جريدة الجرائد

لا تستغبوا اللبنانيين !

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

سركيس نعوم

"استغرب" بل "استهجن" اعلاميون وسياسيون لبنانيون اقدام جهات عربية واقليمية ودولية عدة على مطالبة سوريا بالتدخل لانهاء الازمة السياسية الحادة التي تعصف بلبنان منذ اكثر من سنة وفي الوقت نفسه على انتقاد تدخلها في الشأن اللبناني بل على تحميلها وان ليس وحدها مسؤولية هذه الازمة واحتمال تحولها شغباً واضطراباً وفتنة وفوضى وربما حرباً اهلية إما طائفية او مذهبية. واستغرب الامر نفسه زملاء لهؤلاء سوريون وكذلك مسؤولون في دمشق يتصف أحدهم بالحصافة والهدوء بصرف النظر عن المواقف السياسية التي يدافع عنها بحكم موقعه الرسمي والتي لا يوافق عليها لبنانيون وعرب كثر. واستخدم هؤلاء استغرابهم والاستهجان الذي بدا جزءاً من حملة منظمة و"موقتة" لاقناع الناس في لبنان والعالم العربي والاسلامي والمجتمع الدولي اولا ببراءة سوريا من التدخل في لبنان "براءة الذئب من دم يعقوب". وثانياً بأنها الوحيدة القادرة على المحافظة على لبنان دولة ووطناً ومنع "شعوبه" من الاقتتال وفرض التعايش عليها بقوة "المؤسسات والقانون" والمقصود هنا طبعاً المؤسسات العسكرية والامنية والقانون العسكري. وهذه حقيقة واقعة عاشها اللبنانيون بين 1990 و2005 وما قبل 1990 وليست تجنياً وخصوصاً ان "من ساواك بنفسه ما ظلمك" كما يقول المثل.

هل يصدق العالم على تنوع قواه واتجاهاته الحملة المفصلة اعلاه؟

قبل الجواب عن هذا السؤال، لا بد من القول ان المنطق والحجة والعقل والضمير لا تنطبق على تصرفات الدول عظمى كانت أو كبرى أو متوسطة أو حتى صغيرة او بالأحرى لا تسيّر سياستها ولا تكمن خلف استراتيجياتها. ذلك ان المصالح وحدها هي التي تحركها. واحياناً تتفق هذه المصالح مع حقوق مشروعة ومصالح وطنية لدول معينة، كما هي حال اميركا والمجتمع الدولي وبعض المجتمع العربي مع لبنان منذ نحو سنتين ونصف سنة. واحياناً تختلف هذه المصالح فيتصرف الاكبر والاعظم بتجاهل تام لكل ما له علاقة بالحقوق والقوانين والنظم الدولية وغير الدولية كما قد يحصل مع لبنان مرة جديدة.

اما بالعودة الى السؤال فان اصحاب حملة التبرئة غير المباشرة لسوريا من التدخل في لبنان بعد خروجها منه عام 2005 من سياسيين وإعلاميين لبنانيين وسوريين يعرفون ان العالم يعرف دوافع حملتهم واسبابها والاهداف التي يريدون تحقيقها منها. ولذلك فحين يطلب منها التدخل لحل الازمة المعقدة في لبنان انما يطلب منها في الواقع وقف تدخلها مع القوى اللبنانية المرتبطة بها وبحليفها الاقليمي الاوحد وربما الدولي الاوحد بل وقف توجيهها بغية تنفيذ سياسة تقضي على الاستقلال الثاني او بالاحرى تفرغه من مضمونه وتعيد اليها النفوذ والسيطرة السياسية على البلاد من خلال تمكين حلفائها من الامساك بمفاصل الدولة على تنوع مؤسساتها او على الاقل من القدرة على تعطيلها ريثما تنضج ظروف استعادة لبنان. ويعني ذلك ان المطلوب منها بصراحة هو ممارستها ضغطاً على حلفائها، وهذا ما قاله وزير الخارجية السوري وليد المعلم، وليس ممارستها ضغطاً بواسطتهم على اخصامهم واخصامها اللبنانيين لاخضاعهم واعادتهم الى "الصراط المستقيم".

هل هذا الموضوع هو وحده الذي يثير الاستغراب والاستهجان؟

طبعاً لا. فهناك موضوع آخر يثير استغراب بل استهجان لبنانيين كثيرين وهو رفض جهات لبنانية تدويل الازمة اللبنانية وقبولهم تعريبها اذا كان لا بد من تدخل خارجي ما لايجاد حل لها. وهما رفض وقبول تحدث عنهما زعماء لبنانيون بارزون ووسائل اعلام مهمة. والدافع الى عودة موضوعي التعريب والتدويل الى التداول السياسي والاعلامي هو الاجتماع المرتقب، لمؤتمر وزراء الخارجية العرب في القاهرة غداً الاحد بدعوة مصرية - سعودية للبحث في الوضع اللبناني والوضع الفلسطيني. والمثير للاستهجان هو معرفة هؤلاء اللبنانيين ان من يقبل التعريب اليوم هو في الحقيقة يرفضه لان من يمثله في الاجتماع المذكور يشكل اقلية لا تستطيع مواجهة الغالبية العربية التي تريد الحل في لبنان والتي تحمل هذه الاقلية مسؤولية تعطيله. والمثير للاستهجان ايضاً هو معرفة كل اللبنانيين الى اي جهة ينتمون ان التدويل لم يحل يوماً في لبنان ازمة او قضية ولم يوقف حرباً منذ بدء الاضطراب فيه عام 1969 حتى انتهاء حروبه وحروب الاخرين على ارضه عام 1990. ومعرفتهم ان التعريب كان الاخراج الضروري لتدويل ما إما في صورة كاملة وإما جزئياً اي من خلال صفقة مع الدول العربية الكبرى او مع بعضها. وهذا ما عاناه لبنان بين 1976 و1990 بل و2005. ويعني ذلك عجز العرب عن المبادرة والإقدام والحل والربط. والمثير للاستهجان اخيراً هو استغباء المواطنين اللبنانيين الذي يمارسه رافضو التدويل وجاهلو التعريب. فالتدويل حصل من زمان وتحديدا منذ خريف 2004 حتى الآن من خلال القرارات الدولية التي صدرت والتي نفذ بعضها ولا يزال بعضها الاخر يحتاج الى تنفيذ. والتعريب فشل من زمان اي منذ عقود. لكنه في الازمة الاخيرة الناشبة منذ سنة فشل ثلاث مرات. الاولى والثانية عندما عجز الامين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى عن اقناع فريقي المعارضة والموالاة بتسوية، وامتنع عن تسمية الجهة المعطلة رغم ايحائه بهويتها. والثالثة كانت يوم ارسل مستشاره الى لبنان فعاد "بخفي حنين". وربما لان "حنين" لم يعد يملك "خفين" عاد موسى عن ارساله الى لبنان غداً كما كان مقرراً.

ما هو المقصود من ذلك كله؟

ليس التشهير ولا الانضمام الى جوقات الانتقاد المتبادل بل "الردح". انما دعوة المسؤولين والسياسيين والاعلاميين في لبنان الى عدم استغباء اللبنانيين الذين لا يشكون من الذكاء الشخصي اذا جاز التعبير بل من "الذكاء الوطني" ودعوتهم ايضاً الى الانتقال من الادوار التنفيذية الى الادوار التقريرية. فلبنان ينزلق نحو الفوضى، وهو يستحق انتقالاً كهذا.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
طائر الفينيق
سوري -

اقترح ان تقوم جميع الاطراف اللبنانية بالتسلح ثم المواجهة ولتكن معركة عسكرية طاحنة حاسمة تنهي الازمة الحالية ليقوم من بعدها لبنان مثل طائر الفينيق لنغني بعدها بالصوت العالي راجع يتعمر لبنان.

هذا ما تريدونه
أسيل البكر -

اقول لصاحب التعليق ( سوري ) هاهي حقيقتكم تظهر وهذا هو هدفكم وما تسعون إليه منذ سنين تريدون هدم لبنان على رؤوس أهله ، هل عناك عاقل يدعو إلى ما دعوت إليه ؟ إنه الحقد الذي يغلي في صدوركم على لبنان وكل العرب الاصحاء الذين لم تنطلي عليهم أكاذيب البعث والعمالة لاسرائيل وإيران . كفى سخرية . .

استغرب مقالتك
bo7amie -

استغرب استغرابك.عن اي عرب ومجتمع دولي تتكلم.عرب خانوا اوطانهم وتامروا مع المحتل ومجتمع دولي تابع للامريكيين.يا سيدي المشكلة في لبنان ليس سوريا فحزب الله انت وغيرك يعلم انهم لا ينصاعون الا لله.ايام وجود السوريين واجههم حزب الله عسكريا في بعلبك والضاحية وبيروت وتعامل معهم من الند اى الند.اما اصحاب السيادة الجدد فالبارحة قالها وليد جنبلاط انه كذب لمدة 20 سنة من اجل مصلحته اما ال الحريري فحكموا طوال فترة الوجود السوري.

لا صدقية
nader -

صاحب المقال معروف بتحيذه ل 14 شباط المتامرين فمنهم الكاذب ومنهم القاتل ومنهم الذي ذبح على الهوية ومنهم الذي سرق ومنهم الذي لا مانع عنده من سيطرة اسرائيل على المنطقة لتحقيق اهدافه .فكلهم يا اما ابن بيك اوابن امير او ابن شيخ ويا نعم الالقاب ومنهم من دفن السلاح عند احتلال اسرائيل للبنان ومنهم ومنهم ماذا نقول انقول عن تامرهم في حرب تموز واستنفارهم لدعم المحتل ورهانهم عليه لقتل الشريك المفترض في الوطن.عد الى ضميرك ايها الكاتب حرام الافتراء لمصالح ضيقة

إلى أسيل البكر
سوري تاني -

ماقصده الأخ (سوري) ليس مافهمته أنت بذكائك الخارق و حقيقة لم أتوقع يوما أن أضطر لتوضيح هكذا ردود. أنصحك أن تسأل من هو أكبر منك ليشرح لك , لأن أنا مو فاضي

تدخل مرفوض ومقبول
إدريس الشافي -

هذا المقال فيه من الغموض أكثر مما فيه من الوضوح، فبعد أن قرأته لمرتين استنتجت بصعوبة بالغة أن كاتبه يريد من سوريا ( بصراحة ممارستها ضغطاً على حلفائها اللبنانيين، واعادتهم الى الصراط المستقيم). إذن لسوريا حلفاء لبنانيون، أي أنهم ليسوا سوريين، بل مواطنين من لبنان يتمتعون بكل الحقوق والواجبات التي تكفلها لهم مواطنتهم، وهم حلفاء لسوريا باختيار منهم وبإرادتهم الصرفة ما دامت سوريا خارج لبنان الذي أنجز استقلاله الثاني، فلماذا لا يتوافق اللبنانيون فيما بينهم، انطلاقا من القناعة الخاصة بكل فريق منهم؟ لماذا الضغط على سوريا لكي تضغط على حلفائها للقبول بما لا يرضون به؟ ألا نصادر بذلك من مواطنين لبنانيين حقهم في اتخاذ المواقف السياسية التي تناسبهم؟ ألا نتجنى بذلك على فريق لبناني ونمنعه بواسطة سوريا من التمتع بحريته وسيادته ونجرده منهما بفعل تدخل سوري؟ الغريب هو أن كل هذا الأمر يتم تحت مسمى وقف التدخل السوري في الشأن اللبناني..

سلمت يمينك يا ادريس
جورج جبور -

الاخ ادريس اصاب في تعليقه 100%..... نعم, لماذا لا يعترف العالم كله والعرب تحديدا انه يوجد في لبنان طرف يريد ان يقول لا... يريد ان يقولها لاسبابه الخاصة وليس محاباة لسورية... متى يعترف باقي اللبانينون بالطرف الاخر الذي صار كبيرا... الاباء الاوائل ارادوا ان تكون خريطة لبنان هكذا... قال لهم الفرنسيون خذوا الشمال قالوا لا, نريد الجنوب.... على نفسها جنت براقش... وبراقش وحدها تتحمل المسؤولية كاملة...