جريدة الجرائد

ما بعد غزوة غزة هو الأخطر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك



صلاح الدين حافظ


العارrlm;..rlm;
هي الكلمة الوحيدة المنطقية علي ما جري ويجري في غزةrlm;,rlm; العار هو أن يذبح الأشقاء بعضهم بعضاrlm;,rlm; تصارعا علي السلطة تحت رايات براقة وشعارات خادعةrlm;,rlm; تتحدث عن الديمقراطية والإسلامrlm;,rlm; عن الشرعية والدستوريةrlm;,rlm; عن الأخلاق ومحاسن السلوكrlm;.rlm;

العار هو أن يتفق هابيل وقابيل معاrlm;,rlm; لأول مرةrlm;,rlm; علي قتل أهلهم وتشريدهم واغتصاب حرياتهم وانتهاك خصوصياتهمrlm;,rlm; واستدعاء القوي الخارجية بما فيها القوي المعاديةrlm;,rlm; لنصرة جانب علي حساب الآخرrlm;,rlm; ولوضع كلمة النهاية المأساوية لقصة كفاح طويلة لشعب قاسي وعانيrlm;,rlm; طلبا للحرية والاستقلالrlm;!rlm;

بعد أكثر من خمسين عاما من الكفاح ها هو المشروع الوطني الفلسطيني يرتطم بجذور انشقاقه بهذه الحدة ومن داخلهrlm;,rlm; والمؤكد أن هذا المشروع القائم علي أسس شرعية وواقعية وتاريخيةrlm;,rlm; لم يعرف طوال مسيرته الشاقةrlm;,rlm; مثل هذا الانشقاق الدموي الذي تورط في أتونه أهم فصيلينrlm;,rlm; هماrlm;:rlm; فتح وحماسrlm;,rlm; وبالتالي فإن الشرخ عميقrlm;,rlm; والانشقاق شاذrlm;,rlm; والاقتتال مشبوهrlm;,rlm; والنتائج كارثية ومأساويةrlm;.rlm;

ولسوء الحظrlm;,rlm; بل لسوء التفكير والتدبير فإن ما جري بين فتح وحماس في فلسطين عموماrlm;,rlm; وفي غزة خصوصاrlm;,rlm; هو نتيجة مباشرة للصراع والانقسام العربي الشائع الضائعrlm;,rlm; بين معسكرين أو أكثرrlm;,rlm; معسكر المعتدلين المحافظينrlm;,rlm; ومعسكر المتشددين الثوريين أو المتمردين وفق التعابير الأمريكيةrlm;.rlm;

وبنفس المنطق فإن ما جري بين فتح وحماس أخيرا هو سبب إضافي لتعميق الانقسام العربيrlm;,rlm; ولإعادة ترتيب المعسكرين وحشد جهودهما لمزيد من الصراعrlm;.rlm;

ما جري بين فتح وحماسrlm;,rlm; سبب ونتيجة في الوقت نفسهrlm;,rlm; دون مواربة أو مناورةrlm;,rlm; وها نحن نري الأطراف كلها تستغل كل ما جري لاستنفار أسبابها وأسلحتها لتحقيق أهداف بعيدة عن حلم المشروع الوطني الفلسطينيrlm;,rlm; ولاقتناص مكسب من هناrlm;,rlm; أو مكافأة من هناكrlm;,rlm; بينما الضحية الوحيدة هو شعب كامل لم يعد يعرف من أين تأتيه الضربات القاتلةrlm;!!rlm;

ولعل من أخطر نتائج هذا الاقتتال الفلسطيني المشبوهrlm;,rlm; هو ما نراه اليوم من اصطفاف المعسكرين المتواجهينrlm;,rlm; خلف الفصيلين الفلسطينيين المتقاتلينrlm;,rlm; فثمة من يقف وراء فتح ومحمود عباس رئيس السلطة الوطنية الفلسطينيةrlm;,rlm; باسم مساندة الشرعيةrlm;,rlm; وثمة من يقف خلف حماس وإسماعيل هنية رئيس الحكومةrlm;,rlm; حكومة ما يسمي الوحدة الوطنيةrlm;,rlm; أيضا باسم الشرعيةrlm;.rlm;

الشرعية هي السلاح المخادع الخاويrlm;,rlm; الذي يحارب به كل طرف أصليrlm;,rlm; وكل طرف داعم ومساندrlm;,rlm; دون أن يفسر لنا معني الشرعيةrlm;,rlm; في ظل اقتتال دموي تمسكا بالسلطةrlm;,rlm; وصراعا علي حكم لم تكتمل أركانه الشرعية الأصلية بعدrlm;,rlm; الكل تحت الاحتلال الصهيوني يعاني إذلاله ومهاناتهrlm;,rlm; فالأرض محتلةrlm;,rlm; والسلطة فاقدة لأركان شرعيتها من الأساس لأنها تحت الاحتلالrlm;,rlm; والشعب فاقد لحريته واستقلاله بالتاليrlm;,rlm; فماذا بقي من المشروع الوطني الفلسطينيrlm;,rlm; الأرض محتلةrlm;,rlm; والسلطة شكليةrlm;,rlm; والشعب مشرد ضائع جائع؟rlm;!rlm;

فإن كان سلاح الشرعية قد سقط من بين أيدي فتح وحماسrlm;,rlm; أو السلطة في الضفة الغربية والحكومة في غزةrlm;,rlm; فإن سلاح الاحتماء بالقوي الخارجية لحسم الصراعrlm;,rlm; أو تأجيجهrlm;,rlm; يبدو الآن الأعلي صوتاrlm;,rlm; وإن كنا نعتقد أنه سيكون الأقل تأثيرا علي المدي البعيدrlm;.rlm;
rlm;
فلم يعد خافيا أن السلطة الفلسطينية وفتح بقيادة محمود عباسrlm;,rlm; المحتمي برام اللهrlm;,rlm; أصبحت أكثر التصاقا وأسرع التجاء إلي ما يسمي معسكر المعتدلينrlm;,rlm; في العالم العربيrlm;,rlm; ذلك المدعوم بالغرب الأوروبي ـ الأمريكيrlm;,rlm; المسنود بقوة من حكومة إسرائيل المهتزة الضعيفةrlm;,rlm; الباحثة عمن يدعمها في الأساس لتظل في السلطةrlm;,rlm; وها هي تسعي عبر معسكر المعتدلين لمساندة وتعويم محمود عباس وسلطتهrlm;,rlm; وفي أعماقها تستغل هذا الحدث المأساوي في الجانب الفلسطيني لتعويم إيهود أولمرت وحكومته الهشةrlm;,rlm; غريق يستعين بغريقrlm;,rlm; وأعمي يقود أعمي في بحر الظلماتrlm;!rlm;

وفي المقابل نري حماس وحكومة هنية القابضة بقوة السلاحrlm;,rlm; وليس بقوة الشرعية علي قطاع غزةrlm;,rlm; تسفر عن تحالفاتها علي الجانب الآخرrlm;,rlm; وتستدعي دعم المعسكر الراديكالي من الجماعات الإسلامية المتشددةrlm;,rlm; إلي إيران زعيمة المواجهة مع الولايات المتحدة الأمريكية خصوصاrlm;,rlm; ولم تكن الجماعات الإسلاميةrlm;,rlm; المقاتلة منها والدعويةrlm;,rlm; لتترك فرصة اكتساح رفيقتها الكبري حماس لغزة خلال ثمان وأربعين ساعةrlm;,rlm; تفلت من يدها دون أن تسارع إلي نجدتها بكل السبل المادية والمعنويةrlm;,rlm; فها هي البشري تهب من غزةrlm;!!rlm;

ولم تكن إيران تتقاعس عن اغتنام الفرصة والإمساك باللحظة النادرة هذه لكي تدخل بقوة علي الخطrlm;,rlm; دعما لحماس في الظاهرrlm;,rlm; ودعما لموقفها الصراعي مع الغرب الأوروبي ـ الأمريكي ومعسكر المعتدلين والمحافظين العربrlm;,rlm; تأكيدا للعلاقة القوية بين حماس وطهران التي بنيت في هدوء حتي هبت العاصفة لتخرج إلي العلنrlm;.rlm;

ولعل الهلع الحقيقي الذي أصاب حكومات ونظما عربية وغربية وإسرائيليةrlm;,rlm; جراء انتصار حماس المفاجئ في غزةrlm;,rlm; يرجع إلي تلقي ضربة جديدة من الحركات والتيارات الإسلامية المتشددةrlm;,rlm; تلك التي تقاتل بشراسة في العراق مسنودة بإيرانrlm;,rlm; وتصارع بقوة في لبنان مسنودة أيضا بإيرانrlm;,rlm; وها هي تحقق ما لم يحلم به أحد في غزة مسنودا بإيران أيضا وأيضاrlm;,rlm; فربما تكر المسبحةrlm;!!rlm;

وبقدر ما يأخذ كثيرونrlm;,rlm; خصوصا من المعتدلين والمحافظين العربrlm;,rlm; علي حماس تحولها إلي مخلب لإيران في فلسطين وعلي حدود مصرrlm;,rlm; بقدر ما يرد أنصار حماس التهمة بتهمة مضادة لخصومها من أنصار السلطة الفلسطينية بقيادة أبو مازنrlm;,rlm; وهي أن هؤلاء أيضا عملاء للأمريكيينrlm;,rlm; وحلفاء للإسرائيليينrlm;,rlm; وشركاء للمستبدين والفاسدين العربrlm;,rlm; وكما أن الشرعية أصبحت بضاعة متنازعا عليهاrlm;,rlm; فضاعت قيمتها ومعناهاrlm;,rlm; فإن العمالة والخيانة أصبحتا العملة المتداولة في ساحة الصراع علي حساب الوطن والمواطنينrlm;,rlm; علي حسابنا جميعاrlm;.rlm;

وبرغم اعترافنا بقوة تأثير القوي الإقليمية والدوليةrlm;,rlm; في إيجاد أسبابrlm;,rlm; وترتيب نتائج الصراع الفلسطيني ـ الفلسطينيrlm;,rlm; وتخفيف صدامه مع المحتل الصهيونيrlm;,rlm; فإننا نعتبر أن لمصر دورا رئيسيا في هذا الصراع في هذه اللحظة المأساويةrlm;,rlm; والمعركة الكارثية سارقة الحلم الفسطيني والعربيrlm;.rlm;

فلسطين مسئولية أمن قومي مصري بالدرجة الأوليrlm;,rlm; في الماضي والحاضر والمستقبلrlm;,rlm; وغزة تحديدا مسئولية مصرية صميمة علي الأقل بحكم الجوار الجغرافي اللصيقrlm;,rlm; وبقدر ما بذلت مصر من مجهودات وقدمت من تضحيات مادية وبشرية في مسارات القضية الفلسطينية عبر الماضي والحاضرrlm;,rlm; فإن مصر مطالبة اليوم أكثر من أي يوم آخرrlm;,rlm; وأكثر من أي طرف آخرrlm;,rlm; بلعب دور رئيسي وحاسمrlm;,rlm; غير دور الانحياز لطرف فلسطيني علي حساب آخرrlm;,rlm; وغير دور تعويم رمز فلسطيني مقابل إغراق غيرهrlm;.rlm;

دور مصر الحاسم المطلوب الآن ليس مجرد دعم عباس باسم الشرعيةrlm;,rlm; ومقاطعة حماس باسم فقدها الشرعيةrlm;,rlm; وليس التنسيق مع أطراف عربية وإقليمية ودولية لا ترغب إلا في تعميق الانقسام الفلسطيني الدموي حماية لإسرائيلrlm;,rlm; وتعويما لأولمرت وبوش وباقي العصابةrlm;,rlm; لكن دور مصر أن ترتقي فوق كل هؤلاء وأجنداتهم المشبوهةrlm;,rlm; لتعيد الصف الفلسطيني إلي سابق عهده من الوحدة والتماسك وراء المشروع الوطنيrlm;,rlm; بحوار القوة الناعمةrlm;,rlm; أو بحدة القوة الخشنةrlm;!!rlm;
rlm;
لقد كانت لمصر جهودها في الحوار والتهدئة قبل غزوة غزةrlm;,rlm; ولكن الجهد المطلوب الآن أبعد وأعمق من كل هذاrlm;,rlm; يبتعد بمسافة محسوبة من الحسابات الضيقة لفتح وحماسrlm;,rlm; والحسابات الأكبر لإيران وإسرائيل وأمريكا وأوروباrlm;,rlm; وهو جهد غير متوافر من حيث القدرة والإمكانيةrlm;,rlm; بل والمصلحةrlm;,rlm; لدولة أخريrlm;,rlm; كما هو متوافر لمصر التي يجب ألا تستجيب لإغراءات بوشrlm;,rlm; أو تلميحات أولمرتrlm;,rlm; أو تخويفات أحمدي نجادrlm;,rlm; أو لاستغاثات عباسrlm;,rlm; واتهامات هنيةrlm;,rlm; أو لدعوات المتطرفين بنفض يد مصر كليا وانسحابها من هذ الأزمةrlm;!!rlm;

هذه لحظة حاسمة تنادي دورا مصريا رائدا حاسما في قضية صاخبة ملتهبةrlm;,rlm; إن أقلقت الآخرين فإنها تزعج مصر إزعاجا شديداrlm;,rlm; لأنها ببساطة تقع علي حدودها الشرقيةrlm;,rlm; البوابة التاريخية لكل الحروب والغزوات التي هددت وحدتها وأمنهاrlm;.rlm;

ولكم أن تتذكروا ما كتبناه في هذا المكان قبل أشهر عن المشروع الصهيوني المدعوم أمريكياrlm;,rlm; باستقطاع مساحة من سيناء المصريةrlm;,rlm; تصل إلي العريشrlm;,rlm; لتوسيع كانتون غزةrlm;,rlm; وترسيخا لتوطين اللاجئين الفلسطينيينrlm;,rlm; وتعميقا للشرخ الفلسطيني بين غزة والضفة الغربيةrlm;,rlm; وكل منهما كانتون محاصر برا وبحرا وجواrlm;,rlm; لا يقوي علي البقاء والاستمرارrlm;,rlm; تنفيذا للحلم الإسرائيليrlm;,rlm; والحل الأمريكيrlm;.rlm;

ثم لكم أن تتخيلوا إن لم تبادر مصر بدور مغايرrlm;,rlm; أن تظل غزة مختنقة تحت الحصار الإسرائيليrlm;,rlm; والتجويع الدوليrlm;,rlm; وصراع الأشقاء المتناحرينrlm;,rlm; فإذا بها تقذف حممها البشرية بمئات الآلافrlm;,rlm; تقتحم الحدود وتفرض أمرا واقعا جديدا داخل سيناءrlm;,rlm; لتقام فيها معسكرات جديدة للاجئين الهاربين من حصار الجوع والاقتتال العبثيrlm;!rlm;
ما بعد غزوة غزةrlm;,rlm; ليس أقل خطورة مما قبلهاrlm;.rlm;
rlm;
**rlm; خير الكلامrlm;:rlm; قال عمرو بن كلثومrlm;:rlm;
إذا ما الملك رام الناس خسفا
أبينا أن نقر الخسف فينا

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف