جريدة الجرائد

لهذه الأسباب يريد نظام دمشق تصفية الحريري وحمادة وجنبلاط

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك



تقرير من نيويورك يكشف سعي المخابراتي آصف شوكت إلى اغتيال زهير الصديق في باريس والصحافي فارس خشان





"السياسة" - خاص

أكدت مصادر في الأمانة العامة للأمم المتحدة في نيويورك معلومات "السياسة" عن قرار اتخذه الرئيس السوري بشار الأسد بوجوب اغتيال كل من الزعيمين اللبنانيين وليد جنبلاط وسعد الحريري والوزير والنائب مروان حمادة والصحافي فارس خشان .(عدد "السياسة" 13865 يوم الأحد 10/6/2007).
وكشفت هذه المصادر ان المسؤول المخابراتي السوري آصف شوكت وبفعل اتصالات بعيدة عن الأضواء كان يجريها مع جهاز المخابرات الفرنسي حين كان الرئيس الحالي نيكولا ساركوزي وزيرا للداخلية في عهد الرئيس السابق جاك شيراك, أعرب عن ثقته بتمرير اغتيال زهير الصديق الشاهد الملك في قضية اغتيال رئيس الحكومة اللبناني الاسبق رفيق الحريري,من دون أي تداعيات سلبية على دمشق .

ولفتت هذه المصادر الى أن هذه المعلومات بدأت بالتوافد على أكثر من جهاز أمني أوروبي بالتزامن مع تصميم كل من الولايات المتحدة الاميركية وفرنسا وبريطانيا على طرح مشروع القرار الخاص بتشكيل المحكمة الخاصة بلبنان تحت الفصل السابع.
وأشارت الى ان دمشق حاولت ان تمرر رسالة الى العواصم الاوروبية مفادها ان إقرار المحكمة ذات الطابع الدولي بقوة الفصل السابع, سيدفع النظام السوري الى اعتماد الخيارات الصعبة ومواصلة تصفية أولئك المدرجين على "اللائحة السوداء", عملا بمبدأ "الضغط المتكافئ".

ومبدأ "الضغط المتكافئ" يفيد, بحسب القاموس الاستخباراتي بأن إصرار المجتمع الدولي على تشكيل المحكمة الدولية يتيح للمخابرات السورية macr; المشتبه بتورطها بالجرائم ذات الصلة باختصاص المحكمة-بأن تنقض على المحكمة من بوابتين رئيستين هدفهما منع المحكمة من تحقيق المهمة التي أُنشئت من أجلها.

أما البوابة الأولى, بحسب المعلومات, فتكون بالاقدام على تصفية ما أمكن من شهود مفاتيح يعتمد عليهم الادعاء العام لإضفاء مصداقية على القرار الاتهامي المعروض أمام المحكمة.
والبوابة الثانية تكون تحديدا من خلال زلزلة الأرض تحت أقدام أولئك الذين وُجدت المحكمة لحمايتهم من الاغتيال, ويمكن اعتبار كل من جنبلاط والحريري رأسي حربة في هذا الاطار.
وتعرب المصادر الأممية عن اعتقادها ان التشديد على أسماء "الخماسي" جنبلاط والحريري وحمادة وخشان والصديق لا يعني أن المخاطر غائبة عن شخصيات أخرى لها صلة بالمحكمة وبالتطور اللبناني, ومن بين هذه الشخصيات يمكن إدراج نائب رئيس الحكومة وزير الدفاع الياس المر .

إلا أن هذه المصادر تعتبر أن اغتيال أي من "الخماسي" له وقع سيئ للغاية إما على المجتمع الدولي وإما على لجنة التحقيق الدولية وإما على مستقبل لبنان السياسي, في حين سيكون له تأثير ايجابي جدا للمخابرات السورية في الأوساط المؤيدة لها او الخائفة منها, سواء في سورية ام في لبنان.

وتفصل هذه المصادر قراءتها للأسماء بحسب المتوافر لديها من المعلومات.

أولا, على مستوى جنبلاط:

يعتبر رئيس "اللقاء الديمقراطي" وليد جنبلاط من أكثر الشخصيات السياسية اللبنانية التي يكرهها بشار الأسد وتثير حساسية لديه كلما نطقت بكلمة, وهو غير مستعد على الاطلاق لتطبيع العلاقات معها.
لكن أهمية جنبلاط, في التقييم السوري, لا تنحصر عند هذا الحد,بل تتخطاه الى أنه من الشخصيات اللبنانية المطلوب حمايتها في المستقبل, من خلال إلقاء القبض على قتلة الرئيس رفيق الحريري ومحاكمتهم,نظرا للدور الذي يمكن لجنبلاط ان يلعبه في إرساء أسس لبنان السيد والحر والمستقل والعربي والمتناغم مع المجتمع الدولي.وهي ميزة غير متوافرة بطاقاتها الزعاماتية في أي شخصية سياسية درزية أخرى بما فيها "الوريث الاحتمالي" للزعامة الجنبلاطية, على اعتبار ان تيمور وليد جنبلاط لا يزال طري العود ولا يعرف أسرار الحياة اللبنانية ولا مخزون التطلعات الوطنية الذي يحرك والده, وتاليا فإن غياب جنبلاط من شأنه إبعاد الطائفة الدرزية عن الدور الريادي الاستقلالي المطلوب منها لسنوات قد تطول أو تقصر, بحسب السرعة التي سيسير عليها "الخليفة المحتمل".
ولا تتوقف أهمية جنبلاط عند هذا الحد, بل أن له دورا أساسيا في المحكمة ذات الطابع الدولي, فهو من أهم الشهود على الاطلاق,لأنه كان بمكان ما "الأذن الحقيقية" للرئيس الحريري وكانا يتبادلان الآراء والخدمات لمنع بشار الأسد من الوصول الى جسد واحد منهما, لكن لا الحريري ولا جنبلاط أعطيا أي مصداقية للمعلومات التي ألمحت الى امكان اغتيال الحريري بعملية انتحارية تفجر أكثر من طن ونصف الطن من المواد الناسفة.

ثانيا, على مستوى الحريري:

يعتبر رئيس "كتلة المستقبل" النيابية سعد الحريري خطرا محتملا على النظام السوري الحالي,ذلك أنه متى اشتد عوده وكبرت خبرته سيكون الشخصية الأكثر جاذبية للغالبية الشعبية السورية أي أنه سيكون محط أنظار الطائفة السنية في سورية كما ان جنبلاط حاليا هو محط أنظار الطائفة الدرزية فيها.
وفي اعتقاد دمشق ان أي ضربة قاضية توجهها الى الحريري من شأنها ان تُلحق خسارة معنوية كبيرة بكل من اوروبا والولايات المتحدة الأميركية,على اعتبار ان الحريري هو امتداد أكيد للدور الاسلامي المعتدل الذي سبق لوالده الرئيس الشهيد ان لعبه, في وجه التمدد الأصولي الاسلامي.

ولا تخفي الاوساط السورية التي يمكن اعتبارها مصدر كل هذه المعلومات التي باتت متوافرة في نيويورك, أن تغييب سعد الحريري سيضع الطائفة السنية في لبنان إما في مهب الريح وإما في خدمة طروحات اسامة بن لادن وإما في حماية النظام السوري,وبالتالي فإن تغييب الحريرية عن لبنان سيفتت الطائفة اللبنانية الكبرى الواقفة في وجه النظام السوري وسيضعها في مواجهة المسيحيين الذين سيجدون الحماية على طريقة العماد ميشال عون أي باللجوء الى الطائفة الشيعية التي توالي النظام السوري من بوابة التحالف مع "حزب الله".
ولا تقتصر اهمية سعد الحريري هنا, بل هي تمتد الى الدور الذي سيؤديه في المحكمة, لأنه يملك الكثير من المعطيات حول حقيقة اغتيال والده ولا بد من أن توضع قيد المناقشة العلنية للدفاع عنها,وتاليا فإن التغييب القسري للحريري من شأنه إضعاف هذه المعطيات.

ثالثا, بالنسبة لحمادة:

يعتبر الوزير حمادة من الشخصيات اللبنانية المتحركة بفاعلية على المستويين الاوروبي والاميركي, وله اطلالة مؤثرة ليس على الرأي العام اللبناني فحسب بل على الرأي العام الدولي أيضا.
ويُعتبر حمادة حاليا أنه حامل روح الشهيد جبران تويني في "النهار",لا بل ان بعض التقارير الواصلة الى سورية تؤكد ان موقف صحيفة "النهار"من سورية يمكن ان يشهد تطورا ايجابيا كبيرا لو ان حمادة لم يكن موجودا فيها,وتلفت الى ما سمته قوى الرابع عشر من آذار بفترة الارباك التي مرت بها "النهار" في الزمن الذي اغتيل فيه التويني وكان حمادة لا يزال يتعافى من تداعيات محاولة اغتياله .

وسبق ان أشارت تقارير وصل بعضها الى جنبلاط ووضعها بتصرف البعثات الدائمة في مجلس الامن الى ان بشار الاسد يتطلع الى تصفية حمادة لأنه يُشكل نقطة تقاطع تحريضية ضد دمشق لدى كل من جنبلاط والياس المر.

إلا ان موقعية حمادة لا تقف عند هذا الحد,فهو من الشخصيات التي يُشكل غيابه عن الحياة فراغا في المحكمة الدولية لأن حمادة يملك معلومات مهمة عن فترة التحضير لاغتيال الحريري كما أنه يحمل معه كل أدلة التبرئة من التهمة الموجهة اليه بما سمي "فبركة الشهود".

رابعا, بالنسبة لخشان:

تعتقد دمشق انها ما إن ارتاحت من سمير قصير حتى أطل عليها فارس خشان الذي توزع المعارضة السورية مقالاته باحتفالية كبيرة.
وتشير الى أن أخطر ما في هذا الصحافي ليس رأيه, بل المعلومات التي يُسند اليها مقالاته او مواقفه.
إلا أن هذا الموقع الصحافي لخشان ليس هو السبب في التركيز عليه بل أن الدور الذي يمكن ان يلعبه لاحقا في المحاكمة في حال قررت دمشق الاستمرار بسياسة الدفاع عن نفسها بتهمة توجهها الى "فريق الادعاء"بأنه فبرك الشهود.

وفي هذا الاطار, ترى المصادر الاممية في نيويورك ان النظام السوري بحاجة الى إخلاء الساحة لهسام هسام, حتى يروي للمحكمة ومن خلالها للرأي العام رواية "فبركة الشهود", لكن في حال كان خشان موجودا, فهو قادر بحسب الافادة التي قدمها للقاضي اللبناني الياس عيد وأصبحت بعهدة فريق الدفاع السوري,أن يقنع الرأي العام بكذب هسام هسام وبإقدام المخابرات السورية على "فبركة شهادته" بهدف نسف مصداقية التحقيق.
وكان سبق للمخابرات السورية ان أزاحت من درب هسام النائب اللبناني جبران تويني وحاولت إزاحة المقدم سمير شحادة, وهما الشخصيتان اللتان اتهمهما هسام بمساعدة خشان على تطويعه ليشهد ضد سورية في جريمة اغتيال الحريري.

وفي حال نجحت سورية في تصفية خشان, فإن تهمة "فبركة الصديق" ستلصق به ايضا, على اعتبار ان الامم المتحدة وضعت يدها على كتب ومقالات وتصاريح تبين ان سورية تحاول ان تنسب إفادة الصديق أيضا الى "أعمال فارس خشان".
أكثر من ذلك, فإن المخابرات السورية تعتبر هذا الصحافي اللبناني بمثابة "حيوانها الأسود" إذ سبق لها وبذلت جهدا كبيرا لتسويقه عدوا لدودا لسورية وخادما امينا للمخابرات الاسرائيلية والسعودية والفرنسية والاميركية وتاليا فإن وصولها اليه من شأنه أن يزيد هيبتها لدى القواعد السورية التي يمكن ان تتململ عندما تكتشف المخاطر المحدقة بالنظام الامني السوري من جراء تشكيل المحكمة ذات الطابع الدولي تحت الفصل السابع.

خامسا, بالنسبة للصديق:

يعتبر زهير الصديق الشاهد الملك في ملف الرئيس الحريري.
ووفق الدراسات التي أعدها محامو النظام السوري بدأت صدقية هذا الشاهد تتعزز, بفعل الأدلة التي تتوصل اليها لجنة التحقيق الدولية, فالصديق هو اول من كشف ان العملية التي اودت بالحريري وصحبه هي انتحارية ومن نفذها ليس احمد ابو عدس وليس لبنانيا بل عراقي او سوري أُفهم ان الهدف هو رئيس الحكومة العراقية آنذاك إياد العلاوي.وهذه الرواية التي بدأ بها الصديق إفادته أوجدت لجنة التحقيق أدلة عليها.ولهذا التطور تداعيات في غاية الأهمية على الملف لأن فريق "المستقبل" المتهم بmacr; "فبركة إفادة الصديق" كان ينادي بأن الانفجار تم من تحت الارض وليس بواسطة عملية انتحارية.

وفي حال أثبت سيرج براميرتس رواية الصديق بالأدلة, فهذا سيعطي لما تبقى من افادات الصديق أمام لجنة ديتليف ميليس مصداقية حاسمة من شأنها فتح أبواب الجحيم على كل من كان في صلب النظام الامني اللبناني-السوري الذي اغتيل الحريري في ظله.
وهذا واحد من الأسباب التي تدفع النظام السوري الى تصفية الصديق,على اعتبار ان من بين الاسباب الاخرى ليس إفساح المجال امام هسام هسام ليتلاعب بالرأي العام كما يشاء فحسب بل ترجيف ركاب كل من شهد او سيشهد ضد النظام السوري .

طبعا يُضاف الى ذلك, الهيبة الكبيرة التي ستتركها المخابرات السورية في صفوف الشعب السوري .
ووفق المعلومات, فإن آصف شوكت ابدى ثقته بأنه قادر على تمرير اغتيال الصديق في فرنسا من دون تأثيرات سلبية على بلاده,للاسباب التالية :
أولا, اعتقاده ان الرئيس الفرنسي الجديد لن يقود أزمة جديدة مع سورية بسبب شخص مثل الصديق.

ثانيا, ايمانه بأن الصحافة الفرنسية لن تشعر أن هذه القضية تحتاج الى متابعة لصيقة .

ثالثا, ثقته بأنه قادر ان يضع دماء الصديق على أيادي سعد الحريري, بدفع المروحة الاعلامية التي تعمل لدى المخابرات السورية ومنها اللبناني والعربي والاوروبي والاميركي الى تبني نظرية تقول ان الحريري قتل الصديق حتى لا يتراجع عن أقواله, من جهة أولى وحتى لا ينكشف أنه هو الذي وقف وراء "فبركة إفادته"من جهة ثانية,وحتى لا يعمد القضاء الفرنسي بعدما تحرر من عبء الرئيس جاك شيراك الى تسليمه للبنان,من جهة ثالثة,وحتى يبقى الجنرالات الاربعة في السجن من جهة رابعة.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف