لبنان: ذكرى 12 تموز.. الأزمة والانتصار برسم حوار جديد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
السنيورة يمدّ اليد إلى توافق رئاسي وحكومي
و"حزب الله" يشارك في سان - كلو
الجيش يتأهّب لشنّ معركة الحسم... في نهاية الاسبوع
النهار
الذكرى الاولى للحرب الاسرائيلية على لبنان في 12 تموز 2006، التي تصادف اليوم، شكلت محطة استجماع لمواقف الافرقاء السياسيين حملت معها تظهيراً جديداً للازمة السياسية العميقة التي تغرق فيها البلاد من جهة، ونقاط التقاء نادرة بين الافرقاء المختلفين من جهة اخرى.
ولعل نقطة الالتقاء الاساسية التي برزت في الكثير من المواقف "على ضفتي" النزاع السياسي تمثلت في ابراز الصمود اللبناني على المستويات الرسمية والميدانية والشعبية والتضامن الذي جبهت به الحرب الاسرائيلية كواحد من عوامل الوحدة الداخلية التي لم تتسلل اليها رياح الانقسامات، وان يكن كل طرف صاغ هذا البعد من موقعه السياسي.
أما عوامل الازمة الداخلية الطويلة، فلم تخف تثبيت المواقف الداخلية بين الجانبين، وهي عوامل اتخذت خصوصية معينة عشية توجّه ممثلي الافرقاء السياسيين الى لقاء سان - كلو الحواري في ضواحي باريس لتظهر مرة اخرى العقبات العميقة التي تصطدم بها كل محاولة للتوصل الى تسوية داخلية.
غير ان التطور الايجابي الذي برز امس تمثل في تأكيد مشاركة "حزب الله" في هذا اللقاء، بينما لم تنطقع في المقابل المحاولات المستمرة لدفع مبادرة جامعة الدول العربية قدما وعدم تجميدها.
وعلم في هذا السياق ان الامين العام للجامعة عمرو موسى التقى في مطار القاهرة امس، قبيل توجهه الى لندن، مستشار رئيس الحكومة فؤاد السنيورة السفير السابق محمد شطح واطلعه على نتائج تحركه الاخير في شأن الوضع في لبنان.
وقالت مصادر سياسية مطلعة ان موسى الذي زار دمشق قبل ايام طلب من المسؤولين السوريين المساعدة في التأثير على حلفائهم في لبنان لحل الازمة التي لم يتمكن من حلها لدى زيارته والوفد الوزاري العربي لبيروت. واضافت ان المسؤولين السوريين أجابوه انهم يؤيدون توسيع الحكومة الحالية وتهيئة الاجواء للاستحقاق الرئاسي، ووعدوه بنقل تمنياته الى حلفائهم وبذل جهد معهم. وسينتظر موسى الذي سيزور تونس بعد لندن، انتهاء لقاء سان - كلو لمعاودة تحركه في ضوء ما سينتهي اليه هذا اللقاء.
وبدأ امس بعض الوفود يتوجه الى باريس، اذ قصدها ليلا الوزيران مروان حماده واحمد فتفت والنائب اكرم شهيب للمشاركة في اللقاء الحواري.
"حزب الله" و"امل"
في غضون ذلك، اتخذ "حزب الله" قراراً بالمشاركة في اللقاء، اذ ابدت "كتلة الوفاء للمقاومة" ارتياحها الى التوضيح الرسمي الذي صدر عن الاليزيه أول من أمس واكدت ان "الحوار والتفهم المتبادل بين اطراف اي مشكلة هما السبيل الانجح للوصول الى المعالجة المرضية". واعتبرت ان "الفرصة مناسبة" في هذا اللقاء "لرفع منسوب الامل لدى اللبنانيين جميعا في امكان التوصل الى حل لازمتهم عبر التفهم المتبادل والتخلي عن اوهام المراهنات اليائسة على انحياز بعض الاطراف الدوليين الى هذا الفريق او ذاك". اما في مناسبة حرب 12 تموز فاكدت الكتلة "ان الانتصار التاريخي والاستراتيجي للمقاومة هو نصر للبنان والعرب وكل الشرفاء والاحرار في العالم"، معتبرة ان "الجميع مدعوون الى الافادة من دروس المواجهة من أجل ان تتنامى ارادة الممانعة والمقاومة".
وحملت من جهة اخرى على ما وصفته بـ"توغل سلطة الامر الواقع في استباحة الدستور وضرب صيغة العيش المشترك من خلال اتخاذ قرارات والقيام بخطوات تخل بالتوازن الطائفي والسياسي وهي جميعها باطلة وغير دستورية وسيتم التعامل معها على هذا الاساس".
بدورها وجهت حركة "امل" تحية تقدير الى الشعب اللبناني والمقاومة والجيش في ذكرى "النصر الذي حققه لبنان"، مشددة على دعمها القوة الدولية في اطار مهمتها تنفيذ القرار 1701. وحملت بشدة على "الخطط الحكومية المفترضة لازالة آثار الحرب"، معتبرة انها "لم تكن في مستوى التضحيات والآمال". ودعت الى "اطلاق تحرك شعبي" من اجل التعجيل في انجاز الملفات.
السنيورة
في المقابل وجه الرئيس السنيورة رسالة الى اللبنانيين في المناسبة استذكر فيها "بفخر بطولات مقاومينا وصمود شعبنا وتضامن عائلاته ووحدته" في وجه العدوان الاسرائيلي. واعلن انه يمد يده "الى جميع اخواني في الوطن كي نعيد البحث في آليات التلاقي من اجل الحوار والنقاش والتفكر والتبصر في امورنا ومستقبلنا"، مشدداً على ضرورة "عدم الاستغراق في القطيعة والتباعد". واذ اكد ان "التنوّع اللبناني لا تحميه الا الدولة الواحدة القادرة والعادلة والفاعلة"، قال: "لنحرص على انتخابات رئاسية في موعدها الدستوري ولنتوافق على حكومة موسعة او حكومة وحدة وطنية فالمطلوب ان نكون معاً وان نبقى معاً".
ايران وفرنسا
وبرزت في هذه الاثناء ملامح الاتصالات الفرنسية - الايرانية عشية لقاء سان - كلو، اذ اجرى الموفد الفرنسي جان - كلود كوسران محادثات في طهران مع وزير الخارجية الايراني منوشهر متكي، في زيارة هي الثانية له لايران منذ اطلقت فرنسا مبادرتها حيال لبنان.
وجاء في بيان للسفارة الايرانية في بيروت ان متكي اشار خلال محادثاته مع كوسران الى "الظروف الخطيرة التي يمر بها لبنان"، مؤكداً "ان اي مبادرة - يراد تطبيقها لا بد من ان تكون شاملة وتراعي ادق التفاصيل الخاصة بالمجتمع اللبناني". واضاف ان "ايران ستبذل كل ما في وسعها لتحقيق التقارب بين الافرقاء اللبنانيين، لكن كل جهد يبذل في هذا المجال لا بد من ان يأخذ في الاعتبار ما يتميز به لبنان من خصائص وان يتناغم مع واقع لبنان الخاص".
ونقل مراسل "النهار" في باريس عن الناطقة باسم وزارة الخارجية الفرنسية باسكال اندرياني امس، رداً على سؤال عن مشاركة "حزب الله" في لقاء الحوار اللبناني غير الرسمي في لا سيل سان - كلو: "ان جميع المدعوين سيلبون الدعوة وباريس في انتظارهم لاستقبالهم السبت المقبل".
واوضحت الناطقة هدف زيارة كوسران لطهران بأن "هذه الزيارة تدخل في اطار التحضير للقاء غير الرسمي الذي سيجمع ممثلين للاحزاب وللمجتمع المدني اللبناني في فرنسا". كذلك اكدت مصادر ديبلوماسية في باريس ان وجود الموفد الفرنسي في طهران ساعد في تذليل العقبات التي نشأت عقب تصريح الناطق الرئاسي الفرنسي الذي طالب "حزب الله" بوقف العمليات الارهابية والتحول الى حزب سياسي ينخرط في الحياة الديموقراطية اللبنانية. وقالت المصادر ان طهران تفهمت الموقف الفرنسي وملابسات تصريحات الرئيس نيكولا ساركوزي والهدف الذي تسعى اليه فرنسا، فسعت مع الاطراف اللبنانيين القريبين منها الى التشجيع على انعقاد هذه الطاولة المستديرة.
ورداً على اتهام صحف سورية السلطات الفرنسية بالانحياز الى فريق من اللبنانيين قبل لقاء سان - كلو، قالت اندرياني "ان جوابي الوحيد هو التذكير بان باريس وجهت الدعوات الى جميع الذين شاركوا في طاولة الحوار الوطني اللبناني". واذ رفضت كشف اسماء المشاركين في اللقاء قبل بدء اعماله نظراً الى طابعه غير الرسمي، افادت ان وزير الخارجية برنار كوشنير سيفتتح المناقشات (السبت) وسيختتمها بمؤتمر صحافي يعقده صباح الاثنين المقبل وسيرأس اجتماعات هذا اللقاء الذي لن يصدر عنه اي بيان ختامي.
حسم لا اجتياح
اما العنصر الأبرز الذي شغل الأوساط اللبنانية أمس، فتمثل في خطوة إجلاء نحو 200 شخص من مدنيين وعناصر فلسطينية في فصائل مختلفة عن مخيم نهر البارد، في مؤشر واضح لاقتراب معركة الحسم الأخيرة التي سيتولاها الجيش لانهاء ظاهرة "فتح الاسلام".
وفي المعلومات المتوافرة لدى "النهار" ان الدفعة الاخيرة من المدنيين التي كان يفترض اجلاؤها مساء أمس عن المخيم كانت تضم عدداً من نساء مقاتلي "فتح الاسلام" وافراد عائلاتهم، لكن مسلحي التنظيم رفضوا في اللحظة الاخيرة اخراجهم من المخيم، ولم يعرف عددهم. كما تردد ان عدداً من الذين ساندوا "فتح الاسلام" في المعارك خرج مع افراد الفصائل الفلسطينية الاخرى أمس. وبعد التدقيق الذي اجراه الجيش في هوياتهم أوقف نحو 11 منهم، فيما ترك مسلحي التنظيمات الاخرى الذين قدروا بـ 50. وتردد أيضاً ان بين الموقوفين اثنين من "فتح الاسلام" شاركا مع مجموعة أخرى في 20 أيار تاريخ اندلاع هذه المعركة، في ارتكاب جريمة ذبح جماعية لعدد من الجنود عند حاجز المحمرة.
وتفيد معلومات "النهار" ان العدة العسكرية لحسم المعركة اكتملت تماماً، لكن الحسم لن يكون على صورة اجتياح شامل للمخيم القديم، بل ستتم السيطرة على بقع ومواقع حيوية فيه مما يؤدي الى سقوطه تلقائياً، وهذا يعني صعوبة التكهن بمدة محددة لفترة الحسم النهائي، علماً ان الساعة الصفر لانطلاق هذه المعركة قد لا تحدد قبل عطلة نهاية الاسبوع. وعلم ايضاً ان الجيش تلقى في اليومين الاخيرين كميات كبيرة من الذخائر والاعتدة من دولة عربية، وان سلاحاً جديداً سيدخل المعركة هو سلاح الراجمات الصاروخية ذات الاربعين فوهة فضلاً عن مدفعية ثقيلة بدأ تجميعها في ميدان المعركة.
وأعلن قائد الجيش العماد ميشال سليمان في احتفال اقيم أمس في وزارة الدفاع تكريماً لـ 450 عسكرياً اصيبوا بجروح في عدوان تموز الماضي "ان ما عجز عنه العدو الاسرائيلي حين قصف مراكز الجيش في العبدة، حاول ارهابيو ما يسمى فتح الاسلام استكماله باعتدائهم على المراكز نفسها ليتلاقيا معاً على هدف مشترك هو النيل من وحدة الجيش وتماسكه". واذ شدد على وصف الجيش بانه "مرجل تنصهر فيه الوحدة الوطنية جسداً وروحاً"، دعا "اللبنانيين جميعاً الى العمل في سبيل مزيد من التوافق والوحدة اجهاضاً للمؤامرات". ونبّه الى ان "الحلول لمختلف المشاكل القائمة لا يمكن ان تأتي يوماً من الخارج بل هي وليدة وعي اللبنانيين وحملهم بكل شجاعة لمسؤولياتهم التاريخية في الحفاظ على وطنهم".