مشرف يختار الحسم مع «الطالبانيين» لتفادي انتشار نفوذهم .. والإسلاميون يغلقون طريق الحرير
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
الجيش الباكستاني يقتحم "المسجد الأحمر": عشرات القتلى بينهم قائد المتمردين
إسلام آباد - جمال إسماعيل
اقتحمت قوات الصاعقة في الجيش الباكستاني تساندها وحدات من الدرك، "المسجد الأحمر" وسط العاصمة إسلام آباد، وقتلت قائد المتمردين المتحصنين داخله عبدالرشيد غازي ونحو 50 من أنصاره الطلاب المسلحين.
واقتصرت عملية الاقتحام على المسجد من دون ان تطال "جامعة حفصة" المجاورة له، في محاولة من الجيش لتفادي إصابات في صفوف مئات الرهائن من طلاب وطالبات يُعتقد بأن مسلحين اقتادوهم إلى طابق سفلي في المبنى، لاتخاذهم دروعاً بشرية في محاولة للفرار أمام تقدم الجيش.
صورة وزعها الجيش الباكستاني خلال عملية اقتحام "المسجد الاحمر"، وفي الاطار عبد الرشيد غازي. (ا ف ب)
وبعد اقتحام المسجد، بدأت مناوشات بالأسلحة الخفيفة بين الجنود و "جيوب المقاومة" داخل الجامعة، كما قال اللواء وحيد أرشاد الناطق باسم الجيش الباكستاني.
وسُمعت خلال الاقتحام انفجارات عنيفة، داخل المسجد، ناجمة عن استخدام المسلحين قاذفات صواريخ في "محاولة ضارية" لمقاومة تقدم القوات الخاصة الباكستانية للسيطرة على المبنى المؤلف من خمس وسبعين غرفة، إضافة إلى طابق تحت الأرض يتضمن كل المرافق الحيوية.
واتخذ الرئيس برويز مشرف قرار اقتحام المسجد فجراً، بعد انهيار محادثات قادها رجال دين فشلوا في إقناع المسلحين بالاستسلام. ورأى مراقبون ان مشرف انصاع الى رغبة الأجهزة التي خيّرته بين الحسم فوراً وبقوة، وبين التراجع أمام التيارات المتشددة، مع ما يحمله ذلك من أخطار للأمن والاستقرار، ومستقبل التحالف مع الغرب في إطار الحرب على الإرهاب.
وتتخوف القيادة العسكرية من انعكاسات التساهل مع الحركات المتطرفة التي تؤيد "القاعدة" و "طالبان"، ما يعزز حضورها القوي اصلاً في أنحاء البلاد. وشكل قرار الحسم رسالة إلى المتطرفين مفادها ان القيادة تساهلت مع الفوضى من مناطق القبائل المحاذية لأفغانستان، نظراً إلى خصوصية تلك المناطق التي تتمتع بأمن ذاتي تقليدياً. لكن القيادة غير مستعدة للوقوف مكتوفة الأيدي في مواجهة انتشار ظاهرة "الطالبانيين" في أنحاء البلاد، ما يعرض علاقاتها بالخارج لأضرار، تنسحب على الوضع السياسي والاقتصادي، ويفقد الدولة هيبتها.
وأبلغت "الحياة" مصادر مطلعة في إسلام آباد ان القيادة السياسية والعسكرية بدأت تشعر بمحاولة من القوى الأصولية التي تشكل المعارضة الأبرز في البرلمان، للانقلاب على النظام القائم من خلال إطلاق هذه "الانتفاضة" تحت شعار تطبيق الشريعة. ويتعارض ذلك مع المبادئ العلمانية التي يعتنقها مشرف، ويرى فيها ضماناً لاستقرار النظام من خلال التوازنات القائمة مع الخارج، وبين الغالبية السنية والأقليات في البلاد.
لكن انطلاق عملية الحسم التي قد يتطلب استكمالها ساعات وربما اياماً معدودة لم يحل دون احتجاجات أبرزها في منطقة القبائل حيث الحضور الأبرز للمتشددين. اذ اقدم مئات من المسلحين في الإقليم الحدودي الشمالي الغربي (عاصمته بيشاور) على قطع طريق كاراكوروم السريع المؤدي إلى الصين، والذي يعرف بطريق الحرير القديم.
وأعلنت مصادر الشرطة المحلية أن المسلحين اتخذوا مواقع لهم على الجبال بمحاذاة طريق الحرير، قرب منطقة باتاغرام، فيما أغلق مئات من الطلاب الإسلاميين الطريق. وأوضحت المصادر أن المحتجين عبروا عن غضبهم إزاء سقوط العدد الكبير من القتلى في الهجوم الذي شنه الجيش على "المسجد الأحمر".
جاء ذلك في وقت نقلت محطات التلفزيون الباكستانية مشاهد لسيارات الإسعاف وناقلات الجنود تتقدم في اتجاه المسجد بعد حوالي تسع ساعات على بدء عملية اقتحامه. ونقلت شاحنات للجيش صناديق ذخيرة، وشوهدت عناصر من القوات الخاصة تحمل قاذفات من طراز "أر بي جي" وهي تتمركز في محيط المسجد، فيما تواصل نقل المصابين من الجنود والطلاب من المدرسة الدينية.
وأشار الناطق باسم الجيش إلى أن تحصن المسلحين داخل غرف في "جامعة حفصة" فرض على القوات النظامية اتباع سياسة تمشيط لكل الغرف، مؤكداً أن 8 من الجنود قتلوا فيما جرح 17 آخرون.
وقدر اللواء أرشاد عدد القتلى في صفوف الطلاب بأكثر من خمسين، مشيراً إلى أن المسلحين يتمتعون بمستوى تدريب عال، ويملكون أسلحة حديثة ويحاولون إيقاع أكبر عدد من الخسائر في صفوف القوات الباكستانية.
ونجحت 27 من النساء في الفرار من "جامعة حفصة" أثناء الاقتحام، وبينهن أم الحسن مديرة المدرسة، وهي زوجة عبدالعزيز غازي إمام المسجد الذي اعتقلته القوات الباكستانية فيما كان يحاول الفرار قبل خمسة أيام.
وفي مؤتمر صحافي، حمّل رئيس الحزب الحاكم تشودري شجاعت حسين المتحصنين في "المسجد الأحمر" مسؤولية تفاقم التدهور. وقال: "حاولنا، لكن مَن في داخل المسجد لم يستمعوا إلينا".