جريدة الجرائد

ديمقراطية وديكتاتورية وبرلمانية في سواليف القطعان والرعيان..

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

جورج حداد

الحديث عن الديمقراطية اشبه بسواليف الحيايا ، اذا بدأ لا ينتهي،.وكثرة الاحاديث عن الديمقراطية ومعانيها وطقوسها ، أمر.. لا يضرّ ، بل ربما يفيد شريطة أن يكون الحديث منزّها عن الغرض والمرض والجهل، وبشأن الحديث عن الديمقراطية ، هو الشأن نفسه في الحديث عمّا يُسمى.. حقوق الانسان وأنماط حمايتها وتعزيزها وترسيخ مبادئها،،.ولنبدأ بالديمقراطية التي ما زالت الغالبية الساخنة المسحوقة تخلط ما بينها وبين.. البرلمانية، البرلمانية.. ليست الديمقراطية ذاتها ، وانما هي شكل من اشكالها. وقد يستغرب بعض الواغلين على العلم والمعرفة ، بأن الديكتاتورية قد تكون في بعض الاحيان ، شكلا آخر من اشكال الديمقراطية الصحيحة، ذلك.. لان من خصائص الديمقراطية الاستناد على تأييد الشعب وثقته ، تأييدا مطلقا ، وهذا ما تمثله الديكتاتورية احيانا،،. وليس المقصود بالتأييد والثقة هنا ، ظاهرات الزعبرة والنفاق والافتعال وبيانات أو اعلانات النفاق المأجورة ، وانما التأييد الحقيقي والثقة المستمدة من معطيات العقل الواعي واستحضار المصلحة العامة،،اقول.. المصلحة.. لان الجوهر الحقيقي لمعنى الديمقراطية ومدلولها ، هو في الالحاح على وحدة الشعب وتأمين حقوقه وتحقيق مصالحه العليا ، بدون هذه الظاهرات والعوامل ليس هناك من ديمقراطية ابدا مهما كان اسمها او مهما لبست من الاثواب الزاهية والبراقع الملوّنة،،

وهذا بعض ما يميّز الديمقراطية ، بمعناها الراقي الحقيقي عن.. البرلمانية التي ربما أو.. على الاصح ، غالبا ما تنقلب الى طغيان واستبداد وديكتاتورية مقنّعة،،

ففي الشعوب الغافلة المتخلفة التي تتخبّط في صراعاتها الداخلية وانقساماتها المذهبية والاثنية والطبقية والعنصرية ، وحيث لا يطفو الاّ المناكفات والمهاترات والتكتلات المرضية وتبادل الاتهامات التي ليس من شأنها الاّ نشوء المعوقات والحواجز امام نمو الأمة وتقدمها ، نقول.. في مثل هذه الشعوب ، ماذا تفيد البرلمانية والنظام البرلماني الذي يعتمد العدد اساسا سوى انه الوسيلة لتمكين الاستغلاليين والانتهازيين وتجار الرجعية والانحطاط والبهلوانيين من خداع الشعب وتضليله واستثمار جهله لصالح خصوصياتهم وطموحاتهم الفردية أو الفئوية الصغيرة الحقيرة؟،،ولعلنا هنا لا نحتاج الى ضرب الامثلة ، فنظرة عابرة على برلماناتنا ومجالس التشريع في عالممنا العربي تُعتبر اكثر من كافية لادراك الفارق وبعد المسافة بين الديمقراطية وبين البرلمانية،،وثمة اضافة ملحقة: فحيث يسود ويهيمن الفقر والجوع والخوف قد تُوجد البرلمانية وتُمارس طقوسها ولكن.. الديمقراطية تبقى غائبة مغيبة ليس لها وجود أوظلال وجود في مثل هذه الاوضاع والحالات،،

نعيد كل هذا ونذكر به ، تمهيدا لسؤال وزير التنمية السياسية الدكتور كمال ناصر الذي حضر مؤتمر المركز الوطني لحقوق الانسان ، أمس الاول وقال فيه من جملة ما قال:".. ان المملكة تجاوزت المفاهيم النظرية للديمقراطية وحرية التعبير الى واقع ملموس كفله الدستور"،،.

استوقفني كذلك قول رئيس مجلس امناء المركز الوطني الاستاذ احمد عبيدات الذي اوضح في سياق تبريره عقد المؤتمر "بأن المؤتمر أتى انطلاقا من اهدافه المتمثلة بحماية وتعزيز حقوق الانسان وترسيخ مبادئها وتعزيز النهج الديمقراطي الخ،،

وسؤالي للاستاذ عبدات هو: هل يمكن النظر الى الاهداف المتمثلة بحماية وتعزيز حقوق الانسان ، بدون ان تكون مسبوقة بالنظرة الراقية الصحيحة للانسان نفسه؟،،

اين هي انسانية الانسان الذي يجب ان تُحمى حقوقه وتُعزز ، اذا كان ثمة اصرار على ترويضه وتكريسه قطيعا أو شطرا من قطيع مروّض للسير وراء كل من ارتفعت أُذناه من.. القطيع؟،،

ولنا عودة الى حديث ، القطعان و.. الرعيان، ،مع احترامي للوزير ناصر و.. صلواتي المقرونة بتقديري للاستاذ عبيدات.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف