لو كان عمرو موسى جريئاً
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
أحمد الجارالله
كان على عمرو موسى ان يكون جريئا ويقول الحقيقة على الملأ اللبناني والعربي والعالمي بأن حل الازمة المستعصية في لبنان غير موجود في الضاحية الجنوبية لبيروت ولا في السوليدير وسط بيروت, كان عليه ان يقول ان من يؤزم الاوضاع, ويسعى الى فرض وصايته ثانية على لبنان, ويعمل على تحويل هذا البلد الرائع الى عراق آخر يقتتل فيه الشيعة مع السنة على خلفيات ثأرية بالية اصبحت ذكريات وفي ذمة التاريخ, ومقطوعة الصلة بوقائع الحاضر وتفاصيله النفسية والعقائدية.
كان على عمرو موسى ان يقول ان طهران وراء إفشال مهمته, وبالتالي إفشال الدول العربية كلها التي يمثلها كأمين عام للجامعة العربية, ويحتوي عددا من ممثليها في وفده العتيد الذي عاد آخر الامر الى دياره بصفر مكعب كبير, من دون ان يجرؤ, وعبر رئيسه الامين العام, على قول كلمة الحق.
مهمة الجامعة العربية الآن مهمة تاريخية, فعليها ان تنهض لتنظيف الواقع العربي في العراق ولبنان وفلسطين من الاجتياح الصفوي الايراني, وعليها ان تسترد ورقة القضية الفلسطينية, قضية العرب الاولى, من أشداق طهران, كما عليها ان تدرك أنه لولا ضعفها, كممثلة للنظام العربي العام, لما تحولنا جميعا الى ساحات مستباحة تعربد فيها مصالح الآخر الغريب والاجنبي.
عمرو موسى, منذ بدأ التعامل مع الازمة اللبنانية,يعرف جيدا ان حل هذه الازمة غير موجود بحوزة السياسيين اللبنانيين, وخصوصا الجانب منهم الموالي للمحور الايراني السوري, وانه اذا اراد العمل الجدي,والبحث الجدي عن حلول, فعليه ان يكون مالكا ومخولا ومفوضا, لاجراء صفقة مع ايران وسورية يخرج فيها هذان البلدان من لبنان وتتحقق للاول فرصة النجاة من الضغوط الدولية حول برنامجه النووي, وتتحقق للثاني فرصة استعادة التفاوض مع اسرائيل تمهيدا للوصول الى اتفاقية سلام...
عمرو موسى ليست بيده هذه الاوراق الباهظة والثقيلة, وليست ايضا بيد الدول العربية التي يرأس جامعتها العربية, وان على هذه الدول, وعبر الجامعة العربية الممثلة للنظام العربي العام, ان تبدأ اتصالاتها مع المجتمع الدولي للتفاهم على اخراج العامل الايراني السوري من أزمة الشرق الاوسط, واعتبار هذا العامل مضافا اليه العامل الاسرائيلي سبب الازمة المفتوحة, والتي تهدد بحروب مصيرية لايعلم الا الله متى تنتهي.
كان على الامين العام ان يدرك ان الشيخ حسن نصرالله, ممثل المصالح الايرانية في لبنان, ونبيه بري الملحق به سياسيا وولاء, قد أعطياه ما يريد في البداية, ووافقا معه على استئناف الحوار مع الاطراف اللبنانية الاخرى, لكنهما في اللحظة الاخيرة نسفا كل مقترحاته ومجهوداته باشتراطهما ان تتضمن جلسات الحوار بندا وحيدا مطروحا على المناقشة وهو بند الحكومة, وتشكيل حكومة وحدة وطنية, لاتكون وطنية الا اذا امتلكا فيها الثلث المعطل. بهذا الشرط الايراني السوري انهارت مهمة عمرو موسى, والذي ربما ادرك ان طهران ودمشق لم تصلا بعد الى هدفهما من إشعال الازمة, وهو العودة الى لبنان واستحواذه ومصادرة قراره الوطني.
"حزب الله" وحلفاؤه يريدون السيطرة على الحكومة لضمان عودة الوصاية الايرانية السورية الى حكم البلد. فمؤسسة رئاسة الجمهورية بأيديهم عن طريق اميل لحود, وسلطة التشريع بأيديهم عن طريق رئيسها نبيه بري, واذا ما احكموا سيطرتهم على الحكومة أحكموا سيطرتهم على كل لبنان,واعتبروا المكونات اللبنانية الاخرى هوامش بلا أدوار, منزوعة المخالب والانياب.
بأي حق يطالب جماعة المحور الايراني السوري بالثلث المعطل في الحكومة, فهم ليسوا الاكثرية في المجلس النيابي, والنظم والتقاليد الديمقراطية لا تسمح لهم بالوصول الى هذه الغاية... مطلب هؤلاء مطلب شيطاني, وما مارسوه,وكانوا يمارسونه على الحكومة اللبنانية, كان شيطنة سياسية لاتحصل الا في النظم الشمولية الديكتاتورية. فهم يريدون شعبا لبنانيا تحت الوصاية, وحكومة مفصلة على قياسهم, وهذه مطالب لن يسمح بها العالم العربي, ولا المجتمع الدولي, ولا اللبنانيون أنفسهم.
كان على عمرو موسى ان يكون جريئا ويعلن هذه الحقائق كلها, ويقول بأن محور طهران دمشق أجهض مهمته وأفشل مساعي الدول العربية كلها لإنهاض لبنان وقيام الدولة فيه. والامين العام يعرف ان الدول العربية كلها, عدا سورية, تقف ضد التدخل الايراني في الاوطان العربية, وبالتالي كان عليه ان يقف مع الشعب اللبناني واكثريته النيابية, وان يقول هناك من يريد خطف هذا الشعب, وان الخاطف هو الايراني الذي يرتدي القناع السوري, ويتوسل لذلك الافخاخ الخبيثة المتمثلة بحزب الله وتوابعه من العاملين في خدمة المصالح الاجنبية, والمرتهنين لتعليمات تأتيهم من طهران ودمشق.