حماس في الضفة الغربية: حالة من انعدام اليقين
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
آيلين أد بروشر - كريستيان ساينس مونيتور
تصر خلود المصري على أن مركزها الثقافي المدعو "الجذور" ليس أكثر من مكان لتعليم النساء. لكن مسلحين موالين لفتح أنكروا ذلك، وقالوا أن المركز هو غطاء على مكان ينشر أفكار حماس، فأشعلوا فيه النار خلال اندلاع الاقتتال في غزة قبل أسبوعين بين فصيلي حماس وفتح.. وقد دمر المركز وغطى دخان السنة النيران البناية التي تعيش فيها السيدة المصري مع زوجها وخمسة من أبنائها.
والآن، أصبحت السيدة المصري، وهي عضو منتخب في المجلس البلدي ومن أبرز الوجوه النسائية المرموقة في الجناح السياسي لحركة حماس في الضفة الغربية، أصبحت تعيش تحت الملاحقة. وهي تمضي لياليها كل ليلة في بيت مختلف، حيث تصطحب عددا من أطفالها معها بينما يصطحب زوجها الأطفال الآخرين إلى مكان آخر.
ومن بين أعضاء المجلس البلدي في نابلس الخمسة عشر، هناك ثلاثة عشر عضواً من حماس، أو كما أسمت الجماعة نفسها في الانتخابات "حزب التغيير والإصلاح". و كان محافظ المدينة ونائبه، وهما أيضا من حماس، قد اعتقلا على يد القوات الإسرائيلية قبل حوالي الشهر. والآن، أصبح كل شخص كان قد انتخب للمجلس البلدي في عام 2004 شخصا غير مرغوب فيه، ليس بالنسبة لإسرائيل وحسب، وإنما أيضا بالنسبة لحكومة الطوارئ الفلسطينية التي شكلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس برئاسة سلام فياض.
لكن الطريقة التي يقرر السيد عباس التعامل وفقها مع عناصر حماس في الضفة الغربية ستكون مفتاحا للاستقرار وللحكم المستقبلي في الأراضي الفلسطينية. ومن أطلال مركز السيدة المصري إلى مخابئ كتائب شهداء الاقصي، وهي الجناح العسكري التابع لحركة فتح، فإن ثمة إحساساً سائداً بان انقلاب حماس في غزة لم يكن نهاية ذلك الفصل العنيف من أعمال الاقتتال الفلسطيني الداخلي.
محتجزة خارج المجلس البلدي
بعد أن صمتت المدافع في غزة، حاولت السيدة المصري العودة إلى العمل في مجلس المدينة. وعند مدخل المبنى البلدي، قابلها مسلحان. وتستذكر أنهما قالا لها "خلود المصري، من الآن فصاعدا أنت غير مخولة بالدخول هنا، فلا تعودي مرة أخرى". وفيما تسير بين أطلال المركز، تقر السيدة المصري بأنها تخشى الأسوأ، وتتفقد المكان بسرعة وتقول "قتلوا أو خطفوا أو سجنوا".
وهي تشعر بأن عباس ما يزال يشجع سلوك ميليشيات فتح هذا: أولاً بعدم إدانته، ثم خلال خطاب طال انتظاره، والذي وصف فيه حماس بأنهم "قتلة" و"انقلابيين".
وتقول السيدة المصري إن "الأثر الغالب لهذا الخطاب هو الاستفزاز والمواجهة" وأضافت "إن خطاب الرئيس يضفي الشرعية على ممارسات مجموعات فتح هذه. واعتقد بانه يجب أن يكون هناك حوار مفتوح بين حماس وفتح".
لكن طبقا لعباس، فإن زمن الحوار قد ولى. وفي الأسبوع الماضي، قطعت حكومة الطوارئ التي شكلها رسميا كافة الاتصالات مع حماس. وبإقدامه على ذلك فتح الأبواب على مصاريعها لتقديم مساعدات دولية مباشرة إلى السلطة الفلسطينية التي كانت تخضع لحظر طيلة السنة ونصف السنة الماضية. كما ستفرج إسرائيل خلال وقت قريب عن أموال الضرائب التي تتراوح قيمتها بين 300 إلى 400 مليون والتي كانت تحتفظ بها لأنها لم ترد أن تذهب الأموال إلى حركة حماس كما قالت.
يقول ناصر جمعة، عضو حركة فتح في المجلس التشريعي الفلسطيني انه لا يقر كل شيء فعلته كتائب شهداء الاقصي لأنه يرقى إلى درجة العنف الذي تنفذه لجنة أمنية. ويقول إن كافة هذه المجموعات سيجري ضمها إلى القوات الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية. لكن ما حدث مع أشخاص ومؤسسات حماس في نابلس هو بمثابة لعب أولاد قياسا مع ما جرى في غزة.
ويقول السيد جمعة في مقابلة جرت معه في مكتبه في المركز التجاري بنابلس إن "حماس تقتل الجميع. إنها تقتل الأطفال، وقد حطموا الحلم الفلسطيني. ويجب القضاء على حماس في الضفة الغربية". وأضاف "وأنا اثني على ما أبلغ به أعضاء المجلس: إذ عليهم ألا يحضروا إلى العمل. وأود أن اقترح على خلود المصري بان تذهب للعيش في غزة ولو لأسبوع واحد. ولا أريد لهم ان يجلبوا الحالة السائدة في غزة إلى الضفة الغربية".
جناحا حماس
بالنسبة لقادة فتح في الضفة الغربية والقلقين من قوة مليشيات حماس، فإن ثمة القليل من الاهتمام الآن بالاستماع إلى اطروحات حول وجود أي داع للتفريق بين جناحي الجماعة، العسكري والسياسي.
ويقول جمعة: "لقد صدرت إلينا أوامر بأنه يجب اعتقال أي عضو في حماس وإيداعه السجن. ويوم الجمعة الماضية، أمر عباس باغن تحصل كافة المنظمات غير الحكومية على رخص تشغيل جديدة، في خطوة قد تفضي إلى نزع الشرعية عن المنظمات غير الحكومية التابعة لحماس. وأصبحت الحملة محسوسة بشكل كاف لدرجة أن قادة حماس في غزة لاحظوها. فقد قال محمود الزهار، وهو شخصية متشددة داخل حماس في مقابلة مع مجلة دير شبيغل الألمانية مؤخرا، إن أعضاء حماس قد يشرعون في تنفيذ هجمات على فتح في الضفة الغربية بسبب الحملة على حماس.
وفي الأثناء, تقف نابلس على شفير الهاوية.
ويقول سري حسين، وهو قائد من كتائب الاقصى في معرض اعترافه بان بعضا من رجاله احرق مكاتب السيدة المصري: "إن أي شيء حدث هنا يعتبر لا شيء مقارنة مع ما حدث لنا في غزة". وعلى هاتفه الخلوي يعرض مشهدا لقائد من فتح كان يسحل في احد شوارع غزة قبل أن يقتل. وبالنسبة له، فإن تلك المشاهد تذكره بما يجب ألا يرتكبه هو وجماعته. ويقول "إن القيادة مختبئة الآن، ومن يأتي إلينا ويقول رجاء.. رجاء نحن لا نريد مشاكل هم من الصف الثاني أو الثالث من القيادة". ثم يتساءل: "لكن لماذا لم يأت حتى واحد منهم رافعا يديه ليقول: "ليس لنا علاقة بما يحدث في غزة, ولم ينبر احد هنا في حماس لإدانة ما يجري في غزة, والآن بات الناس يتساءلون هناك "لماذا انتخبنا حماس؟ ويبدو أنها بداية هذه الحرب، لا نهايتها".