جريدة الجرائد

أمير «الجماعة الإسلامية»: هدفنا إسقاط مشرف وتطبيق حكم الشريعة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك


باكستان..
حرب الداخل (الحلقة الثالثة) قال إن الديمقراطية الغربية هي التي ستوحد العالم الإسلامي.. وبن لادن ليس خجولا ولكنه هادئ


إسلام آباد: محمد الشافعي


ضمن سلسلة تحقيقات "باكستان.. حرب الداخل"، التي تنشرها "الشرق الأوسط" على حلقات، نستعرض اليوم موقف البرلمان الباكستاني عبر أمير الجماعة الإسلامية وزعيم الأغلبية النيابية من الصراع الدائر حاليا في باكستان بين التيارات الإسلامية من جهة والرئيس برويز مشرف من جهة أخرى.

وذكر القاضي حسين احمد، أمير "الجماعة الاسلامية" في باكستان، في لقائه مع "الشرق الأوسط" من مقر اقامته في العاصمة اسلام آباد، ان المعارضة السياسية لن تحيد عن اقالة الرئيس مشرف، وان الامل معقود على انتخابات 16 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، حيث يأمل الرئيس مشرف تجديد انتخابه كرئيس للبلاد لمدة ست سنوات اخرى عبر البرلمان.

وتطرق أمير "الجماعة الاسلامية" إلى العوائق الموضوعة امام الشعب الباكستاني، مؤكدا وجود جهات داخلية وخارجية تستثمر هذه العوائق الثلاثة للسيطرة على الشعب واستغلاله. وأكد القاضي حسين أن الجماعة الاسلامية أيدت المجاهدين الافغان، خلال فترة القتال ضد الروس، نافيا أن تكون جماعته قدمت دعما لطالبان، كاشفا كيف أن حركة طالبان لم تستمع إلى نصائحها في ما يتعلق باغلاق التلفزيون ومدارس البنات. وأكد القاضي حسين احمد ان هدف المعارضة الذي لن يتخلوا عنه هو اقالة الرئيس مشرف عبر الطرق السلمية وابواب الانتخابات، مشيرا إلى ان الرئيس مشرف حذف ثغرات دستورية من اجل استمراره في الحكم. وأوضح القاضي حسين زعيم "مجلس عمل متحد" الذي يضم ستة احزاب سياسية، وان المعارضة السياسية في باكستان تحمل هموم الشعب ولها طلبات محددة لن تحيد عنها، واولها اعادة الدستور الذي كانت عليه البلاد قبل وصول الرئيس مشرف إلى الحكم في أكتوبر (تشرين الأول) 1999، أي العودة إلى دستور عام 1973، وتطبيق الشريعة الاسلامية.

و"مجلس العمل المتحد" هو تحالف يضم عددا من أحزاب المعارضة الإسلامية الرئيسية في باكستان، وكان قد دخل في مواجهات حادة مع الرئيس مشرف منذ الانتخابات النيابية الماضية في أكتوبر (تشرين الأول) 2002، حول سلطاته الواسعة التي يتمتع بها. والأحزاب الدينية الستة المنضوية تحت شعار "مجلس العمل المتحد" تعارض سياسة الرئيس مشرف المؤيدة للسياسة الأميركية في أفغانستان، وانضمام باكستان لما يعرف بالتحالف الدولي لمكافحة "الإرهاب".

وقال القاضي حسين زعيم الجماعة الإسلامية، ان دستور 1973 هو الفيصل لضمان استقرار الحياة السياسية، لان به فقرة مهمة تؤكد عدم تدخل الضباط العسكريين في الشؤون السياسية للبلاد.

والقاضي حسين يبلغ من العمر 69 عاما، وهو جد لعشرة احفاد من ولدين وبنتين، وابنته سميحة رحيل عضو ناشطة في البرلمان. واشار القاضي حسين إلى ان الامل معقود على انتخابات 16 نوفمبر المقبل، كون الرئيس مشرف يأمل في تجديد انتخابه كرئيس للبلاد لمدة ست سنوات أخرى عبر البرلمان، بينما كافة احزاب المعارضة الدينية والسياسية تدعو إلى انتخابات عامة شعبية حرة ونزيهة. وأضاف ان عدد نواب "مجلس عمل متحد" الذي يترأسه في البرلمان والبالغ عددهم 68 عضوا، نصفهم من الجماعة الإسلامية من اصل 342 عضو في البرلمان، بينما يبلغ أعضاء "مجلس عمل متحد" 17 عضوا في مجلس الشيوخ الباكستاني.

الا انه اشار إلى ان الجماعة الاسلامية التي يترأسها، وجمعية "علماء الاسلام" التي يترأسها مولانا فضل الرحمن يحظيان بغالبية الشارع الباكستاني، مشيرا إلى ان اقالة الرئيس مشرف لكبير قضاة باكستان افتخار محمد تشودري في التاسع من مارس (آذار) الماضي بزعم أنه أساء استغلال منصبه، هو ابلغ اساءة إلى الدستور الباكستاني. وقال ان "الرئيس مشرف فشل في إخراج البلاد من الأزمات السياسية والاقتصادية والإدارية التي تمر بها، وأطالب بتسليم السلطة إلى علماء الدين".

وأكد أمير الجماعة الإسلامية ان الديمقراطية الغربية هي التي ستوحد العالم الإسلامي وليس الحكام الذين يلعبون برغبات الشعوب لصالح اهواءهم الخاصة. وقال ان باكستان دولة تأسست على شريعة الإسلام، لكن منذ أول يوم لاستقلالها، كانت هناك عناصر تريد هدم هذه الأسس، واقتلاع الجذور الإسلامية للدولة، رغم أن الدستور الباكستاني إسلامي، وقرار الأهداف الذي هو جزء من هذا الدستور ينص على إدارة الدولة وفق تعاليم القرآن والسُنة وفي حدودهما، وأن تكون الحاكمية الأعلى لله عز وجل، إلا أن باكستان لم تحظ بأي حكومة تضع هذا الأساس في اعتبارها، ولو ليومٍ واحد، خلال إدارتها شؤونَ البلاد.

وتابع القول "ممّا يدعو أيضاً للأسف، وجود جيل نشأ وترعرع على يد الاستعمار الإنجليزي للحفاظ على مصالحه، ما زال ممسكاً بمقاليد السلطة ودفةَ الحكم وقيادة الجيش. وتغيير أوضاع الدولة وإصلاح أحوالها مرهونان بذهابهم وتسليم السلطة لرجال أوفياء للشعب ومخلصين للتضحيات التي قدّمها عند انفصال باكستان، رجالٍ يسيرون في نور الله وهدي رسوله الكريم.. هذا هو أساس كل مشاكلنا، وبسببه تنبع وتعلو نعرات قومية مختلفة تستهدف سلامة باكستان ووحدتها".

وأوضح الشيخ القاضي حسين، كما يلقبه اتباعه والمقربون منه، أنه "منذ أول يوم لإنشاء باكستان كانت هناك عدّة قضايا تواجهنا؛ الأولى خاصة بالدستور، هل يكون إسلاميا أم علمانيا؟ واستمر الصراع، حتى قرر الشعب بأغلبية ساحقة أن يكون الدستور الباكستاني إسلامياً، لكن هذا الدستور لم يُنفّذ، لافتقاده الى الأيدي المخلصة لتنفيذه".

وعن المدارس الدينية التي تشرف عليها "الجماعة الاسلامية" قال هناك 5 آلاف مدرسة بها نحو نصف مليون طالب تدرس العلوم الشرعية من الابتدائية وحتى الجامعة، وهناك ايضا المدارس العربية، والمدارس الدينية. وقال ردا على سؤال لـ"الشرق الأوسط" عن جنسية الطلبة الاجانب في مدارس الجماعة الاسلامية، قال إن هناك عددا قليلا من الطلبة الاجانب يدرسون العلوم الدينية، ولكنهم جاءوا بموافقة حكومات بلدانهم الاصلية التي قدموا منها، وأوراقهم الثبوتية صحيحة تماما.

وبين ان الطلبة يدرسون من الخامسة او السادسة من العمر وحتى الـ25 من العمر، ويدرسون الفقه والشريعة واللغة الانجليزية، بالاضافة إلى الجامعة الاسلامية الدولية في اسلام اباد، وبها كليات الشريعة والدعوة واللغة. إلا أن أحد المراقبين في العاصمة اسلام اباد أشار لـ"الشرق الأوسط" إلى وجود نحو 15 ألف مدرسة دينية تستضيف نحو 5 ملايين طالب من المرحلة الابتدائية وحتى مرحلة الجامعة، وبعض المدارس تقدم درجة الماجستير، مثل المدرسة الحقانية في بيشاور، وهي من اقدم المدارس الدينية في باكستان، حيث تأسست عام 1923، وتخرج منها مئات الطلبة الذين التحقوا بصفوف طالبان.

كذلك هناك مدرسة السيدة حفصة للبنات الملحقة بالمسجد الأحمر أو "لال مسجد"، الذي يديره مولانا عبد العزيز غازي، حيث تقدم المدرسة علوم الشريعة بالاضافة إلى العلوم العصرية مثل الكومبيوتر، وتوفر للراغبات درجة الماجستير ايضا. ومعظم هذه المدارس تعتمد على التبرعات المالية من أهل الخير.

وعن العوائق الموضوعة امام الشعب الباكستاني للنهوض قال القاضي حسين أحمد أن ابرز تلك العوائق هو الجهل بالدين والأمية وانتشار الفقر، مشيرا إلى وجود جهات داخلية وخارجية تستثمر هذه العوائق الثلاثة للسيطرة على الشعب واستغلاله. لذا "جعلنا في مقدمة أولوياتنا تعليم الناس أمور دينهم، وإعطاءهم ما يسد احتياجهم، ودعمهم بأعمال خيرية حتى يمكنهم مواجهة مشاكلهم، وهذا عمل ليس سهلا وطريقه طويل".

وووجه أمير الجماعة الإسلامية نقده للرئيس الباكستاني مشرف لتنفيذه أوامر واشنطن، التي تدعو إلى تغيير نظامِ التعليمِ الديني وثقافة المسلمين، وقال ان "الخطة باتت مكشوفة وتهدف إلى إبعاد العلماء عن صنع القرار".

وأضاف ان "حكامنا العسكريين يخدمون مصالح الاستعمار في المنطقة، ولا يمكن تخليص الشعوب من هذه الأيدي إلا بنشر التعليم الديني الصحيح، والقضاء على الأمية والفقر. ونبذل جهودنا لتخليص الشعب من هذا الظلم، وأعتقد أننا نحرز تقدّماً في هذا المجال".

وعما يتردد من ان الجماعة الاسلامية أيدت احزاب المجاهدين الافغان، قال القاضي حسين ان الجميع أيدي احزاب المجاهدين الافغان في فترة القتال ضد الروس، بما في ذلك الاميركيين والدول العربية والخليجية. وكشف القاضي حسين عن اجتماع سري شهري كان يعقد في بيشاور شارك فيه شخصيا مع اسامة بن لادن وكذلك قادة احزاب المجاهدين وممثلين عن الاميركيين، للتعرف على طلبات المقاومة الافغانية. وقال انه التقى بن لادن عشرات المرات، نافيا ان يكون زعيم القاعدة رجلا خجولا في التعامل مع الاخرين، وقال "كان رجل هادئ، الا انه يحمل في داخله صلابة الارادة، والقدرة على احداث التغيير فيمن حوله".

وشبه القاضي حسين زعيم تنظيم القاعدة برجل زاهد في الدنيا، حيث ترك الثروة والجاه من اجل ما يؤمن به. وعن بيشاور قال انه نشأ في هذه المنطقة من العالم ويشعر انه مع الأفغان، وأن عناصر البشتون عائلة واحدة لا تتجزأ. ونفى ان تكون الجماعة الاسلامية منظمة ارهابية، بل قال ان جماعته تتمتع بشفافية في التعامل مع الحكومة وتربطها علاقات مع وزراء الحكومة وضمنهم شوكت عزيز، رئيس الحكومة الباكستانية.

غير أن جماعته تنحاز إلى رغبات الشارع السياسية في ضرورة التصدي إلى قوانين مشرف. وقال ان جماعته ترتبط بعلاقات قوية مع الحركات الاسلامية في المنطقتين العربية والإسلامية، ومنها حركة "الاخوان المسلمون" في مصر، وكذلك الحركات الاسلامية في ماليزيا واندونيسيا والعالم. وقال "نتابع اخبارهم ونتحدث اليهم عبر الهاتف كلما دعت الحاجة إلى ذلك". مشيرا إلى ان جماعته لديها 2000 فرع داخل باكستان، ومركزها الرئيسي في منطقة منصورة بمدينة لاهور.

وحول ما يتردد من أن سلسلة من المداهمات التي شنتها الشرطة الباكستانية قبل عامين على عدد من المدارس والمعاهد الدينية بالتزامن مع حملة اعتقالات ضد "خلايا إرهابية" مشتبه في علاقتها بتنظيم "القاعدة"، قال "قد يكون عدد من انصار "الجماعة الاسلامية" قدموا دعما ومأوى لعناصر من القاعدة كإخوة مسلمين لهم في الدين بدون ان يعرفوا انهم من القاعدة وقد حدث ذلك".

وكانت الداخلية الباكستانية اتهمت تحالف "مجلس العمل المتحد" بإقامة علاقات مع مشتبهين لصلتهم بتنظيم "القاعدة"، وقدمت المأوى للعديد من المشتبه فهم، وذلك بعد اعتقال الكثير من المشتبهين في منازل تابعة لزعماء التحالف في أماكن مختلفة من باكستان. وذكر مراقبون في العاصمة اسلام اباد لـ"الشرق الأوسط" أن خالد شيخ محمد، الرجل الثالث في "القاعدة"، اعتقل في منزل احد اعضاء "الجماعة الاسلامية" في منطقة ويستردج بمدينة روالبندي، الا ان مسؤولي الجماعة نفوا معرفتهم بارتباط خالد شيخ بـ"القاعدة".

ونفى القاضي حسين ان تكون الجماعة الاسلامية قدمت دعما لطالبان، الا انه قال لـ"الشرق الأوسط" على العكس من ذلك، "فحركة طالبان المتشددة لم تستمع إلى نصائحنا، خصوصا في ما يتعلق بإغلاق التلفزيون ومدارس البنات، حيث قلنا لهم إن الاعلام هو وسيلة للدعوة الإسلامية ايضا، لكنهم ضربوا بنصائحنا عرض الحائط، بل كانوا على طول الخط ضدنا". وقال يجب علينا اليوم ان نعرف عدونا من صديقنا. وبسؤاله من هو عدوكم بقول: "هؤلاء الذين يتهموننا زورا بالإرهاب، انهم الاميركيين". واوضح انه من المثير للسخرية انهم يحتلون اراضينا ويتهموننا بالارهاب، ورسالتنا هي رسالة الاسلام التي تحمل الحب والتسامح. ويبدأ القاضي حسن يومه بصلاة الفجر، ثم الذكر ودراسة القرآن الكريم، ثم التريض قليلا قبل ان يخلد قليلا إلى الراحة، ثم يقرأ مقتطفات من اربع صحف يومية، هي "جنك" و"نواي وقت" و"انصاف" و"جسارات"، والاخيرة تعود إلى الجماعة الاسلامية. وقال انه يعلم أتباعه وأولاده آيات من القران ويحثهم على التمسك بها منها: "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا". وآية أخرى تقول "من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا".

الحلقة القادمة :

* جذور العنف في باكستان

* استراتيجية الرئيس مشرف في مواجهة تطرف الملالي

* استخـدام الجمــاعــات الإسلامية المتطرفة للضغط على دول الجوار

* التركـيـبــة الاجتمــاعية وتسببهــا فـي فشل القوى الشرعية المنتخبة ديمقراطياً

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف