التغيرات المناخية أغرقت حضارات قديمة على سواحل ألمانيا وبولندا
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
جيولوجيون ألمان يتحدثون عن "أطلانطس" غرقى في بحر البلطيق
نشر "مركز أبحاث السواحل الغارقة" (Sincos) تقريرا جديدا على صفحته الإلكترونية يتحدث عن "اطلانطس" ألمانية على بحر البلطيق غرقت قبل 8 آلاف سنة بسبب التحولات المناخية. وانتشل العلماء من قاع البحر آثارا قديمة تدل على أن حضارات بشرية "حجرية" عاشت على سواحل ألمانيا وبولندا ودول البلطيق ثم فاجأها "تسونامي" التغيرات البيئية.
وذكر البروفيسور يان هارف، رئيس مشروع السواحل الغارقة، أن الدراسات الأخيرة على جيولوجيا السواحل البلطيقية، والآثار التي عثر عليها في قاع البحر، تشي بأن الماء غمر جماعات بشرية كبيرة كانت تعيش هناك. وحدثت هذه التغيرات المناخية قبل نحو 8000 سنة، أي بعد العصر الجليدي الأخير، وأدت إلى ارتفاع مياه بحر البلطيق. واستطاع العلماء الغطاسون في شهر مايو (ايار) الماضي، وشهر يونيو (حزيران) الجاري، انتشال العديد من الآثار المهمة إلى سطح باخرة البحث العلمي. وجمع الباحثون اكثر من 6000 قطعة تدل على وجود بشر عاشوا هناك وصنعوا أدواتهم من الحجر. وتكشفت الأبحاث أيضا عن العثور على مجمعات سكنية صغيرة، ونهر قديم غرق بدوره، والكثير من أوان الطبخ والصيد على عمق 5 ـ 10 أمتار قرب جزر روغن وتزنغست ودراس وارينشووب.
وأشار البروفيسور هارالد لوبكة من معهد الابحاث الجيولوجية المشارك في المشروع، إلى أن الآثار التي انتشلت قرب سواحل ليتوانيا تعود إلى شعوب "الايرتل بوله" القديمة التي عاشت 4500 سنة قبل ميلاد المسيح في تلك المناطق وكانت تستخدم الحجر. وتجري حاليا مقارنة هذه الموجودات مع مثيلات لها انتشلت على سواحل ولاية ميكلنغ فوربومر الألمانية.
ويعتقد لوبكة أن مياه بحر البلطيق ارتفعت تدريجيا، بفعل التحولات المناخية، وغمرت ارتفاع مترين من الأرض خلال 100 سنة. وكانت هذه المياه كافية "لتمليح" المياه في المنطقة وغمر المزارع والبيوت ودفع السكان للهجرة. وأدت هذه التغيرات أيضا إلى تراجع السواحل الجنوبية في البلطيق وغرق اكثر من 5000 متر منها بعمق عدة مئات من الأمتار. وما زالت سواحل المانية وبولندية، في الجنوب، وسواحل الدول الاسكندنافية في الشمال، تغطس بمعدل 2 ـ 5 ملم في السنة. وكان معدل غرق السواحل قبل نحو 4000 عام يبلغ 2.5 سم في السنة.
المثير في الأمر أيضا هو أن العلماء وقعوا على أنواع جديدة من الحيوانات انتقلت إلى البحر مع الارتفاع التدريجي لمناسيب البحر وغرق المناطق الساحلية. وانتشل الغواصون هياكل عظمية لحيتان وفقمات كان السكان المحليون يحتفظون بها وتدل على أنهم استغلوا ارتفاع الماء في البداية لتطوير قدراتهم على الصيد. وقال لوبكة إن الآثار التي اكتشفت في الشرق كان عمرها 4500 سنة وتقع على عمق مترين في حين أن الآثار التي انتشلت في الجنوب عمرها بين 6100 ـ 8400 سنة وعلى عمق 10 أمتار. وهذا يعني أن السواحل الجنوبية غرقت قبل غيرها في ذلك العصر.
ويشارك في مركز الأبحاث الخاص بالسواحل الغارقة، أكثر من 20 معهدا ومركزا علميا ألمانيا، وتم تأسيسه عام 2002 ويمول معهد الأبحاث الجيولوجية مشاريع المركز حتى 2009 بهدف تقصي تاريخ سواحل بحر البلطيق وتأثير التغيرات المناخية في المنطقة على حياة وتطور البشر.
وكان الجيولوجيون الألمان والروس قد عثروا على آثار مدينة صغيرة لشعوب الفايكنغ في خليج صغير قرب كاليننغراد. والمعتقد ان الآثار، التي اكتشفت في بحر البلطيق أيضا، تشير إلى سوق اسطوري قديم اسمه "فيسيكياوتن" كانت قبائل الفايكنغ تتبادل البضائع فيه. وذكر تيمو ايبسن، رئيس البعثة الألمانية، أن الآثار التي انتشلت من عمق مترين تعود إلى ما قبل 1200 سنة، أي أنها حديثة نسبيا، لكنها قد تكون من مستوطنات الفايكنغ المتأخرة. ويبحث ايبسن وزميله الروسي فلاديمير ولاكوف عن "المدينة" الضائعة منذ سنوات ويعتقدون انهم وقعوا على آثارها الآن. واستخرج الغواصون من مقبرة قديمة في المدينة الغارقة أسلحة وقلائد تعود بلاشك إلى شعوب الفايكنغ. وتدل قبور النساء الكثيرة أن القوم لم يأتوا هنا في غزوة وإنما ليستقروا على الساحل الروسي. ويبدو أنهم عاشوا هناك لأول مرة بصورة مشتركة مع السكان المحليين.