العاشر من أيلول يقترب ثانية والوقت ينفد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
ديفيد إيغناتيوس - ديلي ستار
حدد تقويم المخابرات القومية الأميركية الذي صدر في السابع عشر من تموز الماضي المشكلة بوضوح كاف: فالقاعدة استطاعت "إعادة توليد مكونات مهمة من قدراتها الهجومية في الوطن" مستخدمة ملاذا آمنا جديداً في المنطقة الحدودية الباكستانية الشمالية الغربية، والتي تعرف باسم وزيرستان.
والسؤال هو: ما الذي ستفعله الولايات المتحدة إزاء ذلك؟
بالنسبة لأولئك الذين ربما يكونون قد نسوا خلال السنوات الست التي انقضت منذ 11 ايلول (سبتمبر) 2001 ما الذي تستطيع القاعدة بعد أن أعيدت هيكلتها أن تفعله، شرح محللو الاستخبارات لهم أن المجموعة الإرهابية "تستهدف إيقاع إصابات هائلة وإحداث دمار دراماتيكي محسوس، والتسبب بهزات ارتدادية اقتصادية كبيرة، و/أو زرع الرعب في قلوب سكان الولايات المتحدة". ولاحظ المحللون أن القاعدة تستمر في السعي من أجل الحصول على أسلحة بيولوجية وإشعاعية ونووية، و"أنها لن تتردد في استخدامها".
ربما يكون من الطبيعة البشرية عدم رؤية الخطر بوضوح حتى تحل الكارثة فعليا -حتى لو كان ذلك يحدث للمرة الثانية على التوالي- وإلا كيف يمكن للمرء أن يفسر بطريقة أخرى ردة الفعل الشعبية المحدودة على هذا التحذير الواضح المتسم بنبرة تأكيد؟ ربما تكون إدارة بوش قد وعت مراراً وتكراراً مثل الذئب من الإرهاب حتى لم يعد الناس يصدقون أي شيء تقوله الحكومة. أو أن الموضوع برمته أصبح مستغلقاً الآن بسبب الضباب المطبق في العراق، كما وفي تصوير الرئيس لتصوره الخاص للتهديد: "إنهم القاعدة... في... العراق ".
لكن السؤال يبقى: ما الذي يتوجب على الولايات المتحدة فعله إزاء الملاذ الآمن الجديد للقاعدة في الباكستان؟ والذي ربما تكون بصدد التخطيط منه فعلاً لشن هجمات ربما تؤدي إلى مقتل الآلاف من الأميركيين؟ إنه، مجازا، العاشر من أيلول (سبتمبر) مع بقاء وقت قليل لعودته. ونستطيع أن نرى "البرج المحوم"، باقتباس عنوان كتاب لورنس رايت الرائع. ولكن كيف يمكن لنا أن نوقف الطائرات؟
سوف تهاجم إدارة بوش "الأهداف النشطة في أي مكان من العالم، سواء كان ذلك في الباكستان أو غيرها". هكذا حذر فرانسيس فراغوس تاونسند مستشار البيت الابيض لشؤون الأمن القومي. وهو ما استوجب ردة الفعل فعل الحكومة الباكستانية المتوقعة، والتي لا ترغب بملاحقة خلايا القاعدة في وزيرستان، في نفس الوقت الذي لا تريد فيه لأي أحد آخر أن يقوم بذلك أيضاً.
وإذن، ومرة أخرى: ما الذي يتوجب على الولايات المتحدة فعله؟ لعل الدرس المستقى من 11/9 يقول بأن من الضروري التصرف بحسم. لكن درس العراق يقول إن الأعمال غير المتسمة بالتعقل والحكمة تفاقم من مشكلة الإرهاب. فأي نهج هو الأصوب؟
لعل أفضل جواب سمعته هو الذي يأتي من هنري كرابتون، وهو ضابط سابق في وكالة الاستخبارات الأميركية، والذي كان أحد أبطال حملة الوكالة لتدمير الملاذ الآمن للقاعدة في أفغانستان في أواخر عام 2001، كما عمل منسقاً لوزارة الخارجية الأميركية لشؤون مكافحة الإرهاب واستقال من الوزارة في نيسان (ابريل)، وهو الآن زميل في معهد الشرق الاوسط ومستشار خاص. ويحاجج كرامبتون بأنه يجب على الولايات المتحدة أن تتخذ إجراء وقائيا على أن تنفذه بشكل حذر عبر وكلاء حيثما كان ذلك ممكنا. والنموذج المناسب لحملة تشن ضد وزيرستان هو العملية التي قادتها وكالة الاستخبارات الأميركية في أفغانستان، وليس الغزو العسكري الأميركي للعراق. وربما تكون مجموعة من ضباط السي. اي. ايه وجنود القوات الخاصة هي الأنسب للعمل مع القادة القبليين من خلال تزويدهم بالأسلحة والأموال لمحاربة شبكة القاعدة التي مكنت لنفسها في وزيرستان بطريقة وحشية بعد أن اغتالت أكثر من 100 زعيم قبلي خلال السنوات الست الماضية. وسيكون من الأفضل شن مثل هذه العمليات بشكل مشترك مع الباكستان، لكن حكومة الجنرال بيرفيز مشرف إذا كانت لا تستطيع التعاون أو لا تريد، فسيتوجب على الولايات المتحدة عندها أن تكون مستعدة للذهاب وحدها، كما يقول كرامبتون.
ويشدد كرامتبون على القول: "ان ثمة التزاما على الولايات المتحدة بالدفاع عن نفسها وعن مواطنيها. وسنقوم بذلك إما الآن أو بعد وقوع الهجوم التالي". وكان كرامبتون قد اقترح خطة مفصلة في السنة الماضية لاجتياح هذه الملاذات وأسماها "المبادرة الاستراتيجية الإقليمية"، والتي من شأنها أن تجمع بين المساعدة الاقتصادية والعمليات شبه العسكرية في حملة واسعة مضادة للتمرد. وفي وزيرستان، سيعطي الناشطون الأميركيون والباكستانيون أمراء الحرب القبليين مدافع وأموالاً على وجه التأكيد، لكنهم سيقرنون هذا العمل السري مع تقديم إعانات اقتصادية لمساعدة زعماء القبائل على تشغيل مقالع الحجارة بشكل أكثر فعالية على سبيل المثال، أو لتركيب طواحين هواء أو لوحات شمسية لتوليد الطاقة الكهربائية اللازمة لقراهم الجبلية النائية.
بكل وضوح، نقول إن التدخل في بلد مسلم آخر ينطوي على خطورة . ولعل هذا ما يجعل أي برنامج ناجح مضاد للتمرد في حاجة إلى دعم الباكستان، وهو السبب الذي يجعله من مكوناته الخاصة بالتطوير الاجتماعي والاقتصادي شديدة الأهمية. ويجب أن يكون المقياس ما قاله الرئيس جون اف. كنيدي عن إقامة "تحالف من أجل التقدم" لمواجهة التطرف في أميركا اللاتينية بدلا من تطبيق مبدأ "عملية حرية العراق".
تستطيع الولايات المتحدة أن تشرع الآن بالقيام بعمل ما ضد الملاذ الآمن الجديد للقاعدة. أو أننا نستطيع أن ننتظر، وأن نأمل بألا نتعرض للضربة ثانية. ولعل أكبر مخاطر الانتظار هو أنه إذا ثبت فيما بعد أن الرد أمر ضروري، فإنه سيكون رداً ثقيلاً ومخططاً له على نحو سيئ، وهو بالضبط ما أوقعنا في ورطة العراق.