بطرس غالي: نعم تم طردي من الأمم المتحدة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
في حوار مع أمين عام الأمم المتحدة الأسبق
حاورته في القاهرة: سامية أبو النصر
سياسي بارع ومفاوض ناجح ودبلوماسي فوق العادة كان وزيرا للخارجية المصرية ما يقرب من 14 عاماً، وله باع طويلة في السياسة والعلاقات الدولية، وخبرة واسعة في التعامل مع المجتمع الدولي، علاوة على ذلك فهو صحافي يعشق الكتابة فهو مؤسس مجلتي ldquo;الأهرام الاقتصاديrdquo; وrdquo;السياسة الدوليةrdquo;، وعندما تجلس معه تشعر ببساطته برغم علمه الغزير وخبرته الواسعة. له العديد من المؤلفات في القانون الدولي والقضايا السياسية باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية. د.بطرس غالي أول مصري يشغل منصب الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان، وقد التقينا به وكان لنا معه الحوار التالي:
من وجهة نظركم كيف يمكن تعزيز مكانة مصر في المجتمع الدولي وكيف نستطيع الانفتاح على العالم الخارجي؟
- يمكننا بالسعي لاستيعاب الثورة التكنولوجية علماً بأن السياسة الدولية تمر بعدة أزمات، وبعد الحرب الباردة تبنت مصر سياسة عدم الانحياز والتي أفقدتها الكثير من أهميتها.
وبعد حروب نابليون انعقد مؤتمر فيينا وبعد الحرب العالمية الأولى تم إنشاء عصبة الأمم ولم تحقق الهدف المنشود منها إلى أن وقعت الحرب العالمية الثانية وتم انعقاد مؤتمر سان فرانسيسكو، وبعد انتهاء الحرب الباردة لم نحدد ما هي القواعد الجديدة التي يمكن أن ننظم بها العلاقات الدولية.
ولكن الثورة التكنولوجية والمعلوماتية، والعولمة وهناك عولمة الجارة والثقافة والإرهاب، والقضايا الإقليمية سيتم حلها في المستقبل على المستوى الدولي على سبيل المثال قضايا البيئة والطيران، والجرائم.
وبالتالي الأمم المتحدة عندما قامت عام 45 على سيادة الدولة التي فقدت أهميتها، والسبب الثاني هو الاتجاه الجديد للتحولات التي تحدث للمجتمع الدولي بزيادة دور المنظمات غير الحكومية ومؤسسات المجتمع المدني. فالأجهزة تلعب دورا في السياسة الخارجية أو الدولية ولا تكون خاضعة دائماً لسلطة الدولة مثل البرلمانات والأحزاب السياسية.
والظاهرة الجديدة هي أن هذه المؤسسات تلعب دورا في السياسة الخارجية ولكن مازالت دول العالم الثالث غير مدركة لأهمية المجتمع الدولي.
كيف نقنع الرأي العام بأن الاهتمام بالسياسة الخارجية يعادل الاهتمام بالسياسة الداخلية بسبب انكماش العالم والترابط ونجد أن المشكلات عملياً سوف تعالج على مستوى دولي وستفرض على هذه الدول؟
- الجانب الأمريكي يرى أن فرض النظم الديمقراطية في مختلف دول العالم ستحقق السلام. ودائماً وفي ادعاء آخر مشابه هو لو طبقت الشيوعية سيحقق السلام وكأن السلام هو مطلب جميع دول العالم.
وإذا كان لدينا ما يسمى بعولمة الثقافة والتجارة والمواصلات، فأين عولمة الديمقراطية؟ وإذا أردنا تحقيق السلام فيجب أن نحقق الديمقراطية.
والتيار الدولي اخترق جميع مراحل الإنسان العمرية من خلال الإنترنت لذا فإن المطلوب هو محاولة تحقيق حد أدنى من الديمقراطية ونبدأ بديمقراطية الأمم المتحدة، ونحاول تجديد مجلس الأمن في مشروعات إنشاء مجلس جديد.
وليست العبرة بهذه الاختلافات وإنما الحاجة الأولى هي الاستعداد للجيل الثالث للمنظمات الدولية، والجيل الثاني الأمم المتحدة ويجب أن نستعد للجيل الثالث سواء كانت العولمة أو الثروة التكنولوجية، نقترح إلى جانب ذلك ممثلا عن الدولة وآخر عن المجتمع المدني وآخر عن العمال وآخر عن صاحب العمل.
ومثلاً نجد في البرازيل 13 ألف منظمة غير حكومية مهتمة بحقوق الإنسان إلى جانب اللجنة الدائمة لحقوق الإنسان، وهناك منظمات غير حكومية مهتمة بمشكلات البيئة وأخرى بالصحة وأخرى بالدفاع عن الأطفال، ويتم تقسيمها كممثلة عن المنظمات الحكومية وأخرى من غير الحكومية.
ومن وجهة نظركم كيف نستطيع إقناع الدول للاهتمام بالشؤون الخارجية؟
- ليست العبرة في الأمم المتحدة، فنجد 70% من المنضمين للأمم المتحدة غير مهتمين بالسياسة الخارجية.
ولهذا فقد ننضم للفرانكفونية للانفتاح على العالم الخارجي وللعب دور في السياسة المستقبلية والانضمام للاشتراكية الدولية من خلال تعدد القنوات.
لو أن جميع دول العالم لديها نفس الثقافة واللغة فلن نستطيع تحقيق الديمقراطية، فالاختلاف على المستوى الدولي يعادل الاختلاف بين الأحزاب، وهذه التعددية الحزبية تساعد على تحقيق الديمقراطية وأن يتم اتخاذ القرار نتيجة للمناقشة والتفاعل مع أطراف أخرى، أي لا يكون القرار من طرف واحد، وهذا نفس الأمر الذي نطالب به أي أن تكون في العالم تعددية بحيث لا يصبح العالم تحت سيطرة قطب واحد.
وما أسباب اهتمامكم بالقارة الإفريقية؟
- لأن مصر جزء لا يتجزأ من العهد الإفريقي، وفي العهد الفرعوني كان لدينا أكثر من أسرة تنتمي لأسر إفريقية.
ولعبت مصر دورا محوريا ومهما في الكثير من حركات التحرير في القارة الإفريقية، وجميع الدول الإفريقية حصلت على مساعدات للتخلص من الاستعمار.
كما أن مشكلة المياه حيث قلة الأمطار واعتماد الزراعة على الري من دول نهر النيل لذا لابد من الاتفاق بين دول حوض النيل، لأن الانفجار السكاني في الدول الإفريقية يضطرهم للجوء إلى الزراعة بالري والاعتماد أكثر على مياه نهر النيل، ويمكن الوصول إلى 3 محاصيل في السنة ودولة مثل أثيوبيا ستلجأ للزراعة بالري، لذلك لا بد من التعاون بين هذه الدول لتفادي مشكلة توزيع المياه وهنا لا خلاف بين الدول الرأسمالية والدول الشيوعية.
والتيار الدولي هو الذي توغل مع الاستعداد لإنشاء منظمة دولية لتوزيع مياه النيل وربط الكهرباء.
وإذا كانت الكهرباء الأمريكية مرتبطة بالكندية فلماذا لا نربط كهرباء مصر بكهرباء السد العالي.
ومثل هذه المشروعات تتطلب رؤية مستقبلية.
وما أوجه الاهتمام بحقوق الإنسان؟
- صدر عن المجلس القومي لحقوق الإنسان التقارير الثلاثة الأولى لأننا نهتم بالشؤون الخارجية ونهتم بالاتصال بالعالم الخارجي من خلال إيجاد قنوات جديدة.
وعقدنا أخيراً مؤتمرا عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم العربي بالتعاون مع اليونسكو.
وفي ديسمبر المقبل سنعقد مؤتمرا عن الديمقراطية في إفريقيا ودورها في الدفاع عن حقوق الإنسان الفلسطيني في حرب يونيو/حزيران وأغسطس/آب وضرب المدنيين وما تعرضوا له من انتهاكات.
وأثناء الحرب الباردة من الصعب الربط بين الديمقراطية وحقوق الإنسان، وفي المعسكر الشيوعي كان هناك انفصال تام بين حقوق الإنسان والديمقراطية.
وبعد انتهاء الحرب الباردة بدأت الأمم المتحدة تهتم بالنظم الديمقراطية فلا نستطيع الدفاع عن السلام والأمن إلا من خلال النظم الديمقراطية.
مشروع توسعة عضوية مجلس الأمم، ما هي فرصة مصر فيه وأدواتها للحاق بهذا الركب؟
- هناك أكثر من 100 مشروع، والدول الخمس الكبرى لها حق الفيتو. والذي لا يستعمل إلا في موضوعات مقترحة.
وربما يمكن تحقيق هذا الاقتراح بعد أكثر من ثلاث سنوات وهناك منافسة شرسة بين مصر وجنوب إفريقيا، ولكن يؤخذ على جنوب إفريقيا عدم وجود علاقات ودية مع دول القارة ولكن لها نشاطها أكثر من النيجيري والمصري وسيبقى مجلس الأمن، كما هو فمن مصلحة الأمم المتحدة أن تظل دول كبرى كاليابان والصين وألمانيا.
وفي بداية انضمامهما للأمم المتحدة في الماضي كانت ألمانيا واليابان غير متحمستين للانضمام والآن تغير الوضع تماماً فما هي المعايير التي يتم على أساسها اختيار الدول لعضوية مجلس الأمن؟
- تم اختيار الدول التي انتصرت في الحرب في سان فرانسيسكو وكانت وقتها أمريكا والصين وانجلترا ثم أضيفت إليها فرنسا بمساع في آخر لحظة.
وكان الاتفاق فيما بينها للسيطرة على العلاقات الدولية وكان هناك اتفاق ما بين إنجلترا وفرنسا يخص انفراد إنجلترا بالنفوذ على مصر، والاقتراح الذي قدم من ضمن عشرات الاقتراحات وتم الاتفاق عليه بأن يكون هناك ممثل عن القارة الإفريقية وآخر عن اللاتينية وآخر عن الآسيوية والأوروبية.
وكان الاقتراح بأن الاختيار يتم بناء على مجموعة الدول الإفريقية ثم يتم طرحه عالمياً، وأن يتم الاختيار بين الدول التي انتصرت في الحرب العالمية الثانية ولنتساءل الآن ما هو المستقبل المنتظر لمنظمة الأمم المتحدة والتي أنشئت بشكل أساسي لحفظ السلام والأمن الدوليين.
وفي ضوء اختزالها في ظل الحرب الأمريكية على العراق وهل سيظل خطرها مرهونا بتهميش حالة الامتثال لأمريكا وهذا معناه أن تتحول الأمم المتحدة بالنسبة للولايات المتحدة كمجلس قومي، والتيار الجديد هو محاولة إبعاد الأمم المتحدة عن مشكلات التعاون الاقتصادي والاجتماعي ونقلها إما للقطاع الخاص أو للمنظمات الدولية ومنها منظمة التجارة العالمية الموجودة في جنيف وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
ولا شك أن الأمم المتحدة ضعيفة في هذه الفترة وتمر بأزمة وجميع المنظمات الدولية والقوى الدولية بما تؤدي لظهور مفاهيم جديدة، ففكرة السيادة فقدت مصداقيتها إلى حد كبير.
وما رأيك في سيطرة أمريكا على الأمم المتحدة؟
- سيطرة الولايات المتحدة تكاد تكون تامة على الأمم المتحدة واعترفت في إحدى المناسبات بأن الأمين العام للأمم المتحدة يجب أن يكون معنا 100%، لذا طردوني لأنني لم أحقق ما كانوا يتمنونه فاعترضت الولايات المتحدة على ترشيحي مرة أخرى.
وأعتقد أن جبروت أمريكا سببه الفراغ وعدم اهتمام الدول الأخرى بالسياسة الخارجية.
وحاولت كل من فرنسا وألمانيا أثناء حرب العراق مواجهة الجبروت الأمريكي من خلال اهتمامهم بالسياسة الخارجية ونلاحظ أن السياسة لا ترتاح للفراغ، وهذا الفراغ ملأته القيادة الأمريكية، فهي التي تسيطر على الأمم المتحدة وظهر هذا جلياً في حربي العراق ولبنان.
والأخطر بعد تغيير ميثاق الأمم المتحدة المادة 51 تحدثت عن الدفاع الشرعي الفردي والجماعي إلا في حالة السلاح المسلح ضد دولة والا ترد هذا الهجوم أو تواجهه إلا بعد موافقة مجلس الأمن فالحرب الأمريكية غيرت بعض المفاهيم التي قامت على أساسها الأمم المتحدة.
الأمم المتحدة ضعيفة وتمر بأزمة ولن تستطيع مواجهة الوضع الجديد أو تتأقلم مع تيار العولمة ولن يستطيع الجبروت الأمريكي السيطرة على جميع المشكلات الدولية.
ما الشروط التي يجب أن تنطبق على الدول الإفريقية التي ترغب في الانضمام لعضوية مجلس الأمن؟
- أهم شرط أن تكون الدولة الإفريقية المرشحة موالية لأمريكا.
وبعد حروب نابليون عقد مؤتمر فيينا واستطاعت الدول وضع قواعد ونفذت من عام 1914 وحتى 1915 فنشأت الدول، ولم تهتم بإعادة النظر في السياسة الدولة وهناك اهتمام من جميع الدول في نظام جديد. ونتيجة لهذا الفراغ انتصرت أمريكا في الحرب الباردة وحدث انهيار للنظام الشيوعي واستقلت الدول التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي.
ووفقاً لأمريكا فهي التي انتصرت بمفردها في الحرب الباردة بالتعاون مع إنجلترا وبالتالي هي التي تسيطر في فترة ما بعد الحرب الباردة.
والدول الأخرى لم تحاول تنظيم أو وضع نظام جديد للسيطرة وعلاج مشكلات ما بعد الحرب. وأرى أن هناك فرقاً بين قوة أمريكا وبقية دول العالم.فمثلا نجد أن كيسنجر وهو من أشهر وزراء الخارجية كان ألمانيا وكذلك كندا عينت رئيس جمهورية سيدة صينية مولودة في هونج كونج.كما كانت مادلين أولبريت مولودة في تشيكو سلوفاكيا، وتم تعيينها وزيرة خارجية. فأمريكا لديها نوع من التقدم لا نجده في أي مكان آخر في العالم فنجد أي جنس يمكنه العيش والحصول على الجنسية الأمريكية في المجتمع الأمريكي الذي نجح في استقطاب جميع الكفاءات من مختلف دول العالم. فالقوى الأمريكية ليست العسكرية فقط وإنما الثقافية أيضاً.
والجامعات في مختلف دول العالم تحاول تقليد الجامعات الأمريكية ومن خلال تدريسي في الخارج، وجدت فرقاً شاسعاً بين الجامعات الأمريكية والفرنسية فأنا أرى أن الجبروت الأمريكي جبروت ثقافي وطالما في السنوات المقبلة أمريكا لا تجد منافساً لها، فالمنافسة لا تتحقق إلا من خلال الوحدة الوطنية أو باستعادة روسيا لتفوقها أو بصعود الصين وأن تلعب دوراً أكبر، ويمكننا في مثل هذه الحالات تحقيق حد أدنى لديمقراطية العلاقات الدولية وأن يكون اتخاذ القرار بناء على اجتماع دولي وليس من وجهة النظر الأمريكية.
ما هي رؤيتكم المستقبلية للأزمات التي تعاني منها القارة الإفريقية، خصوصا أزمة دارفور والصومال؟
- مشكلة السودان والصومال تؤثر في صورة الدول العربية والإسلامية وخصوصا مصر، وكل هذه الأزمات سيكون لها تأثير في مشكلة المياه، وهناك خطورة من انقسام السودان ونجد أن كينيا تلعب دورا وكذلك أوغندا ودولة مثل يوغسلافيا دولة أوروبية كانت زعيمة لحركة عدم الانحياز مع تيتو وكانت تهتم بالعلاقات الدولية اهتماما بالغاً، ويوغسلافيا كانت مهتمه بجميع الموضوعات التي تخص القارة ولكنها حالياً انقسمت، وبالنسبة للصومال فالتأثير في مصر تأثير غير مباشر.
كما أن السودان والصومال إسلاميان وعضوان في جامعة الدول العربية، مما يؤدي للتأثير في صورة المجتمع العربي والإسلامي في العالم الخارجي ويسود الشعور بعدم الاستقرار فالمشكلات التي تعاني منها دول الجوار تؤثر في الجار تأثيراً غير مباشر.
فأمريكا الوسطى نجدها تهتم بمصالح الشرق الأوسط لذلك يجب على المجتمع العربي الاهتمام بقضايا أمريكا اللاتينية فيجب الاهتمام بالسياسة الخارجية إلى جانب الموضوعات ذات الاهتمام المشترك والتي يمكن أن تؤدي إلى تحييد هذه الدول في المشكلات الخارجية.
وما دور الأمم المتحدة في حل مشكلات الدول الإفريقية في ظل صراعات الدول الكبرى؟
- لقد ظلت الصراعات منتشرة ويجب ألا نعلق أخطاءنا على شماعة الاستعمار، وألا يكون الاستعمار وسيلة لإخفاء العيوب الذاتية. وهناك استعمار آخر اتخذ أشكالا جديدة، خصوصا المهتمين بالبترول نجدهم يتجهون لأنجولا وغينيا الاستوائية، والكثير من الدول الإفريقية وجدت مصلحة كبيرة في التعاون مع الجبروت الأمريكي، حيث يحقق لهم الاستقرار والمعونات المادية والمقابلة في البيت الأبيض.
وفي وقت من الأوقات كان 50% من الأسهم الفرنسية مملوكة بالبنش فرانك الأمريكي مما يدل هذا على سيطرة أمريكا على الاقتصاد الفرنسي، ويمكن أن نسمي هذه الدول التي تعاونت مع أمريكا دول خاضعة للاستعمار أو من دون شخصية لأن الأضرار التي ستترتب على عدم التعاون أكثر بكثير من عواقب التعاون. وهناك عدد من الدول الإفريقية الشيوعية مثل أنجولا الخاضعة للنفوذ البرتغالي تواجه أمريكا وكذلك كوبا تواجه أمريكا.والخطأ الواقع في العراق انهم كانوا مستعدين للتعامل مع أمريكا، ولكن الغباء أدى إلى ما وصلنا إليه في العراق.
توجد صراعات كثيرة في إفريقيا وفي ظل تواجهات القوى الكبرى فما هو مستقبل هذه الصراعات في المستقبل وفي ظل وجود سلع إستراتيجية مثل البترول واليورانيوم.
فالخطورة ليست في تدخل القوى الكبرى في إفريقيا ولكن العكس، والدليل المشكلة التي حدثت في رواندا ولم ترغب القوى الكبرى في إرسال قوات إلى هناك وكذلك في دارفور في جنوب السودان وحرب أهلية في أنجولا. فالخطورة تكمن في عدم وجود دول مستعدة للتدخل كوسيط لحل النزاعات.
حيث إن الوسيط الأجنبي يكون محايدا أكثر مما ينتمي للمنظمة، فلن يتم تسوية هذه المنازعات إلا من خلال وسيط سواء من الأمم المتحدة أو أمريكا أو فرنسا.
وفي مقديشيو بالصومال استمرت الأوضاع في انهيار تام، فالصومال الإنجليزي استقل والإيطالي طلب عدم التدخل.
وعدم الاهتمام ارتبط بعدم تقديم المساعدات أو عودة المساعدات للدول التي تمنحها، والصين لها نفوذ قوي في القارة، ولكن مع هذا لا نجد أي دولة في العالم يكون لها مصلحة في استمرار الحرب الأهلية في الصومال أو في ساحل العاج أو تستمر المواجهة بين الشمال والجنوب في دارفور، ولا نستطيع القول إن هذه المشكلات دليل على وجود الثروات خصوصا البترول، فالدول الإفريقية في مجموعها دول فقيرة وضعيفة، فلا دولة قوية يمكن أن تخلق القوى الكبرى أزمات في محاولة لإضعافها، ولكن بالنسبة لإفريقيا ليس هناك مصلحة لزيادة هذا الضعف.
وملايين الأفارقة يتوجهون لأسبانيا ومنها لأوروبا مما يسبب مشكلات عديدة، فاللجوء الأجنبي لتسوية النزاعات والخلافات ليس عيبا وكان بيكر وزير خارجية أمريكا الاسبق تولى تصفية الخلافات بين المغرب والجزائر فيما يخص الصحراء الغربية.
المشكلة الأساسية اليوم أن أمريكا غير مهتمة بالقضية الفلسطينية ولا تهتم بأن تلعب دور الوسيط. وهناك حرب السلفادور التي استمرت 17 عاما وحدثت فيها مصائب بين القوات المسلحة والثوار والحرب الأهلية في كوريا.
لذا فإن السلبية وعدم اهتمام المجتمع الدولي بالصراعات الإفريقية يؤديان إلى عدم اهتمام أطراف الصراع بها، بينما لو عرفوا أن هناك تدخلا أجنبيا قد يساعد في تهدئة الصراع.
بالرغم من أن أمريكا هي التي دعمتك لدخول مجلس الأمن، فإنها هي أيضا التي حاولت إزاحتك بعدما عجزت عن احتواء مادلين أولبرايت فحاولت التصدي لك بحق الفيتو؟
- أمريكا وإنجلترا امتنعتا عن التصويت وكذلك زيمباوي لوجود مرشح لها وكانت تؤيده بريطانيا والكومنولث وأمريكا منذ البداية لم تكن مرتاحة لانتخابي نتيجة لتأييد الصين وروسيا لي، واتفقت الدول الخمس دائمة العضوية في ما بينها على استخدام حق الفيتو في ما يخص مرشحيها.
في الوقت الذي عجزت فيه القوى العظمى عن تحقيق الديمقراطية وظهر فشلها جليا في العراق وكوسوفو والصومال، وكيف سنجد حلا للمشكلات المتوغلة في إفريقيا؟
- أرى أن مستقبل السياسة الأمريكية إما أن يكون لدينا رئيس جديد يؤمن بالتعددية والديمقراطية مثل الرئيس الأمريكي ويلسون الذي أنشأ عصبة الأمم وروزفلت الذي أنشأ الأمم المتحدة، أو أن نفصل الحروب السياسية بعيدا عن الدبلوماسية.
كما أن أمريكا في حاجة للتعددية ووجود أحزاب لها وأن تتأقلم مع العولمة وستعود لنوع من التحالف مع مجموعة من الدول، بدلا من اتخاذ القرار من جانب واحد، فإما أن تتغير السياسة الأمريكية أو تظهر دول أخرى مهتمة بالسياسة الخارجية فنجد مثلا دولة مثل كوبا كان لديها 30 ألف عسكري في أنجولا. وكان لها إرادة سياسية للاهتمام بالشؤون الخارجية، ومن الانتقادات أن 70 % من ميزانية الحرب الأهلية في يوغسلافيا كانت موجهة للشؤون الخارجية حيث الاهتمام بمنطقة واحدة أو بالعاصمة على حساب المناطق الأخرى.
ومن وجهة نظركم ما هي أسباب ضعف تأثير الدول الإفريقية وهل سيكون لها حظ في دخول مجلس الأمن؟
- منذ عام 63 أي ما يزيد على 40 سنة نجد أن الوضع الاقتصادي لم يتحسن في غالبية الدول الإفريقية، حيث الانفجار السكاني والحروب القبلية والحرب الأهلية في نيجيريا وساحل العاج والصومال وبالتالي لم يحدث تقدم مثلما حدث في الصين والهند وسنغافورة وكوريا بالرغم من أن هذه الدول كانت خاضعة للاستعمار الياباني ولكنها أصبحت من أقوى دول العالم.
فالوضع يزداد سوءا في غالبية الدول الإفريقية وبالتالي يقل نفوذها في الأمم المتحدة أو المحافل الدولية، والعبرة ليست بعدد الدول وإنما بجدية الاهتمام ودراسة الملفات.
لديك منزل خاص بك في باريس فهل تشعر بأي غربة في الخارج وما الذي تشتاق إليه في مصر؟
- ليست غربة بالمعنى المعروف ولكني دائما وأبدا أشعر بالشوق والحنين لبلدي فأنا أعشق النيل والشعب المصري، ودائما أذهب إلى لجميع دول العالم إلا أنني أشتاق دائما لمنزلي في القاهرة.
مشوار حياة غالي
أنا من مواليد 14 نوفمبر 1922 تخرجت في كلية الحقوق بجامعة القاهرة عام 46 وحصلت على دبلوم دراسات عليا في القانون العام من جامعة باريس عام ،47 ودبلوم الدراسات العليا في الاقتصاد في باريس ،48 ودبلوم من معهد العلوم السياسية بباريس، ومن ثم المشاركة للدراسة في المنظمات القومية، وحاليا أترأس المجلس القومي لحقوق الإنسان منذ عام 2004.
كما أتولى رئاسة المركز الجنوبي (جينوفا) عام 2003 والسكرتارية العامة للمنظمة الدولية الفرانكوفونية بباريس من (98 وحتى 2002)، ورئيس معهد البحر المتوسط للشؤون السياسية بمونت كارلو 2002 ورئيس الهيئة الدولية للديمقراطية والتنمية باريس عام ،97 ورئيس اللجنة العلمية للمعهد الدولي لدراسات حقوق الإنسان بإيطاليا عام 97.
ومن أهم المناصب التي شغلتها هي:
- السكرتير العام للأمم المتحدة بنيويورك من 92 وحتى 96.
- نائب وزير الخارجية المصري عام 91.
- وزير الخارجية من 77 وحتى 91.
- عضو مجلس الشعب المصري من 87 وحتى 91.
- نائب رئيس الشؤون الاجتماعية الدولية في الفترة من 90 -،91 وأستاذ القانون والعلاقات الدولية بجامعة القاهرة ورئيس قسم العلوم السياسية، وعضو اللجنة المركزية وعضو الاتحاد العربي الاشتراكي من 74 -،77 وعضو سكرتارية الحزب الوطني من 80-91 ورئيس مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام من 75 وحتى 77 ويعد من مؤسسي مجلة السياسة الدولية منذ عام 65 وحتى ،91 كما أنه مؤسس الأهرام الاقتصادي من 60-،75 وعضو مشارك في أكاديمية العلوم الدولية بباريس عام ،89 وعضو المركز التشريعي الدولي بنيويورك (80-85) وعضو لجنة القانون الدولي للأمم المتحدة جينوفا (79-91)، وأستاذ في مادتي القانون الدولي والعلاقات الدولية والسياسية في العديد من الجامعات العالمية مثل جامعات كولومبيا ونيويورك وفيرجينيا وبنسلفانيا وجنيف وزغرب وداكار والرباط وكاليفورنيا وأبوظبي ونيروبي، ويوباسالا في السويد وبوخارست. وترأست العديد من الوفود الرسمية لجميع دول العالم.