ناشطو حقوق الإنسان في الصين··· أولمبياد للفت الانتباه
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
إلين بورك - لوس أنجلوس تايمز وواشنطن بوست
قامت الحكومة الصينية في الشهر الماضي، باعتقال أحد أبرز المعارضين بعدما اقتحمت عناصر تابعة لوزارة الداخلية منزل ''هو جيا'' في 27 من شهر ديسمبر الماضي، وقامت بقطع خطوط الهاتف وأطلعت زوجته ''زينج جينيان'' على إذن حكومي يرخص اعتقال زوجها بتهمة التورط في أعمال تخريبية؛ غير أن اعتقال ''هو''، الذي يُعد أحد المدافعين عن مرضى الإيدز وناشطا معارضا للطريقة التي تنظم بها الحكومة الصينية الألعاب الأولمبية للعام ،2008 يشكل إحراجاً حقيقياً للبيت الأبيض.
وافق الرئيس ''بوش'' على الدعوة التي وجهت إليه لحضور الألعاب الصيفية في بكين، ورغم أن مساعديه سارعوا للتوضيح أن ''بوش'' سيحضر كمشجع رياضي دون صفة رسمية، إلا أن تواجده في الألعاب الأولمبية لا يمكن التعامل معه كحدث عادي، أو اعتبار الرئيس مجرد متفرج ضمن آخرين؛ فحضور الرئيس ''بوش'' لا يمكنه إلا أن يضفي نوعاً من الوجاهة المرتبطة بمنصبه على الحكومة الصينية التي تسعى إلى توظيف الألعاب الأولمبية لتحسين صورتها العالمية.
ومع ذلك هناك ما يستطيع ''بوش'' القيام به لجعل زيارته إلى الصين منسجمة مع ''أجندة الحرية'' التي يروج لها، كالالتقاء بالمعارضين في العاصمة بكين؛ والواقع أن الناشطين في مجال حقوق الإنسان بالصين يودون لقاء ''بوش''، رغم أنهم يدركون بأن الأهمية التي أناطتها الولايات المتحدة بنظرائهم في الاتحاد السوفييتي السابق، لا سيما من قبل الرئيس ''رونالد ريجان'' الذي التقى بأكثر من مائة معارض سوفييتي في موسكو في العام ،1988 تفوق بكثير ما يطمحون إليه. وخلافا لباقي العالم الذي يعتقد بأن الألعاب الأولمبية فرصة أخرى لدعم الحرية في الصين، يرى المعارضون الصينيون أنها بعيدة عن تعزيز الانفتاح السياسي في البلاد؛ لذا وقع أكثر من أربعين كاتبا ومثقفا وناشطا صينيا رسالة مفتوحة، دحضوا خلالها الاعتقاد السائد بأن الألعاب الأولمبية قد تمهد الطريق أمام الانفتاح، وقالوا خلال الرسالة: ''إننا كمواطنين في جمهورية الصين الشعبية، يتعين علينا أن نشعر بالفخر لاحتضان بلدنا للألعاب الأولمبية، لكن بدلا من ذلك نشعر بخيبة الأمل ونحن نشهد الانتهاكات الممنهجة لحقوق الإنسان، حتى والتحضيرات جارية على قدم وساق''.
ومع ذلك استنكف الناشطون عن المطالبة بمقاطعة الألعاب الأولمبية، بل اعتبروا أن الحدث الرياضي فرصة للفت الأنظار العالمية إلى انتهاكات حقوق الإنسان الناتجة عن استفراد الحزب الشيوعي بالحكم. ويأمل المعارضون في الصين أن تمنحهم الألعاب الأولمبية إمكانية التحدث والجهر بأصواتهم المعارضة، لا سيما إطلاع الوفود الأجنبية بالمشاكل التي يعانونها والتضييق المفروض على الحريات المدنية في الصين. لكن اعتقال الناشط والمعارض ''هو جيا'' من منزله وإبعاده عن أسرته، يؤكد أن النظام يتعامل مع الألعاب الأولمبية بطريقة مختلفة، وأنه حريص على تحويلها إلى مناسبة لتلميع صورته في الساحة الدولية؛ والأكثر من ذلك أن السلطات الصينية قد تطلق حملة جديدة من التضييق على المعارضين بهذه المناسبة في مسعى منها لإخفاء المشاكل وإبعاد الناشطين عن الأنظار؛ وفي هذا السياق تشدد السلطات الأمنية من مراقبتها للمعارضين، فضلا عن مضاعفتها للاعتقالات.
ويتوقع الناشطون في مجال حقوق الإنسان أن تبدأ حملة الاعتقالات قبل شهر يونيو، عندما تحل ذكرى ساحة ''تيانمين'' لتستمر حتى بعد انتهاء الألعاب الأولمبية، وبعد ذلك ستتبدد جميع المحاولات الرامية إلى الضغط على الصين لتخفيف تضييقها على الحريات العامة، بل وستنجح بكين في تلميع صورتها. لذا فإن فرصة ''بوش'' محدودة ويتعين أن يوظفها أحسن توظيف وذلك بأن يصر، بالإضافة إلى الالتقاء بالمعارضين السياسيين، التعبد بحرية في الأماكن المسيحية التي يطالها المنع، وعليه في هذا السياق ألا يكتفي بالكنيسة الخاضعة لمراقبة الدولة التي سبق للرؤساء الأميركيين زيارتها. ويتعين على الرئيس ''بوش'' ألا ينسى أيضا لقاء ''المتظلمين'' الصينيين من المواطنين العاديين الذين يقطعون مسافات طويلة إلى بكين لتسوية المظالم التي يمارسها الحكام في الأقاليم البعيدة،؛ والواقع أن هذه الشريحة من المواطنين هي الأكثر تضرراً في الصين، وهو ما عبرت عنه الناشطة ''ليو جي'' التي كتبت رسالة مفتوحة وقعها أكثر من 12 ألف مواطن يطالبون السلطات بتحسين نظام التظلم.
لم تتأخر ''ليو جي'' في دفع ثمن دفاعها عن أصحاب المظالم، حيث اعتقلتها السلطات في شهر أكتوبر الماضي، وصدر في حقها حكم دون عرضها على المحكمة بقضاء فترة ''إعادة التأهيل مع الأعمال الشاقة''. ولم يعد خفياً الدور الأساسي الذي تلعبه المعارضة في توسيع الحريات وترسيخ الديمقراطية؛ وما علينا في هذا الصدد سوى استحضار كلمات رئيسة ليبيريا، ''إيلين جونسون سيرليف''، في خطاب ألقته بالعاصمة واشنطن، بعدما كانت نفسها معتقلة سياسية قائلة: ''إنني هنا دليل حي على أنه إذا فقدت الولايات المتحدة عزيمتها وفضلت الصمت بشأن قضايا حقوق الإنسان، فإن ذلك سيهز دعائم الديمقراطية في العالم''. ولئن كان الرئيس بوش قد وصف نفسه ''بالرئيس المعارض''، فإن لقاءه بالمعارضين في بكين سيكون الطريقة الأفضل لربط الولايات المتحدة بالشعب الصيني، الذي يعمل بجد ويضحي بأغلى ما يملك في سبيل إعلاء راية الحرية في بلاده.