وزراء الاعلام العرب.. واجتماع الخيبة الثقيلة!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
سليم عزوز
لرئيس البرلمان المصري الراحل الدكتور رفعت المحجوب تساؤل مأثور وهو: اين أنت يا حُمرة الخجل؟!.. وهو تساؤل تذكرته وأنا أشاهد عبر الفضائية المصرية السادة وزراء الاعلام العرب، في اجتماعهم بجامعة الدول العربية، يوم الأربعاء الماضي!
فالسادة الوزراء الأشاوس هم مثال حي علي (الخيبة الثقيلة)، او علي خيبة الأمل عندما تكون راكبة جمل، ومع هذا فقد اجتمعوا وقبلوا ان يشاهدهم الناس في الوطن العربي، ولم يهتز لاي منهم رمش، بل شاهدناهم يخطبون وينظرون - من التنظير - في شجاعة يحسدون عليهم، وهم الذين يتولون أمر التلفزيونات الرسمية في عالمنا العربي، ولا يوجد تلفزيون منها عليه القيمة، ومن التلفزيون المصري (بعموم قنواته) الي التلفزيون الجزائري، ومن التلفزيون الأردني الي التلفزيون المغربي، ومن التلفزيون الليبي الي التلفزيون السعودي.. لا اعرف بالمناسبة ما إذا كانت الجماهيرية العربية الليبية... إلي آخره، لديها وزير إعلام ام لا؟ ولا اعرف ما اذا كان السيد وزير الاعلام كان حاضرا هذا الاجتماع، ام انه قاطعه لان وزير الاعلام السعودي كان حاضرا؟، فما اعرفه ان الأخ العقيد القذافي قد انتصر علي ضعف تلفزيون بلاده بان اصبح زبونا دائما علي قناة الجزيرة ، ولكثرة استضافته فيها، فقد حديثه حيويته وصار مثل المقررات الدراسية في عالمنا العربي!
الأخ العقيد القذافي يقطع الرتابة بتغيير محاوريه، ومؤخرا كان المحاور هو سامي حداد، ونعتقد ان هذا يتم بناء علي طلب الاخ القائد، لان مثلي لا يعتقد ان حداد وجد لديه أسئلة ملحة تحتاج الي إجابات فشد الرحال الي الجماهيرية العربية الليبية.. الي آخره، من اجل ان يفوز بهذه المقابلة، فإذا كانت المقابلة قبل الأخيرة معه كانت علي خلفية مقاطعته لقمة الرياض، فلا نعتقد ان هناك مناسبة فرضت هذا اللقاء المقرر، الذي سيكون سببا في ان يفقد الاخ العقيد قائد الثورة الليبية جاذبيته، وتصير مقابلاته مثل نشرات الأحوال الجوية، التي لا تستلفت نظرا وان تضمنت أخبارا عن رياح محملة بالرمال والأتربة!
ما علينا، فسامي حداد علي الرغم من انه وصف سعة صدر الاخ العقيد بأنها اكبر من القارة الأفريقية، الا انه لم يتطرق في حواره الي عملية التنكيل بالمعارضة الليبية، والدور المتنامي لنجل العقيد، ومزاعم التخطيط لتوريث الحكم، وقتها كان سيعرف الحدود الجغرافية للأخ القائد بعد انتهاء الحوار المبثوث علي الهواء مباشرة، وان كانت الإجابة معروفة فلا توجد معارضة ليبية، وهو لن يورث نجله الحكم لانه أصلا لا يحكم فهو قائد ثورة، ومفكر، وزعيم أممي!
مرة أخري ما علينا، فموضوع الاخ العقيد أقحم نفسه علي موضوع هذه السطور الذي هو حول الاجتماع التاريخي للأشاوس وزراء الغبرة في جامعة الدول العربية، حيث كان القوم في اجتماعهم يتحدثون كما لو كان اعلامهم ليس مسخرة من العيار الثقيل علي النحو الذي نري، وقد اندهشت كيف ان وزير الاعلام المصري انس الفقي قد انفكت عقدة لسانه وصار يتحدث بطلاقة، وهو الذي سبق ان سمعته في احدي الندوات عندما كان رئيسا لهيئة قصور الثقافة، ولم استطع ان اعثر في كلامه علي جملة واحدة مستقيمة، فمن الواضح ان المناصب الكبري تفك عقدة الألسنة، لكن المشكلة ان الرجل كان يتحدث كما لو كان قد فتح عكا بمساندة إخوانه وزراء الاعلام العرب، مع ان الدوحة ليس بها وزيرا للإعلام ومع هذا انطلقت منها الجزيرة، والقوم لا تنقصهم الإمكانيات المادية، فخزائن الدول مفتوحة علي البحري لهم، ومع هذا فاننا نشاهد خيبة منقطعة النظير!
لا اعرف مناسبة هذا الاجتماع، ولا اظن ان هناك جدول أعمال له، وهذا يفسر كيف انهم كانوا في كل وادي يهيمون، ومن الحديث عن ميثاق الشرف الاعلامي الي القضية الفلسطينية، ومن مستقبل الاعلام العربي الي حال الفضائيات الخاصة.. سمك، لبن، تمر هندي.. كما نقول في مصر، ولولا ان جو القاهرة اصبح خليجيا في الصيف وفي العشر سنوات الأخيرة بالذات، لقلت ان القوم جاءوا في الأصل للتصييف، وبالمرة يعقدون اجتماعاتهم حتي يتم الحساب علي انها مهمة عمل، تتولي الدول المشاركة نفقاتها!
الفضائية المصرية نقلت وقائع الاجتماع علي الهواء مباشرة، اما قناة مصر الإخبارية، او قناة النيل للأخبار، فقد نقلت جانبا من الاجتماع، وظلت طوال اليوم تستضيف الخبراء والباحثين وابناء السبيل ليحللون هذه اللحظة الدقيقة من تاريخ امتنا العربية الواحدة ذات الرسالة الخالدة، واستمعت الي الدكتورة هويدا مصطفي الأستاذة بكلية الاعلام جامعة القاهرة تتعامل مع الاجتماع علي انه فتح مبين.. وجلست اركز في كلامها ولم اخرج بمبرر واحد منطقي أو غير منطقي يبرر فرح العمدة الذي نصبته، لكن من الواضح انها دعيت لاحياء الليلة من قبل تلاميذها بالقناة، فرأت ان تساعدهم في مهمتهم الصعبة، ولتعمق لديهم الشعور بالانتماء وحب الوطن!
شاهدت برنامج (المشهد) علي النيل للأخبار، وكان أحد الضيوف يسبقون اسمه بلقب (اللواء)، ولا ادري ما هي علاقة الرتب العسكرية ببرنامج هو في الأساس عن الاجتماع التاريخي للأشاوس وزراء إعلام الدول العربية.. تشرفنا. وقد كانت الشاشة وقت بث البرنامج مقسمة الي جزءين رئيسيين، جزء يعرض صورة من الاجتماع التاريخي، والجزء الثاني لحلقة البرنامج التي كانت تعليقا علي هذا الاجتماع التاريخي.
ولان الاجتماع كان علي كل شكل ولون، فقد كان البرنامج من كل فيلم أغنية، وقد تطرق الي ما جاء في الاجتماع عن الوضع الفلسطيني.. يبدو ان الهدف الرئيسي منه هو مناصرة ابو مازن في معركته مع حماس، وهي مناصرة لها مبررها، فالبيت الأبيض اعترف بحكومة الطوارئ، والانظمة العربية تشعر بالأمان العاطفي عندما تسمع هذه الكلمة: (الطوارئ)!
قد يقول قائل وما شان وزراء الاعلام بمثل هذه الأمور؟.. ومن المؤكد ان السادة الوزراء قد شعروا بهذا، فقاموا بعملية لوي لعنق الموضوع، وناقشوا كيفية تعامل الاعلام العربي مع القضية الفلسطينية، كأن اعلامهم الفاشل له قيمة ليدرس كيف يتعامل؟!
في برنامج (المشهد) انطلق أحد الضيوف ليهاجم حماس، ويتهمها بإقامة إمارة في غزة.. وهو ما قاله ابو مازن في نفس اليوم. وقال ان الحركة تهدف للاستيلاء علي السلطة، وهنا انزعجت المذيعة ولسان حالها يقول: يا لهوي، وتساءلت وهي (مخضوضة): وهل ستنجح في ذلك؟.. فطمأن الخبير الاستراتيجي قلبها (الملتاع): لا الشعوب اذكي من ذلك بكثير!
كأن الهدف من الاجتماع هو الهجوم علي حركة حماس، وتصويرها علي انها الشيطان الرجيم.. ولم يكن الأمر بحاجة الي اجتماع ومكلمة وبدلات سفر، فالاعلام الحكومي ومنذ اللحظة الأولي لأحداث غزة وهو منحاز الي موقف أولمرت وبوش، لكن المشكلة انه إعلام هش فلم تصل رسالته لاحد، ومن وصلت إليه كانت سببا في تغيير وجهة نظره في الأحداث، لان إعلام الحكومات فاقد للثقة والاعتبار.. والأهمية أيضا!
مشكلة وزراء إعلام الدول العربية انهم لا ينظرون في المرآة!
غياب حماس
الحركة القرعة التي اقدم عليها برنامج (البيت بيتك) في الأسبوع الماضي لم تنطل علي أحد، فمحمود سعد المذيع بالبرنامج كان قد دعا عددا من الكتاب للحديث عن الأزمة بين حماس وفتح، وقد اشترط الكاتب الفلسطيني عبد القادر ياسين لحضوره ان يكون في البرنامج ممثل عن حركة حماس، وكان المفروض ان يبدأ البرنامج بهذه الفقرة، والتي كان يتم التنويه عنها بين الحين والآخر، لتصبح آخر فقرة في البرنامج، ولم يحضر ممثل حماس، وظل التأكيد علي انه سوف يلحق بهم، ولم يلحق، يبدو انه تاه في الطريق. ولا أظن ان أحدا قد صدق ان التلفزيون المصري الحكومي المحافظ يمكن ان يستضيف أحدا من حماس، لأن القوم منحازون لابو مازن ودحلان اكثر من انحيازهما لانفسهما، وهم يعتبرون انه اذا كان دحلان قد مسه قرح، فقد مسنا قرح مثله!
ان حماس هي الحاضر الغائب في كل برامج التلفزيون المصري التي تتطرق للازمة الأخيرة، فبرنامج (المشهد) سالف الذكر لم يستضيف ممثلا عن حماس او مدافعا عن وجهة نظرها، أو حتي واقفا علي الحياد في الأزمة، فالتعامل مع حماس هو بنفس اسلوب التعامل مع جماعة الإخوان المسلمين، فكثيرا ما يتم تنظيم حملة إبادة إعلامية ضدهم ولا يتم استضافة أي من عناصر الجماعة ليعرض وجهة نظرها ولو من باب التمثيل لاثبات الموضوعية، والحجة المعلنة ان الجماعة محظورة قانونا، ولا يجوز استضافة عناصرها في تلفزيون رسمي ومحافظ كالتلفزيون المصري. وان كان يجوز التهجم عليها!
أتمني ان يتوقف القوم عن الحركات الصغيرة التي لا تنطلي علي جنين في بطن أمه!
ظهور مذيعة محجبة
أخيرا ظهرت أول مذيعة محجبة علي شاشة التلفزيون المصري في عهد الرئيس مبارك، وكانت أول واخر مذيعة محجبة ظهرت عليه هي كريمان حمزة في عهد الرئيس السادات. والمذيعة هي هالة المالكي التي كانت تعمل في القناة الخامسة، وعندما ارتدت الحجاب تم الاستغناء عن خدماتها، فقامت هي وزميلات لها بالطعن في قرار المنع أمام القضاء، وحصلن علي أحكام قضائية واجبة النفاذ بعودتهن الي عملهن، لكن لم يتم احترام هذه الأحكام، وهو سلوك حكومي متبع تجاه الأحكام التي لا تلقي قبولا لدي السادة المسؤولين!
لكن مؤخرا من علينا السيد هاني جعفر رئيس القناة وقرر عودة هالة الي عملها، ولا نعرف الموقف من زميلاتها، والرجل نفي ان يكون قد منعهن من العمل، فمن وجهة نظره ان الملابس حرية شخصية. وأعلن انه يحرص علي احتواء كل العاملين ومنحهم فرصاً متكافئة لانهم في النهاية أبناء التلفزيون المصري، ولو حاول أحدهم الخروج علي طوعه فعلينا إعادته الي بيته.. انظر الي أخلاق القرية؟!
المهم ان هالة ظهرت علي شاشة إحدي قنوات التلفزيون المصري بحجابها ولم يقم بوش بادخال مصر ضمن محور الشر، وهو الأمر الذي كنت أخشاه بعد ان تعامل السادة وزراء الاعلام الثلاثة: صفوت الشريف وممدوح البلتاجي وانس الفقي علي ان ظهور مذيعة بالحجاب امر لا يتماشي مع الفكر الجديد، ولا يتسق مع مبادئ الدولة المدنية التي يدشن أساسها الحزب الحاكم في ربوع البلاد.
azzoz66@maktoob.com