جريدة الجرائد

متى سترحمنا الأرقام؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ريم عبيدات

الكثير من الأرقام العربية تعدت كثيراً مرحلة الخطر إلى مرحلة ما هو أبعد منه بكثير، وتستوجب أسئلة جريئة وإجابات فورية وحلولاً أقل ما توصف به جادة وعميقة.

فحين يطالعنا تقرير المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم الأخير بمناسبة اليوم العالمي لمحو الأمية بمخاطر ما يعنيه أن يكون أكثر من 100 مليون عربي من الأميين، فأي أمية تلك التي نحتفل بمحوها؟

إن التزايد مستمر في أرقام الأمية في عصر المعرفة والانفجار المعلوماتي والتقني، وارتفاع أرقامها من 70 مليوناً عام 2006 إلى 100 مليون بعده بعام واحد، ومعدل الأمية العربي من أعلى المعدلات العالمية إذ وصل إلى 6.35% عام 2004 بارتفاع شديد عن الرقم العالمي بحوالي ضعفين الذي لا يتجاوز ال 18%، فيما تشير التقارير إلى أن على قمة الأسباب ظاهرة تهميش المرأة وخاصة منها الريفية نتيجة العادات والتقاليد.

الأخطر أن 75 مليوناً من هؤلاء الأميين العرب تتراوح أعمارهم بين 15 و45 عاماً. وأن هناك ارتفاعاً شديداً في نسب الأمية بين الأطفال، وأن هناك أكثر من 10 ملايين طفل عربي يعيشون خارج المدرسة، وحدث ولا حرج عما يمكن أن يكون عليه الرقم الرسمي. وتزيدنا الأرقام من الشعر بيتاً ذا دلالات مرعبة من تزايد معدلات الأمية بين النساء عاماً بعد آخر لتصل إلى نحو نصف النساء العربيات، وفجوات بنيوية عميقة ستعبر إلى كافة أركان الحياة في هذا المجتمع العربي من نتائج سياسية واجتماعية واقتصادية بالغة الخطورة.

ونتساءل كيف يمكن لدول تعاني الأمرين في شروطها الاقتصادية والاجتماعية والتعليمية، أن تتجاوز مثل هذه الأزمة لتصبح اليوم من الدول المتقدمة بسبب اهتمامها بالتعليم كالهند مثلاً، رغم فقرها الأسطوري ومشكلاتها الاثنية والسياسية الأسطورية أيضاً؟

اللافت الآن كثرة الأصوات المطالبة عربياً بضرورة عودة نظام (الكتاتيب) وهو نظام تقليدي يكاد يكون بدائياً يقوم على تعليم اللغة العربية ومبادئ الحساب وحفظ آيات القرآن الكريم، فتلك التجربة قد حققت نجاحات باهرة، خصوصاً في الأحياء الفقيرة والريف والمناطق النائية عالمياً. ويبدو أن الجهود الرسمية المبذولة لمحاصرة هذا الشبح العربي المريع لم ترتق بعد إلى مستوى الأهمية التي ينبغي أن ينالها في منطقة تعد الأعلى عالمياً من حيث عدد الشباب والأطفال.

فلماذا هذا الإهمال؟ وأين هي الإجراءات الحقيقية للحد من خطر الأمية؟ ألا نشعر كمجتمع ودول وحكومات وشعوب بأننا وصلنا إلى مرحلة ما بعد الحضيض؟ فيما تجلب لنا الأرقام في كل صباح أسباباً إضافية للمزيد من الإحباط في كافة جوانب تضاريس الخريطة المعرفية العربية.

وأي شعور نعيش حين نتلقف رقماً آخر يقول إن 6 في الألف فقط من العرب يجيدون التعامل مع الحاسب الآلي؟

وأي صورة لأنفسنا حين نعرف أن أمة ldquo;اقرأrdquo; الأقل قراءة بين البشر وأننا الأمة الأكثر أمية في العالم؟




التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف