جريدة الجرائد

لماذا المعركة واحدة في لبنان وفلسطين والعراق؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

خيرالله خيرالله

في النهاية ما الذي تتضرر منه اسرائيل في حال كان "حزب الله" واجهة لبنان وفي حال كانت "حماس" واجهة الشعب الفلسطيني وفي حال كان "جيش المهدي" التابع لمقتدى الصدر، من الناحية النظرية وللأجهزة الإيرانية فعليا، واجهة العراق؟ لدى اسرائيل بكلّ صراحة ووقاحة مصلحة في أن تكون واجهة لبنان حزب مذهبي مرجعيته في طهران. هل مصلحة اسرائيل في أن يكون لبنان على تماس مع ما يدور في العالم، في لبنان ديموقراطي يلعب دور جسر بين الحضارات، في لبنان متطور يكون مكاناً يتوجه إليه العرب كل العرب ويستثمرون فيه ويكون واجهتهم التي يُطلّون من خلالها على العالم، أم مصلحتها في لبنان يغطيه سواد "حزب الله"، لا حراك في وسطه التجاري، بل مخيّم للبؤس والبؤساء والبائسين.
هل مصلحة اسرائيل في فلسطين المنفتحة على العالم، فلسطين التي تقاتل الاحتلال بمجتمعها الأسلامي ـ المسيحي وتواجهه به، أم في فلسطين متزمّتة ليس فيها سوى مقنّعين يطلقون النار في الهواء أو على الآمنين، لسبب ومن دون سبب... وانتحاريين لا يذكّرون العالم سوى بـ"القاعدة" وأسامة بن لادن؟ هل مصلحة اسرائيل في عراق حضاري ديموقراطي، أم في عراق مقسّم على أسس عرقية ومذهبية لا علاقة لا بالعرب ولا بالعروبة الحقيقية البريئة من عروبة البعث الصدّامي؟
لا مصلحة لاسرائيل في لبنان مستقر مزدهر يأتي إليه الناس من كل أنحاء العالم وفي بيروت تصل ليلها بنهارها. لبنان كهذا يكون نقيضاً للدولة العنصرية ذات المجتمع المريض التي اسمها اسرائيل. كذلك، لا مصلحة لاسرائيل في فلسطين منفتحة على الشرق والغرب بمجتمعها الغني المتسامح الذي لا يرفض الآخر. ولا مصلحة لاسرائيل في عراق موحّد لا تفرقة فيه بين سني وشيعي ومسلم ومسيحي وعربي وكردي وتركماني.
انطلاقاً من هذه المعطيات لا مشكلة لاسرائيل مع "حزب الله" ما دام هدفه تدمير لبنان. لا حاجة إلى أدلة على ذلك. عندما يفتعل الحزب الإيرانيّ الولاء حرباً في الصيف الماضي تمكّن الدولة اليهودية من تدمير جزء من البنية التحتية اللبنانية، هل يكون يخدم لبنان أم اسرائيل؟ هل يخدم لبنان أم النظام السوري الساعي إلى استعادة وصايته على لبنان؟ وعندما يستكمل الحزب الإلهي الحرب الاسرائيلية باحتلال وسط بيروت مع العمل في الوقت ذاته على افتعال فتنة ذات طابع مذهبي بين المسلمين أنفسهم، هل يخدم لبنان والعرب أم اسرائيل؟
لا حاجة إلى تعداد الأسباب التي جعلت اسرائيل الحليف الحقيقي والموضوعي للنظام الايراني الذي لعب دوراً حيوياً في مجال تسهيل الاحتلال الأميركي للعراق وإثارة الغرائز المذهبية والعرقية في هذا البلد الذي كان إلى ما قبل فترة قصيرة عربي الهوية وجزءاً لا يتجزأ من الركائز التي قام عليها الشرق الأوسط الحديث الذي نشأ في أعقاب انهيار الدولة العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى في العشرينات من القرن الماضي. هناك التقاء طبيعي بين المصالح الإيرانية والاسرائيلية، أقله لجهة الانتهاء من العراق الموحد بصفة كونه لاعباً إقليمياً يدعم المنظومة الأمنية العربية بل يشكل أحد اسسها... بغض النظر عمّا ارتكبه صدّام حسين من جرائم.
الحاجة الآن إلى الحديث عن لبنان والخطر الذي يتعرّض له حالياً الوطن الصغير بعدما تبين أن "حزب الله" و"فتح ـ الاسلام" وجهان لعملة واحدة وان ما يقدّمه الحزب من تغطية لـ"فتح ـ الاسلام" في مخيّم نهر البارد الشمالي جزء لا يتجزأ من عملية أوسع تصب في تغطية الجرائم السورية في لبنان بدءاً بمحاولة اغتيال الوزير مروان حماده وانتهاء باغتيال النائب وليد عيدو المؤمن بالعرب والعروبة، مروراً باغتيال الرئيس رفيق الحريري والنائب باسل فليحان ورفاقهما والزميل سمير قصير والمناضل العربي جورج حاوي والزميل جبران تويني والنائب والوزير بيار أمين الجميّل. عندما يقول الأمين العام لـ"حزب الله" إن مخيم نهر البارد، حيث سقط عشرات الشهداء في صفوف الجيش اللبناني، "خط أحمر"، يكون نصرالله وقف مع عصابة "فتح ـ الاسلام" السورية ووفر لها غِطاء بدل اعتبار الجيش اللبناني ولبنان "خطاً أحمر"...
ثمّة حاجة الى الحديث عن فلسطين أيضاً وعن دور "حماس" المكمل لدور "حزب الله". الموضوع كلّه موضوع هجمة يشنها المحور الإيراني ـ السوري على غير جبهة بهدف القول إن هناك منظومة أمنية جديدة في المنطقة تتحكم بها طهران وأن لا مفر من الاعتراف بذلك في ضوء الخلل الاقليمي الذي تسببت به الولايات المتحدة في العراق بإيحاء من اسرائيل. لا يمكن الفصل بين ما يدور في العراق وبين ما يدور في لبنان وبين ما يدور في غزّة حيث الدعم الاسرائيلي لـ"حماس" واضح كلّ الوضوح، أقلّه في المرحلة الراهنة. هل كان في استطاعة "حماس" الانتصار بالطريقة التي انتصرت بها على "فتح" أي على كلّ ما له علاقة بفلسطين والنضال من أجل الاستقلال والتخلص من الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة لولا التواطؤ الاسرائيلي المكشوف مع "الحركة الاسلامية" التي لا علاقة لها بالاسلام لا من قريب ولا من بعيد؟
المؤسف أن العرب يرفضون تسمية الأشياء بأسمائها أكان ذلك في لبنان أو فلسطين أو العراق. يرفضون الاعتراف بأنّ المعركة واحدة والحاجة إلى موقف واحد موحد من المحور الإيراني ـ السوري. فحوى الموقف العربي المفترض أن "حزب الله" و"حماس" و"فتح ـ الإسلام" والميليشيات المذهبية في العراق، أكانت سنية أو شيعية، شركاء في مشروع واحد اسرائيل غير بعيدة منه، لا هدف له سوى إلغاء كلّ ما هو عربي في المنطقة.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف