جريدة الجرائد

وزير الداخلية، اجتهد.. فأخطأ!!

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

فؤاد الهاشم

لدي سكرتير خاص يعمل عندي منذ سنوات، وهو من فئة "البدون"، أوراقه مكتملة منذ سنوات وجاهزة لتوقيع معالي وزير الداخلية بالموافقة ليرفعها في كشف المستحقين للجنسية الكويتية الى مجلس الوزراء.. لكن ذلك لم يحدث بعد! في العام الماضي، جاءني مهموماً ـ وهو يشكو لي ـ إن جهاز أمن الدولة اعتبره من "الذين عليهم قيود أمنية"، سألته عن السبب، فقال: "أخبروني: ان اثنين من اشقائي عليهما شبهة تعاون"، ثم اضحكني كثيراً حين أطلعني على أوراق تثبت ان أحد اشقائه كان في الثانية من عمره فقط وقت الغزو العراقي، والثاني في سنته الرابعة، وبالطبع، فإن أي عاقل يعرف جيدا ان الاستخبارات العراقية لا تستطيع تجنيد طفل يرتدي الحفاظات او شقيقه الأكبر منه بسنتين فقط! اتصلت بالعميد "فيصل السنين" في لجنة "البدون" ولكن يبدو ان كثرة احتكاك "العميد" بهؤلاء "البدون" جعلته لا يفرق في طريقة الحديث مع أحد سواء أكان كويتياً أم مخلوقاً جاء من.. الفضاء! أجريت اتصالا آخر بأحد كبار المسؤولين في جهاز أمن الدولة ورويت له "طرفة الأطفال المشبوهين" فتفهم الموضوع جيدا ووعدني بحل هذا الاشكال قريباً، وبالفعل، رفع الطفلان ـ بعد شهور ثلاثة أو أربعة تقريبا ـ من خانة "القيود الأمنية" لكي ترفع ـ بدورها ـ عن سكرتيري الخاص، وشقيقهم الأكبر!

معالي وزير الداخلية قال ـ قبل حوالي ثلاثة أيام في تصريح نشرته الصحف: "ان قرار سحب الجنسية من أي مواطن كويتي يمتد الى أطفاله الصغار لأنهم اكتسبوها بالتبعية عن والدهم، لذلك، يتحمل الصغار جريرة آبائهم"! ويوم أمس الأول قال الوزير ـ تعليقاً عن وجود شقيق متعاون مع الجيش الشعبي لأحد المتجنسين الذي كان يعمل عسكرياً في الاستخبارات العسكرية للجيش الكويتي ـ "لا أعلم بوجود شقيق متعاون لهذا المتجنس، وحتى لو وجد.. فإنه.. لا تزر وازرة وزر أخرى"! إذن؟ "الوازرة تزر" أطفال المواطن الكويتي الذي تسحب جنسيته لأي سبب كان، أما العسكري الذي حصل على جنسية وله شقيق متعاون مع الجيش الشعبي وكان يقبض راتبا شهريا بقيمة 437 دينارا ـ وفق كتاب رسمي صادر عن البنك المركزي اثناء الغزو ـ فهذه "الوازرة لا تزره" اطلاقاً لأن معايير معالي الوزير هي الفيصل والحكم والقانون! وبالطبع، فإن "الوازرة تزر" ملف سكرتيري "البدون" بسبب اشقائه الأطفال، ولو لم أتدخل شخصياً، ولو لم يتفهم المسؤول الأمني الكبير في جهاز أمن الدولة الموضوع لظل الرجل يغوص في الظلم حتى.. أذنيه!

.. سمعت وزير الداخلية وهو يتحدث عبر احدى القنوات التلفزيونية ـ ومحتد في طرحه ـ دفاعاً عن هذا المتجنس العسكري، وقد تحدث عن "بطولاته في العمل الاستخباراتي ضد العراق"، ومستعرضاً الوثائق الدالة على ذلك، وأنا ـ هنا ـ أود أن اسأل معاليه سؤالا واحدا وهو: "إن كان هذا ـ الجيمس بوند البدون ـ قد استطاع اختراق أجهزة الاستخبارات العراقية بهذه الصورة وكأنها استخبارات جزر "الماو ـ الماو"، فكيف عجزت استخباراتنا العسكرية ـ أن تتنبأ بموعد الغزو على الأقل، حتى يستطيع معالي الوزير أن يوصل سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ـ وقتها ـ الى قصر دسمان ولا يترك هذه المهمة لعسكري بدون قطع مسافة سبعة كيلومترات فقط من "جيوان" الى "دسمان" فحصل على الجنسية الكويتية؟!

.. أمامي الآن ـ على المكتب ـ صورة جنسية شقيقة المتجنس الذي يدعي انه تربى في "فريج العجيل" واسمها.. "... براك الصبيح العجمي"، بينما شقيقها "المتعاون مع الجيش الشعبي" يحمل اسم "فيصل كاظم بهار"، والمتجنس يحمل اسم "الدليمي" وأقول لمعالي الوزير "العجمي وبهار والدليمي"... "هاي شلون الأسامي.. ترهم"؟!

.. أظهر المتجنس ـ عبر احدى القنوات التلفزيونية ـ صورا عديدة له مع كبار المسؤولين في الدولة على مدى عدة عقود، وبالطبع، هذه الصور نشرت في الصحافة الكويتية لعدة عقود أيضا، فهل يريد هذا "المتجنس" أن نصدق انه "اخترق المخابرات العراقية بالطول والعرض" وهي التي كانت تعرف حتى كم عدد الطابوق الذي بني منه اي منزل كويتي؟!.. "هاي هواية قوية.. أروح لك.. فدوة عيني"!! إلا اذا.. كان عميلا.. مزدوجاً!!

.. لولا الغزو العراقي، ولولا هذا الكم من الجرائد، ولولا حرية الصحافة، ولولا وجود نواب شرفاء، ولولا زيادة الوعي السياسي عند الكويتيين، لكان كشف التجنيس هذا مر مرور الكرام ـ و"سكّاتي" ـ كما مرت مئات الكشوف ـ وربما آلاف ـ منذ الاستقلال وحتى يومنا.. هذا!! و.. بانتظار الكشف القادم الذي هل.. "لا تزر وازرة وزر أخرى" أم.. إن "الوازرة" سيتم اختراع تفسير جديد.. لها!! معالي وزير الداخلية.. لقد اجتهدت فأخطأت، فماذا أنت.. فاعل؟!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف