم مشتركة، لأن لا خلاص لبلدهم الا بتفاهمهم".

وعلى رغم ان خوجة يفضّل عدم الدخول في التفاصيل حول كيفية استعادة الثقة او حول الضمانات، سواء تلك التي تطالب بها الأكثرية او المعارضة، علمت "الحياة" من مصادر مقربة منهما أن النقاش بالواسطة بين الطرفين من خلال السفير السعودي كان تمحور في السابق حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، على قاعدة توسيع الحكومة الحالية، بحيث تتمثل الأكثرية بـ19 وزيراً في مقابل 11 وزيراً للمعارضة. ولكن تبين لاحقاً - بحسب المعلومات - ان بري يصر على إشراك المعارضة بـ13 مقعداً من اصل 30 مقعداً، بذريعة ان السنيورة كان اعلن سابقاً انه مستعد لتمثيل المعارضة بهذا العدد من الوزراء، وهذا ما نقله اخيراً النائب خليل الى السفير السعودي وآخرين في قوى المعارضة.

لكن السنيورة أبدى اعتراضاً على إعطاء المعارضة 13 مقعداً، ونقل عنه أحد الوزراء قوله: "كنت اقترحت ذلك على اساس تشكيل حكومة جديدة يتفق سلفاً على بيانها الوزاري، لا سيما بالنسبة الى إدراج القرار 1701 والنقاط السبع في صلبه باعتبار ان الوزراء الشيعة وافقوا على هذين البندين قبل استقالتهم من الحكومة". وبما انه أعيد البحث مجدداً - وكما يقول الوزير - في صيغة توسيع الحكومة الحالية، كان لا بد من العودة الى اقتراح صيغة 19+11 طالما ان لا نية لدى المعارضة في الاتفاق على البرنامج السياسي للحكومة الجديدة، ناهيك عن عدم وجود ضمانات بتشكيل هذه الحكومة في حال استقالة الحكومة الحالية. لذلك، فإن المسألة التي ما زالت تعيق الاتفاق على توسيع حكومة السنيورة، تتعلق بإصرار الأكثرية على الضمانات بعدم استخدام المعارضة للثلث الضامن لإطاحة الحكومة، وهذا ما عبر عنه قادة قوى 14 آذار وعلى رأسهم اضافة الى النائب الحريري، رئيس "اللقاء النيابي الديموقراطي" وليد جنبلاط وجعجع. في المقابل يرى رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" العماد ميشال عون ان لا مصلحة له في الاستقالة من الحكومة بخلاف حركة "أمل" و "حزب الله" اللذين لم يحسما أمرهما بالنسبة الى الضمانات، وتخشى الأكثرية كما تقول مصادرها من ممارسة سورية ضغوطاً على المعارضة للانسحاب من الحكومة في الوقت المناسب، بما يفسح في المجال امام قيام رئيس الجمهورية اميل لحود بتشكيل حكومة ثانية، اذا تعذر الاتفاق على انتخابات رئاسة الجمهورية.

كما تسأل الأكثرية عن موقف طهران، وهل هي قادرة بحكم علاقتها بدمشق على توفير الضمانات بعدم استقالة الحكومة، أم انها لا تحبذ إحراجها، بالتالي لا ترى افقاً للحل الا بالتواصل معها، على الاقل من قبل السعودية ومصر.

وتبقى مسألة الضمانات العقدة الأساسية التي تحول دون حصول تقدم يمكّن السفير خوجة من مواصلة جهوده لتحقيق التوافق المطلوب لإنجاز التسوية. وينتظر ان يكون لقادة الأكثرية موقف من قضية حكومة الوحدة الوطنية، يجري التشاور في شأنه في موازاة موقف المعارضة، في ظل إصرار "حزب الله" على رفضه أي حوار بين أمينه العام السيد حسن نصر الله والنائب الحريري، بذريعة ان الأكثرية لم تقدم حتى الآن القاعدة السياسية للانطلاق في الحل.

وفي نيويورك، طلبت الحكومة اللبنانية من الأمم المتحدة توزيع تقرير الجيش اللبناني حول التعزيزات العسكرية التي تتلقاها الفصائل الفلسطينية في لبنان وبالذات فتح الاسلاح والحركة الشعبية - القيادة العامة كوثيقة رسمية من وثائق الأمم المتحدة. وهذا للمرة الأولى يسجل في وثيقة رسمية، تفاصيل الخروقات للقرارين 1701 و1559 من قبل سورية ومن قبل الميليشيات الموجودة في لبنان.

وتأتي رسالة الحكومة اللبنانية التي بعثتها أمس الثلثاء القائمة بالأعمال كارولين زيادة الى كل من الأمين العام ورئيس مجلس الأمن، بعدما عرض مبعوث الأمين العام المكلف مراقبة تنفيذ القرار 1559 تيري رود لارسن فحوى تقرير الجيش اللبناني أمام مجلس الأمن أول من امس.

وفي عمان (ا ف ب)، اكد شقيق شاكر العبسي ان عائلته "تتهيأ لنبأ مقتله". وقال عبد الرزاق العبسي جراح العظام من عيادته وسط العاصمة الاردنية "نحن نعلم انه قد يقتل، لذا نحن متهيأون لسماع هذا النبأ. الطريق الذي اختاره خطر جدا. في النهاية حياة كل منا بيد الله".

واضاف عبد الرزاق "بالنسبة له ليس هناك مخرج ممكن". وتابع "هنا في الاردن هو محكوم عليه بالاعدام وفي سورية كان في السجن". واعتبر ان "شاكر مثل الكثير من الفلسطينيين اختار طريق التشدد الديني بسبب الاحباط الذي يعاني منه، اكثر مما هو عن قناعة".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف