باريس ترحب بكم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سمير عطا الله
سوف يلتقي اللبنانيون في باريس في 14 و16 تموز الحالي. وسوف يتمتعون بجمال المدينة برغم ضيق الوقت. وما عدا ذلك لا شيء. وقد ذهب اللبنانيون من قبل إلى لوزان، وكانوا ممثلين برجال من طراز كميل شمعون وصائب سلام وعمالقة الماضي، ولم يتفقوا على شيء. وقد حضر تلك المحادثات السيد عبد الحليم خدام، لكي يقوم أي اعوجاج من هنا أو هناك. ولم يتفقوا على شيء. وذهب رجال الدين اللبنانيون إلى الكويت عام 1989. وحضرت المؤتمر. وكنت أبعث برسائل يومية إلى "الشرق الأوسط" مليئة بالتفاؤل. فقد كنت أمضي الوقت مع بطريرك الروم الأرثوذكس ومطران بيروت الياس عودة ومع المفتي حسن خالد، وأقوم أحيانا بزيارة البطريرك صفير. وكنت أخرج لأكتب رسائل التفاؤل. وذات يوم اتصلت بي زوجتي من لندن وقالت الرئيس صائب سلام اتصل من جنيف يريدك أن تكلمه.
لم أفاجأ بالاتصال. فقد كنت أحدث الرجل مرة في الأسبوع على الأقل. وطلبته في جنيف. وقال لي رجل الدولة الكبير: "ما هذا الذي تكتبه من الكويت؟ اترك مكانا صغيرا للتحفظ". وقلت له: "صدقني يا صائب بك. أنت لست هناك لكي ترى. الجميع متفقون. والمفتي حسن خالد يمازحني كأن بيروت عائدة غدا". وقال رجل الدولة من جنيف: "يا فلان ليس من الصعب أن يتفق هؤلاء الأفاضل. لكن لا المشكلة في لبنان ولا الحل في لبنان. كبر عقلك". كان ذلك عام 1988. وبعدها بقليل اغتيل المفتي خالد. وعاد صائب سلام من منفاه. ولا يزال البطريرك صفير كل أسبوع يلقي عظة عن الوفاق في لبنان. والآن اللبنانيون ذاهبون إلى باريس. وكانوا قد جلسوا حول طاولة حوار وطني في مجلس النواب وراحوا يعلنون كل يوم اتفاقا. ثم فجأة خرجوا من القاعة أيدي سبأ، وأغلقوا مجلس النواب، وما سدوا جميع أبواب الحوار. والآن. بالسلامة إلى باريس. وليس بين الضيوف كميل شمعون أو رشيد كرامي أو صائب سلام. ولكنها طاولة أخرى ولقاء آخر. وفرنسا الجديدة تعلن مسبقا أنها لا تتوقع اتفاقا ولا حلا من مؤتمر باريس. لكنها تريد للبنانيين أن يتحادثوا.
المرة الوحيدة التي خرج اللبنانيون باتفاق، كانت في الطائف، واعتقدنا أن الاتفاق سوف ينظم حياة لبنان السياسية إلى ثلاثة عقود على الأقل، لكن "الساحة" اللبنانية التي كان يتصارع فيها الأميركيون والسوفيات ولعبت خلالها سورية دور ضابط الأمن، دخل صراعها طرف جديد. وبعكس موسكو له علاقة عضوية بالمنطقة. ومهما تحاور اللبنانيون فان الصراع الأميركي ـ الإيراني هو عنوان المرحلة. والاشتباك السوري ـ الأميركي هو العنوان الآخر. والطقس لطيف في باريس هذه الأيام. وسوف يتأمل اللبنانيون طويلا في مدينة كانت بيروت تشبه بها طوال عقود: باريس الشرق. وسوف يفتقدون الاثنتين. بيروت وباريس الشرق.