جريدة الجرائد

سلام فياض: فوضى السلاح والدولة خطان متوازيان لا يلتقيان

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

رئيس حكومة الطوارئ: على حماس أن تتخلى عن الادعاء بالشرعية والاعتراف بقرارات أبو مازن

لندن: علي الصالح

يرى رئيس حكومة الطوارئ الفلسطينية سلام فياض أن الخروج من المأزق الحالي الذي تعيشه السلطة الفلسطينية والانشقاق الحاصل بين الضفة الغربية وغزة، لن يتم الا بتخلي حركة حماس عن الادعاء بالشرعية والاعتراف بالشرعية الحقيقية بكافة جوانبها من دون قيد أو شرط وكذلك بقرارات الرئيس محمود عباس (ابو مازن) وتجسيد وحدانية السلطة وحصر السلاح بيدها. ويوضح فياض في حديث لـ"الشرق الأوسط" أن فوضى للسلاح والدولة خطان متوازنان لا يلتقيان.

وأكد فياض ان الحكومة الإسرائيلية وافقت على الإفراج عن الأموال الضريبية الفلسطينية وانها ستحول المبلغ القائم على دفعات دون، بينما ستحول المبالغ الجديدة أولا بأول.

ونفى فياض أن يكون ما نقلته على لسانه كتائب عز الدين القسام، نقلا عن مقابلة مع الى شبكة اخبار "سي.إن.إن" الإخبارية وهو ان المقاومة لم تجلب للفلسطينيين الا التعاسة. وقال إن هذا غير صحيح. واستخف بالتهديدات.

وقال انه قبل بالمهمة التي ألقاها على كاهله أبو مازن من "منطلق أنني أؤدي واجبا وطنيا وليس من باب الاندفاع لتولي منصب". وحذر فياض من أن "هذه قد تكون فرصتنا الأخيرة. وعلينا أن ننقذ أنفسنا، مشددا على أن "رمزية المنصب لم تعن لي شيئا سابقا ولا تعني شيئا الآن، ادراكا مني لحقيقة اننا لسنا دولة وأننا ما زلنا تحت الاحتلال وان أي جندي اسرائيلي على حاجز أقوى من أي حكومة".

وفي ما يلي نصل الحديث:

* هل حققتم شيئا على صعيد الفلتان الأمني وهو احد مهام حكومة الطوارئ الرئيسية؟

ـ لا أستطيع أن اقول ذلك. فيمكن القول إن الأمن قد ضبط، عندما ترى الناس تروح وتجيء براحتها ومن دون خوف أو قلق. لكني شخصيا غير متشائم ازاء امكانية ضبط الأمور، لكن ثمة حاجة الى عدم عرقلة اسرائيلية. وعلى الإسرائيليين ان يتحركوا بسرعة في هذا السياق لأن التسويف يضعف الجهود. إضافة الى ان الاستعجال من جانبا وعدم وضوح الرؤية ازاء ما يمكن عمله من عدمه، قد يخلف آثارا سلبية. أنا ماش بحذر وعارف بالضبط لما أريد. وانا ضاغط في هذا الاتجاه ومسخر لكل جهود القوى الدولية في اتجاه حسم هذه القضية. واذا ما حسمت فانا واثق من ان وضع الضفة الغربية سيكون مختلفا تماما.

* ما هو المدى الزمني لهذه الحكومة؟

ـ مداها الزمني وفق الدستور شهر واحد. وهناك بعض الاجراءات الدستورية التي يتوجب على ابو مازن ان يتخذها فعليه ان يدعو لعقد جلسة للمجلس التشريعي في 7 يوليو (تموز) الجاري، لاختيار هيئة رئاسية جديدة للمجلس في دورته الجديدة. وهناك ايضا استحقاق قانوني يتطلب من أبو مازن ان يدعو المجلس أيضا، من اجل تمديد حالة الطوارئ بعد مرور 30 يوما عليها. وهناك احتمالان، الأول ان ينعقد المجلس، وعندئذ لن يمدد لانه بحاجة الى ثلثي الاعضاء (بسبب اغلبية حماس فيه) وعندئذ يستخدم الرئيس صلاحياته ويكلف شخصا تشكيل الحكومة ويعطيه مهلة 35 يوما، وإذا رفض المجلس التكليف نستمر نحن كحكومة تصريف أعمال. الاحتمال الثاني وهو ألا يجتمع المجلس، وفي هذه الحالة من صلاحيات أبو مازن ان يعلن حالة طوارئ، ويبقى الوضع على ما هو عليه. في أي الأحوال فان عمر الحكومة سيزيد على الشهرين. لا أرى آلية لإنهاء الوضع. فهناك استعصاء قانوني ودستوري.

* ما هو ردك على اتهامات وتهديدات كتائب القسام ـ الجناح العسكري لحركة حماس، ولجان المقاومة الشعبية، على خلفية تصريحات لك لشبكة "سي.إن.إن" الأميركية الإخبارية؟ وهو ان المقاومة لم تجلب للفلسطينيين إلا التعاسة.

ـ يا أخي افتح موقع "سي.إن.إن" واقرأ بنفسك المقابلة.. ولن تجد فيها على الإطلاق ما يدّعونه. وما قلته في المقابلة قلته علانية في جلسة مفتوحة للمجلس لحجب الثقة عن حكومة حماس الاولى في 28 مارس (آذار) 2006. هم يقولون خطأ إنني قلت إن المقاومة لم تجلب لنا سوى التعاسة، وهذا غير صحيح. فليعودوا الى المقابلة ليتأكدوا من أن ما ادعوه لا أساس له من الصحة. ما قلته لا يختلف عما قلته في خطابي أمام المجلس التشريعي في 28 مارس 2006.

* هل تأخذ هذه التهديدات على محمل الجد؟

ـ بدك الصحيح لا. أنا لا أفكر بهذه الأمور على الإطلاق. القبول بهذه المهمة يعني انك مستعد لأن لا تفكر في هذه الأمور وتتجاوزها. الناس تنجر في بعض الأحيان وراء شعارات طنانة. تسمع أحيانا شعارات مثل حرمة الدم الفلسطيني، لكن من سفك الدم الفلسطيني. طيب مين سفك الدم الفلسطيني.. أنا سفكته؟ تسمع أيضا ان هناك سلاحا شريفا وآخر غير شريف. طيب وين السلاح الشريف في غزة في الفترة الأخيرة؟ يجب ان يواجه الناس بالحقيقة. أنا كل ما أقوله هو فليقارن ما أقول على صراحته بالكذب الزائف المتصل بهذه الشعارات المطروحة.

* هل إسرائيل على وشك أن تفرج عن أموال الضريبة الفلسطينية؟

ـ نعم

* كم من المبلغ ستفرج عنه.. نصف المبلغ ربع...؟

ـ سيحول المبلغ القائم على دفعات بدون أخذ وعطي، بينما ستحول المبالغ الجديد أولا باول.

* ما الذي باستطاعتكم عمله في موضوع غزة؟

ـ أولا يجب إعادة الوضع الى ما كان عليه. قضية وحدة الوطن مسألة أساسية.

* هناك وضع جديد في غزة.. فكيف يمكن الخروج منه؟

ـ هناك قضايا أساسية لا بد من التسليم بها اذا كان هناك تفكير جدي في العمل في المستقبل. هناك حديث عن العودة الى طاولة الحوار. فلنتوقف عند هذا العنوان. أنا لا ألوم أي فلسطيني يسخر من هذه الجملة عند سماعها. علينا قبل العودة الى الحوار أن نفهم الأسس. أنا أعتقد أن بالإمكان حل هذه المشكلة اليوم قبل بكره وبسرعة. الموضوع ليس موضوع تسليم مقار وعمارات ورفع علم. هناك مبدأ: لا تستطيع حماس الاستمرار في ادعاء الشرعية.. عليها أن تتخلى عن أي ادعاء لها بالشرعية في غزة الآن. ويجب ان تقبل بالاجراءات التي اتخذها ابو مازن.

* أنت تطلب من حكومة حماس أن تعترف بشرعية حكومة الطوارئ؟

ـ يجب ان تسقط أي زعم بالشرعية كإطار عمل حكومي. وعليها كما قلت أن تعترف بكل الإجراءات التي اتخذها أبو مازن خلال هذه الفترة. فهذه إجراءات حالة طوارئ دستورية، اتخذت ضمن اجراءات عدة من جملتها تشكيل الحكومة. إجراءات القصد منها تحقيق الاستقرار ومعالجة حالة خاصة جدا. هذه مبادئ أساسية. نحن نتصرف كأم الولد بمعنى أننا الشرعيون، ونطالب موظفي الحكومة من الدوام في مكاتبهم، وأقصد الموظفين المدنيين وليس العسكريين.

* من يدفع رواتب الموظفين؟

ـ نحن، لكن على أسس. وأكرر أن هذا ينطبق على المدنيين من اجل خدمة الناس على أساس ألا يتلقوا الأوامر من أي جهة غير شرعية. نحن ندعو الموظفين الى الدوام.

* ونحن في هذا السياق.. يقفز الى الاذهان موضوع جوازات السفر.. فما هو ذنب أهالي غزة حتى لا يعترف بجوازاتهم لأنها صادرة في غزة وليس في الضفة الغربية؟

ـ هذا غير صحيح. جوازات السفر الصادرة قبل إقالة الحكومة السابقة معترف بها. لكن أي جواز سفر يصدر عن الحكومة المقالة الآن غير مقبول وغير معترف به.

* هل أنت كسلام فياض شاعر بالرضى مما جرى، ابتداء من تعيينك رئيسا لحكومة الطوارئ وحتى الآن..

ـ أنا لا أستشعر بأهمية المنصب من ناحية رمزية إطلاقا. ومن يعتقد غير ذلك فإنه لا يعرف طريقة تفكيري. أنا أفهم قبولي للمنصب، من منطلق أنني أؤدي واجبا وطنيا وليس من باب الاندفاع لتولي منصب. وان كلا منا من موقعه مدعو لأن يساهم في إنقاذ هذا الشعب. هذه قد تكون فرصتنا الأخيرة. وعلينا أن ننقذ أنفسنا. رمزية المنصب لا تعني لي شيئا سابقا والآن. علينا ان نتذكر أننا لسنا دولة، كما علينا أن ندرك حقيقة أننا لا نزال تحت الاحتلال وان أي جندي إسرائيلي على حاجز أقوى من أي حكومة، وأعي أننا شعب مكبل ومحتل، لكن أعي أيضا أن علينا أن ننقذ أنفسنا من هذه الكارثة التي وضعنا أنفسنا فيها. لهذا لا اكترث بما يقال هنا وهناك أو تصريحات فيها شطط هنا أو هناك.

* هل في اعتقادك أن حكومة سلام فياض قادرة على تحقيق الأهداف التي شكلت على أساسها، وعلي ضبط الفلتان الأمني ورفع الحصار الاقتصادي؟

ـ كان أسهل لي بكثير لو كان الهدف هو رفع الحصار. فالحصار كما تلاحظ سيرفع حتما. لكني أرى المهمة الأساسية للحكومة هي توفير الأمن والأمان للمواطن. لأنه لو رفعنا الحصار ولم يضبط الوضع الأمني فإن الأمور ستظل على ما هي عليه. أنا لا أبحث عن حل مشكلة، أنا شخصيا مقتنع بأنها ليست القضية الأساسية. الرهان على فك الحصار أسهل بكثير بالنسبة لي من الرهان على ضبط الأمن وتوفير الأمان للناس. ولقناعتي انه حتى لو نجحنا في رفع الحصار ولم نحقق الأمان فكأن شيئا لم يكن.

* لنعد الى حالة الانفلات الأمني هل بإمكان.........

ـ سأعود الى هذا الموضوع، مع إدراكي التام أن المهمة الأصعب هي موضوع الأمن، إلا أنني مدرك منذ اللحظة الاولى، انه من دون توفير الأمن والأمان للمواطن، فإننا لم نوفر شيئا إطلاقا. ولهذا تبين قضية ضبط الوضع الأمني ليس كشعار بل كتطبيق على ارض الواقع يلمسه المواطن. هذه هي المهمة الأصعب. والرهان عليها أصعب بل مقامرة.

* هل هذا يعني ان سلام فياض متفائل في تحقيق ذلك للمواطن؟

- اكره الاجابة عن أسئلة بنعم أول لا. انا رجل واقعي ولا انظر للأمور بتفاؤل وتشاؤم. أنا منغمس في هذه القضية صباح مساء. ما أنام عليه استيقظ عليه. عندي شعور أن بالامكان تحقيق شيء لكن لا أستطيع أن اصف ذلك بالتفاؤل. بناء على تقييم واقعي أستطيع القول ان القضية ترقى الى مستوى الاستحالة، لكن هناك نافذة امل، فيه امكانية. وهذا يتطلب تشخيص صحيح للموضوع. ويتطلب الأخذ بأسباب النجاح. كفانا مزايدات وترديد شعارات رنانة فاضية ما لها طعم. عندما نتحدث في مقاومة الاحتلال.. هل هناك من يستطيع التشكيك بحق المقاومة الذي تكفله كل القوانين الدولية. لكن في الوقت نفسه علينا ولنبتعد عن الشعارات الرنانة.. فان اهم عنصر في مقاومة أي احتلال، هو كيفية تعزيز صمود المواطن على الأرض. تريد مقاومة الاحتلال.. ماشي هذا حق لا يناقشك فيه احد، لكن كيف يمكن في هذا السياق تعزيز الصمود على الأرض. كيف أواجه مشكلة حوالي 40 ـ الى 50 ألف شخص هاجروا، وأضعافهم لم يهاجروا لأنهم غير قادرين. إذاً نحن نخسر في المربع. للأسف ان الاحتلال لعقود لم ينجح في اقتلاع الفلسطيني من الأرض بينما الفوضى والفلتان الأمني وسفك الدم الفلسطيني حقق ذلك.

* نعود الى موضوع الخروج من الأزمة الحالية.. اعتراف حماس بالواقع وقرارات أبو مازن.

ـ الاعتراف بالشرعية بكافة جوانبها من دون قيد أو شرط والاعتراف بقرارات أبو مازن وتجسيد وحدانية السلطة وحصر السلاح بيد السلطة، أي وضع مفهوم امني مشترك يضبط السلاح والفلتان، لأن فوضى للسلاح والدولة خطان متوازيان لا يلتقيان.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف