جريدة الجرائد

وجه واحد‏...‏ وثلاثة أقنعة‏!‏

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

rlm; صلاح الدين حافظ

يحلم الرئيس الأمريكي جورج بوش بأن يغلق ملفاته ويصفي حساباتهrlm;,rlm; خلالrlm;2008,rlm; عامه الأخير في رئاسته وحكمه للبيت الأبيضrlm;...rlm; لكن ملفاته متعددة وحساباته معقدةrlm;,rlm; تحول الأحلام إلي أوهامrlm;...rlm;

يحلم بوش بأن يحقق إنجازا في عامه الأخيرrlm;,rlm; لم يستطع تحقيقه طوال سبع سنوات خلتrlm;,rlm; يحلم بأن يغلق أولا ملف حربه الطويلة في أفغانستان بعد نحو سبع سنوات من الخسائر والضحايا دون انتصارrlm;,rlm; ويحلم ثانيا بأن يصفي حسابه في حرب العراق بعد نحو خمس سنوات غارقا في المقتلة التي لا نهاية لهاrlm;,rlm; ويحلم ثالثا بأن يحقق إنجازا فريدا في فلسطينrlm;,rlm; بالوصول إلي إتفاق بين الفلسطينيين والإسرائيليين بعد عقود طويلة مأساويةrlm;,rlm; فشل في مواجهتها أكثر من خمسة رؤساء أمريكيينrlm;,rlm; لأنهم كانوا مثله منحازين بلا عقل أو ضمير لإسرائيل المعتديةrlm;,rlm; ضد الفلسطينيين الضحاياrlm;!rlm;

ومن حق بوش أن يحلم بأن يحقق كل هذه الإنجازات في عامrlm;2008,rlm; لكي يخرج من البيت الأبيض منتصراrlm;,rlm; تاركا وراءه ذكريات طيبةrlm;,rlm; تسجل لهrlm;,rlm; مثلما سجل أبوه إنجازا في حرب عاصفة الصحراء وتحرير الكويت من غزو العراق عامrlm;1990...rlm; لكن هل يملك بوش الابن أدوات وإمكانات تحقيق مثل هذا الانجاز بعدما هربت منه الحلول طوال سبع سنواتrlm;,rlm; بل بعدما تورط وورط أمريكا في حروب وصراعات حادةrlm;,rlm; باسم القوة العظمي الوحيدة في عالم اليومrlm;,rlm; وفرض هيمنتها علي العالمrlm;..rlm;

فإن كان من حق بوش أن يحلمrlm;,rlm; فمن حقنا أن نشك في قدرته علي تحقيق حلمهrlm;,rlm; لأنه هو الذي حول الحلم إلي كابوس دموي عنيفrlm;,rlm; بدأت مرتداته تضرب صميم الدولة الأمريكيةrlm;,rlm; وتثير انزعاج وفزع المجتمع الأمريكي بكل طوائفهrlm;,rlm; وتحرك في أعماقه نوازع الانتقام من إدارة بوش ومنظريهاrlm;..rlm;

فإن بدأنا بالحرب ضد طالبان في أفغانستان الجارية للسنة السابعةrlm;,rlm; منذ أن بدأت بعد أسابيع قليلة من الهجمات الدموية علي نيويورك وواشنطن في سبتمبرrlm;2001,rlm; فإننا نلاحظ كما يلاحظ المراقبون الثقاة وفي مقدمتهم أمريكيون نابهونrlm;,rlm; أن طالبان المتشددةrlm;,rlm; قد استعادت أخيرا قوتها الضاربةrlm;,rlm; وأصبحت الآن أقوي مما كانت عليه خلال عاميrlm;2001rlm; ـrlm;2002.rlm;

وتقول تقارير مراكز البحوث وأجهزة المخابرات الدوليةrlm;,rlm; وهي تقارير نشرت أخيراrlm;,rlm; إن طالبان أصبحت تسيطر الآن علي نحوrlm;54rlm; في المائة من أراضي أفغانستانrlm;,rlm; خصوصا في المناطق الشرقية والجنوبية التي تضم معظم السكان الأفغانrlm;,rlm; بينما حكومة كرزاي محاصرة عمليا في كابول والمنطقة الخضراءrlm;,rlm; برغم الوجود العسكري الكثيف للقوات الأمريكيةrlm;,rlm; المسنودة بقوات حلف الناتوrlm;..rlm;

وبالتوازي أصبحت القاعدة وتنظيماتها المتطرفة بقيادة أسامة بن لادن وأيمن الظواهريrlm;,rlm; أقوي مما كانت عليهrlm;,rlm; بعد الضربات التي تلقتها عقب هجماتها علي نيويورك وواشنطنrlm;,rlm; فإذا بها تضرب في لندن ثم في مدريدrlm;,rlm; وتتمدد بأذرعها الكامنة في أوروباrlm;,rlm; وتتوسع في بلاد المغرب العربي والجزيرة العربيةrlm;,rlm; بدرجة تثير الرعبrlm;,rlm; فأين هو الانتصار الذي وعد به بوش مواطنيه والعالمrlm;,rlm; بكسر طالبان والقضاء علي القاعدةrlm;,rlm; وأسر بن لادن والاتيان به داخل قفص حديدي إلي واشنطن لمحاكمته؟rlm;!rlm;

rlm;

ولعلنا نذكر ونذكر الآخرين أن بوش شن حربه الضروس علي أفغانستان عامrlm;2001,rlm; باسم الحرب ضد الإرهاب الإسلاميrlm;,rlm; التي سماها حرب الخير ضد الشرrlm;,rlm; مدفوعا في ذلك بنظرية صدام الحضارات التي تبناها المفكر الأمريكي صمويل هانتنجتونrlm;,rlm; القائمة علي فكرة أن علي الحضارة الغربية اليهودية المسيحية خوض حرب البقاء مع حضارات أخري تهددهاrlm;,rlm; وفي مقدمتها الحضارة الإسلاميةrlm;,rlm; لأنها حضارة عدوانية مقاتلة تبغي التوسع والعدوانrlm;!rlm;

ولقد وجدت فكرة صراع الحضارات هذه جاذبية لدي جماعة المحافظين الجدد والتحالف المسيحي الصهيونيrlm;,rlm; أصحاب العداء والكراهية الشديدة للإسلام كدين وللمسلمين كشعوب مختلفةrlm;,rlm; مثلما وجدت مؤرخا ومفكرا بني تاريخه علي أساس أنه الخبير الأول بالإسلام والمسلمينrlm;,rlm; ونعني برنارد لويس الذي أصبح بين يوم وليلة منظر وفيلسوف المحافظين الجددrlm;,rlm; الذين احتشدوا من حول الرئيس بوشrlm;,rlm; وفي طليعتهم ديك تشيني نائب الرئيس ودونالد رامسفيلد وزير الدفاع السابق وبول وولفويتز نائبه المستقيل وغيرهمrlm;..rlm;

وبعقول هؤلاء وسواعدهمrlm;,rlm; اندفع بوش في شن حربه ضد أفغانستانrlm;,rlm; ومن بعدها العراق عامrlm;2003,rlm; دفاعا عن الخير الكامن في الحضارة الغربيةrlm;,rlm; ضد الشر المتراكم في الحضارة الإسلاميةrlm;,rlm; ولذلك لم تكن عبارة الحرب الصليبية التي أطلقها بوش في البدايات المبكرةrlm;,rlm; مجرد زلة لسان كما حاول المتأمركون العرب تبريرها أو إعادة تفسيرها فيما بعدrlm;...rlm; بل كانت تعبيرا عن حقيقة الأهداف والمقاصدrlm;..rlm;

بعد سبع سنوات من الحرب الدامية في المستنقع الأفغانيrlm;,rlm; لم يستطع بوش مع حلف الأطلنطي بكل هيلمانه أن يقضي علي القاعدة وطالبانrlm;,rlm; ولم يتمكن من تحقيق حلمه بقتل ما سماه الإرهاب الإسلامي في مكمنهrlm;,rlm; بل إن هاجس الخوف من الهزيمة المريرة أصبح يطاردهrlm;,rlm; مثلما يطارد حلفاءه الأوروبيين المشاركين في قوات الناتو قوات إيسافrlm;,rlm; فإذا بهم يتقاطرون خلال الأسابيع الأخيرة لزيارة أفغانستانrlm;,rlm; بهدف رفع الروح المعنوية لقواتهم الموروطة هناكrlm;,rlm; ويكفي أن نعرف أن ستة من كبار هؤلاء الحلفاء زاروا أفغانستان أخيراrlm;,rlm; وهم الرئيس الفرنسي ساركوزيrlm;,rlm; وجوردون براون رئيس وزراء بريطانياrlm;,rlm; وبرودي رئيس وزراء إيطالياrlm;,rlm; وميركل مستشارة ألمانياrlm;,rlm; ثم رود رئيس وزراء استراليا الجديدrlm;,rlm; وأخيرا ملك اسبانيا فضلا عن الزيارات المتواصلة لكبار المسئولين الأمريكيينrlm;..rlm;

هاجس الفشل إذن هو الذي يسيطر علي الأرمادا الأوروأمريكيةrlm;,rlm; في مستنقع جبلي وعرrlm;,rlm; فشل في السيطرة عليه تاريخيا أباطرة كبارrlm;,rlm; من الإسكندر الأكبر قديما إلي الاتحاد السوفيتي حديثاrlm;,rlm; الذي حارب لعشر سنوات كاملةrlm;,rlm; لإخضاع هذا الشعب المقاتل المتمرد حتي ذاق الفشل فانسحبrlm;,rlm; تاركا وراءه حربا أهلية لأربع سنواتrlm;,rlm; حتي قفزت طالبان إلي الحكم لخمس سنواتrlm;,rlm; قبل أن يزيحها بوش وحلفاؤهrlm;,rlm; فلجأت مع القاعدة إلي الجبال والأقاليم لتعيدا معا بناء قوتهما المشتركةrlm;,rlm; وتطلا علي العالم من جديد بمزيد من العنف والتشدد بل الإرهاب في دول أخريrlm;,rlm; انتقاما من بوش وحلفائه المحاربين في أفغانستانrlm;,rlm; وهم بريطانيا وفرنسا وإسبانيا وإيطاليا وألمانيا وكندا وهولندا وبولندا واستراليا وتركياrlm;!!!rlm;

والنتيجة التي أمامنا الآن بعد سبع سنوات من الحربrlm;,rlm; تظهر أن عنف طالبان والقاعدة قد ازدادrlm;,rlm; ملتحفا بالغطاء الإسلامي المقاوم للغزو الصليبي الغربيrlm;,rlm; وأن أذرع الإرهاب ومنظماته الدولية امتدت وقويت وانتشرت في بلاد بعيدةrlm;,rlm; وأن الترسانة العسكرية الغربية فشلت في حسم المعارك لصالحهاrlm;,rlm; كما يحلم بوش بأن يحقق هذا الحسم المنتصر خلال ما تبقي له من شهور في الرئاسة الأمريكيةrlm;!!rlm;

rlm;

rlm;والحقيقة أن الفشل في الحسم العسكري قام ويقوم علي فشل في تحديد فلسفة ودوافع هذه الحرب وأهدافها بدقةrlm;...rlm; لأنها فلسفة بنيت علي أساس عنصري اختلط فيها ما هو سياسي اقتصادي استعماريrlm;,rlm; مع ما هو دينيrlm;,rlm; وشاعت علي أنها حرب حضارة ضد حضارةrlm;,rlm; ودين ضد دينrlm;,rlm; فكان طبيعيا أن تستفز المشاعر الدينية ليس في أفغانستان فقطrlm;,rlm; بل علي امتداد العالم الإسلامي كله من إندونيسيا شرقا إلي موريتانيا غرباrlm;..rlm;

وهذا هو الوجه الحقيقي للحرب وتوابعهاrlm;,rlm; وهو ما ينطبق أيضا علي حالة العراق وحتي فلسطينrlm;,rlm; وهو وجه تلبسته ثلاثة أقنعةrlm;...rlm; فهناك أولا من يري في حركة طالبان وجها إسلاميا متطرفا متعصبا يهدد أمن العالم ويسعي لتدمير الحضارة الأوروبية الأمريكية حقدا وغلاrlm;,rlm; ولذلك وجب قتله في مهدهrlm;..rlm;

وهناك ثانيا من يري في طالبان مجرد تنظيم إسلامي متشددrlm;,rlm; أساء فهم أصول الدين الإسلامي وتفسير شرائعه ومبادئهrlm;,rlm; ولم يجد من يعظه ويرشده ويعيد تثقيفه بالثقافة الإسلامية السمحةrlm;,rlm; ويساعده علي الانفتاح علي مجريات التطور وفهم طبيعة العصر ومستحدثاته وضرورات التعايش معه بحكمة واستنارة ودون غلو وتطرفrlm;...rlm;

وهناك ثالثا من يري في طالبانrlm;,rlm; حركة تحرر وطنيrlm;,rlm; غزا الاستعمار الغربي بلادها المنيعةrlm;,rlm; فهبت للدفاع عن استقلال وطنهاrlm;,rlm; وفق حق التحرر والاستقلال وتقرير المصيرrlm;,rlm; بمنأي عن الضغط الأجنبي والنفوذ الخارجيrlm;,rlm; وهي تفعل اليوم ما فعلته سابقاتها بالأمس ضد الغزو السوفيتيrlm;..rlm;

ونظن أن هذه الأقنعة الثلاثةrlm;,rlm; قد تداخلت بدرجة كثيفة ومثيرة للالتباسrlm;,rlm; وإن ظل وجه الأزمة واحداrlm;,rlm; وهو إطلاق وحش القوة العسكرية الأمريكية والأوروبيةrlm;,rlm; لتحارب في بلاد بعيدةrlm;,rlm; بعد سنوات طوال من استراحة المحاربينrlm;,rlm; وتمارس الغزو المسلحrlm;,rlm; وتصطنع عدوا جديداrlm;,rlm; هو الإرهاب الإسلاميrlm;,rlm; بعد زوال العدو الأصلي السابقrlm;,rlm; وهو الشيوعية والاتحاد السوفيتي والمعسكر الاشتراكي وحلف وارسوrlm;...rlm; بالأمس كان العدو والصراع سياسيا والآن أصبح دينياrlm;...rlm;

سوء الفهم بل سوء القصدrlm;,rlm; أوقع طالبان والقاعدة في جرائم العنف والتشدد وصولا للإرهابrlm;,rlm; وسوء الفهم والقصد أوقع بوش وحلفاءه في جرائم حرب ضروسrlm;,rlm; جرت مثيلاتها من قبل في جبال أفغانستان الوعرة مئات المرات عبر القرونrlm;,rlm; ولم يكسبها حتي الإسكندر الأكبرrlm;...rlm; فكيف إذن يريد بوش الأصغر أن يكسبها عبر بضعة شهور في عامrlm;2008!!rlm;

لعن الله عصابة المحافظين الجدد المتصهينين المتعصبينrlm;,rlm; الذين أوقعوا الرئيس الغر في شر أعمالهrlm;,rlm; بعدما استمع لنصائحهم العنصرية المتطرفةrlm;,rlm; دون أن يجد من يرده إلي الحكمة والعقلrlm;..rlm;

rlm;

خير الكلامrlm;:rlm; يقول صفي الدين الحليrlm;:rlm;

اسمع مخاطبة الجليس ولا تكن

عجلا بنطقك قبلما تتفهم

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
بيقول اية الراجل دة
مصرى -

متصور السيد صلاح حافظ ان الحروب التى قام بها الاخ بوش لم تحقق لة انتصارات وان الحرب فى افغانستان لم تحقق انتصار ! الذى يجب ان تعرفة يا اخ اذا كان بوش مجنون فعلا لكان حقق الانتصار الذى تتوهمة تعرف ازاى ؟ لكى يحقق الانتصار لايوجد الا شىء وحيد ان هذة العقليات التى تحكم طالبان وامثالها من المتخلفين لا يجدىمعها الا الابادة الشاملة ومهما كان بوش مهووسا بافكار المحافظين الجدد والا القدامى فانة ولا هؤلاء المحافظين ايا كانو ولا دولهم سيسمحون لانفسهم بذلك لانهم الى الان هم على الاقل بنى اداميين ودولهم متحضرة ولم تصل الى مثل تخلف طالبان وبن لادن واشباههم